رقصة التغيير
• على القادة أن يستوعبوا قوى التحفيز وقوى التثبيط .. بنفس القدر من المعرفة الذي يؤهل المزارع لمعرفة العوامل المساعدة لنمو البذرة وتلك التي تعيق نموها
• أسطورة القائد صاحب الملكات الكلية انعكاس لثقافة مجتمعية مبنية على فكرة القائد البطل حيث يسود اعتقاد أن قليلا من الناس هم الذين يملكون قدرات خاصة على القيادة والتأثير
• أصبحت عملية البحث عن القائد البطل الشغل الشاغل لكثير من المنظمات، ظنًا منها أنه سيأتي ليخلصها من المشكلات بمهارات فردية ورؤية خاصة، ويبث روحًا جديدة في المنظمة.
• هناك فرق بين مفهومي" صنع الاستراتيجية" و"وضع الاستراتيجية"؛ الأول يقوم فيه القادة الإداريون بالتفكير نيابة عن كل أعضاء المنظمة، أما الثاني فهو عملية حيوية متحركة يشارك فيها الجميع بالأفكار والمقترحات
نلاحظ أن معظم حملات التغيير الكبرى الرامية إلى إحداث تغيير في البنية الثقافية للمنظمات أو تحويلها إلى منظمات "متعلمة" مثقفة تتسلح بكل جديد في مجالها؛ هذه الحملات تبدأ بنجاح إلا أنها سرعان ما تبوء بالفشل في مراحلها الأولى. هذا أمر ظاهر في جميع أنواع المنظمات سواء كانت تجارية أم تعليمية أم صحية أم غير نفعية.
النظرية التي يقدمها كتاب هذا الشهر "رقصة التغيير" أو ( THE DANCE OF CHANGE) الذي وضعه بيتر سينج، وآرت كلينير، وشارلوت روبرتس، وريتشارد روس، وجورج روث وبرايان سميث، تعتمد على فرضية أن هذه المشكلة لا تُحل بالاستعانة بالمزيد من الخبراء والمستشارين، وإنما يكمن حلها في الطريقة التي نفكر بها.. وإن لم نغيرها؛ أي طريقة التفكير، فإن أي مبادرة تطلق ستواجه مصير المبادرات السابقة؛ أي الفشل.
إن معظم الاستراتيجيات القيادية للتغيير محكوم عليها بالفشل منذ البداية؛ بسبب عدم توفر الظروف المناسبة للنمو. يمكن تشبيه ذلك بالمزارع الذي ينظر إلى بذرة غرسها ويصيح: "انمي.. حاولي أكثر.. أنت قادرة"، بالطبع لا يوجد مزارع بهذه العقلية، فهذا مجرد مثال. فحتى إن لم تتح لهذه البذرة الظروف المناسبة للنمو، فإنها تنمو مهما كلفها الأمر ولكن بمستوى محدود تبعًا للعوامل المحيطة بها.
على القادة أن يستوعبوا قوى التحفيز وقوى التثبيط بنفس القدر من المعرفة الذي يؤهل المزارع لمعرفة العوامل المساعدة والمعيقة لنمو البذرة. فعملية تحفيز الناس ليصبحوا أكثر التزامًا وأكثر إيمانًا بالمبادرة لن يكون له تأثير إلا على المدى القصير.
علينا أن نفهم ونقدر "رقصة التغيير"، أي التعامل المحتوم بين قوى التحفيز وقوى التثبيط بالتناوب. والتعامل مع هذه الرقصة يتطلب صبرًا ووعيًا وبحثًا ودراسة مستفيضة.
القيادة والتغيير الفعال
إن أسطورة القائد صاحب الملكات الكلية هي انعكاس لثقافة مجتمعية مبنية على فكرة القائد البطل. يسود اعتقاد في هذه الثقافة أن قليلا من الناس هم الذين يملكون قدرات خاصة على القيادة والتأثير، وأن هؤلاء أصبحوا كذلك بسبب توفر مزيج خاص من المهارات والطموح والرؤية الشخصية والكاريزما، وبالتالي إذا أردت أن تكون قائدًا مؤثرًا لا بد لك من أن تكون واحدًا من هذه القلة.
