العمل من المنزل.. ظاهرة أم حل؟
تحقيق: سمية مصطفى
مع انخفاض فرص العمل التقليدي، وتطور التكنولوجيا إلى حد ألغى المسافات، وتفاقم مشكلة المواصلات والمرور، ومع زيادة البطالة، اتجه العديد من الخريجين إلى العمل الخاص من المنزل؛ بل لم يقتصر الأمر على الخريجين الجدد إذ فضل الكثيرون من العائدين إلى مصر بعد عملهم في الخارج هذا النوع من العمل، نظرَا لتسلحهم بالوسائل التقنية الحديثة، و اقتناعهم بهذا النمط من العمل الذي انتشر في البلاد التي عادوا منها.
في هذا التحقيق حاولنا رصد ظاهرة "العمل من المنزل" التي بدأت بازدياد في مصر، ومعرفة أسبابها، وهل أثبتت نجاحها في مصر كما حدث في العوالم المتقدمة؟ و هل تقّبل المجتمع هذا الشكل من العمل أم مازالت هناك فجوة بين احتياجات المجتمع و بين رؤيته وثقافته؟وأن نجيب على السؤال: هل من الممكن أن يتحول "العمل من المنزل" إلى حل حقيقي للعديد من الظواهر السلبية في مصر كالبطالة و مشكلة المرور وانخفاض دخل الأسرة واضطرار الأمهات للنزول إلى العمل والانشغال عن أبنائهم وعدم قدرتهن على النجاح في التوفيق بين العمل والمنزل وراحتهن الشخصية.
وكانت لنا عدة لقاءات مع رجال ونساء ممن اختاروا العمل من المنزل، أسئلتنا لهم لم تتعد أربعة أسئلة هي:
س1:كيف كانت بداية العمل من المنزل؟
س2: ما مميزاته؟
س3: وماذا عن العيوب؟
س4: لو توفر لك عمل خارج المنزل.. هل تقبل به؟
رسام .. عبر الإنترنت
ممدوح الفرماوي، رسام يعمل عن طريق الإنترنت من المنزل حيث يقوم بنشر أعماله في مجلات داخل و خارج مصر .
س:
ج: كنت من أوائل من تعاملوا مع هذه الفكرة، فقد كنت أعمل منذ التسعينيات مع أحدى المجلات في الكويت؛ أرسم قصص الأطفال، و كان التعامل كله عن طريق المراسلة و البريد الإلكتروني, بعد ذلك عملت في السعودية و قطر في نفس المجال و حاليا في مصر أعمل لحسابي الخاص و لي نشاطات مع مجلات محلية.
س:
ج: الحقيقة أن العمل عن طريق المراسلة طريقة مبتكرة؛ توفر الكثير من الوقت والجهد، وكل شيء تستطيع انجازه و أنت في بيتك، و هي طريقة متبعة من قبل الكثير من الناس في جميع أنحاء العالم، وفي مجالات متعددة، و لايوجد ما يعيبها إلا إذا وضعنا في الاعتبار عدم الثقة في الجهة التي تتعامل معها كأن تكون مؤسسات وهمية، و عدم ضمان الحصول على العائد المادي بعد انجاز العمل المطلوب. وهو يتميز عن النمط التقليدي للعمل بأنك تستطيع التعامل مع أكثر من مؤسسة وتكون حراً في التعامل بعكس ما إذا كنت "موظف ميري " مقيداً بمكان واحد
س:
ج: على صعيد المؤسسات فإن النمط التقليدي للعمل ميزة لها في حالة وجود أفراد موهوبين ومبدعين، إذ تكون جهود الأفراد مكرسة لصالح المؤسسة، ويكونون شبه مُحتَكَرين وجهودهم مضمونة لحسابها, و من حيث العائد المادي فهو لايختلف كثيرا عن الصورة التقليدية.
س:
ج: أنا لا أفضل العمل بالمراسلة عن النمط التقليدي ولكن كل له دواعيه وأسبابه، والظروف تتحكم في ذلك ولكني سعيد بما أعمل، كما أن مواكبة العصر أمر مهم للتطوير و الإبداع.
مضارب في البورصة
هاني السهلي، مهندس إلكترونيات يعمل منذ التسعينيات من منزله بعد عودته من الولايات المتحدة مضارباً في البورصة الأمريكية.
