د.هالة حماد تنصح: علم ابنك المراهق كيف يكون قائدًا
كتب: أحمد غانم
تحت عنوان "المراهقون.. والتعامل الصحيح معهم" جاء ختام حملة "عائلتي أولاً" التي نظمها المركز الثقافي بنادي الرحاب باستضافة الدكتورة هالة حماد الطبيبة الوحيدة المعترف بها في مصر من قبل نقابة الأطباء في تخصص الطب النفسي للأطفال والمراهقين مساء الجمعة 30 أبريل الماضي.
أكدت د. هالة أن مرحلة المراهقة تعد أصعب فترة في حياة الإنسان؛ فهى فترة مزعجة ومهمة وحيوية في حياة أولادنا، ولو فهمناها لأمكننا التعامل مع المراهق بشكل جيد (11 سنة للبنت و13 سنة للولد ويكتمل ذكاء المراهق عند 15 سنة)، وأن نتجاوز معه هذه المرحلة الحرجة بسلام، فالمراهق يريد أن يخرج من البيت ويعود غليهن ويذاكر ويستجم وقتما يريد، وبالشكل الذي يرغب فيه، وليس في الوقت أو بالشكل الذي يريده له الآخرون.
وقالت هالة حماد: أذكر أن مراهقًا حضر للعيادة مع والديه يشكوان منه تمرده عليهما في كل شئ، فرغباته دائمًا في عكس ما يريدان! فجلست ببساطة أتحدث مع المراهق وقلت له: افترض أنك مدير شركة وجاءك موظف يرغب فى العمل لديك ووجدته يقول لك: شروطي للعمل هي مرتب كذا، وأن أحضر للعمل وأخرج منه في الوقت الذي أحب، ولا تختار لي أنت ما أعمله لكن أنا أعمل ما أريد في الوقت الذي أريد، فهل ستوافق على عمله معك؟ فضحك المراهق وقال: بالتأكيد لا. فقلت له: فلماذا تريد أن تجبر والديك على كل ما ترفضه أنت الآن؟ فسكت، وبدأت أشرح له أن الحياة حقوق وواجبات، تأخذ وتعطي، وحريتك في ألا تؤذي الآخرين. وبالفعل بدأ المراهق يستجيب وتنتهي المشكلة تدريجيًا.
جسم رجل وإحساس طفل
وأضافت الدكتورة هالة أن المراهق جسم رجل وإحساس طفل، فهي فترة فيها "لخبطة" للجميع؛ الأب والأم والمراهق، وعن علامات ظهور المراهقة على الطفل كما توضح الدكتورة هالة أن الطفل يبدأ يهتم بمظهره وملابسه، ويكون حريصًا على لبس أشياء غريبة ومختلفة عن والديه في حين تكون نظرة الوالدين للمراهق في هذه الفترة أنه مزعج رغم أنها فترة كلها طاقة وحيوية، والأحاسيس تكون لديه إما أبيض أو أسود فحسب، وهي مرحلة الخناقات والخلافات، والأصل في الأهل في هذه الفترة أن يساعدوا طفلهم على أن يصبح رجلاً، لأن الأطفال في فترة التحول يميلون إلى الإنفصال عن الأهل، ويترتبطون أكثر بأصدقائهم، لذا تجد البنت تقلد صاحبتها في كل شئ، والولد يقلد صاحبه في كل شئ، فهي فترة ارتباك يستكشف فيها الطفل شخصيته ويتسائل دائمًا: ياترى سأكون مثل من؟ (أبي- عمي- عمرو دياب - محمد أبو تريكة، أو أمي –خالتي بالنسبة للبنت..إلخ) وهل أقص شعري زيرو أم أتركه طويل جدًا؟.
