د.طارق درويش يشرح معنى النجاح والمرونة في الحياة
* هناك أربع شخصيات متواجدة بداخلنا جميعًا بنسب متفاوته.. تتغلب أحداها على الآخرى لتكون شخصيتك أنت
كتبت: نسمة جاد
نظم المركز الثقافي بنادى الرحاب أمسية ثقافية مساء الأحد 11 يوليو بحديقة النادي بدأت بغناء المطرب الشاب "محمد الغندور" لعدد من الأغاني الشبابية، ثم ندوة للدكتور "طارق درويش" كبير مدربي مجموعة شركات دكتور "ابراهيم الفقى" العالمية، وأول محترف يعتمد عالميًا للتنمية البشرية. تضمنت الندوة العديد من الموضوعات الخاصة بتنمية الذات مثل تعريف مفاهيم النجاح، وتعميق التفكير الإيجابي في العلاقات، والمرونة وتوسيع الآفاق.
بدأ الدكتور طارق الندوة بسؤال للحضور تمثل في: هل ترغب بالنجاح الشخصي وتبحث عن المرونة؟ وأجاب قائلا: يجب أن نعرف معنى النجاح والمرونة, فالنجاح هو التوازن بين فن الإنجاز وفن الاتصال مع الآخرين، فآخر احصائية لجامعة "هارفارد" الأمريكية كشفت أن اختيار الأشخاص للوظائف المهمة والوظائف الإستراتيجية مبني بنسبة 93% على السلوك والمهارات الشخصية، وفي 7% فقط من الحالات يكون مبنيًا على المهارات المهنية، بمعنى أنه من السهل تعلم المحاسبة أو مهارة معينة من الحياة لكن الأصعب هو كيفية التحكم بأعصابك وسلوكك الشخصي، وهذا هو جوهر التنمية البشرية الذي يركز على التوازن بين فن الإنجاز وبين الاتصال الذي يجعل الشخص يتصل بالآخرين ويستطيع ادراكهم.
الشخص الناجح
ويعرف ستيفن كوفي مؤلف كتاب "عادات النجاح السبعة" علم الشخصيات ويلخص عادات الشخص الناجح والفعال في الاحتياج لفهم الآخرين حتى يستطيعوا فهمك، عندما تريد أن تقيم علاقة بمن حولك مثل (علاقة الزوج بالزوجة، والآباء بالآبناء، والعلاقات المهنية بين المرؤوسين والرؤساء) والقدرة على معرفة توقعاتهم وبالتالي تستطيع صياغة الرسالة حسب مفهومهم لتصل إلى النجاح.
وعرف"درويش"النجاح الشخصي بأنه التوازن والرضا الداخلي وهو أهم ما يمتلكه الشخص الناجح، أما الفاشل فهو كثير الشكوى، دائم اللوم على كل من حوله معللاً ذلك (الناس لا تستطيع فهمنى)، ويطلق على هذه الشخصية الناي الحزين وهى من الشخصيات الصعبة.
وبعمل تجربة بسيطة بالإشارة بإصبعي السبابة والإبهام لشخص آخر تقول له "أنت السبب" ستجد ثلاثة أصابع متجهة نحوك تعلن عن سبب فشلك، بمعنى أن الأصابع الثلاثة هي ثلاثة مفاتيح للتواصل مع الآخرين، عجز الشخص عن استخدامها بفاعلية، وهي أولاً الكلام الذي يعكس قيم الشخص، فيجب أن تتحدث مع الآخرين من خلال قيمهم الشخصية، لا قيمك أنت، ثانيا نبرات الصوت وتشكل 38% من عملية الاتصال، فبعض الأشخاص يتحدث بطريقة سريعة كمعلقي كرة القدم مثل حمادة إمام وهو من أصحاب الصوت المرتفع، أما الكابتن ميمي الشربيني فهو أكثر هدوءًا ويتكلم بالإحصائيات وله طريقة مختلفة، وثالثًا السلوك التعبيري ويشكل 55% من عملية الاتصال ويتمثل فى حركات الجسد وتعبيرات الوجه، وباستخدام هذه المفاتيح تصبح قادرًا على التواصل مع الآخرين.
