غرباء في الرحاب.. لماذا يأتون.. وماذا يفعلون؟
كتبت – سارة درة وسمر يحيى
من الصعب ألا يلحظ أحد من سكان الرحاب أو حتى من غير السكان تلك الأعداد الكبيرة التي تأتي إلى المدينة بصفة يومية إما ضمن تجمعات عائلية أو مجموعات من الشباب أو الفتيات، أو شباب وفتيات معًا، أو عمال وصنايعية، أو حراس البنايات الموجودة خارج الرحاب، أو حتى متسولين وشحاذين. عند القيام بهذا الاستطلاع؛ نزلت شبكة "رحابي. نت" إلى بعض أماكن التجمعات بالمدينة لتسأل السكان عن رأيهم تجاه الانتشار الواسع للزوار، وكان أول سؤال نسأله عند استيقاف أحد هو: "هل أنت من السكان؟" ولا نقول إن الكثيرين أجابوا بلا، بل إن الغالبية أجابت بلا!. الأمر الذي لا نحتاج معه إلى توضيح. أما أولئك الذين أجابوا بنعم، فكان هذا ما قالوه:
شباب مشاغب
في البداية، اشتكى بعض السكان من الشغب الذي تقوم به مجموعات الشباب.تروي أ/ أ.م.، وهي ربة منزل، أنه بينما كان ابنها وابنتها في منطقة المطاعم المفتوحة، قام شاب بمعاكسة ابنتها، الأمر الذي أدى إلى اشتباك حاد بين الشاب وابنها. وقد أُصيب الابن ببعض الجروح التي احتاجت إلى خياطة بعض الغرز. وتضيف أنه منذ ذلك الحين، وابنتها لا تتمكن من الذهاب لمنطقة المطاعم المفتوحة إلا بصُحبة أخيها، لأن المنطقة أصبحت غير آمنة تمامًا.
ويقول المستشار سليمان أحمد سنبل، إن الرحاب من المُفترض أن تكون مدينة مُغلقة لأن القادم للسكن بها يُريد أن يتمتع بالهدوء والجمال، ولكن ما نراه هو شباب مُسبب للإزعاج دائمًا، ولا يتخذ الجهاز أي إجراء ضده.
ويتفق أ/أحمد محمد عبد الخالق، وهو محاسب، مع غيره من السكان الذين يرون أن الشباب القادم من الخارج يتسبب في إحداث الفوضى داخل المدينة، ويُضيف أنهم لا يزالون يتوافدون حتى بعد عمل نظام الكارت الجديد، والذي يصفه بالفاشل. وترى مدام نانسي إبراهيم، وهي مدرسة رسم (36 عاماً) أن الحل هو أن يقوم الزائر بدفع مبلغ عشرين جنيهًا أو أن يتصل بأقاربه القاطنين بالمدينة إن كان قادمًا بغرض الزيارة.
ندفع الصيانة ليستفيد غيرنا
عدد لا بأس من السكان يشتكى من دفع مبالغ طائلة لصيانة المدينة، ليأتي غير السكان بعد ذلك ويستفيدون منها، بل وليخربونها في بعض الأحيان، ولا يجدون من يمنعهم. وحول هذه القضية، ترى أ/نسرين، وهي أم وربة منزل، أنه يجب تحديد إن كانت المدينة سكنية أم ترفيهية، كما تقول مدام نانسي إبراهيم، إنها اضطرت للانتظار مدة 45 دقيقة هي وزوجها حتى يجدا مكانًا شاغرًا بأحد مطاعم الفود كورت، وأن الأمر لن يكون مختلفا في أي مكان آخر يرتاده الغرباء
ما يحدث في مدينة الرحاب في الآونة الأخيرة بسبب زوارها وغربائها يجعلنا نتذكر برنامجًا شهيرًا كان يبث على التلفزيون المصري منذ سنوات اسمه "حكاوي القهاوي " تعتمد مادته الإعلامية على سرد تفاصيل كل ما هو غريب في حياتنا اليومية، ولو أردنا إحياء فكرة البرنامج يمكنا حكاية بعض قصص مدينة الرحاب، وما أكثرها:
السيدة/ س، مدرسة لغة عربية، تقطن في المرحلة الرابعة تقول: تمت سرقة سيارة جيراننا من أمام المنزل، وطلب السارقون فدية قدرها ثلاثون ألف جنيه، دفعها جارنا وأسترد سيارته، وتضيف: لذلك قمت بشراء "غالق" للسيارة أستعمله في أقل المشاوير داخل الرحاب حتى وإن تركتها لشراء خبز المدارس، لأنه لم يعد هناك أمان في الرحاب.
