أحكام الإعراض عن دين الله.. والشماتة في المسلمين.. وسب الدين
كتبت – أمل أحمد
في درس الأربعاء الماضي الثاني من يونيو اختتم الدكتور الشيخ عمر عبدالعزيز القرشي حديثه عن مظاهرالردة عن الإسلام، لينهي بذلك "الأبجدية الأولى" من أبجديات العقيدة الإسلامية. وقد تناول في هذه الحلقة بعض مظاهر الردة ومنها: الإعراض عن دين الله، وسب الدين وإنكار نعم الله ورفع الصوت على النبي صلى الله عليه وسلم.
الإعراض عن دين الله: فلا يتعلمه المرء ولا يعمل به، وقد ورد في مثل هؤلاء قوله تعالى: ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها ونسي ما قدمت يداه إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرًا وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذًا أبدًا" (الكهف 57 ) " "ومن أظلم ممن ذدر بآيات ربه ثم أعرض عنها إنا من المجرمين منتقمون" (السجدة 22)، وهذا الإعراض كفر بعد إيمان وردة بعد إسلام. وهو بذلك يكون قريبًا من صورة كفر الإعراض، لكنه يصنف هنا ضمن مظاهر الردة، كونه كان مسلمًا.
ومن مظاهر الردة: الرضا بفشو المنكر وانتشاره والعمل على ترويجه في الأمة. إن أمة الإسلام لها خاصية أنها خير أمة أخرجت للناس " كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون" (آل عمران 110).. وقد قدم الله تعالى ذكر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الإيمان بالله لأن الإيمان عام وقاسم مشترك بين الإسلام والرسالات التي سبقته، لكن أمة الإسلام اختصها الله بفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإن قامت بها فهي خير أمة وإن تركتها فلا خيرية لها. فالواجب على هذه الأمة أن تأمر بالمعروف وأن تنهى عن المنكر فإن تركته فهي مقصرة، أما أن يحدث العكس كأن يدعو البعض للمنكر وينهى عن المعروف فتلك من مظاهر الردة. فهناك من يفرح كلما وجد فشوًا وانتشارًا للمنكرات، ويتكلم عن مظاهر الفسق والفجور بسعادة ورضا، ويدفع المجتمع المسلم إلى ذلك حتى وصل إلى الحال الذي تردى إليه، وظهر فيه اناس خلت قلوبهم من أصل لإيمان، وظهرت مدارس هدامة تنخر في جسم الأمة كالسوس.
ومن مظاهر الردة: إظهار الشماتة في الإسلام والمسلمين، والفرح والسرور لانتصار أعداء الإسلام، فكلما سمع عن محنة في العالم الإسلامي رقص قلبه فرحًا، وإذا بطش بعض الكافرين بالمسلمين مستغلين ضعفهم وقلة حيلتهم أبدى الارتياح. وأشار الشيخ إلى أن ما يحدث هو أن أهل الكفر وجدوا سبيلهم إلى أهل الإسلام، لكنهم لا يجدون سبيلاً لأهل الإيمان، تصديقًا لقوله تعالى:" ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا" (النساء 141) لأن المسلمين إذا لجأوا إلى الله تعالى واعتصموا بكتابة وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، لما تمكن منهم أعداء الإسلام " وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنًا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون" (النور 55)
فالشرط اللازم هنا هو عبادة خالصة لله دون إشراك، ولو عمل المسلمون بذلك ما تغطرس عليهم اليهود وغيرهم، ولا بادروا بالعدوان كما فعلوا مع سفن المساعدات الإنسانية التي كانت متجهة إلى غزة.
ومن مظاهر الردة سب الدين أو الملة – والعياذ بالله - وقصد بها الشريعة والأحكام التي شرعها الله لعباده على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم. وقد وضع قيد أن يكون المقصود هو سب الشريعة بسبب فشو وانتشار كلمات سب الدين حتى أصبحت شائعة بشكل كبير على لسان كثير من العامة، ولو رُفع هذا القيد لخرجت من الملة كثرة كاثرة من المسلمين؛ فربما لم يقصد المتكلم سب الدين بمعنى الشريعة، أو اعتاد الكلمة، أو سمعها ولم يدرك معناها، وربما قصد سب الشخص، لا دينه، أو أراد إيذاء الشخص أو ديدنه.
ومع ذلك لا نبرئ ساحة من سب الدين، وإنما تقام عليه الحجة؛ فإن قصد دين الله كان كافرًا، وإن أراد الشخص وسلوكه لا يطبق عليه الحكم، لأن الحكم لا يطبق إلا باستيفاء الشروط وامتناع الموانع.
ومن مظاهر الردة: عدم اعتراف الإنسان أن كل نعمة هو فيها؛ ظاهرة أو باطنة، حسية أو معنوية، صغيرة أوكبيرة هي من عند الله، إذ لا يجوز نسبة النعمة لغير الله سبحانه وتعالى، فلا يقال مثلا فلان ولي النعمة، لأن النعم من الله " ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير" (لقمان20)
" (النحل 18) " وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الله لغفور رحيم
.
ومن المظاهر أيضًا اعطاء غير الله حق التشريع والحاكمية والأمر والنهي والتحليل والتحريم، أو الاعتقاد أن حكم غير الله أفضل من حكم الله تعالى، أو أن جهة أو شخصًا يستطيع أن يحل أو يحرم " أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ولولا كلمة الفصل لقضي بينهم وإن الظالمين لهم عذاب أليم" (الشورى21)
"ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون" ( النحل 116)
وأيضًا: استحباب الحياة الدنيا على الآخرة، وأن تكون الدنيا هدفه الوحيد " أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون" (هود16)
وأيضًا: سوء الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم برفع الصوت عليه "ياأيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون" (الحجرات 2)، وقاس العلماء على ذلك رفع الصوت على سنته، فما بالنا بمن أنكر سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ومن يسمون أنفسهم بالقرآنيين، والقرآن منهم براء