د. نبيل فاروق يكتب في جريدة الدستور: الموت في الرحاب (1)
الرحاب مدينة كانت هادئة، منظمة، ذات إيقاع جذَّاب، يدعوك إلي الإقامة فيها والسعي لها، لو أنك ممن ينشدون الحضارة والنظام والراحة ... ثم أنشأوا فيها منطقة مطاعم، ومع المنطقة الترفيهية، صارت الرحاب قبلة الشباب من كل المناطق القريبة والبعيدة، وازدحمت بزائرين من مختلف المشارب، لا يعنيهم الهدوء، ولا يبالون بالنظام، ولا يأبهون بالراحة ... وحتي إلي هنا كان الأمر محتملاً نوعاً ما، خاصة أن المناطق السكنية بعيدة عن المناطق الترفيهية، فيما عدا قلة من المنكوبين الذين يقيمون حولها، والذين يعانون وحدهم من صعوبة إيجاد أماكن لسياراتهم، بعدما احتل رواد المنطقة الترفيهية كل شيء.
المشكلة غير المحتملة، هي تلك المشاجرات البلطجية، بالمطاوي والسنج، والتي تحدث دوماً عند المنطقة الترفيهية ومنطقة المطاعم، والخناقات الجماعية العنيفة، التي صارت أكثر ما يخشاه سكان الرحاب، وأكثر ما يثير رعبهم علي أنفسهم وأبنائهم وبناتهم، مع غياب أمني تام، جعل البلطجة تستشري هناك، ورجال الأمن الداخلي لا يملكون القوة أو السلطة لضبط الأمور، أما الشرطة الرسمية، فهي تظهر كل شهر مرة أو مرتين، فتقيم المتاريس، وتقرف خلق الله، وتتعنتر علي الغلابة، دون أن تحاول، ولو مرة، منع المشاجرات البلطجية، التي تحدث على مسافة أمتار منها، ولا نجد أي وجود مستمر أو سلطة كابحة لما يحدث ....
والشرطة طبعًا لن تتحرَّك، ولن تؤدي دورها، إلا عندما يسقط قتيل شاب وسط هذه المشاجرات، وتسيل دماؤه علي أرض الرحاب، عندئذ ستتعنتر وتفرد ضلوعها، وتثبت وجودها ليومين أو ثلاثة، ثم يا دار ما دخلك شر.
ومصيبة مشاجرات وبلطجة المنطقة الترفيهية كوم، وما يحدث بعيدًا عنها كوم آخر، ففي شوارع الرحاب، وبعد منتصف الليل، يبدأ سباق الموت في الرحاب.
عدة سيارات يقودها شبان لا يبالون بأحد أو بأي شيء، ويتبلطجون علي الجميع، حتي رجال أمن الرحاب، وتثير سياراتهم، بسرعاتها الرهيبة، وحركاتها المفزعة، حالة من الرعب اليومي ... ولنا بقية
اقرأ أيضاً
د. نبيل فاروق يكتب عن سباق الموت في الرحاب(2) |