نواقض الإيمان ونواقصه
كتبت – أمل أحمد في درسه الأسبوعي الجديد يوم الأربعاء 30 مارس تعرض الشيخ الدكتور عمر بن عبد العزيز القرشي بمسجد أحمد عفيفي بالرحاب لموضوع أثار خلافًا كبيرًا خاصة بين الشباب، وأدى إلى غبش كبير، واضطراب في الأحكام، وتسرعٍ في التكفير، مما تسبب في فتن كبيرة أسالت دماءًا كثيرة.. ذلك هو الفرق بين نواقض الإيمان ونواقصه. وليست المسألة فارقًا في نقطة فوق حرف كما يبدو في الظاهر ولكنه فارق كبير من حيث الأحكام والنتائج.
أما نواقض الإيمان فهي أربعة: الكفر والشرك والنفاق والردة. هذا القول على العموم ولكن عند التفصيل نجد تفريعات كثيرة؛ فليس كل كفر أو شرك أو نفاق أو ردة ناقضًا للإيمان، بل قد يكون من نواقص الإيمان فحسب، إذا كان من جنس المعاصي أو الكبائر التي تسمى كفرًا.
أما الكفر والشرك فبينهما ترادف وتغاير، وعموم وخصوص، ويكون أحدهما بنفس معنى الآخر غالبًا وأحيانًا يختلفان: وقد جاء الكفر بمعنى الشرك في القرآن والسنة؛ فنادى القرآن مشركي مكة بقوله: قل ياأيها الكافرون، وأشار إليهم بقوله: "وأخرى كافرة" فالقاعدة أن الشرك يرادف الكفر، لكن هناك استثناءات من هذه القاعدة: فهناك كفر ليس شركًا كالإلحاد والردة وهناك شرك ليس كفرًا كالشرك الذي لا يُخرج من الملة "وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون" فهم مؤمنون ولكن فيهم صفة من صفات الشرك.
شُعَب الكفر
وكما أن الإيمان بضع وستون أو بضع وسبعون شعبة أعلاها لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من شعب الإيمان، فبمفهوم المخالفة فإن الكفر بضع وستون أو بضع وسبعون شعبة، أعلاها عدم قول لا إله إلا الله، وأدناها عدم إماطة الأذى عن الطريق، كما أن عدم الحياء يعد شعبة من شعب الكفر.
فهل كل شعب الكفر هذه تنقض الإيمان أم تنقصه؟ لقد سمى الشارع ذلك كله كفرًا بمعنى أنه شعبة من شعب الكفر، وفيه ما هو كفر يخرج من الملة، وفيه ما نجد – عند تحقيق اللفظ- أنه شعبة من الكفر لا تخرج من الملة.
فقد يفعل الإنسان شعبة من شعب الكفر ولكنها لا تلازمه. فإذا لازمته الشعبة قيل عنه كافرًا.. ولكن هل هو كفر أكبر أم كفر أصغر؟ يُخرج من الملة أم لا يُخرج؟ هنا يقع الخلط.
ولبيان هذه النقطة المهمة أشار اشيخ إلى أن الكفر ينقسم إلى كفر عقدي وآخر عملي، العقدي كله يناقض الإيمان أما القولي ففيه ما يناقض وفيه ما ينقص: الكفر العقدي مثل الجحود الذي يتصف به سلوك من بلغته الرسالة وعلم بها، والإنكار والتكذيب وهو قريب من سابقه، والإعراض، والشك وهو يؤدي إلى كفر التكذيب ما لم يصدق بالرسالة، وكفر النفاق، والكفر بشئ من الإسلام لأن المطلوب الإيمان بالكتاب كله. وهذه جميعها تناقض الإيمان من كل وجه.
أما الكفر العملي فمنه ما يناقض الإيمان مثل السجود لصنم أو تمزيق المصحف أو الاستهانة به أو سب أحد من الأنبياء أو قتله (في زمن وجود الأنبياء) أو سب الشريعة، والجمهور على كفر من يفعل ذلك.
وهناك كفر عملي لا يناقض الإيمان ولكن ينقصه مثل من أتى عرافًا أو كاهنًأ فصدقه، أو قتل مسلمًا أو قال لأخيه ياكافر.
وهناك أمران فيهما خلاف وهما: ترك الصلاة وترك الحكم بما أنزل الله، وقد صنفهما الشيخ القرشي ضمن نواقص الإيمان لا نواقضه، وذكر قول ابن عباس حين سئل عن قوله تعالى: "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون" فقال إنه ليس الكفر الذي تذهبون إليه.
وفي كل الأحوال فنحن هنا نتكلم عن الحكم، أما تنزيل هذا الحكم على شخص بعينه فهناك ثمانية أعذار ينبغي عرضها أولاً قبل استيفاء الشروط ورفع الموانع، وهذا ما سيتعرض له في الدرس المقبل إن شاء الله.
|