الشيخ خالد عبد الله: تغافروا .. تغافلوا .. ولا تعاتبوا
كتبت- أمل أحمد ضمن سلسلة دروسه في "تزكية الأنفس" تناول الشيخ خالد عبد الله في درسه يوم أمس السبت 10 أبريل بمسجد أحمد عفيفي بالرحاب فضل العفو والمغفرة والتماس الأعذار للناس، لأن ذلك من شأنه أن يُبقي المودة بينهم.
وأشار الشيخ إلى أنه حتى الصحابة رضوان الله عليهم كانت تحدث بينهم خلافات وشد وجذب، لكن كانت شيمتهم دائمًا المودة والعفو والتغافر والتغافل عن الأخطاء، مما يذكرنا بقول من قال: "ليس الغبي سيدًا في قومه ولكن سيد القوم المتغابي" أي من يتجاهل الأخطاء وكأنه لم يرها.
وفي سورة التحريم إشارة لطيفة إلى هذا المعنى" فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرف بعضه وأعرض عن بعض" فلم يحاسب النبي صلى الله عليه وسلم زوجه على ما أظهرت من السر الذي أخبرها به.
وأشار الشيخ خالد إلى حاجة المسلمين إلى أن يعززوا قيمة الإخوة في الله والمحبة في الله والستر، بدلاً من رصد الأخطاء وربما تسجيلها، ومكاشفة بعضهم البعض بها عند حدوث أي مشكلة. فقد قال رجل يومًا لابن السماك الذي عاش في القرن الثاني الهجري: غدًا نتعاتب.. فرد عليه ابن السماك: بل غدًا نتغافر. فالتغافر أبرد للقلب، يقول الشاعر: من اليوم تعارفنا .... ونطوي ماجرى منا ولا كان ولا صار.... ولا قلتم ولا قلنا وذلك أولى من فتح الدفاتر والتعاتب الذي هو أحد مداخل الشيطان، كما أن فساد ذات البين هي الحالقة التي تحلق الدين.
ونبه الشيخ إلى أنه عند الصلح بين المتخاصمين ينبغي إخلاص النية لله، وقد نبأنا الله سبحانه وتعالى إلى أنه ستكون هناك مشكلات بين الناس وكذلك بين الأزواج، ووضع طريقًا للحل: "وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها إن يريدا إصلاحًا يوفق الله بينهما" قال المفسرون إن الضمير في "يريدا" يعود إما إلى الزوجين أو إلى الحكمين.
الزيارة ألفة لا كلفة
ثم عرّج الشيخ خالد عبدالله في حديثه إلى معنى آخر مما يزيد الألفة بين الناس وهو الزيارة، مذكرًا بالحديث النبوي الذي صححه الألباني: " ألا أخبركم برجالكم من أهل الجنة: النبي في الجنة، والصديق في الجنة، والشهيد في الجنة، والمولود في الجنة، والرجل يزور أخاه في ناحية المصر لا يزوره إلا لله عز وجل، ونساؤكم من أهل الجنة الودود الولود العؤود على زوجها التي إذا غضب جاءت حتى تضع يدها في يد زوجها وتقول لا أذق غمضًا حتى ترضى"، ولكن الناس أدخلوا الكلفة أو التكلف في الزيارة، فكان أن أذهبت الكلفةُ الألفة، وأصبح الناس لا يتزاورون خوفًا من تبعات الزيارة، ولذلك كان جعفر الصادق يقول: "أثقل إخواني عليّ من يتكلف لي وأتحفظ منه، وأخفهم على قلبي من أكون معه كما أكون وحدي" فالتكلف في الزيارات غير مطلوب حتى لا يكون عائقُا أمام تبادل الزيارات وتكرارها. وقد كان الصالحون يخرجون لزيارة أناسٍ سمعوا عنهم ولم يروهم، ويقطعون في ذلك المسافات الطويلة كما فعل أحمد بن حنبل حين خرج من بغداد إلى "الري" قرب طهران لزيارة إسحاق بن راهويه، وهو لم يلتق به قبل ذلك.
وقد تشغل ظروف الدنيا ومشكلاتها الأخ عن زيارة أخيه، فينبغي أن يعذره ويدعو له بظهر الغيب، فأخو الدنيا يخاصمك إذا لم تزره ولم تصله، أما أخا الآخرة فيعذرك ويدعو لك بظهر الغيب.
في الدرس المقبل: النصيحة .. لا الفضيحة
|