د.عمر عبد العزيز القرشي يواصل شرح أبجديات العقيدة
كتبت – أمل أحمد مع كتابه "حقيقة الإيمان"، يواصل الأستاذ الدكتور عمر عبد العزيز القرشي أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر، شرح أصول العقيدة في درسه الأسبوعي بمسجد أحمد عفيفي بمدينة الرحاب عقب صلاة العشاء من كل أربعاء، وكان درسه الخامس يوم الأربعاء الماضي؛ الرابع والعشرين من مارس.
ولا يزال الشيخ يتحدث عما أسماها "أبجديات العقيدة" وقد شرح في الدروس السابقة معني الإيمان والإسلام واستكمل في الدرس الخامس حديثه عن الإيمان الذي يأخذ تعريفه من السلف بأنه: تصديق بالجنان وإقرار باللسان وعمل بالأركان، يزيد بالطاعات وينقص بالعصيان. فالإيمان يشمل كل ذلك: التصديق العملي والإقرار القولي والعمل بالأركان التي هي الجوارح.
وأشار القرشي إلى أن الإيمان عمل (وفي الحديث حين سئل رسول الله صلي الله عليه وسلم أي العمل أفضل قال: الإيمان بالله) والعمل إيمان (وما كان الله ليضيع إيمانكم) .. أي صلاتكم.
وأكد د. القرشي أن مذهب أهل السنة والجماعة عدم إخراج مذنب من دائرة الإسلام؛ فمن ارتكب معصية فهو مسلم، وباب التوبة مفتوح ما لم تطلع الشمس من مغربها، وفي الحديث القدسي: " يا بن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي" ومن ارتكب كبيرة فإما أن يتوب، وعند ذلك يتوب الله على من تاب، (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثمًا عظيمًا)
ومن لم يتب لا نكفره بالكبيرة، وقد ُيبتلي بمصاعب وابتلاءات في الدنيا تكفر عنه ذنوبه وان كانت من الكبائر .
وقد يقام عليه الحد فيمحو ذلك ذنبه، ومن ستر الله عليه فأمره إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له.
وقد لا يرتكب الكبائر وهذا يقع تحت قوله تعالى: (الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم إن ربك واسع المغفرة)
وحتى إذا مات إنسان من غير توبة فقد يُشفّع فيه شفيع مطاع، وقد يُعذب في قبره حتى إذا قامت القيامة دخل الجنة، وقد يطول به الموقف يوم القيامة فيكفر بقية ذنوبه، وقد تكثر حسناته فتمحو سيئاته، وقد تتبقى عليه سيئات فيغفرها له الله.
والخلاصة أن مرتكب الكبيرة عاصٍ وقد يقال إنه فاسق لكنه مسلم ولا يسمى مؤمنًا. فالكبيرة من نواقص الإيمان وليست من نواقضه، وربما يقصر الإنسان في العمل والطاعات أو يرتكب المعاصي أو السيئات وهنا يكون قد قصر في الإيمان لكنه مسلم
وأشار د. عمر عبد العزيز إلى حالتين اختلف فيهما العلماء: تارك الصلاة، من لم يحكم بما أنزل الله، هل ينقضان الإيمان أم ينقصانه؟
أما من أقيم عليه الحد في الدنيا فهو كفارته ومن ستره الله فأمره إلي الله وتعم هذه الأحكام كل الذنوب ما لم تكن من المكفرات كالشرك والردة والشك.
وعن كيفية زيادة الإيمان قال القرشي إن الإيمان يزيد بعمل الطاعات والبعد عن المعاصي، وكان أحد الصحابة يقول لإخوانه:( هيا بنا نؤمن ساعة ) أي تعالوا نجدد الإيمان .
الإسلام والإيمان
وأشار القرشي إلى أن كلمتي الإسلام والإيمان قد وردتا في مواضع كثيرة بمعنىً واحد (فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين)، كما وردتا بمعنيين مختلفين وبتمييز واضح بينهما، كما في حديث جبريل عليه السلام حين جاء يسأل الرسول صلى الله عليه وسلم عن الإسلام والإيمان فأعطاه لكل سؤال جواب، وأدلة أخري غيرت بينهما ( قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم) فكيف نفهم ذلك؟
يقول العلماء إن الإسلام والإيمان يترادفان ويتغايران؛ يترادفان إن كان المقصود الامتثال الظاهري، ويتغايران إن كان المقصود التصديق القلبي: "قالت الأعراب آمنا قل لا تقولوا آمنا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم"
فالإيمان والإسلام كلمتان إن اجتمعتا (في النص) افترقتا (في المعنى) وإن افترقتا (في النص ) اجتمعتا ( في المعنى) فمثلا ( يأيها الذين آمنوا ) تعني أسلموا
ما الذي يأتي أولاَ؟
إذا كان الإسلام امتثالاَ ظاهريًا والإيمان تصديقًا قلبيًا، فأيهما يأتي أولاً؟. إن قلنا إن الإسلام أسبق اعترضتنا آية:( قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ) وإن قلنا إن الإسلام أسبق فأين التصديق القلبي؟ وهل يصلح إسلام بدون إيمان؟ أليس التصديق يسبق اللسان؟ إن الإسلام بدون تصديق قلبي يكون نفاقًا.
وحل هذه المسألة أن أصل الإيمان يسبق الإسلام ثم يسلم المرء ويزداد إسلامًا ليرتقي إلي الإيمان ثم يترقي إلي الإحسان فكل محسنٍ مؤمن، وكل مؤمنٍ مسلم، وليس كل مسلم مؤمنًا ولا كل مؤمن محسنًا.
إذًا أصل الإيمان لابد أن يكون موجودًا،وهنا نفرق بين مطلق الإيمان والإيمان المطلق، الأول بذرة والثاني شجرة كما يعبر الأستاذ الدكتور، الأول بداية الإيمان والثاني كمال الإيمان، الأول تصديقي والثاني صديقي. وبالتالي نفهم أن أصل الإيمان يأتي أولاً ثم الإسلام ثم كمال الإيمان.
الكفر الذي يناقض الايمان
هل كل كفر يكون نقيضًا للايمان؟ الاجابة (لا)؛ فهناك كفر يناقض الإيمان ويسمي في العقيدة الكفر العقدي، وآخر لا يناقضه من كل وجه ويسمي الكفر العملي أو كفر النعمة
ويختم الشيخ اللقاء بتعريف نواقض الايمان وهي: الكفر والشرك والنفاق والردة.
|