أقسام العقارات والمبوبة والدليل مازالوا تحت التطوير وسيتم الإنتهاء منهم قريباً بإذن الله

 
            أخبار ومقالات     العضوية    
| استعراض كافة المواضيع
 نصائح وإرشادات عقارية
نوع العقار:
في:
رقم الاعلان:
 
إعلانات
قسم إيمانيات

إيمانيات - اسمع كلام الموتى .. واربط الموت بالعمل - 2010-05-18


الشيخ خالد عبد الله

اسمع  كلام الموتى .. واربط  الموت بالعمل

كتبت – أمل أحمد
ضمن سلسلة "تغيير الأنفس" وفي الجرعة الثامنة منها يكمل الداعية الأستاذ خالد عبد الله الحديث في درسه الأسبوعي كل سبت بمسجد أحمد عفيفي بالرحاب، عن القبر أو "البيت الجديد"، واللقطة الأخيرة في الدنيا لندرك بمنتهى الوضوح حقيقة ما نحن فيه. في هذا الدرس يستعرض الشيخ أحوال بعض من عانى الموت ثم كأنه يتحدث إلينا بعد مماته إما عن نهاية حسنة أو غير ذلك، وهو منهج يقصد به معايشة الموت لكبح جماح الرغبات والنزوات.

ولقد كان  عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه  يجعل في مجلسه رجلا أوصاه أن إذا  رآه غضب يأخذه من تلابيبه ويقول  له: اتق الله ياعمر فإنك ستموت. فهل  يعلم كل من تولى مسئولية أنه سيحاسب على النقير والقطمير، على كل صغيرة  وكبيرة علم بها او لم يعلم. وحين قالت المرأة لعمر بن الخطاب وهي لا تعرفه: أيتولى (أي عمر) أمرنا ولا يرعنا!،  أطارت هذه الجملة لبه فهرع يحمل الدقيق والماء على ظهره ليصنع لها ولأولادها الطعام.
ويقول الشيخ  خالد إن تذكر الموت ليس مجرد "كارت شحن" نتواصل به فترة من الزمن ثم ينتهي  الشحن، ولكنها عملية متواصلة تقود إلى تغير السلوك، وقد يحتاج  القلب لتغيير الدواء إذا لم يقع  التأثير المناسب.

اسمع كلام الموتى

من رأى قبرا فإنما رأى أعظم واعظ، وإن كان القبر صامتا فإنه ينطق بلسان الحال، وهنا يستعرض الشيخ تجربة - رصدها أحد الدعاة - لشخص زار المقابر زيارة اتعاظ وتدبر، بل زيارة مريض يبحث عن العلاج والدواء لقلبه، وليس المقصود أن نزور قبور أشخاص نعرفهم، ولكن عموم المقابر لنرى ما جرى للآخرين، عسى أن يبعث ذلك المشهد الحياة في قلوبنا.

على باب المقبرة 

 دخل المريض المقبرة، حيث رائحة الموت في كل ناحية، فإذا على البوابة أبيات من الشعر، والشعر له سحر، وقد تكون الصدمة الأولى من الشعر:

ألا قل لماشٍ على قبرنا      جهول بأشياء حلت بنا
سيندم يوما لتفريطه          كما قد ندمنا لتفريطنا
فويحك كفَّ خطام الهوى    وقَدِّم جميلا تفُز بالمنى

فيا للعجب .. أهذه تحية الزوار هنا؟  ولكن لا بأس. إنه يذكرنا بالهوى، وكم سيطر علينا الهوى فلا نعمل إلا ما يناسبه ولا نريد أن نسمع إلا ما نهوى.. فيا من يجهل ويتبع هواه تذكر ما أنت مقدم عليه.

اجتاز الزائر البوابة ليجد القبر الأول أمامه، وقد علاه التراب، لكنه استطاع أن يقرأ كلمات لم تمحى رغم طول عمر المقبرة،  دقَّق النظر فوجد مكتوبا:

قف واعتبر فكأنْ    قد حللت هذا المحلا
هذا مكان يساوي    فيه الأعز الأذلا
ما كان لي من صديق  إلا جفاني وملا
وما جفاني ولكن       طال المدى فتسلى

أنسمع الكلام دون أن يترك فينا أثرًا؟ ويمر الزمن دون فعل حتى يقسو القلب؟ ألا نجد في الموت واعظًا؟ ألانعلم أن الأصل هو الموت " هو الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً" فالموت أولا..