لقد أصبحت عملية البحث عن القائد البطل الشغل الشاغل لكثير من المنظمات، ظنًا منها أنه سيأتي ليخلصها من المشكلات بمهارات فردية ورؤية خاصة، ويبث روحًا جديدة في المنظمة.
ما القيادة ومن القادة؟
في عالم الأعمال كثيرًا ما يتم الخلط بين كلمة قائد وكلمة مدير؛ هناك مشكلتان في هذا الخلط.. ويشير هذا الخلط إلى أولئك الذين لا يجلسون على مقاعد المديرين وبالتالي فإنهم ليسوا بقادة. ربما يسعون لأن يكونوا كذلك، لكنهم لن يكونوا قادة حتى يجلسوا على ذلك الكرسي. (راجع عرض كتاب "قوانين القيادة" في شهر سبتمبر الماضي).
هذا الخلط لا يرسم تعريفًا واضحًا للقيادة، وإذا كانت القيادة مجرد منصب في أعلى السلم الوظيفي فإن هذا لا يترك مجالا لتعريفٍ مجرد لمفهوم القيادة، فإما أن يكون الإنسان مديرًا تنفيذيًا أو لا يكون، وتلك هي نهاية القصة! ولكن هذا ليس صحيحًا.
وعليه فإن هناك مستويات عدة من القادة هم:
1- قادة الخطوط الأمامية:
وهم: مدراء الورش، وورؤساء الأقسام، ومدراء المبيعات، والمدرسون، ومدراء المدارس، والممرضات أو غيرهم ممن يتعامل بشكل مباشر مع عملاء المنظمة بحسب اختصاصها.
ومن النادر أن تجد مبادرة تغيير ناجحة لا تتضمن قادة في الخطوط الأمامية على قدر من الوعي والتفكير الإبداعي، والإحساس بالمسئولية تجاه العمل ونتائجه المرجوة. ولهؤلاء القادة أهمية خاصة؛ إذ إنهم محك التجارب الإدارية ومبادرات التغيير.
2- قادة الخطوط الوسطى "الداخلية":
وهم الاستشاريون أو المدربون أو مختصو الموارد البشرية.
ولهؤلاء أيضًا دور أساسي في قيادة عملية التغيير الجذري في المنظمة؛ إذ إنهم بطبيعة عملهم يمثلون قناة الاتصال المركزية بين قادة الخطوط الأمامية والقيادة الإدارية العليا، وكذلك بين مختلف القطاعات فيها. وتكمن أهمية هؤلاء القادة في رغبتهم الملحة في تطوير وحداتهم، وفي مستوى الخدمات التي يقدمونها؛ فلديهم باعث داخلي لفعل ذلك، إلا أنهم مقيدون في حدود هذه الوحدات، لذلك فهم في حاجة مستمرة للخبرات العملية من قادة الخطوط الأمامية. إن سر قوتهم يكمن في قدرتهم على خلق شبكة من قنوات الاتصال بين أصحاب التوجهات المتقاربة في مختلف قطاعات المنظمة، وكذلك على نقل الأفكار والتجارب عبر مختلف مستويات السلم الإداري في المنظمة.
3- القادة الإداريون:
وهم رؤساء المؤسسات أو نوابهم أو المديرون العامون أو المدراء التنفيذيون للمنظمات المختلفة.
إن المفهوم الجديد للقيادة لا يعني التقليل من أهمية القيادة الإدارية الفعالة. فالحاجة إلى قادة إداريين فعالين تزداد يومًا بعد يوم؛ حيث تزداد الحاجة إلى إحداث التغيير الرامي إلى تحقيق نتائج أفضل في ظل ظروف تنافسية شديدة تفرضها سياسات العولمة.
والصعوبة التي يقابلها هؤلاء القادة تكمن في أنهم أبعد ما يمكن عن الخطوط الأمامية، لكنهم في الوقت نفسه المسؤلون المباشرون عن النتائج والأداء. وبُعْدهم هذا يجعل من الصعب عليهم التأثير المباشر على أداء العاملين في خطوط الإنتاج.
