مدرب التنويم الضمني نُهاد رجب: رسائل العقل اللاواعي تستطيع تغيير السلوك
كتبت – سالي مشالي
أكد مدرب التنويم الضمني نُهاد رجب أن العمل مع العقل اللاواعي أسهل بكثير من العمل مع العقل الواعي، إذ يسهل كثيرًا التأثير عليه وتحويله إلى سلوك دون أن يشعر الإنسان بذلك.
وضرب مثلاً بعدد من الإعلانات التجارية التي أثبتت الدراسات أن الرسائل الضمنية المدمجة بها أدت إلى زيادة مبيعات هذه المنتجات.
جاء ذلك في المحاضرة التي ألقاها في المركز الثقافي بنادي الرحاب الجمعة 2/4/2010 ، تحت عنوان "فن الإقناع والتأثير بالتنويم الضمني"، وأوضح رجب أن الرسائل غير المباشرة تصل إلى العقل اللاواعي سريعًا ويسهل تحويلها إلى سلوك أكثر من رسائل العقل الواعي، وأشار إلى حملات الإعلانات التي تحمل معاني ضمنية مثل: حملة كوكاكولا التي تضمنت عبارة سريعة تتبدل أسرع مما يمكن أن يقرأها الإنسان، وهي عبارة "أشتري بوب كورن .. أشتري كوكاكولا"، والتي زادت على أثرها المبيعات بصورة كبيرة دون أن يشعر الأشخاص المستهدفون بالإعلان.
وقام رجب بإجراء تجربة مع الحاضرين فعرض عليهم فيلم فيديو، يعرض فريقين لكرة السلة، ويقوم اللاعبون بتمرير كرة سلة فيما بينهم، وطلب من الحاضرين أن يعرفوا عدد التمريرات التي مرت فيها الكرة بين أعضاء الفريق الذي يرتدي اللون الأبيض.
وبعد أن نجح البعض في ذكر الرقم الصحيح، سأل رجب :"من منكم رأى الغوريلا؟"، وعندما أعاد بث الفيديو اتضح أنه أثناء تمرير اللاعبين للكرة دخلت غوريلا إلى الملعب وظلت تتحرك في الصورة لبعض الوقت، وهو ما فات أغلب المشاهدين بسبب تركيزهم الشديد في إحصاء عدد تمريرات الكرة.
وشرح رجب أن هذا ما يحدث مع الأشخاص العاديين أثناء عملية التنويم الضمني، إذ يتم لفت العقل الواعي إلى أمر وتمرير رسائل أخرى إلى العقل اللاواعي، موضحًا أن هذه الطريقة تساعد الإنسان كثيرًا في تحقيق ما يريد، لأنه في هذه الحالة سيكون القرار نابعًا من داخله وليس بسبب الضغوط.
وإذا فاتت العقل الواعي رسالة معينة، ونفذت الرسالة إلى العقل اللاواعي، فإن الإنسان يستطيع تنفيذها فورًا دون معاناة، فقدرات العقل اللاواعي في التأثير على الإنسان وعلى مشاعره وسلوكه أعلى بكثير من قدرات العقل الواعي، فالعقل الواعي يستطيع إدراك 2 – 7 معلومات في الثانية الواحدة، بينما يستطيع العقل اللاواعي إدراك 3 مليار معلومة في الثانية.
وأكد رجب أن الخيال يتحكم في الإنسان أكثر بكثير من الإرادة، وضرب مثالاً على 1لك بالإنسان الذي يرى في الحلم أن ساقه اصطدمت بشئ، فإنه يستيقظ من النوم وهو يشعر بألم في هذه الساق كما لو كانت الصدمة حقيقية، وهو ما يعني أن العقل اللاوعي استطاع أن يسبب ألمًا غير حقيقي نتيجة إقتناعه بحدوث الألم.
وضرب مثالاً آخر بإنسان مطلوب منه أن يهرب من حريق بأن يعبر بين مبنيين مرتفعين على لوح من الخشب، فإن عقله اللاواعي يمنعه عن العبور لأن خياله يسبقه بتخيل وتوقع أنه يسقط أو لا يستطيع إكمال المسافة، بينما إرادته لا تستطيع إجبار خياله على تجاوز هذه المخاوف هربًا من النيران.
وأوضح مدرب التنويم الضمني أن الإنسان في كثير من الأحيان يخضع للسلوك الجماعي، وضرب مثالاً على هذا بأن تحتفظ بورقة في يدك فترة طويلة رافضًا إلقاءها في الطريق، وعندما تجد كومة من القمامة ترمي ورقتك معها، بالرغم من أن هذه القمامة على الأرض، ولكنك خضعت لسلوك الجماعة.
وأوضح أن طرق التأثير تختلف ولكن يمكن تلخيصها في:-
1- شد الانتباه: عن طريق قصة أو قيمة أو معلومة أو لغز.
2- نقل العين (الترانس): لفت نظر العين لشيء آخر (مثل فيلم الكرة والغوريلا).
3- صدمة: إرباك الوعي، عن طريق النفي المزدوج أو ربط المعاني.
4- تقديم الاقتراح: تمرير المعنى المراد الوصول إليه.
وضرب مثالاً يوضح ما قاله بإعلان ليبتون الأخير، الذي يبدأ بلغز: "ترى كل شيء وليس لها عيون"..
ثم سؤال: "هل أنت بحاجة إلى التفكير بصفاء؟"
ثم الإجابة: "المرآة"
وأخيرًا الاقتراح: "شاي ليبتون يقدر على كده"
فاللغز وإجابته ليسا هما المرادان من الإعلان، وإنما المراد أن شاي ليبتون يساعدك على التفكير بصفاء.
غرفة الموافقة!
وأشار رجب إلى أن أفضل طريقة لمساعدة شخص على حل مشكلته أن نتكلم معه عن أمر آخر، ولا نأتي على ذكر المشكلة الأساسية بشكل مباشر، وأن نلجأ لطريقة "الكلام لك يا جارة"، وقال: "حتى تكسب قلبه وتحقق مرادك .. لا تعارضه .. أدخله غرفة الموافقة"، شارحًا قوله بأن الشخص عندما يجد أن من يحاوره يعارضه يبدأ في إتخاذ موقف المدافع، أما عندما يجد أنه يتفق معه ويوافقه، فإنه حتى لو عارضه بعد ذلك فستكون معارضته مقبولة.