الرحاب بعيون سعودية.. حوار يتسع ليشمل حالة مصر كلها
• الرحاب تطبيق عكسي لسلبيات مناطق القاهرة.
• يجب أن يكون للسكان عائد من أرباح المطاعم تعويضًا عن الاستغلال السلبي للرحاب.
• رسالة تحفيزية للزوجة: إذا لم تفعلي.. فستفعل ذلك واحدة أخرى!
• الزوج ليس مضمونًا حتى مع وجود الأطفال .. "ولو لاقيه زوجك مهمًا ابذلي مجهودًا بالاهتمام به"
حوار : سمية مصطفى
عرفنا بنفسك..
عبد العزيز عبد الله, سعودي الجنسية, مهندس مدني متخصص في إنشاء المطارات, أسكن في الرحاب منذ عامين .
كيف جئت إلى الرحاب؟
عن طريق صديق لي كان يسكن هنا، وكنت قد قمت بزيارته مرة و أعجبتني.
ما رأيك في الرحاب؟
الرحاب مدينة رائعة كمشروع تطبيق عكسي لجميع السلبيات التي نراها في باقي مناطق القاهرة, وهي تتميز بأسلوب حياة أقرب للنظام الغربي, فهي منطقة نظيفة محاطة بأسوار, و لكن الآن أرى مستواها في طريقه للانخفاض, وإذا استمرت على نفس الهبوط سأتركها بالتأكيد.
السوق .. مرتع للفئران
ما الذي تراه سلبيًا؟
الزوار ؛ كالشباب المحتلين للفود كورت، وأفعالهم المزعجة، والمشاهد والألفاظ التي أضطر لسماعها أنا وزوجتي عندما نكون هناك، مع أنها من الخدمات التي من المفترض أن يتمتع بها سكان الرحاب أنفسهم وليس الزوار، فأبواب الرحاب المفتوحة أمام الخارج والداخل جعلت الرحاب مرتعًا لكل الناس على اختلاف طبقاتهم وممارساتهم, ولذلك يجب أن يكون للسكان عائد من أرباح هذه المطاعم تعويضًا عن الاستغلال والاستهلاك السلبي للرحاب, كذلك المواصلات الداخلية والخارجية بها الكثير من التجاوزات؛ فالمحصل لا يتبع اللوائح عند قطع التذاكر، والباصات أصبحت لا تلتزم بالمواعيد.
وماذا أيضًا؟
فيما يخص السكان أنفسهم أرى أن ظاهرة الكلاب أصبحت شيئًا مزعجًا للغاية؛ فالكثير من مقتني الكلاب لا يجيدون التعامل معها ولا يتحملون مسؤوليتها، فكل صاحب كلب يجب أن يلتزم بإزالة جميع مخلفاته، كما يجب أن تكون هناك قوانين، وتوقيع مخالفات لكل من يخرق هذا البند أو ذاك, فالغطاء الأخضر من أكثر ما يميز هذه المدينة ويجب أن يتم الحفاظ عليه بكل الوسائل, أيضا هناك القيادة الخاطئة وبدون رخصة للقصرّ داخل الرحاب، لذلك فأنا من أشد المعترضين على إزالة المطبات العكسية التي كانت توضع عند مدخل السوق ومدخل كل مجموعة, لأنها كانت تنظم السير وتمنع السير العكسي، الأمر الذي يحمي سلامة أولادنا وأقاربنا, بالإضافة للسوق الذي أصبح مليئًا بالتعديات، ويفتقر للنظام والنظافة، فهو مرتع للفئران ولا يوجد رقيب عليه.
وما الحل من وجهة نظرك لتحسين الوضع؟
أقترح أن تكون هناك نخبة من السكان ممن يعرف عنهم حسن السلوك ويكونون موضع ثقة، يكون لهم اتصال مباشر مع جهاز المدينة وإذا رأى أحدهم أي تعديات أو تجاوزات سواء من العاملين أو السكان يقوم بالتبليغ مباشرة ويتم اتخاذ قرارات صارمة مع المتعدين, فالسكان أنفسهم يجب أن يتحركوا ليمنعوا الفساد من الانتشار في المدينة.
مصر كانت أم الدنيا
لماذا تعيش في مصر ؟
أستطيع أن أصف نفسي بأنني "غجري" ذو ماضي غير تقليدي، وغير مرتبط بأرض، عشت كل سنين حياتي متغربًا، بعضها في أمريكا وبعضها في الصحراء بين البدو وبعضها في الحضر، أفق حياتي واسع. ومصر من أكثر البلاد العزيزة على قلبي وقد ذكر الله في القرآن الكريم "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ "وبما أننا مسلمين؛ فالآية واضحة ولا "يبغى لها" نقاش، الاستعمار هو من وضع الحدود السياسية من 70 سنة لكن قبل ذلك لم يكن هناك فرق بين أن يعيش عربي في مصر أو العراق أو السعودية.. حتى أن الزواج يفضل أن يكون من قبيلة اخرى من أجل تطوير النسل، الزواج من قبيلة أخرى هو أصل الزواج، هذا الأمر غير منكر .. ومؤيد بالدين.