ولهؤلاء دور أساسي في خلق جو إيجابي تسوده روح البحث والتنقيب، وإعطاء المثال في فن القيادة عبر إعطاء الصلاحيات في اتخاذ القرار. لقد وجدنا أن أكثر القادة الإداريين فعاليةً هم الذين يدركون أن الثقة بقدراتهم ومهاراتهم الفردية أكبر وسيلة في تحقيق التغيير المنشود.. كذلك الذين يدركون بأن خلق جو تسوده روح التعلم والاختبار يبدأ بالكف عن طرح الأجوبة، وبدلا من ذلك يطرح أسئلة صعبة تحتاج إلى أجوبة عميقة.. وكذلك الإدراك بأنهم لن يستطيعوا أن يفعلوا ذلك بمفردهم، وإنما يحتاجون إلى شركاء في هذا الأمر، وإلا أصبحوا معزولين عن بقية قطاعات المنظمة، وفقدوا فعالياتهم في إحداث التغيير.
المؤثرات في التغيير
معوقات بداية التغيير:
1. معوقات بدايات التغيير الخاصة بسلوك القادة:
سنركز هنا على الإجابة على الأسئلة التالية:
• ما الأمور التي يقوم بها القادة من أجل تحقيق رؤيتهم؟
• ما الأعمال التي يقومون بها في سبيل إحداث التغيير المنشود؟
• كيف يتفاعل هؤلاء مع مختلف أنواع التحفيز والتثبيط المحيطة بهم؟
• ما استراتيجياتهم في التعامل مع تحديات الواقع، وتوجيه الجهود والموارد نحو الوصول لأهدافهم؟
1) قلة الدعم:
مع بداية التفكير في التغيير وطرح منهجه، يكون القائد وحده وربما معه قلة ممن يؤمنون بضرورته.
استراتيجيات التعامل مع تحدي (قلة الدعم)
• استعن بأصحاب الخبرة ممن مروا بطريق التغيير من قبل للاسترشاد بآرائهم.
• ابحث عن شريك يشاطرك أحلامك وهمومك ويستمع إلى آرائك بشكل بناء، فهو صمام الأمان الذي يمنع أن تتحكم فيك الإحباطات اليومية.
• استعن بالدعم المشترك بين القيادة الإدارية والقيادة القائمة في الخطوط الأمامية، فكلاهما يكمل الآخر..القيادة الإدارية تبعث بالطمأنينة والدعم السياسي، والقيادة القاعدية تبعث الطمأنينة بأن القرارات تُتخذ ضمن معطيات الواقع.
• قم بتبني مبادرة " التعلم من الآخرين"، خاصة أولئك الأقل منك وضعًا في السلم الوظيفي، فالتعلم من الآخرين كنز لا ينضب لا بد من استثماره.
2) الفارق بين النظرية والتطبيق:
كل التغييرات المنشودة التي تكتب على الورق بشكل رائع لا تظل بهذا الشكل بعدما يبدأ تنفيذها واقعيًا.
استراتيجيات التعامل مع تحدي (الفارق بين النظرية والتطبيق)
• اعمل على رفع مستوى الإدراك بين أعضاء المنظمة، خاصة القادة الأساسيين فيها، فهذا أمر في غاية الحيوية. لابد من الالتقاء مع مختلف القياديين في المنظمة والتحدث إليهم عن المبادرة وأبعادها التي تقع خارج نطاق اختصاصهم، ليتسنى لهم رؤية العلاقة بين الأفكار المطروحة في المبادرة، وواقع العمل على المدى البعيد.
• قم بطرح الأسئلة ذات الصله في المبادرة وعلاقتها بالواقع قبل أن يطرحها عليك الآخرون. لابد من طرح الأسئلة الافتراضية والبحث عن الأجوبة المقنعة، فقد يقود هذا إلى تعديل الأفكار والمقترحات الأولية، وهذا يعطيها مصداقية أكبر أمام الآخرين.
• استعمل لغة الواقع والأرقام قدر الإمكان عند الحديث عن المبادرة، فمعظم الناس يجدون صعوبة في إدراك المفاهيم الإدارية غير المتداولة.
