د.إيمان رفاعي تشرح: كيف تغير سلوك طفلك إلى الأفضل
كتب أحمد غانم تحت عنوان "اضطراب الانتباه وفرط الحركة" جاءت محاضرة الدكتورة إيمان رفاعي استشاري طب الأطفال وعلم نفس الطفولة مساء أمس الجمعة بالمركز الثقافي بنادي الرحاب الرياضي.
ويعني "اضطراب الانتباه" لدى الأطفال عدم القدرة على التركيز على المنبهات المختلفة لمدة طويلة بحيث تكون هناك صعوبة لدى الطفل في متابعة التعليمات وإنهاء الأعمال، وضعف القدرة على التفكير، وكثرة الأخطاء، وعدم ترابط الحديث، بالإضافة إلى الإندفاعية بمعنى الإجابة على الأسلئة قبل استكمالها، وإيذاء الآخرين والتعرض للمخاطر دون الالتفات للعواقب المترتبة على ذلك, أما النشاط الحركي المفرط لدى بعض الأطفال فيعني التحرك بكثرة وعشوائية ودون سبب أو هدف واضح.
وقالت الدكتورة إيمان إن الدراسات أثبتت أن نصف الأطفال المحالين إلى العيادات النفسية يعانون من هذا الاضطراب وهم يمثلون10% من أطفال العالم, فيما تشير الإحصاءات إلى أن معدل الانتشار بين الأطفال في عمر المدرسة من 4-6%، ومعدل الانتشار بين أطفال الأسر ذات الدخل المنخفض20%، أما نسبة انتشار "اضطراب الانتباه وفرط الحركة" بين الذكور والإناث فهي من 6 إلى 1 فالنسبة بين الذكور أعلى من الإناث. وعن أسباب اضطراب الانتباه وفرط الحركة قالت استشاري طب الأطفال وعلم نفس الطفولة إنها تتمثل في أسباب متعلقة بالمخ وهي: 1-خلل وظائف المخ وتشتمل على المراكز العصبية المسئولة عن عمليات الانتباه الأولية وهي الفصوص الخلفية (المركز العصبي المسئول عن التعرف على مصدر التنبيه، ووسط المخ (المركز العصبي المسئول عن توجيه الإحساس للمنبه) والفص الجبهي الأيمن(المركز العصبي المسئول عن التركيز على المنبه) 2- الناقلات العصبية حيث أن اختلال التوازن الكيميائي للناقلات العصبية يؤدي إلى اضطراب. 3- نظام التنشيط الشبكي لوظائف المخ وهي قواعد كيميائية تمتد من جذع المخ إلى المخيخ تتولى عملية الربط بين المنبهات بحيث ترفع مستوى الوعي والحرص من المخاطر.
عوامل وراثية
أما السبب الثاني لاضطراب الانتباه وفرط الحركة لدى الأطفال فيرجع إلى العوامل الوراثية حيث تشير الإحصاءات إلى أن 5% من الأطفال يوجد في أسرهم من يعاني من هذا الاضطراب، ويوجد في التوائم أكثر منه في غير التوائم، وفي التوائم المتماثلة أكثر منه في التوائم غير المتماثلة
عوامل بيئية
وعن السبب الثالث لاضطراب الانتباه وفرط الحركة قالت الدكتور إيمان رفاعي إنه يرجع للعوامل البيئية وقد قسمتها إلى مرحلة الحمل وفيها قد يتعرض الطفل عبر الأم إلى (الأشعة-المخدرات-الكحوليات-العقاقير الطبية-الأمراض المعدية-الحصبة الألمانية-الزهري-الجدري-السعال الديكي)، ثم تأتي مرحلة الولادة وقد يتعرض الطفل لإصابات أثناء الولادة، ثم تأتي مرحلة ما بعد الولادة حيث الأمراض المعدية والحمى الشوكية والالتهاب السحائي والحمى القرمزية.. الخ
وقالت الدكتورة إيمان إن هناك أيضًا عوامل متعلقة بالغذاء قد تكون سببًا فى اضطراب الانتباه وفرط الحركة وتتمثل فى الأطعمة الجاهزة والخضروات والفواكه الملوثة بالمبيدات والمواد الحافظة والتلوث بالرصاص وزيادة كمية الحلوى والسكريات.
أما العامل الخامس فهو العامل الأسري ويتمثل في الرفض الصريح والمباشر لمجيئ الطفل ويظهر هذا الأمر في كلام الوالدين وضجرهما من المعيشة وإنجاب الأطفال، وشعورهما الدائم بالندم مما يؤثر سلبًا على نفسية الطفل، إذ يشعر أنه عبء على والديه، وهمّ ثقيل بالنسبة لهما، أضف إلى ذلك اهمال الطفل على المستوى العاطفي والنفسي، فيفقد الطفل الحنان ويشعر دائمًا باللامبالاة من قبل والديه تجاهه وتكتمل الكارثة لو تعرض الطفل لعقاب بدني أو نفسي شديد.
