قطط الرحاب.. ظالمة أم مظلومة؟
محب للقطط: قطط الرحاب مسكينة لأن المدينة نظيفة ولا توجد قمامة تأكل منها.. وهي غير ملوثة.. "دول أولاد ناس بس تاهوا"وأخرى تقترح: إنشاء ملجأ للقطط .. أو أن تمنع من الدخول بطريقة ما.
متضررة من "زوار الفجر": ربما أتحفظ على الطريقة ولكن ما الحل؟ القطط استباحت البيت تدخل وتخرج متى تشاء.. وتأكل ما تشاء!
تحقيق – سمية مصطفى
الحملة التي يقوم بها جهاز المدينة للتخلص من القطط والكلاب الضالة، بوضع رؤوس الدجاج المسممة في الحدائق والمواقف، أثارت ردود فعل متباينة بين سكان الرحاب؛ فبينما رحب الكثير من المتضررين من تلك الحيوانات بالحملة إلا أن هناك من وصف هذا الفعل بأنه لا إنساني، رغم أنه إجراء متبع في بلاد العالم المتحضرة وما يليها في سلم التحضر المتعارف عليه. "رحابي .نت" استعرض آراء عدد من سكان الرحاب فيما إذا كانوا يؤيدون حملة القضاء على الحيوانات الضالة أو يعارضونها؟ وما الحل البديل للمشكلة؟
قطط الرحاب.. مسكينة
هاني سامح - صيدلي يسكن في الدور الرابع في الرحاب منذ 2007، يعلق على الموضوع قائلا:بالتأكيد أنا ضد.. فأنا أحب الحيوانات وأعتبرها فردًا من أفراد العائلة..
عندما حملت زوجتي وطولبت بأن أتخلص من قطتي من أجل الحمل والطفل رفضت بعد أن تأكدت من الدراسات العلمية أنه لا ضرر إلا من حيوانات الشارع، أما الحيوانات المنزلية فلا ضرر منها، ومسألة تسميمها جريمة ترتكب في حق الإنسانية؛ وهي ترتكب من قبل وزارة الصحة وجهات في الدولة الأمر الذي جلب كثيرًا من المشكلات لبلدنا لدرجة أن الممثلة الفرنسية "بريجيت باردو" بعثت خطابًا للسيد الرئيس بخصوص الموضوع، كما عارضته منظمات الرفق بالحيوان وحقوق الحيوان، ومنعت استراليا تصدير الخراف لمصر احتجاجًا على هذه الممارسات، و إذا كانت إمرأة دخلت النار في قطة فكيف بتسميم القطط؟! فهو عمل همجي, وإذا كان لا بد من اقتراح حل آخر فيجب أن نضع في عين الاعتبار أن العالم كله يعاني من هذه المشكلة؛ هناك بالتأكيد حلول كثيرة، و أنا لست مختصًا بها، لكن الشكاوي من القطط موجودة منذ قديم الأزل حتى في عهد الرسول صلى الله عليه و سلم كانت القطط تدخل بيته وتشرب من إنائه، ولكن لم يقل أحد أنه يجب قتلها! وبالنسبة لحالة قطط الرحاب فهي مسكينة لأن الرحاب نظيفة ولا توجد قمامة تستطيع أن تأكل منها ومعظمها قطط شيرازي وسيامي وهي قطط غير ملوثة كقطط الشوارع؛ يعني " أولاد ناس بس تاهوا"
ملجأ للقطط !
السيدة سناء محمد أيضًا من أشد المعارضين لعملية التخلص من القطط بالتسميم، وتحتج على ذلك لأنها طريقة غير إنسانية تمامًا وتعارضها جميع المنظمات، وتضيف: إن هذه الطريقة ليست طريقة الجهاز فقط بل إن بعض السكان يستخدمونها؛ فصديقتي كانت تمتلك كلبًا في حديقتها ولصوت نباحه المستمر الذي يضايق الجيران قام أحدهم بتسميمه. وهي ترى أن الحياة حق لأي كائن حي، وهي تقترح حلا آخر كأن يتم إنشاء ملجأ للقطط بالرحاب أو أن تمنع من دخول الرحاب بطريقة ما.
زوار الفجر
السيدة أم سارة – ربة بيت تسكن في الدور الأرضي، تقول: ربما أتحفظ على الطريقة ولكن ما الحل؟ فالقطط بالفعل تشكل لي مشكلة، فكل يوم صباحًا وخاصة في الشتاء يقيم في بلكونتي ما لا يقل عن ثلاث قطط تنام على مخدات كراسي البلكونة وتترك من خلفها شعرًا كثيفًا وأحيانًا مخلفات من الطعام الذي يتطوع به "أصحاب القلوب الرحيمة" فتحمله لحديقتي وتأكل ما تأكل وتبقى المخلفات في الحديقة وأضطر لتنظيفها، هذا بالاضافة إلى أنني كثيرًا ما أضطر لغسل الملابس المغسولة مرة ثانية بعد أن تجف لأن القطط نامت عليها.