فهذه هي المرونة أي التمسك بالهدف كما هو، والوصول إليه بأسلوب مختلف، فعلى سبيل المثال فى فترة من الفترات لم يستطع المنتخب الإنجليزي الوصول إلى كأس العالم وبدأ النقاد فى كتابة مقالات تلوح بعدم اصلاح حال المنتخب الإنجليزي إلا بالإستعانة بمدرب أجنبي، وبعد ذلك بدأت طريقة اللعب والنتائج تتغير، فالمرونة قوة وتنوع في الأساليب للوصول إلى الهدف المرجو، وهوما يسمى بعلم "ديناميكية التكيف العملي" الذى أسسه الدكتور إبراهيم الفقي.
تغيير الأفكار
ويضيف الدكتور طارق إلى تغيير الأفكار بطريقة الإستبدال، فوضع فكرة مكان أخرى يساعد على تغيير الواقع، فالفكر الجديد يصنع واقعًا جديدًا، فإذا كانت لديك فكرة سلبية وحاولت تغييرها إلى فكرة ايجابية تتحول بذلك إلى فعل، وبتكراره يصبح عادة، ومجموعة عاداتك تكون شخصيتك لتحقق نتائج، وهذه النتائج تصنع مصيرك, وبالتالى فمجموعة عاداتك الجديدة تبنى شخصية جديدة بداخلك ليتحقق قول الله عز وجل "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" لتصل إلى النجاح الشخصي والرضا الداخلي عن الذات مثل الدعاء "رضيت بالله ربًا وبالإسلام دينًا وبسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم نبيًا ورسوًلا " أما إذا لم يكن لديك رضا داخلي وكنت دائم الشكوى، فهذه هي الشخصية الفاشلة غير المدربة على المفاتيح الثلاثة: (الكلام، نبرات الصوت، السلوك التعبيري) ويلاحظ أصحاب هذه الشخصية مقاومةَ الناس لهم وضعفَ الألفة معهم، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم "خاطبوا الناس على قدر عقولهم" وعقولهم هي شخصيتهم، ولفهمها يجب رصد سلوكهم في مواقف مختلفة للتأكد من شخصيتهم الحقيقية عن طريق قوة الملاحظة والمتابعة.
أربع شخصيات
ويقول د. طارق تنقسم شخصيات الإنسان إلى أربع شخصيات متواجدة بداخلنا جميعًا بنسب متفاوته وتتغلب أحداها على الآخرى لتكون شخصيتك أنت، وتحتوي كل شخصية على أربع لغات مختلفة فالأولى تمثل لغة الإنجاز، والثانية الإبداع، والثالثة الإنسجام مع من حولك، والرابعة لغة الإتقان.
وعن أنواع الشخصيات يقول "درويش" بالنظر إلى الخلفاء الراشدين سنجد أن كل شخص يمثل نمط شخصية من الشخصيات الأربعة بالإضافة إلى كلمة مرن (قيادي مرن، ومعبر مرن، وودود مرن، ومحلل مرن).
أوًلا: الشخص القيادي: وهو شخص حاسم يأخذ قرارات قوية، يريد ما قل ودل، والمختصر المفيد حتى لا يضيع وقته، ويتميز هذا الشخص بالإستقلالية ولديه رؤية ذاتية ولا يحتاج إلى الإرتباط بالآخرين رافعًا شعار "من يحبني فليتبعني"، وهي لغة الإنجاز، ومفتاح الشخص القيادي انجاز العمل بأسرع وقت وبالكفاءة المطلوبة، ويتحدث أصحاب هذه الشخصية دائمًا بلغة النتائج.
ثانيًا: الشخص المعبر: ويمثل لغة الإبداع والتمييز من أجل التطوير، ويتميز صاحب هذه الشخصية بالثقة في الكلام مثل الشخصية القيادية ولكن الفارق هو كثرة الكلام وسرعته، مثل الكابتن لطيف وحمادة أمام حيث يقومان بترجمة الصور إلى كلمات كثيرة، ويتكلم صاحب هذه الشخصية حوالي 220 كلمة في الدقيقة، وقد تصل إلى 280 كلمة في بعض الأحيان، كما تمتاز هذه الشخصية بالمرح والتلقائية مثل( شخص يذهب إلى رحلة وأثناء عودته يتعرف على كل من فيها ويصير معهم كالأصدقاء الذين يعرفهم من سنين) فهو شخص اجتماعى، ولكن ما يعيبه أنه فوضوي، فدائما ما تجد على مكتبه العديد من الأوراق غير مرتبة، ويفكر صاحب هذه الشخصية بالإبداع ويحتاج دائما إلى التقدير والشكر على ما يقوم به، وإذا لم تقم بتقديره سيصاب بالإحباط ولا يستطيع مزاولة عمله.
