طبيب من الرحاب دخل غزة تحت القصف يتذكر
• أول ما استقبلنا على المعبر قنبلة سقطت أثناء تأديتنا للصلاة.
• ما يحدث الآن ضعف عربي.. أمام قرصنة إسرائيلية.
• الشعب الفلسطيني لا يبالي بالحياة الدنيوية.
• الفلسطينيون يشكرون المصريين ويدعون لهم عقب كل صلاة.
حوار- سارة طارق
من أجل كسر و إنهاء الحصار الجائر الذي فرضته إسرائيل منذ عام 2006 على قطاع غزة بفلسطين المحتلة لتجعل منه أكبر سجن في العالم، و بعد استعدادات استغرقت أشهرًا انطلقت القافلة البحرية التي نظمتها هيئة الإغاثة والمساعدات الإنسانية التركية تحت شعار "وجهتنا فلسطين..حمولتنا المساعدات الإنسانية". وكان الأسطول يتكون من عدد من السفن؛ ترفع أعلام عدد من الدول وعلى متنها ما يقارب 750 شخصًا.
وفي المياه الدولية المسموح بالمرور فيها للجميع، وفي عملية قرصنة تعبر عن تكبر وغطرسة لا حدود لهما، وضعت إسرائيل نهاية دموية لرحلة "قافلة الحرية"، باقتحام قوات خاصة تابعة للبحرية الإسرائيلية مدعومة من الجو، كبرى سفن القافلة "مرمرة" التي كانت تحمل 581 متضامنًا – معظمهم من الأتراك، مخلفة عشرات القتلى والجرحى، كما سيطرت على القوارب الخمسة الأخرى. وبعدها بأيام واصلت إسرائيل أعمال القرصنة بالاستيلاء على السفينة الأيرلندية "راشيل كوري" التي كانت متحهة أيضًا إلى غزة لكسر الحصار الظالم الذي تفرضه إسرائيل عليها.
"رحابي . نت" يستضيف ح.س طبيب مصري من سكان الرحاب، سبق له أن ساهم في قوافل المساعدات الإنسانية لغزة، ودخلها تحت القصف، وهو يفضل عدم الكشف عن اسمه، لأنه لم يفعل سوى الواجب الإنساني.
- منذ متى وأنت تقطن في الرحاب؟
- منذ عشره أعوام، أنا من أوائل ساكني الرحاب
- وكيف سمعت عنها؟
- بالصدفة، من أصدقاء لي.
- وهل نالت إعجابك خلال هذه الأعوام؟
- نعم، جدا
- هل لك أي تحفظات عليها؟
- لا، نهائيا
أسبوع على الحدود
- بصفتك طبيبًا مصريًا خضت تجربة شجاعة قادتك إلى الأراضي المحتلة، هل يمكن أن تقص لنا تجربتك؟ ما دوافعك للذهاب لغزة؟
- الحــرب التي شنتها إسرائيل على غزة.
- هل واجهتك صعوبات في عبور الحدود المصرية الفلسطينية؟
- نعم، لقد بقينا على الحدود لمدة أسبوع، وذلك لغياب الموظفين على الجانب الفلسطيني نظرًا للحرب.
- وما أول ما صادفكم هناك؟
- عندما تمكنا من العبور كان ذلك في وقت صلاة المغرب، وأثناء تأديتنا للصلاة سقطت قنبلة على المعبر، ثم استقللنا باص (حافلة) من رفح إلى خان يونس وأثناء ذلك كانت الصواريخ تتساقط واحدًا تلو الأخر خلال طريقنا إلى المستشفى.
- وكيف كان المشهد هناك؟
- حال وصولنا تم توزيع الأطباء، وبدأنا بالعمل فورًا.
- ما أكثر المشاهد الإنسانية التي واجهتك و التي مست قلبك وعلقت بذاكرتك؟
- طفل يبلغ من العمر 12 عاما وكنت موكلا ببتر ساقه، فسألته هل أنت خائف؟ فرد عليّ بنظرة ملؤها التعجب وقال:نحن لا نعرف الخوف!!
- هل كنت تتوقع ألا تعود؟
- نعم، فهدفي الأساسي كان الذهاب لنيل الشهادة.
شعب "رجالة"
- هل يصور لنا الإعلام حقيقة ما يدور هناك؟
- المشهد هناك " أرجل " مما نراه على الشاشات، والفلسطينيون شعب مترابط ومتماسك.
- في رأيك..ماذا وراء هذا الترابط؟
- العقيدة القوية؛ فالناس هناك لا يبالون بالحياة الدنيوية،حتى الأمهات يستعوضن أبناءهن عند الله.
- كيف كانت سمة تعامل المواطنين معكم؟
- لقد كانوا ممتنين جدًا لقدومنا لمساعدتهم، وأظهروا كل العرفان والتقدير، فقد كانوا يشكروننا ويدعون لنا عقب كل صلاة في المسجد وغير ذلك الكثير، فقد رفض أحد بائعي المحلات تقاضي سعر سلعة اشتريناها، امتنانًا.
- كم كان عددكم؟ وهل كان هناك غيركم من الأطباء؟
- كنا حوالي 30 طبيبًا مصريًا، لم يكن هناك أطباء آخرون في الوقت الذي ذهبنا فيه والذي كان وقت الذروة، فقد كان محظورًا علينا التجوال أو الخروج من المستشفى لأننا كنا مستهدفين! أما بعد هدوء الأوضاع قثد جاء آخرون من سورية والعراق وغيرهما
شعب لا يخاف
- ما مدى الخراب الذي أصاب قطاع غزة؟
- خراب فظيع لا يوصف؛ و مع ذلك فإن الشعب الفلسطيني صامد أمام كل القصف و الهجوم، وأكثر ما كان "يفزعهم" أنه بعد القصف مباشرة يذهب الشباب للعب الكرة! فهم شعب لا يخاف، حتى الأطفال يستقبلون خبر وفاة أقاربهم و إخوانهم بالإيمان و الصبر، فأنا أذكر أن أمًا لطفلين فلسطينيين قد توفيت و عندما علما كان ردّهما: "أمنا ليست أعز علينا من الله، إنا لله وإنا إليه راجعون"
- وهل كان المستشفى مزودًا بالمعدات الطبية اللازمة؟
- نعم وعلى مستوى جيد.
- وما تقييمك للأطباء الفلسطينيين؟
- في نطاق الإصابات والحوادث هم جيدون جدًا، ولقد كانوا يستعينون بخبراتنا في نطاقات أخرى.
- ما طبيعة التواصل الحالي بينك وبينهم إذا وجد؟
- العلاقة طيبة؛ فالكثير منهم لايزالون على تواصل معي، و نقوم بعمل محاضرات طبية عن طريق نقابة الأطباء من حين لآخر.
- هل تعيد هذه التجربة مرة أخرى إذا سنحت لك الفرصة؟
- بالطبع.
قرصنة يهودية
- ما تعليقك على الحادثة الأخيرة؟
- قرصنه يهودية لتوصيل رسالة للعالم أنه غير مسموح بالاقتراب من قطاع غزة بغض النظر عن الأرواح المهدرة، وهذه شيمتهم، بل إنهم يضحون باليهود أنفسهم، فلقد أغرقت العصابات اليهودية أول سفينة للمهاجرين اليهود في سبيل الوصول إلى أهدافهم.
- هل تتوقع تصعيد الموضوع؟
- لا، فالسكوت أصبح طبع العرب! والعدو لا يحترم إلا القوي، ونحن ضعفاء.