س:
: ج:بعد أن أنهيت دراستي الجامعية، سافرت إلى أمريكا لأكمل الدراسات العليا حيث حصلت على منحة من إحدى الجامعات الأمريكية ، ثم عملت هناك لعدة سنوات حققت نجاحات لا بأس بها، لكن كانت لدي رغبة ملحة بالعودة إلى مصر لأكون مع العائلة، فأنا لم أتزوج وكنت أشعر بالوحدة القاتلة هناك حتى أصابتني حالة نفسية فقررت العودة فورَا، وبعت كل ما امتلكته هناك ووضعته في رصيد بنكي، وبعد أن وصلت مصر لم أستطع الإستمرار في عمل واحد؛ جربت وظائف كثيرة لم أسترح فيها فقررت أن أستثمر مدخراتي التي ما زالت في أمريكا عبر البورصة.
س:
ج : أنا أعمل يوميَا من الثانية ظهرا حتى الخامسة مساءَ، ثم أغلق الكمبيوتر.
س:
ج: أنا مقتنع بما أفعله فهو يدر علي الدخل الذي أحتاجه وكفى، كثير ممن حولي لا يقتنع بأن هذا عمل، ولكن لا يهمني رأي أحد. المهم أنني مرتاح، لا أعاني من مواصلات ولست مرتبطا بمكان، أستطيع السفر في أي وقت ولأي مكان، أي أنني حر.
س:
ج: سلبياته هي نفسها سلبيات العمل في البورصة في أي مكان، وربما نظرة الناس لي في البدايات، فمنذ عدة سنوات تقدمت لخطبة فتاة، فرفضني والدها لأني "قاعد في البيت "، أما الآن فاعتقد أن النظرة اختلفت عندما انتشر العمل من المنزل.
س:
ج: كانت أمامي فرص عمل تقليدية كثيرة، فخبرتي ترشحني للعمل في أفضل المؤسسات في مصر ولكني فضلت عملي الحالي.
البقاء في البيت .. كارثة
محمد عبد اللطيف مهندس ومبرمج ومصمم مواقع إلكترونية PHP developer يعمل عن طريق الانترنت من المنزل
س:
ج: كنت أعمل مصممَا لمواقع شخصية منذ عام 1999 كعمل جانبي بعد تخرجي، وصممت العديد من الصفحات الشخصية لشركات سياحية ومعارض موبيليات ومواقع تعليمية، بالإضافة إلى عملي الرسمي، وأتاح لي التطور البرامجي الكبير (مثل خاصية remote desktop ) القدرة على إصلاح الأعطال والصيانة والتحكم في أجهزة العملاء عن بعد كأني موجود معهم في نفس المكان، لا فرق حتى لو كانوا في بلد آخر، وبالتدريج بدأت العمل بشكل أساسي من المنزل، فطبيعة العمل أتاحت لي كامل الحرية ولم أكن بحاجة إلى التواجد في مكان العمل.
س:
ج: الميزة الأولى أن العمل من المنزل يجنبني صعوبة المواصلات؛ ففكرة العمل من المنزل أزاحت عني هذا الجحيم، ثانيا وفرت الوقت حيث كنت أقضي ساعات في طريقي إلى العمل والعودة منه.
س:
ج: زيادة الوزن نتيجة لقلة الحركة أول عيب، وزيادة ساعات العمل دون حدود، فليست هناك مواعيد انصراف. بالإضافة إلى أن التعامل مع الآلة يصبح أكثر والتعامل مع البشر أقل، ويسبب هذا نوعَا من العزلة، وفي بعض الأحيان أنسى الكلام وأنسى أشكال الناس كما أن خط يدي لم يعد منظما كما في السابق، لأني أستخدم لوحة المفاتيح طوال الوقت في الكتابة وهذا ليس بالشيء الجيد.
وأكتر سلبية أنك عندما تعمل لجهة معينة ولكن من منزلك، قد يظن الناس أنك غير ملتزم في العمل، لأنك غير موجود في مكان العمل ولا أحد حولك. فالعمل من المنزل يعتمد أساسَا على إحساسك بالمسؤلية، فليس هناك رقيب عليك كما في المكاتب الرسمية.
