انقطاع المياه..أزمة سكان الدور الأخير في الرحاب
مدام نهى: أضطررت أن أكون كائنًا ليليًا.. لأن ضخ المياه بالليل أفضل سكان ركبوا خزانات.. وآخرون يخافون من مشكلاتها الصحية.. وهناك من يفكر في بيع الشقة
كتب محمود رضا
رغم أن مدينة الرحاب تستقى مياهها عبر خطين أحدهما يغذي المراحل الثلاث الأولى، بينما يغذي الخط الثاني المرحلتين الرابعة والخامسة إلا أن هناك مشاكل شبه دائمة في الخط الأول؛ إذ يشكو سكان الأدوار العليا وخاصة الدور الرابع (الأخير) من عدم وصول المياه إليهم إلا نادرًا مما يضطرهم لتخزين المياه أو شرائها من السوبر ماركت، أما سكان المرحلتين الرابعة والخامسة فشكواهم أقل نسبيًا؛ فالمياه تصل ضعيفة لكنها لا تنقطع.
مدام نهى محمد عفيفى تسكن بالرحاب مجموعة 16، تستغيث من الانقطاع شبه الدائم للمياه في الدور الرابع وتقول: لجأت أكثر من مرة لجهاز المدينة كي يحاول وضع حل لي، ولكن دون جدوى حيث قالوا لي اتصلي برقم 125 الخاص بشبكة مياه القاهرة الكبرى للإبلاغ، وبعد أن اتصلت أبلغوني أن ضخ المياه لمدينة الرحاب يسير بشكل طبيعي جدًا ولاتوجد أدنى مشكلة تعوق بلوغ المياه لديك، فاتصلت بالجهاز مرة أخرى فإذا بالموظف يرد بمنتهى العجرفة وبأسلوب لا يليق بسكان الرحاب.
وتضيف مدام نهى: المياه تصل للشقة بصورة متقطعة، وأحيانًا لا أجد نقطة مياه تنزل من الصنبور مطلقًا، ويكون ذلك في أوقات حرجة سواء عند ذهاب الأولاد للمدرسة أو عندما يريد زوجي الذهاب لعمله.
وقالت: حاولت التغلب على هذه المشكلة في شهر مايو الماضي عن طريق شراء كميات من مياه الفلاتر للاستعمال الشخصي، ولكن مع دخول شهر رمضان الماضي والحر المفرط، فضلا عن انقطاع المياه عدة أيام عن أغلب سكان المدينة، وجدت أني في يومين فقط استهلكت مياهًا تقدر بـ 450 جنيهًا مابين ديليفرى وسوبر ماركت، ولم يكن بوسعي تغطية كل هذه التكاليف على المياه، فكنت استغل الوقت الذي تأتي فيه المياه ليلا وأملأ "البانيو" وبعض الجراكن والزجاجات الفارغة، فإذا دخلت المطبخ تجد الأواني مليئة بالمياه وموضوعة على الأرض بشكل لا يطاق، فضلا عن وضع أطباق بلاستيكية كبيرة بالبلكونة كي تكفي احتياجاتنا، واضطررت لأن أكون كائنًا ليليًا؛ أفعل كل ماأريده ليلا لأن ضخ المياه بالليل أفضل من النهار.
وعن أسباب الانقطاع قالت مدام نهى إن هذه المشكلة لا يشعر بها كل سكان الرحاب، بل من يسكنون بالقرب من موقع بناء الرحاب (2)، وربما كان السبب فى ذلك سحب المياه فى عمليات البناء في الرحاب (2) أو التجمع الخامس، خاصة أن هناك بعض الوحدات التي تأخر تسليمها، ولكن يجب مراعاة احتياجات السكان بالرحاب والرد عليهم بنوع من الأدب.
خزان فوق العمارة
ويقول الدكتور عبد الرؤوف عبده عمار " طبيب بيطرى" من سكان المجموعة (13) إنه يسكن فى الرحاب منذ سنة 2005 ولكن المشكلة بدأت منذ 3 أشهر تقريبًا، حين وجد أن ضخ المياه ضعيف جدًا، وبعد فترة ليست كبيرة وجد أن المياه انقطعت عن أغلب سكان الرحاب لعدة أيام وعندما سأل الجهاز قالوا إن هناك ماسورة رئيسية حدث بها كسر كبير، لذا اضطروا لغلق المياه عن أغلب سكان الرحاب. استمرت المشكلة لعدة أيام، وفي هذه الأثناء كنا نذهب إلى مناطق بعيدة عن الرحاب لملئ الجراكن والزجاجات، وانتهت زجاجات المياة المعدنية من الرحاب لكثرة الاستهلاك، وقام مرفق المياه بجلب فناطيس مياه وكنا نذهب لملء الجراكن بالدور في منظر لايليق أبدًا بسكان الرحاب.