ثم مر الزائر على القبر الثاني الذي كان لشاعر فضح أصحابه في وجوههم قبل موته وقد اجتمعوا حول سريره وهو يحتضر، وفضحهم بعد موته بأن أوصى أن يُكتب على قبره:

وعما قليل لن ترى لي باكيًا..سيضحك من يبكي ويُعرِض عن ذكري
ترى صاحبي يبكي قليلا لفرقتي.. ويضحك معْ غيد الحسان على قبري
ويُنشئ إخوانًا وينسى مودتي.. وتشغله الأحباب عني وعن ذكري

وهنا يشدد الشيخ خالد عبد الله على صحبة الصالحين، ويحكي أنه كان له صديق مات، وبعدها ذهب للحج وهناك قابله شخص لا يعرفه وبادره بالقول: لا تنس الدعاء لفلان، أي لصديقه الذي مات. بعدها تكرر الموقف في إحدى العمرات وإذ بشخص يلقاع في مكة ويذكره بالدعاء للشخص نفسه. فهؤلاء الأصحاب والأحباب الذين تحابوا في الله، اجتمعوا عليه وتفرقوا عليه، موقفهم مختلف عمن اجتمع على هوى أو لذة مؤقتة أو غاية دنيا.

القبر الثالث: أما ساكن القبر الثالث فقد استبق الأحداث، وتنبأ بما سيجري في المستقبل، وتأكَّد أن مصيره أن يطوى في مجاهل النسيان، فأوصى أن يُكتب على قبره:

ملَّ الأحبة زورتي فجُفيتُ.. وسكنتُ في دار البلى فنُسيت
الحي يكذب لا صديق لميِّت..  لو كان يصدق مات حين يموت
 حقًا لقد أخطأ من أحب حبيبًا يموت.. وعليه أن يحب حبيبَا لا يموت

ومر زائر المقبرة  على قبر رابع وكان صاحبه وكان طبيبًا غارقًا في النعيم فأوصى وهو الذي طالما شفى وداوى أن يُكتب على قبره:

ترحَّم بفضلك يا واقفا.. وأبصِر مكانا دُفِعنا إليه
تراب الضريح على صفحتي.. كأنيَ لم أمشي يوما عليه
أداوي الأنام حذار المنون.. فها أنا قد صرتُ رهنا لديه

فأين القبور من عهد عاد؟

القبر الخامس: كان صاحب القبر الخامس رجلاً أطال الأمل فأساء العمل، تأخر الوقت عليه فما أفاق إلا في الوقت الضائع، وتاب..عند رؤية ملك الموت! فأراد أن ننتفع بتجربته إن فاته هو الانتفاع منها، وأن نعمل بعد أن أضاع العمل، وأن نجتهد ما دامت فينا الروح:

يا أيها الناس كان لي أملُ.. قصَّر بي عن بلوغه الأجل
فليتق الله ربه رجلٌ.. أمكنه في حياته العمل
ما أنا وحدي نُقلت حيث.. تروا كلٌّ إلى مثله سينتقل

ولسان حاله يقول" رب ارجعون لعلي أعمل صالحًا فيما تركت" أو يقول" لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين" فلم العودة وها نحن أمامنا الفرصة، وقد "أعذر الله لرجل عمره ستين سنة"

القبر السادس: وبعد أن مر الزائر على المقابر الخمس بدأ يلمح فاعلية هذا الدواء وأثره على القلب ودوره في إعادته إلى الصحة المنشودة وتنسمه لنسيم الهداية، فازداد عزما وحماسة على إكمال المشوار، والاستمرار في تلقي رسائل الأموات، فمرَّ على القبر السادس، فوجد هذه الأبيات منقوشة عليه فكأن صاحبه كان ملكا مطاعا أو أميرا في قومه حتى انتزعه الموت من هذه السطوة، وألقى به في القبر، فأيقن أن الدنيا وإن بلغت به أعلى مراقيها فلابد أن ينزل به الموت إلى أدنى مهاويها:

الموت أخرجني من بيت مملكتي.. والترب مُضَّطجعي من بعد تشريف
لله عبد رأى قبري فأعبره.. وخاف من دهره ريب التصاريف
هذا مصير بني الدنيا وإن نعموا فيها وغرَّهم طول التساويف
أستغفر الله من جرمي ومن زللي وأسأل الله فوزا يوم توقيف

واستمرت الرحلة حتى وصلت إلى القبر السابع ، وكأن ما كتب عليه أشبه بالبكاء والمداد الذي كُتِب به هو دموع صاحب هذا القبر:

ما حال من سكن الثرى ما حاله.. أمسى وقد صُرِمت هناك حباله
أمسى ولا روح الحياة يصيبه.. يوما ولا لطف الحبيب يناله
أضحى وحيدا موحشا متفردا.. متشتتا بعد الجميع عياله
أمسى وقد بَلِيَتْ محاسن وجهه.. وتفرَّقت في قبره أوصاله
واستبدلت منه المجالس غيره.. وتقسَّمت من بعده أمواله

وكأنه يسترجع قولة علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أما الدور فقد سكنت، وأم الأزواج فقد نكحت

وفي القبر الثامن كان هناك شخص تنبأ يما سيفعله أهله من بعده، سيذكرونه يوما أو يومين، فإن علا قدره فشهرا أو شهرين ، ثم يكون ما كتب:

وأصبح مالُك المجموع نهبا وعطِّل بعدك القصر المشيد
وصار بنوك أيتاما صغارا وعانق عرسك البعلُ الجديد

ثم مر الزائر على القبر التاسع وكان في بستان كثير النخل والشجر، لكن هل كان الأمر كذلك تحت الأرض؟! اسمعوا ما كتب صاحب هذا القبر لتعرفوا:

كم ساكنٍ في حفرة يبلى جديد جماله
ترك الأحبةَ بعده يتلذَّذون بماله


وكان القبر العاشر آخرها، وكان صاحبه مدفونا على قارعة، وقد أوصى بدفنه في هذا المكان ليترحم عليه كل من يمر على قبره، وأوصى أن يُكتب على القبر:

بقارعة الطريق جعلتُ قبري لأحظى بالترحُّم من صديق
فيا مولى الموالي أنت أولى برحمة من يموت على الطريق

بعد هذه التجربة النادرة – التي لو مررت بها فستجد أثرها- يأتي علاج جديد وهو:ربط الموت بالعمل

على المسافر أن يستعد للرحيل، ويبادر بالعمل حتى لا يقع تضره المفاجأة، "ومن احتدت عين بصيرته زاد في الجد وأحسن اختيار الزاد"

إن كل امريء على ما قدَّم قادم، ولا بد لمن ذكر الموت حق ذكره أن يظهر ذلك على عمله جليا، فما الذي ظهر على عملك؟.
لقد أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نذكر الموت في صلاتنا، فنصلي صلاة مودِّع، وعلينا أن نفهم ما وراء تلك الوصية، فإذا تصدق المرء ذكر الموت فأخلص وأكثر ثم تواضع وخشع، وإذا ظلم ذكر الموت فتاب وأدى الحقوق إلى أهلها لا ينتظر لأن الموت لن ينتظر، وإذا دعا ذَكَر الموت فدعا من القلب وكأنه آخر دعاء له في حياته

كمْ نطلبُ الله في ضُرِّ يحِلُّ بِنا فإنْ تولَّتْ بلايانا نَسِيَناهُ
ندعوه في البحرِ أنْ يُنْجي سفينتَنا فإنْ رجعنا إلى الشاطي عصيناهُ

ونركبُ الجوَّ في أمنٍ وفي دَعَةٍ وما سقطْنا لأنَّ الحافظ اللهُ

وإذا سارت حياة الإنسان على هذا النسق وغمرتها هذه الروح في كل جنباتها أحب لقاء الله، كما فعل أبو الدرداء الذي قال: ما من مؤمن إلا والموت خير له، فمن لم يصدقني فإن الله تعالى يقول: " وما عند الله خير للأبرار" (آل عمران 198)، وكما قال حيان بن الأسود: الموت جسر يوصل الحبيب إلى الحبيب.

 

عدد الزيارات 169

 

التعليقات
 
لا نوجد تعليقات مضافة

 

الرئيسية | افتتاحية الموقع | أهداف الموقع | من نحن | اتصل بنا | انضم الينا | أعلن معنا