س:
ج: أفضل الاحتفاظ بالوظيفة النمطية بالإضافة للعمل من المنزل، بشرط أن يكون مكان العمل قريبَا من محل إقامتي، فلا أضطر إلى تحمل عناء الطريق والمواصلات. فالعمل من المنزل يعتبر ميزة 100% للمرأة ولكنها ميزة وعيب للرجل؛ عيب للرجل لأنه يقيد الحركة بالإضافة إلى أنه يجعله موجودَا مع الزوجة طوال اليوم في المنزل وهذا يمكن أن يسبب الكثير من الإحتكاكات بينهما والتي قد تنقلب إلى شجار وخصام!!.
تعودت على السهر
طارق علام، مصدر ومستورد يعمل عن طريق الإنترنت من المنزل
س:
ج: عندما سافرت إلى أمريكا كانت فرص العمل صعبة ومكلفة، فقررت العمل من المنزل كبداية للعمل الحر ،وعملت في بيع الأثاث والأجهزة الكهربائية القديمة بوضع إعلانات وعرضها على الإنترنت. وبعد عودتي لمصر قررت الاستمرار في نفس العمل بنفس الكيفية حيث إني أصدّر لجميع دول العالم – خاصة أوروبا وأمريكا- وسائل تعليمية لتعليم اللغة العربية للأطفال العرب والأجانب في الخارج وهدايا إسلامية وكتبَا عن الإسلام باللغة الإنجليزية، ثم عملت في مجال العقارات وساهمت في تطوير مواقع الكترونية خاصة بها من المنزل أيضا.
س:
ج: أعمل براحتي، وبالمواعيد التي تناسبني من البيت، ولست مرتبطاً بساعات عمل محددة. ويمنحني ذلك الكثير من المرونة والتحكم والتوفير في الوقت ، وهو أكثر راحة لأنني أوفر وقت وجهد المواصلات للذهاب للعمل التقليدي والعودة منه، وهي طريقة ميسرة لمن لا يمتلك وسيلة تنقل، كما أن العمل من المنزل فرصة جيدة لأي شخص لا يجد فرصة عمل، وحل رائع للسيدات والآنسات والزوجات، فهو يوفر دخلاً جيداً.
س:
ج: لا أستطيع تمضية الوقت مع عائلتي وأولادي بالرغم من تواجدي في البيت، بل أحيانا لا أستطيع سماع ابنتي وهي تكلمني لتركيزي بمتابعة عملي، فالتواجد في المنزل لا يعني بالضرورة قيامي بدوري في حياة أسرتي. وأيضا بمرور الوقت اعتدت على السهر وتمضية الليل في العمل أثناء هدوء المنزل فلم يعد هناك نظام محدد لحياتي، بالاضافة إلى إن الدخل مرتبط بالعمل وغير ثابت، ويحتاج إلى خبرة جيدة لأنه مليء بالتفاصيل.
س:
ج:بالتأكيد أفضل العمل عن طريق الإنترنت، فليس هناك ما يقيدني وأتمتع بكامل حريتي وأحصل على الدخل الذي أحتاجه.
كأني في أمريكا
المهندس وليد عزيز، صاحب شركة ليموزين بأمريكا، يديرها عن طريق الإنترنت من المنزل بالرحاب.
س:
ج: منذ 4 سنوات عندما قررت العودة من أمريكا وأنا أدير العمل من المنزل، وأعددت لنفسي مكتباً مجهزاً بجميع الأجهزة التي تسهل لي العمل، فجهاز الكمبيوتر متصل بأجهزة الشركة هناك عن طريق remote desktop وخط تلفون أمريكي أستطيع من خلاله الاتصال بالعملاء والموظفين وأتابع من خلالهم جميع خطوات تحركاتهم.
ولدي برنامج ك "skype" ( وهو عبارة عن انترنت تلفون يستطيع من خلاله أي شخص في أمريكا الاتصال بي كأني متواجد هناك لا فرق اطلاقا ), بالإضافة إلى credit card machine أستطيع بها أن أقوم بجميع التعاملات المصرفية وطبعا العامل الأكبر هو الإنترنت وخط التلفون وGoogle map التي تتيح لي رؤية تحركات الموظفين خلال جولاتهم.