ويؤكد د.عبد الرؤوف أن هناك من اضطر إلى أن يترك المدينة ويقيم عند أهله حتى تنتهي هذه الأزمة ولكن بعد أن عادت المياه وجدت أنها ضعيفة جدًا، لذا اشتركت مع أحد جيراني وركبنا خزان مياه فوق العمارة، وبهذه الفكرة تغلبنا على ضعف المياه وبدأنا نشعر بارتياح شديد بعد تركيب الخزان الذي اشتريناه بـ 5500 جنيهًا، لكن المشكلة أن الجهاز لا يتيح للشقة أكثر من خزان يحتوى على متر مكعب واحد من المياه، وهذا لا يكفى أحيانًا.
وأشار د.عبد الرؤوف إلى أنه اشتكى للجهاز أكثر من مرة بسبب ضعف ضخ المياه لكن دون جدوى، وعندما وجد الجهاز أن أغلب السكان يتقدمون بشكاوى أراد امتصاص غضبهم بالشروع فى إنشاء خزان لرفع المياه.
وأوضح د.عبد الرؤوف أن مشكلة الخزان الموجود فوق العمارة تكمن في أنه يحتاج دائمًا إلى غسيل وأدوات معالجة من وقت لآخر، كما نحتاج لتركيب فلتر حفاظًا على الصحة، مناشدًا الجهاز مساندة السكان في تركيب الخزانات فوق أسطح العمارات لحل هذه المشكلة وإعادة ضبط ضخ المياه للمدينة كما كانت.
محطة الرفع في الطريق
ويقول إيهاب شوقي الذي يقطن بالمجموعة (35) بالدور الرابع: أعيش في الرحاب منذ عام 2003 تقريبًا، وقد بدأت أعاني من هذه الأزمة منذ ما يقرب من 4 شهور، فقد ضعف ضخ المياه وخاصة بعد أن انكسرت ماسورة المياه التي تغذي الرحاب والمناطق المجاورة لها فى القاهرة الجديدة وتم إصلاحها إلا أن قوة المياه ضعيفة إلى الآن.
ويضيف شوقي: ذهبت بالفعل للجهاز لأخذ موافقة على إنشاء خزان كي أتخلص من المشكلة إلا أن المسئول قال لي: وفر أموالك لأننا فى طريقنا لإنشاء محطة رفع مياه، ستمد المدينة بالمياه المطلوبة وستزيد من قوة ضخ المياه في المواسير، لذا تراجعت عن إنشاء الخزان فضلا عن توفير تكاليفه الباهظة، وأتمنى أن يفي مسئولو الجهاز بوعدهمـ وبالفعل وجدت عمليات حفر عند بعض البوابات وتحديدًا البوابة رقم (9)، وعندما سألت عرفت أنه مكان لخزان المياه فاطمئن قلبي.
ويقول محمد شرف من سكان المجموعة (13) إنه وجد منذ فترة أن المياه تكون ضعيفة فى معظم الأوقات، لكن حاليا يشعر بتحسن في ضخ المياه ولا يدرى السبب في الحالتين: الضعف والقوة.
ويضيف: اضطررت فترة كسر الماسورة في رمضان الماضي لترك المدينة والعيش عند أختي بمصر الجديدة، ورجعنا بعد أن تأكدنا أنهم أتموا إصلاح الماسورة.
وأشار إلى أن الجهاز يحاول حاليًا تلافي الأزمة الماضية عن طريق وضع ملصقات أسفل العمارات ينبه فيها إلى أن المياه ستنقطع يومًا أو أكثر كي نكون جاهزين لذلك، ونخزن مياهًا تكفينا هذه الفترة، وهذه تعد خطوة إيجابية.