• افتح الباب أمام الآخرين للاستفسار عن الأمور التي يجهلونها حول المبادرة، ولا تترك الأمر لمخيلتهم، فالناس إن لم يجدوا جوابًا لأسئلتهم سيجدون أجوبة من مخيلتهم.
3) الفارق بين القول والعمل:
إن عدم تطابق القيم المتبناة مع السلوك اليومي يخلق جوًا من انعدام الثقة في قدرة الناس على إحداث التغيير. وهذا ينطبق على القادة في مختلف المستويات الإدارية في المنظمة. ولا ينتظر الآخرون أن يكون القادة على قدر من الكمال في سلوكهم، ولكنهم يستطيعون اكتشاف التلاعب والكذب والتسلط.
استراتيجيات التعامل مع تحدي (الفارق بين القول والعمل):
• اتخذ لك شركاء في العمل يرشدونك إلى ما لا تراه من ظاهر سلوكك وحديثك، وينبهونك إلى ما قد يساء تفسيره من قبل الآخرين.
• تعلم مهارات الصبر وضبط النفس، فقد يسبب لك ضغط العمل التوتر، ويدفعك إلى استخدام الأسلوب السلطوي خاصة عندما تسير الأمور بشكل أبطأ مما تتوقعه.
• استثمر بعض الوقت في القيام بزيارات ميدانية للعاملين في الخطوط الأمامية، لتتعرف على مشاكلهم وهمومهم وتستمع إلى طلباتهم، فهذا يقربك منهم كإنسان، ويزيل الحاجز النفسي الذي قد يؤدي بهم إلى إساءة تقدير تصرفاتك وقراراتك.
• فكر مليًا في تقديرك لقدرات الآخرين، واعطهم الفرصة لإثبات أنفسهم واتخاذ قرارات بشكل مستقل، فهذا يساعد على تنمية التفكير الإبداعي في المنظمة، ويعطي انطباعًا إيجابيًا على أسلوب قيادتك.
2. معوقات الإستدامة:
بعد أن تتحرك عجلة التغيير تظهر التحديات أمام استدامة حركة التغيير، وهي تتمثل في:
1) الخوف والقلق:
في بداية مبادرة التغيير تكون المعنويات عالية، حيث يُقدم معظم الناس على ركوب عربة التغيير، إلا أن هذا يتطلب مستوى من الانفتاح والصراحة في إبداء الرأي، قد يؤدي إلى كشف ما كان يخفى من أمراض إدارية واجتماعية، وهنا يخاف الناس من انعكاسات ذلك على علاقاتهم بعضهم ببعض في مختلف درجات السلم الإداري، ويخافون أيضًا من أن يتهموا بالجهل وعدم الأهلية مع مقومات التغيير.
استراتيجيات التعامل مع تحدي (الخوف والقلق):
• ابدأ بخطوات صغيرة قبل معالجة القضايا الكبرى، فمستوى الخوف والقلق يرتبط بحجم القضية التي تتعامل معها.
• تجنب ارغام الذات على مواجهة الخوف بشكل متهور، فالشعور بالقلق أمر طبيعي، ويمكن معالجته بالتدريج.
• تبن سياسة الانفتاح وقم بها عمليًا، الانفتاح يخلق الجرأة على البوح بما يدور في النفس والذهن من مخاوف تدعو إلى القلق، وربما نكتشف بعد أن نصرح بها أنها مجرد أوهام.
• قم بالتأكيد على أن الاشتراك بمبادرة التغيير أو الانخراط في فريق العمل هو أمر اختياري بالدرجة الأولى وليس فرضًا على الجميع، هذا يولد الشعور بالطمأنينة والثقة تجاه المبادرة.
• تذكر أن هناك مهارات خاصة تتعلق بالقيام بعملية التغيير، ولا بد من تنمية هذه المهارات بشكل مناسب. واعلم أن الشعور بعدم امتلاك المهارة اللازمة لأداء المهمة يزيد من الشعور بالخوف والقلق.
• تذكر، وذكر الآخرين أن الشعور بالقلق أمر طبيعي وصحي عند القيام بمبادرات التغيير، خاصة تلك التي تتطلب التعامل مع المجهول.