وآمل أن يتطور الامر فتصبح برامج الاتصال بالإنترنت على الموبايل أيضا وليس فقط الخط الأرضي، وبذلك لا اضطر للتواجد في المنزل أثناء فترة العمل،بل أستطيع التنقل والاتصال بالشركة من أي مكان.
س:
ج: أنني لست مقيداً بمكان معين، وبذلك امتلك حرية السفر والعمل في أي وقت، وأستطيع انجاز مهام أخرى في نفس الوقت. بالاضافة لأنني أعمل في المجال والمكان الذي أختاره وأنا في مصر ولست بحاجة للسفر.
س:
ج: العيب الأكبر أنه في حال انقطاع الإنترنت لن أستطيع الاتصال بالعملاء والموظفين، وسوف أضطر إلى السفر فورا إلى أمريكا ولكن وجود شريكي في أمريكا يمكّنه من تدبر الأمر في حال حدوث أي عطل.
س:
ج: لا أكيد، لقد اعتدت على العمل الحر ولا أستطيع العمل كموظف كما في السابق، فأنا الآن بجانب عملي بواسطة الإنترنت أعمل في مجال الاستشارات الهندسية وأسافر معظم الوقت وأمتلك حرية الحركة ولايوجد ما يقيدني.
عملي وسكني في مكان واحد.. هذه نعمة
المهندس شريف عثمان، مهندس سيارات يعمل في مجال الترجمة التقنية عن طريق الإنترنت
س:
ج: كنت أعمل في ألمانيا لحساب شركة دايملر (مرسيدس) في مجال التصميم والتطوير، وبعد عودتي لمصر منذ حوالي أربع سنوات ونصف السنة كرست حياتي العملية لهدف أساسي هو نقل تكنولوجيا السيارات من ألمانيا للعالم العربي. نقل التكنولوجيا هذا يتخذ عدة أشكال؛، أشهرها هو الترجمة التقنية، ثم يليها التدريب، ثم الاستشارات. وقد مارست كافة هذه الأشكال، لكن باعتبار أن المقابلة تتناول موضوع العمل من المنزل فسأقصر حديثي على موضوع الترجمة التقنية الذي أمارسه من المنزل.
س:لماذا اخترت هذا العمل؟
أنا أعمل مع عدد من المؤسسات الألمانية في ترجمة مراجع عديدة خاصة بهندسة السيارات. هذه المراجع تحتاجها المكتبة العربية بشدة وتحتاجها مصر بشكل خاص، فمن المؤسف أنه لا يوجد في مصر تعليم مهني يقوم بتأهيل الفنيين على نحو جاد.
في ألمانيا مثلاً لكي يُسمح لأي شخص بأن يمارس مهنة ميكانيكي سيارات، يجب عليه أولاً أن يلتحق بمعهد فني لمدة 4 سنوات، في تلك المدة يقضي 3 أيام في الورشة ويومين في المدرسة. أنا أؤكد أن المعلومات التي يتحصل عليها ذلك الفني تفوق ما يعرفه خريج كلية الهندسة في بلادنا العربية. بالمناسبة لم يعد يطلق على هذه المهنة لقب "ميكانيكي سيارات" وإنما "ميكاترونيكي سيارات" باعتبار أن السيارات الحديثة أصبحت كلها مزيجاً من الميكانيكا والإلكترونيات.
في بلادنا للأسف، لا يتلقى الفني التعليم الممنهج المناسب، ويبدأ في التعلم بعد التخرج من المعهد بطريقة المحاولة والخطأ أو التعلم من خلال الممارسة، learning
by doing أو trial & error، في سيارات الزبائن. لذا أردت أن أساهم في نقل ذلك المنهج المتبع في ألمانيا والتي تعتبر قبلة العالم في مجال السيارات.
لم أجد أية هيئة حكومية تتبنى هذا المشروع لذا قمت به كعمل خاص بالتعاون مع عدد من المؤسسات الألمانية.
س:
ج: أنا أعد هذا نعمة من نعم الله الكثيرة عليّ، أن يكون عملي وسكني في مكان واحد بحيث لا أضطر للقيادة يومياً، فالقيادة في القاهرة معاناة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، معاناة تفقد الإنسان مجهوده وتركيزه وتضيع وقته.