امتلأت العمارة بالسكان
وتقول السيدة عايدة محمد، ربة منزل تسكن بالدور الرابع بمجموعة (53): سكنت بالرحاب منذ عام 2006 ومنذ مايقرب من سنة وأنا أشعر بضعف في ضخ المياه، بعد أن شُغلت العمارة بالسكان، وقبل ذلك كانت أسرتنا وحدها في العمارة، فربما يكون هذا هو السبب.
وتضيف: ربما يكون للزيادة السكانية بالرحاب تداعيات سلبية على شبكة المياه بالمدينة، لكن لو صح ذلك فسيدل على سوء التخطيط للمدينة، فكيف ينشئون مدينة دون حساب لعدد الوحدات وكمية المياه التى ستستهلك فيها.
وتلفت عايدة النظر إلى احتجاز جزء من المياه المخصصة للمدينة والدفع بها للبناء وربما كان التأخر في تسليم وحدات بالرحاب(2) قد اضطرهم لسحب كميات من المياه بصورة أكبر والدليل على ذلك أن ضخ المياه ليلا يكون بصورة أفضل من النهار.
وعن شغل البيت واحتياجها للمياه تقول عايدة: أرجئ كل شيئ لليل، فأنظف معظم أرجاء الشقة ليلا فضلا عن غسل الملابس، لأن الغسالة الأوتوماتيك تحتاج إلى ضخ قوي للمياه، وإعداد الطبخ يكون أيضًا بالليل إذا كان يحتاج إلى مياه كثيرة، كما أقوم بتخزين المياه ببعض الأواني والجراكن تحسبًا لانقطاعها في أي وقت بالنهار.
وقالت: عندما سمعت أن أحد الجيران ينوي إنشاء خزان ذهبنا إليه لتشجيعه على هذه الخطوة وكدنا أن نشترك معه لولا أن البعض خوفنا من الأضرار الصحية للخزان.
ولم تُخفِ عايدة أنها فكرت في بيع شقتها بالدور الرابع والبحث عن شقة بالدور الثاني في أي مكان بالمدينة بسبب مشكلة المياه، لكنها وجدت أن الفارق المادي بينهما سيكون كبيرًا، لذا أقلعت عن الفكرة خاصة بعد سماعها أن الجهاز سيبني وحدات رفع مياه، وقرب حل المشكلة.
وعن الجهاز والشكاوى التي تقدمها له قالت عايدة إنها كثيرًا ما تتصل بالجهاز لوجود بعض الشكاوي التي تود إخطارهم بها إلا أنهم يتجاهلون العملاء بشكل لايطاق.
ويقول حسين شريف أحد سكان المجموعة (53) بالدور الرابع إنه يرى أن المياه ضعيفة معظم الوقت ولكن أحيانا يجد أنها في معدلاتها الطبيعية بالنهار.
وعن السبب يقول شريف: لا أدري ما السبب الحقيقي وراء ذلك وربما تكون معدلات ضخ المياه لا تتناسب مع الاستهلاك، ومن الممكن أن تكون حصة سكان الرحاب تذهب لمكان آخر، ولكن المشكلة يشعر بها فعلا سكان الأدوار العليا ونحن أنتظر ربما تتحسن مستقبلا.
ولفت إلى أنه يضطر لتخزين المياه ليلا للتغلب على هذه المشكلة وتحسبا لانقطاع المياه نهارا. ويشير شريف إلى أن الجهاز دائمًا ما يشغل "الأنسر ماشين" ويتجاهل شكاوى المواطنين، وهو ما يجعله يحجم عن تقديم شكاوى كتابية، مبررًا ذلك بقوله "الشكاوى الشفهية تلقى تجاهلا بهذا الشكل فما بالك بالمكتوبة"
وقال شريف إنه فكر نتيجة ضعف ضخ المياه في تركيب خزان لكنه تراجع خشية تداعياته الصحية قائلا "أفكر حاليًا أن أبيع شقتي وأبحث عن شقة داخل الرحاب ولكن في أدوار منخفضة لو سمحت ظروفي المادية.
وعلى العكس من الشكاوى السابقة، تقول زوجة المهندس شريف عمر من سكان المجموعة (37) إنها تسكن بالدور الرابع ولا تشعر بأى ضعف في ضخ المياه، بل بالعكس تؤكد أن المياه طبيعية جدًا عندها وتعزو السبب في ذلك إلى أن العمارة التي تسكن بها خالية من السكان، لذا ربما يكون ذلك سببًا لوصول المياه إليها بشكل جيد.
|