2) المعايير التقليدية:
يتمثل هذا التحدي في تطبيق المعايير التقليدية لقياس مدى نجاح المبادرات الحديثة. إن التوقعات تؤثر بالتأكيد في مصداقية القياس. في المبادرات التقليدية يتم النظر إلى زيادة المدخول باعتباره مقياس النجاح، لكن معظم المبادرات الرامية إلى إحداث تغيير جذري وإستراتيجي لا تؤتي أثرها إلا على المدى البعيد، مما يشكك في مدى فعاليتها.
استراتيجيات التعامل مع تحدي (المعايير التقليدية):
• تفهم وضعك ليتفهمك الآخرون، ولا تستعجل قطف الثمار قبل نضوجها، وهذا يتطلب بعض الوقت والصبر.
• تواصل مع القائمين على عملية التقييم، وافتح معهم جسور الشراكة في المبادرة، فعندما يتفهم هؤلاء طبيعة المبادرة وما ترمي إليه يكونون أكثر قدرة على تقدير نتائجها.
• ضع معالم على طريق الوصول للأهداف الكبرى، وحدد هذه المعالم كأهداف مبدئية يمكن إنجازها بشكل ملاحظ.
3) الشعور بالعزلة:
بعد فترة من العمل سويًا يبدأ أعضاء الفريق " المتغير" بالشعور بالعزلة عن بقية أعضاء المنظمة، حيث تصبح بينهم طريقة خاصة في التفاعل والعمل تختلف عن تلك الموجودة بين بقية أعضاء المنظمة، ويتعمق الشعور بالعزلة عندما يبدأ الآخرون بالتوجس من طريقة عمل الفريق وتسديد النقد لأعضائه، وعندها يجدون صعوبة في مقاومة الرغبة في الدفاع عن أنفسهم، وأثناء ذلك يقومون بتسديد النقد للآخرين. إن تبادل النقد، والدفاع عن المواقف يصم الآذان عن الاستماع البناء لوجهات النظر، وهكذا يبدو أعضاء الفريق كغرباء على أرض غريبة.
عندما يتبنى الناس أفكارًا جديدة تتغير سلوكياتهم وطريقة تفكيرهم، وبهذا يراهم الآخرون بعين الشك والارتياب.
استراتيجيات التعامل مع تحدي (الشعور بالعزلة):
• تعلم أن تتأقلم على التعايش مع ثقافتين مختلفتين في نفس الوسط؛ ثقافة المجموعة الريادية، والثقافة العامة في المنظمة، وحاول تفهم الآخرين والتعامل معهم باللغة التي يقدرونها.
• حاول أن تبني علاقة إيجابية مع قادة الخطوط الوسطى، فهم يستطيعون نقل أفكار المجموعة عبر قطاعات المنظمة وتقريب وجهات النظر بما يخدم المبادرة.
• حاول أن تبني علاقة شراكة مع بقية أعضاء المنظمة، وأشعرهم أن لهم رأيًا معتمدًا في توجه المبادرة وطريقة سيرها.
• راجع معتقداتك وأهدافك باستمرار في ضوء ما تتعرض له من نقد من الآخرين.. ولا تفترض أنك على الصواب المطلق أو أنهم على الخطأ المطلق.
3. معوقات إعادة التصميم:
تظهر هذه المعوقات بعد أن تتسع دائرة التغيير، وتبدأ بالاصطدام بالبنية الأساسية للمنظمة، ومن هذه التحديات:
1) السلطة:
تتطلب إدارة المنظمة من قبل مستويات القيادة الثلاث نوعًا من الاستقلالية لفرق العمل في اتخاذ القرار، خصوصًا فيما يتعلق بالعمل اليومي. إلا أن هذا قد يصطدم مع رغبة بعض القيادات الإدارية العليا في فرض سيطرتها على الأمور. في نهاية الأمر هذه القيادات الإدارية هي المسؤولة أمام الجمهور عن مستوى الخدمة المقدمة والإنتاج، لذا يصعب عليها أن تعطي القيادات القاعدية مطلق الحرية والاستقلالية في التصرف واتخاذ القرارات المناسبة، لكنها أيضًا قد تبالغ في التدخل بالشئون الداخلية الدقيقة لفرق العمل.