وتروي الدكتورة هالة قصة طفلة مراهقة فوجئت والدتها أنها تضع "روج" أسودا و"ماكياج" اسودا وتسرح شعرها بطريقة مستفزة جدًا، لكن والدتها كانت فى منتهى الذكاء فعندما رأتها بتلك الهيئة قالت لها (إيه الحلاوة دي) فتضايقت البنت وغيرت من طريقة شكلها لأنها كانت تتوقع رد فعل مختلف تمامًا من قبل الأم حتى تبدو متميزة عمن حولها وهذه سمة المراهقين في هذا السن، فالمراهق يميل للمجازفة والتجريب والإندفاعية.
الطاعة التامة أسلوب خطأ
وتوضح د.هالة أن بعض المراهقين يكون تابعًا وبعضهم يكون قائدًا، فعلم ابنك المراهق كيف يكون قائدًا، لا تابعًا، ومن المهم أن نعلم الطفل كيف يقول لا حتى يستطيع أن يقول ( لا للمخدرات ولا للعلاقات المحرمة ولا للسيجارة ..إلخ)، فالطاعة التامة في التربية أسلوب خطأ تمامًا، ولابد أن نربي أولادنا على الحوار والنقاش قبل اتخاذ القرار، فمواعيد الأكل والمذاكرة واللعب والجلوس على الكمبيوتر كلها أمور لا تستلزم قرارات فوقية صارمة لكن تأتي بحوار واتفاق ينفذ بحزم، فدرب ابنك منذ صغره على أن يصبح صاحب قرار ولا تكسر إرادته، وهناك خطوط خضر تعني المسموح به، وخطوط برتقالية وهي الأمور القابلة للنقاش، وخطوط حمر وهي الممنوعات.
وضربت المحاضرة مثالاً حيًا من واقع تجربة حياتها الشخصية بقولها: لدي ابن عمره الآن 17 عامًا، وقد عشنا في بريطانيا 12 عامًا وهناك تعود على النوم مبكرًا والاستيقاظ مبكرًا، فلما عدنا لمصر اتفقت معه على أن الساعة 11 مساء هي آخر موعد مسموح له فيه بأن يكون خارج البيت، ولو استجدت ظروف اضطرته للتأخير يتصل بي هاتفيًا للإستئذان في ساعة إضافية، ولو تمت المخالفة فالعقاب سيكون كذا، هنا الأمور لابد أن تكون واضحة ومحسومة.
نربي في زمن الفتنة
وألمحت الدكتورة هالة إلى أن المراهق يعشق النقاش والجدل وتفريغ ما لديه من طاقة ووقت، ولا يمكن لنا أن نتجاهل وجود هرمونات يتم إفرازها في فترة المراهقة تسبب الحزن والفرح المتقلب وغير المسبب، فمرة يبدو مثل الـ"بيبي" ومرة يبدو كبيرًا متصلب الرأي، وهي فترة تكوين العلاقات؛ فالمراهق يريد أن يحب ويحبه الآخرين. مع ملاحظة أننا نربي في زمن الفتنة، فكل شئ ضد من يربي المراهق؛ سواء انترنت أو فضائيات أو موبايل أو تامر حسني! ولا ننسى أن فترة المراهقة يحدث فيها نوع من الانبهار بالشخصيات البارزة فى المجتمع من نجوم الفن والرياضة، فرأى جيل الماضي لا يصلح لتربية جيل الحاضر والمستقبل، والمطلوب هو أن نصل بأولادنا المراهقين إلى نتيجة ما وصل إليه جيل الماضي من تربية وسلوك قويم وخلق حسن لكن بأسلوب الحاضر والمستقبل، لذا أنصح الوالدين بالبعد عن الاتهامات المستمرة للمراهق حتى لا نفقده.
وتقول الدكتورة هالة إن فترة المراهقة هي فترة تكوين الأخلاقيات وفهم ما حولنا من عادات وتقاليد ودين، وتكون لدى المراهق رغبة فى التمرد والاستقلالية والتطور، تقابلها رغبة في وضع القواعد من قبل الأهل الذين يريدون فرض الرأي عليه، فيحدث صدام ولو لم يحدث هذا الصدام فهذا يعني أن هناك شيئًا ما خطأ، وغالبًا الخطأ هو أنك كسرت ابنك وهو صغير!.
