مدرب التنمية البشرية محمد عطية: استخدم إشارة المرور للسيطرة على غضبك
كتبت – سالي إبراهيم حذر محمد عطية مدرب التنمية البشرية بمركز "إيدج" للاستشارات من الغضب في وجه الأطفال، موضحًا أن هذا الغضب يتسبب في مشكلات نفسية وصحية واجتماعية شديدة بالنسبة للأطفال، وأعتبر أن إشارة المرور هي الحل النموذجي الذي يساعدنا على السيطرة على غضبنا.
جاء ذلك في المحاضرة التي ألقاها في المركز الثقافي بنادي الرحاب يوم الجمعة الماضي في إطار حملة "عائلتي أولاً". وأوضح عطية أن الغضب في وجه الطفل يسبب له مخاوف مرضية حتى أنه قد يشعر طوال الوقت بشخص يتربص به أو بمن يحاول أن يضربه، وأشار إلى أن كثيرًا من العنف الذي يعاني منه الأطفال في المدرسة هو نتيجة طبيعية للعنف الذي يُمارس ضدهم في البيت.
وأضاف أن الحركة الزائدة، وضعف الثقة بالنفس، والمبالغة العاطفية، أو انعدام العواطف، كلها ردود أفعال على تعرض الأطفال للصراخ في المنزل أو للضرب أو للعنف أو التأنيب.
وأكد أن المشاعر السلبية الناتجة عن صراخ أحد الوالدين لابنه الصغير، تتحول مباشرة إلى قناعات راسخة داخل نفسه يظل يعاني منها مدى حياته، إذ يشعر أنه "غير مهم"، "لا أحد يثق بي"، "لا أستطيع أنا أن أثق في أحد"، "أنا ضعيف"، "أنا فاشل"، "لا أحد يحبني".
ولاقناع أولياء الأمور بالأمر شرح عطية الأسباب التي من الممكن أن تقنعنا وتشجعنا على السيطرة على الغضب، فاستشهد بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رجلاً قال للنبي– صلى الله عليه وسلم: أوصني، قال: لا تغضب، فردد مرارًا، قال: لا تغضب".
وقوله صلى الله عليه وسلم: "ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نُزع من شيء إلا شانه".
وبدأ يشرح كيف نسيطر على غضبنا، فشرح قاعدة أطلقها ستيفن كوفن – خبير التنمية البشرية، تحمل اسم (قاعدة 10/90)، والمقصود بها أن 90% مما نمر به في حياتنا هو تحت سيطرتنا، ونستطيع التحكم به، بينما ما يُعد خارجًا عن إرادتنا ولا نستطيع التحكم به هو 10% فقط من أمور حياتنا، وتشمل هذه النسبة زحمة المرور أو تأخر طائرة مثلاً.
هذه الـ 90% التي تحت السيطرة تتوقف القدرة على السيطرة عليها بحسب القدرة على السيطرة على غضبنا وعلى ردود أفعالنا.
وحكى قصة كثيرًا ما يستشهد بها ستيفن كوفي في كتبه، وهي قصة الأب الذي كان يتناول الإفطار مع أسرته، فأسقطت ابنته كوب القهوة على ملابسه، فصرخ بها مباشرة، فبدأت الطفلة في الصراخ والبكاء، ثم بدأت مشادة بينه وبين زوجته بسبب رد فعله العنيف تجاه ابنته، وجاءت سيارة المدرسة في هذه الأثناء ولم تصطحب الطفلة، وكان من نتيجة هذا أن صعد الأب لتغيير ملابسه ثم أصطحب الطفلة إلى مدرستها وهو ما أخره بالتأكيد عن مواعيد عمله، ثم ليكتشف بعد أن أنزل الفتاة لمدرستها أنه، في غمرة غضبه، نسي حقيبة أوراقه في المنزل، فيحاول العودة سريعًا، ليوقفه رجل المرور بسبب السرعة الزائدة، ويحرر له مخالفة، ويفقد موعد اجتماع عمل مهم، نتيجة رد فعله الأول ... وهو الغضب.
ثم يقترح ستيفن كوفي سيناريو بديلاً، وهو أن الأب حين يتلقى كوب القهوة الساخن على ملابسه، يصمت قليلاً، ثم ينصح ابنته بهدوء بأن تنتبه في المرات القادمة، ويصعد لتغيير ملابسه، فتسير الحياة على وتيرتها العادية، فتصعد الطفلة إلى سيارة المدرسة، ويذهب كل من الأب والأم إلى أعمالهما.
هذه القصة يشير لها عطية بالنموذج الرمزي لإشارة المرور، فيقول إن الإنسان الطبيعي عندما يغضب، عليه أن يتعامل مع غضبه وفقًا لألوان إشارة المرور، فيكون أول رد فعل له هو (الأحمر) بمعنى أن يتوقف، ثم (الأصفر) فيفكر بهدوء فيما ينبغي عمله، ثم (الأخضر) فيتحرك أو يتصرف وفقًا لما يمليه عليه عقله.
ثم ينبه أن أغلب الناس يتبعون إشارة المرور المقلوبة، فهم يتصرفون أولاً بغضب واندفاع (الأخضر)، ثم يفكرون فيما أقترفوه (الأصفر)، ثم يتوقفون ليندموا على ما فعلوه (الأحمر).
وطالب الحاضرين باتباع إشارة المرور الصحيحة وليست المقلوبة، حتى ينجحوا في حياتهم ومع أولادهم ويعطوا مثلاً ونموذجًا مشرفًا لابنائهم، مشيرًا إلى أن الأبناء يقتدون بالآباء في كل كبيرة وصغيرة، ويكررون النموذج الذي يشاهدونها.
ونصح الآباء بالتركيز على إيجابيات أبنائهم، لا سلبياتهم، لأن هذه من الأمور التي تساعدهم في السيطرة على غضبهم، عندما يشعرون أن الخطأ استثناء، وأن الجوانب الإيجابية كثيرة، ضاربًا المثال بالنحلة والذبابة، فكلاهما حشرة، ولكن كلا منهما تبحث عن شيء مختلف عن الأخرى، وتنتج إنتاجًا مختلفًا عن الأخرى، فالنحلة تبحث عن الزهور لتنتج العسل، والذبابة تبحث عن القمامة لتنتج الجراثيم! |