أعراض الاضطراب
وأوضحت الدكتورة إيمان رفاعي أنه من الصعب التعرف على أعراض اضطراب الانتباه وفرط الحركة قبل سن المدرسة لأن الطفل يكون نشيطًا بالفطرة وغير مطالب بالتركيز لمدة زمنية طويلة، بجانب أن التليفزيون يجذب انتباهه ويمتص طاقته الحركية ولا توجد خبرة لدى الآباء يستطيعون من خلالها أن يميزوا بين الحدود الطبيعية وغير الطبيعية في سلوك الطفل.
العلاج
ويتمثل علاج اضطراب الانتباه وفرط الحركة لدى الأطفال فى العلاج الدوائي للبعض ممن يعانون من كهرباء زائدة أو اكتئاب أو يقومون بتصرفات غير طبيعية، وهو يوصف لكل حالة على حدة حيث تختلف درجة استجابة الأطفال للعقاقير وقد يحتاج الطفل علاجًا دوائيًا لمرض مصاحب، لكن بعض الحالات لا يحتاج للعلاج الدوائي بالمرة وإنما تكون فى حاجة إلى العلاج السلوكي، وهذا يخضع كما تقول الدكتورة إيمان لبرامج علاجية باشراف الطبيب النفسي، وتحتاج إلى تعاون ودقة فى التنفيذ حتى تؤتي ثمارها. وأفضل من يمكن أن تطبقها الأم فى المنزل، والمعلمة فى الفصل الدراسي، بحيث تهدف إلى تغيير السلوك غير المرغوب فيه إلى سلوك مرغوب فيه، وهذا الأمر يحتاج إلى مثابرة وحزم وثبات حيث يحتاج تغيير السلوك الواحد مدة شهر على الأقل بشرط تطبيق القواعد.
تعزيز المشاعر الإيجابية
وترى الدكتورة إيمان أن الخطوة الأولى لنجاح العلاج السلوكي لدى الطفل هي تعزيز المشاعر الإيجابية بينه وبين والديه وتخصيص وقت للجلوس معه، ويفضل أن يترك للطفل اختيار النشاط المفضل لديه كي نمارسه معه فى هذا الوقت، ولابد من التركيز على قضاء وقت سعيد مع الطفل بدون نقد أو توجيهات أو أسئلة.
وطالبت الدكتورة إيمان الآباء أن يدربوا أنفسهم على ملاحظة السلوك المرغوب فيه لدى أطفالهم، وطاعتهم للأوامر، ومحاولاتهم ارضائنا، وتشجعيهم على ذلك، والاستمرار في هذا الاتجاه الإيجابي، محذرة من فضح أولادنا بالشكوى من سلوكهم السلبي أمام الآخرين سواء كانوا من الأقارب أو الاصدقاء، وأوصت بمكافأة السلوك المرغوب فيه وقت حدوثه من خلال تقديم بعض الهدايا الرمزية أو السماح له بوقت لعب إضافي أو جلوسه على الكمبيوتر ولا مانع من أن يشارك الطفل فى اختيار مكافأته التى يحبها، ولا يجب أن ننسى المكافآت المعنوية كالابتسامة والتصفيق والقبلة والحضن، لما لها من آثار كبيرة على تعزيز السلوك الإيجابي لدى الطفل.
وأشارت د.إيمان إلى ضرورة وضوح الأمر المطلوب من الطفل والتأكد من فهم الطفل له، والبعد عن لغة العموميات فى التعامل مع الطفل كالقول مثلا ( أنا عايزك تبقى كويس) ولكن أقول له مثلا (لا تضرب أخيك) كما يجب أن تجعل توقعاتك لسلوك الطفل فى حدود قدراته لأن التغيير ليس بالأمر الهين، ويجب أن يكون تغيير السلوك مع الطفل تدريجيًا بحيث نركز فى كل مرة على سلوك واحد فقط، كما يجب أن نعلم الطفل ما البديل المطلوب منه، فنحن للأسف ننتقد سلوكيات الطفل بشكل دائم دون أن نوضح له البديل.
وعن اللجوء للعقاب قالت الدكتورة إيمان إنه لا داعي للعقاب الممتد لأكثر من يوم، وأوصت بوضع خطة للعقاب تبدأ بالعقاب البسيط وتتطور حسب رد الفعل، ولا تستنفد أساليب العقاب كلها مرة واحدة مع الطفل، ويجب أن نوضح للطفل شروط العقاب وكيفيته بحيث يكون أقرب للعقد المبرم معه: لو فعلت كذا فأنا آسف قد اضطر أن أعاقبك بكذا
وأنهت الدكتور إيمان رفاعي محاضرتها بالقول "كن قدوة حسنة لطفلك". |