المراهق لا ينقصه الذكاء
وأكدت الدكتورة هالة أن المراهق لا ينقصه الذكاء وهو يتحاور مع من هو أكبر منه سنًا، لكن تنقصه الخبرة فقط مشيرة إلى أن المراهق يمر بتغيرات فسيولوجية، فهو يحتاج لعدد ساعات نوم أكثر من ذي قبل، كما يأكل أكثر ولعل ما نلاحظه من قلق وعصبية أو اكتئاب فترة الثانوية العامة على أولادنا لا يمكن تفسيره بعيدًا عن علاقته بتكوينات فترة المراهقة التي تتزامن غالبًا مع هذه الفترة، وقد أثبتت الإحصاءات أن من بين كل 100 مراهق هناك 10 مراهقين يمرون بمرحلة اكتئاب ويحتاجون للعلاج، لذا لا تنصح الدكتورة هالة بأن نبدأ مرحلة الدراسة مع أولادنا مبكرًا حتى لا يكرهوا التعليم، ولو أن هناك تعليم فترة الصغر فليكن باللعب حتى يتحول إلى شئ ممتع وسعيد للطفل، وقالت إن طريقة التعليم في مصر سيئة للغاية، فالطفل حتى سن 12 سنة في بريطانيا لا يذاكر أكثر من ساعة يوميًا ويقضي بقية يومه في اللعب مع النوم المبكر والاستيقاظ المبكر، لذا فأنا لا أنصح-والكلام للدكتورة هالة-بأن تلحقوا أولادكم بالمدارس ذات الواجبات المنزلية الكثيرة، فالطفل المصري طفل تعيس: كل شهر امتحان، وفي نصف العام امتحان، وفي نهاية العام امتحان، ثم يستعد للمدارس قبلها بشهر أو شهرين دروس ومذاكرة.. هذا حرام بالفعل!.
صحبة السوء في فترة المراهقة
وحذرت الدكتورة هالة من صحبة السوء فترة المراهقة حتى لا تفاجأ بطفلك يتجه نحو المخدرات، ففي إحصائية لجامعة خاصة شهيرة جدًا في مصر وجدوا أن 9 من بين كل 10 طلاب يتعاطون مخدر الحشيش خاصة أن الحشيش في مصر "مدعم جدًا"!! لا أدري من قبل من؟! وخطورته أنه يسبب انفصامًا فى الشخصية، وللعلم فإن متعاطي الحشيش لو تركه أول مرة يعود انسانًا طبيعيًا جدًا، لكنه لو عاد للتعاطي مرة أخرى يظل معه الإدمان، ويحتاج العلاج لجلسات كهرباء وتكلفة مادية مختلفة.
لكن كيف أعرف أن ابني مدمن للمخدرات؟ سؤال طرحته المحاضرة وأجابت عليه بقولها: أراقب شخصية ابني: لو أصبح عصبيًا، مزاجه متقلب، رائحته غريبة، ينفق المال بسرعة،هنا لابد أن اهتم واعرف لأن هذه أمور تثير الريبة وليست عادية بالنسبة للمراهق. ولا تنصح الدكتورة هالة باللجوء للدواء الكيميائي في علاج المرض النفسي عند المراهق مثل انفصام الشخصية مثلا مؤكدة أن علاج المشاكل السلوكية عند المراهق يكون أصعب كثيرا منها فترة الطفولة لذا فالوقاية منها مهمة منذ الصغر.
وأنهت الدكتورة هالة حماد محاضرتها بنصيحة للحضور أن يقرأوا كثيرًا عن فترة المراهقة ويهتموا بأولادهم المراهقين.