مناظر مخجلة من شباب لا يخجل
السيد/ م . ز . مدير بأحد البنوك الاستثمارية ويقطن في المرحلة الثانية يقول: أقطن خلف أكثر مناطق الرحاب سخونة بالأحداث، أنها المنطقة المنكوبة التي تدعى منطقة المطاعم المفتوحة، إن ما يرد على مجموعتنا يوميا من مشاكل بسبب غرباء منطقة المطاعم لا يحصى وإليكم بعضها: كنت ذاهبًا لصلاة المغرب في المسجد منذ عدة أيام، وإذا بفتى وفتاة لا يتعدى عمر الواحد منهما عمر المراهقة يقفان في ممر المجموعة في وضع يرفضه الدين والأخلاق، وقد تعمدت أن أقف أمامهما على مرأى منهما كي يخجلا، ولكن حدث العكس.. لقد نظرا أليّ نظرة جعلتني أشعر أنني من يجب أن يخجل لتطفلي على خصوصيتهما!
ويضيف م. ز: في كل مرة أذهب للسوق مترجلا تصادفني سيارة أو اثنتان على الأقل في ممرات المطاعم المفتوحة، بها عدد من الشباب الغريب الشكل عن الرحاب، يقومون بتدخين المخدرات ورائحتها تعبق المكان بل أحيانا ينظرون بكل جرأة لمن يسير أمامهم كأنهم يقولوا له "عايز حاجة؟". وأغرب ما أشاهد ويثير حفيظتي حقا هو أن أغلب الشباب الوارد على منطقة المطاعم المفتوحة يقوم بـ"ركن" سيارته في موقف مسجد أحمد عفيفي المقابل للمطاعم والجلوس على السيارات "أولاد وبنات" في أوضاع مرفوضة، ناهيكم عن أسلوب الحوار والتلفظ بألفاظ تقشعر لها الأبدان، غير مبالين بقدسية المبنى الذي أمامهم.
محاولة سرق التلاميذ
وتستعيد الزميلة سمر يحيى ما حدث مع أولادها، وقامت بكتابته في موضوع تحت عنوان " متسولون غرباء يسرقون أولادنا ........." وتقول: لا أخفي عليكم سرا أنني منذ هذه الواقعة أكاد أحبس أولادي – خاصة البنات – في البيت من الخوف عليهم من غرباء الرحاب الذين أشعر أنهم أصبحوا أكثر من السكان.
وتشتكي السيدة أ. م. م، من سكان المرحلة الثالثة من أن العمارة التي تسكن فيها يتردد عليها كثير من عمال البناء، ولا يكاد سكان شقة ينتهون من تجديد شقتهم حتى تبدأ أعمال التجديد في شقة أخرى، وبخلاف الإزعاج المستمر، والضجيج، وأصوات "الخبط والشنيور" حتى في أوقات متأخرة من الليل أو في الصباح الباكر، فإنك تسمع ألفاظًا وعبارات غير لائقة، كما سُرق حذاء زوجها من أمام الباب، وقد رأت مجموعة من العمال كانوا يقفون تحت العمارة، ووجد أحدهم قطع حديد وأشياء أخرى على الأرض فأخذها ووضعها في السيارة "نصف نقل" التي تخصه، ولما قال له زميله "سيبها"، رد عليه الآخر وهو يحملها "سيبها على الله"!
هجوم الفقراء
ويروي أ. م ما لاحظه يوم عيد الأضحى الأخير، فلأول مرة تعرضت الرحاب لهجوم من عدد كبير من حراس العمارات الواقعة خارج الرحاب وزوجاتهم وأطفالهم حيث دخلوا من البوابات دون اعتراض وتوجهوا لمكان الذبح بجوار جهاز المدينة طمعًا في الحصول على نصيبهم من لحوم اَلأضاحي. ومن المعروف أن صاحب الأضحية يكون حريصًا على توصيلها لمن يستحق، ولكن هؤلاء استعجلوا وجاءوا للرحاب وتكتلوا حول أصحاب ألأضاحي وطاردوهم، وربما أضطر بعض السكان لإعطائهم نصيبه من الأضحية حتى يرتاح من إلحاحهم، وفي النهاية خرج كل واحد وواحدة بأكياس اللحم، وربما أخذوا نصيب غيرهم من المحتاجين.
وقريب من تلك المشكلة أيضًا، مشكلة تردد حراس العمارات والبوابين للحصول على أنابيب البوتاجاز من مستودع الرحاب والتي سبق أن أشارت إليها شبكة "رحابي. نت".
لم تنشأ المشكلات التي تؤرق السكان بين يومٍ وليلة، كما لا يُنتظر أن تنتهي بين يومٍ وليلة، ولكن ما ينتظره السكان هو أن يبدأ المسئولون عن المدينة ومن بها من سكان في سلوك طريق الحل!.