ثالثًا: الشخص الهادئ الودود: يتكلم بلغة الإنسجام مع الآخرين وهو مستمع جيد، ويمثل هذه الشخصية الدكتور مصطفى محمود يرحمه الله، ويتكلم أصحاب هذه الشخصية بسرعة 80 كلمة في الدقيقة وهذه الشخصية مستمعة جيدة يمكن أن تستمع إلى أصدقائها بالساعات دون مقاطعتها، كما تتميز بالتعاطف مع الآخرين وتحب أن تلتمس الأعذار للآخرين، وعادة يتميز صاحب هذه الشخصية بوجه مريح ودائري ذي وجنتين ممتلئتين، وهي شخصية متعاونة وقادرة على تهدئة الأجواء في حالة حدوث مشاكل بالعمل، وتتميز بلغة التوازنات وإمساك العصا من المنتصف، للوصول إلى حل يرضي جميع الأطراف، وتتجنب هذه الشخصية المخاطر عكس الشخصية القيادية، ولكن حذار من جرح أحاسيس الشخص الودود فذلك يؤثر بالسلب عليه.
رابعًا: الشخص المحلل أو المفكر: وهو شخص كثير الأسئلة ويتكلم حوالي 120 كلمة فى الدقيقة، ويمتاز أصحاب هذه الشخصية بعدم البت بقرارات سريعة، وعادة تكون هذه الصفة بالقضاة والمستشارين ورجال الشرطة حيث يقومون بتحليل الكلمات للتوصل إلى جمع معلومات لاتخاذ قرار منطقي في النهاية بعيدًا عن القرارات العاطفية، وعادة تكون عين صاحب هذه الشخصية فى مستوى الأذن وينظر إلى الآخرين بالجنب كما يتميز بلغة الجودة والإتقان، وهو شخص وقور ومتأنٍ يتجنب المخاطر.
وراء كل سلوك قيمة
ويؤكد طارق درويش على أنه بمعرفة كل شخصية ومبدأها تستطيع فهم الناس, فوراء كل سلوك توجد قيمة، ووراء كل قيمة نية للإستفادة، فإذا كنت شخصية معبرة وكانت لأبويك شخصية محللة فهذا يحتاج منك أسلوبًا مختلفًا عن طبيعتك للتعامل معهما، لتسطيع توصيل رغباتك وأفكارك اليهما.
وعن الأمثلة لأصحاب هذه الشخصيات يمثل الرئيس عبد الناصر الشخصية القيادية ويمكن ملاحظة ذلك فى خطابه لإعلان تأميم قناة السويس، والرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون الشخصية المعبرة فيتميز بتلقائية، والزعيم الإفريقي نيلسون مانديلا الشخصية الهادئة الودود من خلال رؤية ملامحه بعد الفوز بتنظيم مونديال كأس العالم بجنوب أفريقيا، والرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر الشخصية المحللة الذي لا يمكن معرفة ما إذا كان حزينًا أم سعيدًا.
وعن الشخصيات الصعبة يذكر "درويش" أن هناك 12 شخصية صعبة، فكل شخصية من الأربع شخصيات سالفة الذكر قادرة على التحول إلى ثلاث شخصيات صعبة مثل الشخص الدبابة، والناي الحزين، والساكت والمكتئب.
وفي نهاية الندوة اختتم الدكتور طارق حديثه بكلمة من كتاب البرمجة اللغوية وفن الاتصال غير المحدود للدكتور إبراهيم الفقى والتى يقول فيها إن اكتشاف شخصيتك هو سبيل القدرة الشخصية، وإن اكتشاف شخصية الآخرين هو سبيل القدرة المطلقة