الشيخ القرشي يشرح معنى لا إله إلا الله
كتبت – أمل أحمد
في الدرس السابق شرح الشيخ الدكتور عمر عبد العزيز القرشي المعاني الشرعية أو الإصطلاحية لكلمة "أشهد" في قولنا "أشهد أن لا إله إلا الله" والتي يسميها بعض العلماء شروط كلمة التوحيد وهي سبعة معانٍ:( العلم واليقين والانقياد والقبول والصدق والإخلاص والمحبة)، تناول في درسه الجديد بعد مغرب يوم الأربعاء الماضي الموافق 14 يوليو 2010 بمسجد أحمد عفيفي بالرحاب شرح جملة "لا إله إلا الله".
وهذه الجملة تشتمل على:
- نفي وإثبات
- كفر وإيمان
- تخلية وتحلية
فــ"لا" أداة نفي، و"إله" اسم جنس، و"إلا" أداة استثناء، و"الله" اسم علم على الذات المقدسة التي نؤمن بها، وهو الاسم الجامع للأسماء كلها.
أي أنه بعد الكفر بجنس الآلهة التي تُعبد، يُستثنى الإيمان بالله الواحد الأحد الحق الذي يجب أن نؤمن به، وينبغي أن نوحده، مع كفرنا بكل إله باطل ورب زائف. إذ لا يتأتى الإيمان بالله مع الإيمان بإله غيره.
وتقديم النفي قبل الإثبات، والكفر قبل الإبمان مقصود، كما يقول العلماء لتحدث التخلية عما سوى الله أولاً ثم تليها التحلية بالإيمان بالله.
ولقد كان المشركون يؤمنون بالله ويقرون بأنه خالقهم وخالق السموات والأرض: "قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون سيقولون لله قل أفلا تذكرون. قل من رب السموات السبع ورب العرش العظيم سيقولون لله قل أفلا تتقون. قل من بيده ملكوت كل شئ وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون سيقولن لله قل فأنى تسحرون" (المؤمنون 84- 89)
"ولئن سالتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله قل الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون" (لقمان -25)
"ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم" (الزخرف - 9)
وقد زعموا أنهم مع إيمانهم بالله إنما يشركون معه آلهة أخرى ليقربوهم إلى الله: " والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى" (الزمر- 3) لكن ذلك لم يقبل منهم لأنهم رفضوا إخلاص التوحيد لله "ألا لله الدين الخالص" (الزمر- 3)
الطاغوت .. والعروة الوثقى
وتتضمن جملة لا إله إلا الله الكفر والإيمان؛ كفرٌ بالطاغوت وإيمانٌ بالله الواحد الأحد:" لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروه الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم" (البقرة - 256)، "ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى وإلى الله عاقبة الأمور" (لقمان22)، والعروة االوثقى هي كلمة التوحيد، ولا انفصام لها؛ أي من قالها بحقها وشروطها.
أما الطاغوت فهو من عُبد من دون الله، وما أُطيع بغير إذن من الله، أو حكم بغير ما أنزل الله، وهناك من عُبد من دون الله برضاه كفرعون والنمرود، وهذان من الطواغيت، وهناك من عُبد من دون الله لكن بغير رضاه، بل إنه تبرأ من ذلك كعزير وعيسى عليهما السلام، وهذان ليسا من الطواغيت: "وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب" (المائدة -116)
اعلم أنه لا إله إلا الله
وقد اهتم الإسلام بترسيخ قضايا العقيدة والتوحيد في نفوس المسلمين، واستغرق ذلك طوال الفترة المكية أي 13 عامًا، واستمر كذلك في الفترة المدنية مع نزول التشريعات، ويقول العلماء إن العقيدة تمثل ثلث القرآن، والثلثان الآخران هما التشريع والقصص.
يقول تعالى:" فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات والله يعلم متقلبكم ومثواكم" (محمد-19)
وهذا يعني أن هناك آلهة عبدها الناس من دون الله، وقد سمى القرآن عبادة الأصنام دينًا: " قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد ولا أنا عابد ما عبدتم ولا أنتم عابدون ما أعبد لكم دينكم ولي دين" (الكافرون 1- 6)
فمن لم يكفر بكل طاغوت لم يتسن له توحيد الإيمان بالله " ولا يشرك بعبادة ربه أحدًا" (الكهف 110).
وقد خلق الله الإنسان على التوحيد، كما خلق آدم عليه السلام موحدًا، لا ما يدعي البعض أنه كان مشركًا ثم آمن، " وإذ اخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين" (الأعراف -172)، وذلك انسجامًا مع الكون كله الذي يوحد الله سبحانه " تسبح له السموات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليمًا غفورًا " (الإسراء-44)
في التاريخ كانت هناك أرباب وآلهة عبدت من دون الله؛ أصنام ونار، وشجر وبقر، وصنوف من البشر؛ كفار كفرعون والنمرود، وأنبياء كعزير وعيسى، وأولياء، والجن والملائكة والشمس والقمر والنجوم، ولا تزال في الأمة أنواع من الشركيات.
يقول العلماء إن الأمر بدأ بالتوحيد واستمر عشرة قرون ثم وقع الناس في الشرك، فكيف حدث ذلك؟ ما سيتناوله الشيخ في درس مقبل إن شاء الله.