وقد تكرر عدة مرات أن تزحزح القطط بمخالبها سلك الشبابيك لأفاجأ بها في المنزل، كما أنها قطعت سلك شباك المطبخ ودخلت لتأتي على الطعام الموضوع على رخام المطبخ "طبعا هي لا تأكل كل الأكل.. تأكل الفراخ بس" فأضطر لتجهيز أكل جديد، وتركيب سلك جديد؛ يعني خسارة مضاعفة! ومن القصص الطريفة أنه في إحدى الليالي قام زوجي لصلاة الفجر، وهو في الصلاة فوجئ بقطة تمر من أمامه وذهبت للنافذة وخرجت بكامل إرادتها وبمنتهى الهدوء "والقلاطة". ومنذ ذلك اليوم غيرنا معظم السلك في المنزل بدلا من السلك المنزلق إلى سلك ثابت للضلفتين، ولكنها عادت وقطعته! فعلا.. أنا محاصرة بالقطط من جميع شبابيك البيت.. لا أدري ماذا أفعل؟
سيارات جمع القطط
السيدة هنا قدري تشتكي من وجود القطط في حديقتها بشكل دائم وتقول: تتجمع عندي قطط كثيرة منها المصاب بالجرب ومنها المريض، أشمئز من وجودها وخاصة عندما تجلس على أثاث الحديقة وأتمنى أن أتخلص منها ولكن ليس بقتلها حتى لا أرتكب إثمًا، وأعتقد أن الجهاز لو خصص سيارات تجمع هذه القطط كما تجمع البيئة الكلاب من شوارع القاهرة سيكون حلا أفضل.
وهي تحمل الجيران مسؤولية المشكلة لديها فتقول: جارتي في الدور الرابع لا تتضرر من وجود القطط بالتأكيد، وتعاطفًا معها فهي ترمي لها الطعام من الدور الرابع على حديقتي فتتجمع كل القطط لتأكل وتترك البقايا وعندما حاولت مناقشتها قالت: حرام القطط جعانة! فقلت لها الرحمة بالحيوان أولى أم إيذاء الجار؟ فنظرت لي وكأنني إنسانة بلا قلب. بالتأكيد أصحاب شقق الأدوار العالية لا تتأذى كما يتأذى من يسكنون الأدوار الأرضية. أما عن الكلاب ففي صباح أحد الأيام حينما كنت أمارس الرياضة الصباحية هجم عليّ 3 كلاب في إحدى المجموعات القريبة من سور المدينة. بالتأكيد يجب إيجاد حل للقطط والكلاب ولكن بدون قتل.. المتخصصون يجب عليهم إيجاد حل مناسب.
رأي الشرع
حملنا الرأيين وذهبنا إلى الشيخ محمد إمام, خطيب وإمام في وزارة الأوقاف، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف في يوم من الأيام أمام الكعبة المشرفة وقال:" والذي بعث محمد بالحق نبيًا ورسولا إن حرمتك عند الله كبيرة إلا أن إراقة دم مسلم أشد حرمة عند الله تعالى من حرمتك", لذلك كان احترام النفس وعدم ازهاقها شيئًا مقدسًا عند الله تعالى إلا إنه في لحظة من اللحظات يجوز قتل هذه النفس، كما في قوله تعالى:"إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض"، إن كان هذا ما يطبق على البشر فما بال باقي المخلوقات.
العقرب فقط
ويضيف الشيخ محمد إمام: لم يرد في القرآن والحديث إباحة قتل كائن حي إلا فيما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم في قتل العقرب:" لعن الله العقرب لا تدع مصليًا و لا غيره اقتلوها في الحل والحرم", أما في حق أي مخلوق آخر فيجب أن نطبق قاعدة "لا ضرر و لا ضرار"، حتى النمل فقد نهى النبي عن قتله " لا تقتلوا النمل فإنه أمة " إلا إذا أصبح مصدر ضرر ينغص على الإنسان حياته هنا جاز التخلص منه.
الاتزان الكوني
ويضيف: يجب الإشارة إلا أن الإنسان عندما تعدى على الكون و البيئة بالقتل و الإبادة كقطع الأشجار و قتل الحيوانات حصل اختلال في توازن البيئة, فالله تعالى خلق كل شيء بقدر "إنا كل شئ خلقناه بقدر" "أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا", فكل كائن خُلق لمهمة ما، فالقطة تساهم في اتزان الكون من خلال تحكمها في أشياء حكّمها الله فيها، فوجودها مهم إلا إذا حدث منها ضرر، كما أن حدة الضرر يمكن أن تختلف؛ فإذا كان الضرر غير محتمل كحالة إنفلونزا الخنازير أو الطيور هنا لا بد من الإبادة, أما شكاوي الرحابيين من القطط فيمكن إيجاد حل لها لأن ضررها لا يهدد حياة الإنسان أو البيئة ليستدعي قتلها والله أعلى وأعلم.
أما اللجنة الدائمة للإفتاء بالمملكة العربية السعودية فكانت فتواها في هذا الأمر كالتالي: " لا حرج في قتل القطط إذا كانت مؤذية، أو بها أمراض ضارة، إذا لم يتيسر التخلص منها بغير القتل "
فتاوى اللجنة الدائمة ( 26 / 190 ) .