بما أنك تعيش في مصر.. فكيف تراها؟
أنا أذكر منذ 30 سنة كانت مصر فعلا " أم الدنيا"؛ ليس فقط للوطن العربي بل لكثير من العالم, فالمصريون كانوا الرواد في كل شيء ففي السعودية كان المعلمون مصريين وكذلك الأطباء والمهندسون, وكان الناس من شتى بقاع الأرض يأتون لطلب العلم من جامعاتها, والبلد كانت تحفة معمارية على مستوى حضاري عالي, لكن للأسف الآن الوضع مختلف تماما فنحن عندما نتكلم عن مصر الآن نتحدث عن ازدحام وتلوث وأمراض وفقر وفساد على جميع المستويات فأنا حزين جدا لما آلت إليه أحوال هذا البلد.
حتى الوعي الديني في مصر انحدر, فقبل 20-30 سنة كان لدى الناس وحتى البسطاء منهم وعي ديني ومبادئ إسلامية أكثر من الآن, فأنا أذكر في يوم عقب صلاة الجمعة أن قمت بسؤال شاب كان يجلس بجانبي" لماذا أنت مسلم؟" فكان الجواب لأن أهلي مسلمون ولأني أريد دخول الجنة!!, سطحية الشباب تجاه الدين واهتمام الأهل بالمادة وانفتاح المجتمع على الغرب والتقليد الأعمى لكل ما يرد إلينا من أكبر الأسباب في تخلفنا. لماذا لا يتم استخدام سلاح الخطبة بشكل فعال؟ مساجد الرحاب من أجمل ما يميزها، ويوم الجمعة يكون الحضور رائعًا, أرى أننا لو قمنا بانتقاء الخطب فيما يساهم في رفع مستوى الإسلام في نفوس الشباب وحتى رفع مستوى الخدمات في الرحاب أيضًا ستكون وسيلة فعالة.
لا سبب لتدهور مصر
هناك مقولة إنجليزية:"أطباعنا وعاداتنا هي نتيجة لظروفنا"، فكل منطقة في الوطن العربي تميزت في العشرين سنة الأخيرة حسب الوضع الاقتصادي والثقافي والتعليمي الحادث بها، وهذا ما أثر على المصريين من الناحية الثقافية والتعليمية، وعلى إحساسهم بالجمال والنظافة، لا اقصد أن انتقد ولكني حزين، فبلد مثل مصر يجب أن لا يجوع، وعنده كل الموارد الطبيعية التي وهبها له الله والثروة البشرية ونوع البشر والنيل.
الماليزيون منذ 30 سنة كانوا يرسلون الطلاب ليتعلموا هنا في مصر، والآن المصريون يسافرون ليتعلموا هناك في ماليزيا. كيفية التعليم تغيرت، وبرغم أن الشعب المصري متعلم لكن مستوى التعليم لا يجعله يقارن بشعوب أخرى لديها تقنيات وإمكانات أعلى، إن الجامعي ليست لديه ثقافة.. أفلامكم في الستينات تبين مظاهر العز والصناعة والنظافة التي اختفت الآن بعد خمسين سنة. للأسف مصر ماشية بالسلب دون سبب مقنع، أنا لا أرى سببًا جوهريًا لتدهور حال مصر.
تكامل إيجابي
كيف ترى زواج المصريات من خليجيين وما يثار حوله؟
أرى أن الزواج عملية تكميلية وتبادل منافع، وإذا تم ذلك في داخل النطاق الشرعي والديني كالسكن والرغبة في الاستمرارية فلا بأس به. المرأة تبحث عما ينقصها، والرجل كذلك، وببساطة لو تم هذا مع أي شخصين يضمن استمرارية الزواج ونجاحه. ولكن لو كانت للرجل أهداف أخرى غير شرعية فإن قصة الزواج تتحول إلى شيء آخر، وهذا ما يسبب المشاكل التي نسمع عنها من زواج خليجي من مصرية وتركه لها بعد إنجابها. القصة في الأشخاص السيئين من الطرفين فالأب الفقير يحتاج من يخرجه من الفقر فيبيع عياله، والغني الخليجي يستغل الناس ضعيفة النفوس بماله لتحقيق رغبة بعيدة عن الشرع، وللأسف فالشر يعم والخير يخص. احنا اللي استعملنا الظروف الغلط لأهواء غلط بعيدة عن الدين.