س:
ج: لا أعتقد أن هناك مشكلات خاصة بالعمل من المنزل في حد ذاته، وإنما المشكلات كلها – إن وجدت – ستكون راجعة إما لطبيعة العمل أو لطبيعة الشخصية. كما يجب أن نفرق بين أمرين: العمل من المنزل لحساب آخرين، والعمل من المنزل لحساب نفسك.
أنا شخصياً أعاني من عدم القدرة على التحكم في الوقت، ومن طغيان العمل على حياتي الأسرية؛ فالعمل يستنزف الوقت دون أن أشعر ، وتمتد ساعات العمل إلى الفجر في بعض الأحيان، وخاصة أن التزامي بوقت محدد لتسليم الترجمة يجعلني أقصر في تحديد أوقات لأسرتي وأحيانا لنفسي للراحة. لكني أكرر ليس لهذا علاقة بأنني أعمل من المنزل، وإنما له علاقة بطبيعة العمل نفسه ووجود dead lines كثيرة.
س:
ج: بالفعل عرضت عليّ عدة عروض بمرتبات جيدة ولكني رفضتها، الحمد لله أنا سعيد جداً بعملي هذا، وأعتقد أنه سيكون من الصعب عليّ بعد كل هذه السنوات من العمل الحر أن أتقبل العمل تحت إمرة مدير يقيد حريتي.
تعمل من البيت.. ومن خارجه
السيدة منى محمد علي، مندوبة مبيعات وتسويق عبر الهاتف، تعمل عن طريق التلفون والإنترنت من المنزل
س:
ج: صباحَا أنا مأمورة ضرائب، بالاضافة لأنني كنت أعمل في قسم المبيعات منذ 10 سنوات في أحدى الشركات الكبرى لمستحضرات التجميل، وفي بعض الأحيان كنت أحتاج إلى عرض منتجاتنا على العملاء في مختلف أرجاء القاهرة والمحافظات، وكان من الصعب السفر أو زيارة أماكن بعيدة، فجاءت فكرة التسويق والعرض عن طريق الإنترنت كحل أمثل، ومن خلال ذلك أستطعت تكوين شبكة معارف كبيرة أتاحت لي العمل في مجالات أخرى كالفضة ومستلزمات المنزل.
س:
ج: لست بحاجة إلى الخروج من المنزل، فأنا أنجز جميع المهام وأنا في بيتي. فأوفر الكثير من الوقت للبيت والأسرة.
س:
ج: يسرق الوقت إذا لم تنظم جدول عمل محدد، ويتسبب في بعض العزلة عن العالم.
س:
ج: في حالتي لايمكن الاستغناء عن هذا أو ذلك؛ فكلاهما يكمل الآخر، فأنا أحتاج في بعض الأحيان إلى مقابلة العملاء حيث يكون الإقناع أكثر تأثيرا.
السيدة هبة عبد الرحمن، مراسلة صحفية ومحررة لجريدة إنجليزية، تعمل عن طريق المراسلة والإنترنت من المنزل
س :
ج: منذ أكتر من عام وذلك منذ انتقالي للعيش في مصر، وقبل ذلك عملت في لندن بنفس الأسلوب.
س:
ج: في المنزل لاتوجد ضغوط بخصوص السياسات والنظم المكتبية، وأيضا ضغط المواصلات والسفر؛ ففي انجلترا كنت أضطر للسفر يوميا من وإلى العمل، لأن عملي كان بعيدا عن مكان إقامتي، وبعد أن بدأت العمل من المنزل أصبحت أوفر ساعتين أو أكثر، وهكذا أستطيع تمضية وقت أكثر مع أولادي، بالإضافة إلى أنني أستطيع العمل لساعات متأخرة دون قلق على الأطفال والمنزل. كما أن الإجهاد الجسدي أقل، مما زاد من قدرتي على الاهتمام بشؤون المنزل ومتطلبات الأسرة
س:
ج:الشعور ببعض العزلة، وافتقاد رفقة الأصدقاء والزملاء ومحادثاتهم.
س:
ج: لا أظن - فقط في حالة ما إذا كانت ساعات العمل أقل, أو اذا كانت نصف دوام, ربما أضعها في عين الإعتبار.
