د.هالة حماد استشاري الطب النفسي: "امنحي طفلك وقتًا..أفضل من أن تمنحيه مالاً"
كتب: أحمد غانم
"امنحي طفلك وقتًا..أفضل من أن تمنحيه مالا" بهذه النصيحة بدأت د.هالة حماد استشاري الطب النفسي للأطفال والمراهقين محاضرتها مساء الجمعة 12-3-2010 ضمن حملة "عائلتي أولاً" التي ينظمها المركز الثقافي بنادي الرحاب قائلة إن الحب والأمان أهم من الماديات بالنسبة للطفل، مؤكدة أن الدراسات أثبتت أن الأمهات اللاتي اهتممن بأطفالهن في العام الأول من العمر كان أطفالهن أكثر هدوءا وراحة في عامهم الثاني.
وأكدت الدكتورة هالة أن مبدأ "الوقاية خير من العلاج" ينطبق أيضًا على تربية الأبناء؛ لأنه يصعب تغيير طباع البشر ومشاعرهم كلما تقدم السن، مشيرة إلى أنها من هذا المنطلق عندما سافرت إلى انجلترا عام 1996 أحبت التخصص في الطب النفسي للأطفال والمراهقين بدل أن تتخصص فى نفس المجال ولكن لكبار السن.
وقالت د. هالة إنها من خلال خبرتها في هذا المجال اكتشفت أن بعض النصائح البسيطة جدًا في طريقة تعاملنا مع أولادنا قد تكون سببًا في انهاء مشكلات يظن بعض الأمهات أنها كبيرة جدًا وتؤرق حياتهن، مؤكدة أن احتماء الطفل الزائد بوالديه في السنوات الخمس الأولى من عمره دليل صحي وليست مشكلة أو مرضًا.
"اعطني طفلاً تحت الخامسة اعطك رجلاً"
وأوضحت خبيرة الطب النفسي أن الدراسات أثبتت أن 90% من نمو مخ الطفل يتكون في أول 5 سنوات من عمره، حيث تولد 200 بليون خلية، ومع تفاعل الأم مع وليدها خلال هذه الفترة تتكون الأسلاك الموصلة للخلايا مع بعضها البعض فإذا كان تعامل الأم والأب مع الطفل سليمًا وصحيحًا في مراحله السنية الأولى فسوف يؤدي ذلك لتوصيلات سليمة والعكس صحيح؛ بما يعني أن الأم أو الأب يتحكمان في مستقبل الطفل نفسيًا وجسديًا، إذ أثبتت الدراسات أن إصابة الإنسان بأمراض الضغط والسكر والقلب لها علاقة بفترة الطفولة، وهو ما يؤكد صحة المقولة "اعطني طفلاً تحت الخامسة اعطك رجلاً".
وقالت الدكتور هالة إن الأم عندما تحضن ولدها وتتكلم معه ُتفرز هرمونات في مخ الطفل تهدئ من أعصابه وتسمح بتكوين الخلايا بشكل صحيح ويشعر الطفل بالأمان، ولو حرصت الأم على أن تمنح طفلها يوميًا حضنًا دافئًا وملامسةً رقيقةً وكلماتٍ هادئة، فسوف تمنح طفلها عند الكبر مناعة في التعامل مع مشكلات الحياة، ويستطيع أن يواجهها بقوة ويتغلب عليها ولا ينكسر أبدًا أمام أي مشكلة مهما عظمت، بالضبط مثل التطعيم والرعاية الصحية التي تقوي مناعة الطفل ضد الأمراض والفيروسات التي تواجه الجسد.
وأشارت هالة حماد إلى خطأ بعض الأمهات اللاتي يتركن أطفالهن يبكون ويصرخون بدعوى أنهم أكلوا وشربوا وناموا وبالتالي فهم ليسوا في حاجة إليهن، مؤكدةً أن بكاء الطفل الزائد والطويل دون أي اهتمام من الأم يجعله يفرز هرمونات تولد لديه الخوف والقلق والغضب والعصبية الزائدة، وتشعره بأن العالم من حوله غير آمن مما يؤثر عليه سلبًا فيما بعد. وتنصح الدكتورة هالة الأم في هذه الحالة أن تقوم بحمل طفلها واحتضانه وتهدئته، ومحاولة شغله بأي شئ يلفت انتباهه حتى يهدأ وينام، لأن نظام أو" سيستم" الطفل لا ينضج إلا عند سن 6 أو 7 سنوات.