ولكن لو تحدثنا عن التكامل الإيجابي بين الشعبين، لرأينا المصريين الذين سافروا الخليج ورفعوا مستواهم بأسلوب شرعي، ولرأينا حالات زواج ناجحة كان الهدف فيها مقدس وشرعي. لماذا لا نناقش السلبيات في مثل تلك الزيجات ونقضي عليها ولا نحكم من البداية على فشلها وسلبيتها ونحاول منعها؟. أنا أرى أن من يناقش هذا الموضوع في "الميديا" غير حيادي، كم من الطلاقات وهروب الزوج وأطفال الشوارع التي نتجت عن زواج من جنسية واحدة؟. لنقارن عدد هؤلاء بعدد ضحايا الزواج من جنسية أخرى، وهنا يكون المقياس الحقيقي لحجم المشكلة. الدول والأنظمة الحالية "البعيدة عن تطبيق الشرع" تحارب هذا الزواج بدلا من وضع ضوابط تساعد على إنجاحه طالما حلله الله.
تطوير جيني
وهل ترى إيجابيات لتلك الزيجات؟
أرى أن الزواج من جنسيات متعددة عربية يمثل الوحدة السياسية الشعبية بين الشعوب العربية التي لم تحققها الأنظمة.
بالاضافة إلى أن نتاج الزواج من نفس المجتمع والبلد مثل عيوب الجينات التي تتزايد في زواج العائلة الواحدة، فعيوبنا في القطر الواحد هي هي، لكن لو كان الزواج من خارج المدينة أو البلد أو حتى القبيلة ذوي العيوب المختلفة لتحسن النسل وتطور.
عامةً، دعينا نتحدث عن الزواج بصفة عامة، فالجنسية لا تؤثر، فالمرأة المصرية مثلها مثل الخليجية المطلوب منهن أن ينظرن للزواج كأمر يحتاج إلى بذل مجهود وتضحية من أجل إنجاحه.
منافسة حادة
إذًا ..ما مقومات الزواج من وجهة نظرك؟
كفاح من الطرفين وليس تحصيل حاصل، فالعالم الآن مليء بالضغوط النفسية والرجل يحتاج لمرأة تريحه وتساعده بعد الضغط النفسي الذي يقابله خارج المنزل. مع وجود روح المنافسة عند المرأة لتظل مميزة في عين زوجها مع التنافس الرهيب مع السكرتيرات والفنانات في التلفزيون.
وهل المرأة الشرقية لديها روح المنافسة تلك؟
من تجربتي مع النساء، لو المرأة "حطت حاجة في دماغها " تصل لها مهما حدث، لكن المشكلة هذه الأيام أن المرأة اليوم سهت عن سلاحها وأصبحت تستخدم سلاحًا تدميريًا لذاتها، سلاح المرأة الوحيد نعومتها وشكلها، أما الصراخ والصوت العالي والقوة، فحتى لو استسلم له الرجل لحظة تظل بداخله ذكرى سلبية تظهر فجأة ولو بعد حين.
لكن لو نظرت المرأة للأمر على أن الدنيا غابة، والاستمرارية للأصلح، فستهتم بنفسها وزوجها دائما ولا تغفل "فلا تحوم حول الحمى "، وتعلم دائما أن If you don’t.. somebody else will do.
"إذا لم تفعلي.. فستفعل ذلك واحدة أخرى"
وعلى الطرفين أن يكون مستعدًا وحريصًا على إقامة الزواج، متيقظًا لرغبات الطرف الآخر، وعلى استعداد لتقديم ما يستطيع تقديمه؛ الرجل والمرأة. فضمان الزوج ليس حقيقة حتى بعد الإنجاب ووجود اطفال، " لو انت لاقياه مهم ابذلي مجهود في الاهتمام به"
كل هذه الأمور في ديننا، ولكن فقط نحتاج الوعي مع العمل، فالمثقفون كثر ولكن من يعمل بهذه الثقافة قلة، 60% حالات طلاق في كل المجتمعات الشرقية حتى المتزوجين من نفس الجنسية، وهذا دليل على أن هناك خطأ ما في التربية والنشأة وأسس الزواج.
نعلم أنك " رحالة" ما البلاد التي تأثرت بها؟
زرت بلادًا كثيرة, و عشت في أمريكا لمدة 12 سنة في جنوب كاليفورنيا وهي من أجمل ما خلق الله في العالم بالاضافة للنظام والالتزام الذي تتمتع به هذه البلاد، فهي إسلام بلا مسلمين، وكل من يستطيع العطاء مرحب به في تلك البلاد.