رأي خبراء الاجتماع
مقابلتنا الأخيرة طرحت سؤالاَ: هل يمكن أن تكون تجربة السيدة هبة مثالاَ لحل العديد من المشكلات في مجتمعنا المصري؟
توجهنا بهذا السؤال إلي أستاذ في علم الاجتماع: كيف يرى خبراء الإجتماع ظاهرة العمل من المنزل؟
يعلق د. فؤاد السعيد - الباحث بالمركز القومي للبحوث الإجتماعية والجنائية على الموضوع قائلا: هذه الظاهرة موجودة على مستويين مختلفين تماما، فبالنسبة للمهن الراقية المتقدمة كالصحافة، هناك بعض الصحفيين والكتاب الكبار يتعاملون عن طريق الإنترنت مع صحف ومجلات في جميع أنحاء العالم ويدوم التعامل لفترات طويلة دون الإلتقاء بهم مباشرة، وكذلك من يعمل في البورصة يحتاج إلى متابعة أسواق البورصة العالمية بشكل دائم ويتم ذلك أيضا من المنزل.
المستوى الآخر بالنسبة للفئات الدنيا التي تعاني من البطالة وفقدت الفرصة في الحصول على العمل ولا تستطيع أن تحصل على بعض الورش الخاصة بالعمل، فهي تضطر إلى العمل من المنزل لتلافي دفع الإيجارات والضرائب الخاصة بأماكن العمل.
وسألناه :هل أثبتت هذه الظاهرة نجاحها في مصر؟
فقال: الموضوع حدث في مصر اضطرارَا نتيجة للأسباب التي سبق ذكرها، لكن في مجتمعات أخرى تجد الظاهرة مستشرية، لابشكل فردي بل في أحياء ومناطق سكنية كاملة،مثل الصين فهناك قطاع ثالث في الدولة بجانب القطاع العام والخاص يسمى الاقتصاد الأسري، وهو عبارة عن مجموعات من الأسر الفقيرة التي تقوم بتقسيم العمل لإنتاج المنتجات والوحدات الصغيرة، وهي تعمل من منازلها وتقوم بتوصيلها إلى المصانع فيما بعد.
وعن الفجوة بين الإحتياج والإقتناع ورؤية المجتمع لهذه الظاهرة أضاف:
للأسف لا يوجد تقبل لهذه المسألة، فالمجتمع المصري -خاصة الطبقات الوسطى والدنيا- أيضا متمسك بالصورة النموذجية للشخص الموظف المثالي في جهة عمل، وبالتالي له حقوق تجاه الدولة كدخل ثابت وتأمين صحي وضمان اجتماعي وهي أشياء مفقودة بالنسبة لمن يمارسون العمل من المنزل. ولكن مع الوقت سوف نضطر إلى تقبلها لأنها الحل الأمثل للعديد من المشكلات.
وسألناه : هل يكون العمل من المنزل حلاَ حقيقيَا للعديد من الظواهر السلبية؟
بالطبع بمعنى أنه يكون هناك اضطرار لتقبل مثل هذه الأنماط مع الوقت، لأنها بالفعل تشكل الشكل الأنسب لكثير من الناس، وبالتالي أتصور أن المجتمع المصري ربما يعيد النظر لمن يعملون من المنازل مع مرور الوقت.
وعن العمل من المنزل بين المؤيد والمعارض قال:
أنا أؤيد الفكرة بشرط أن من يعمل في هذه المهنة يجب أن تكون لديه الإرادة الكاملة، بحيث يفصل فصلاَ تامَا بين وقت العمل وبين وقت التعامل داخل الأسرة، وهي قيمة يفتقر إليها العديد من الناس، ولكن يوجد لدينا أمثال ونماذج ممن يستطيعون الفصل؛كالكاتب الكبير محمد حسنين هيكل الذي ينتج انتاجَا فكريَا غزيرا بعد أن ترك الوظيفة، هو يسكن في منزله، وفي الشقة المقابلة يوجد مكتب العمل، ومع ذلك يفصل فصلا تاما كل صباح عندما يرتدي زي العمل ويعبر الممر الصغير بين الشقتين، وبالتالي يدخل في جو العمل بشكل تام، وهذه الإرادة يحتاجها الفرد المصري ليستطيع انجاز عمله من المنزل على أكمل وجه.
وفيما يلي دراسة علمية عن العمل بالمنزل يعرض لها "رحابي" في قسم تطوير الذات بباب المعرفة