وألمحت الدكتور هالة إلى أن أطفالنا ليس لهم ذنب في أي خلافات تنشأ بين الزوجين وينتج عنها انفعال وعصبية في التعامل معهم، محذرة الأم من استخدام اسلوب التهديد في التعامل مع الطفل كأن تقول له "لو فعلت كذا سوف أضربك أو أخرج من المنزل وأتركك بمفردك" فهذا غير مقبول على الإطلاق ويشعر معه الطفل بالخوف وفقدان الشعور بالأمان.
وهي تنصح الأمهات بعدم الخروج للعمل فترة حضانة الطفل الأولى –إلا للضرورة-حتى تتفرغ لطفلها، كما تنصح بعدم السفر وترك الطفل مع الأقارب أو الجيران، موضحة أن الأم التي تترك وليدها في هذه السن وتسافر، تلاحظ عند عودتها عدم اشتياق الطفل لها، بل يقابلها بتهجم واستغراب لأنه يظن -بسفرها- أنه فقدها للأبد.
وأكدت خبيرة الطب النفسي على أهمية اللعب للأولاد في سن الطفولة، فقد اكتشف العلماء أن الآباء والأمهات الذين تسير حياتهم بشكل ممل وتقليدي وغير قابل للتطور والتغيير أو الاستكشاف قد ُحرموا من اللعب في طفولتهم، قائلة إنه لابد من أن نشغل وقت الطفل بشئ نافع حتى لا يضطر هو إلى شغله بشئ سلبي وفاسد.
الضرب نظام تربوي فاشل
وأوصت خبيرة الطب النفسي بتنظيم مواعيد نوم الطفل محذرة من السهر أمام التلفاز وأكل الشيكولاتة والسكريات الزائدة والأطعمة المخلوطة بالألوان الصناعية، محذرة من ضرب الطفل لأنه نظام تربوي فاشل يصر البعض-للأسف –على استخدامه وقد يجعل الطفل يقوم بضرب زملائه في المدرسة محذرة من ظاهرة الصوت العالي في التعامل اليومي مع الطفل لأنها تشعره بأمرين: (القوة) لقدرته على إفقاد الأم أعصابها وتحكمه بها، والأمر الثاني هو الخوف من العالم غير الآمن الذي يواجهه.
انفعال محمود
وأوصت الدكتور هالة الأمهات بعدم الاستجابة لكل طلبات الطفل المادية، لأنه سيتعود على ذلك في الكبر، وساعتها قد يلجأ للحصول على ما يريد بكافة الطرق المشروعة وغير المشروعة، موضحةً أن عقوبة الطفل يجب أن تكون على قدر الخطأ، وأن تكون العقوبة قابلة للتنفيذ؛ بمعنى أن تقول الأم لابنها: "لو فعلت كذا سُتحرم من مشاهدة التلفاز ساعتين"، وعليه أن يتعلم الاختيار وأن يتحمل نتيجة اختياره، فلو اختار فعل المحظور عليه من قبل الأم؛ عندها يجب أن تنفذ الأم العقوبة، والحالة الوحيدة التي أوصت الدكتورة هالة فيها الأم بأن تكون منفعلة هي ساعة تحقيق طفلها لانجاز ما، فيجب أن تمدحه الأم بكل انفعال كأن تقول له: ( برافو –هايل-ممتاز-رائع)
وأنهت الدكتور هالة حماد محاضرتها بالقول: "لا تقارني طفلك بغيره من الأطفال، وقارنيه بنفسه فقط وامنحي طفلك فرصة للخطأ والتعلم من أخطائه".
|