تحدٍ آخر يظهر عندما يجد فريق العمل أن تحسين مستوى الأداء يتطلب تغييرًا جذريًا في جزء أساسي من بنية المنظمة؛ كالهيكل الإداري أو ربما في توجه المنظمة بشكل عام. وتظهر المشكلة عندما لا تقتنع القيادة الإدارية بمقترحات فريق العمل وجدية آرائه، بل تبدأ في التشكيك في قدرات أعضاء الفريق وولائهم، وقد تُوقف مشاريعهم.
عندما يشعر هؤلاء بأنهم ضحية التسلط والتحكم الإداري يتكون لديهم رد فعل سلبي، فيزيد الأمر سوءًا، وهذا هو الخطأ بعينه. وبقليل من التأني لفهم مجريات الأمور ومنطلقات القيادة الإدارية، يستطيع أعضاء الفريق تبني استراتيجيات فعالة في تسيير الأمور.
استراتيجيات التعامل مع تحدي (السلطة):
• انتبه لحدود صلاحياتك الوظيفية ولا تتعداها بتهور. فأحيانا تجد أنك في حاجة إلى تخطي بعض العقبات الإدارية أو العملية رغبة في تحقيق أمر ما في صالح المبادرة، لكن تأكد قبل ذلك أن هذا يتم بتأييد من القادة ذوي الصلة بالأمر.
• لا تتجاهل دور القيادة التنفيذية في إدارة عملية التغيير.. إذ لا بد من أخذ آرائهم بعين الاعتبار وعدم إشعارهم بأنه تم تجاوزهم أو تجاهل توجيهاتهم.
• حاول أن تبني علاقة شراكة مع مجموعات العمل الأخرى، وضع نقاط اتصال بينكم، وخير من يقوم بهذا الدور هم قادة الخطوط الوسطى في المنظمة.
2) التواصل والانتشار:
بعض المؤسسات لديها مشاريع رائدة ومتعددة، وعلى رأس كل مشروع فريق عمل ريادي يفكر ويخطط من أجل تحقيق الأهداف المرجوة. إلا أنه في معظم الأحيان يكمن فشل هذه المؤسسات في أنه لا توجد قنوات اتصال وتنسيق بين هذه الفرق، وبالتالي تتشتت الجهود وتضيع الأوقات وتُستهلك الموارد. إن انعدام قنوات الاتصال لا يسمح بانتقال الأفكار والحلول وتبادل الخبرات عبر الفرق. وتتمثل عوارض هذا التحدي في العزلة والتنافس السلبي الذي يدفع كل طرف إلى الاستئثار بالحلول العملية التي يصل لها خشية أن يتعلمها الآخرون ويحققوا على أثرها النجاح، وهناك عوارض أخرى مثل " إعادة اختراع العجلة" حيث يصل أعضاء فريق ما إلى نتيجة وصل إليها فريق آخر في وقت سابق.
استراتيجيات التعامل مع تحدي (التواصل والانتشار):
• تعلّم أن تقدر دور قادة الاتصال ( قادة الخطوط الوسطى) كناقلين للأفكار الجديدة، فمن غير وجودهم يصعب انتشار الحلول المبتكرة عبر قطاعات المنظمة. إنهم يعملون كشبكات اتصال بين مختلف أجزاء المنظمة، وبذلك فهم من يضمن وحدة بناء المنظمة وتوحيد اتجاهاتهان والدور الذي يقومون به لا تضاهيهم فيه أحدث تكنولوجيا الاتصال؛ فالتكنولوجيا ( البريد الإلكتروني مثلا) تنقل الغث والسمين من البيانات والمعلومات، بينما يقوم هؤلاء بتصفية البيانات من الشوائب التي ليس لها صلة بالعمل، بل يقومون بإعادة صياغتها وتقديمها بشكل مفيد.
• استفد من المجموعات المهنية في المنظمة، فأصحاب الاختصاصات الدقيقة كالمهندسين أو الاقتصاديين أو الحقوقيين أو المدرسين وغيرهم لهم باع في التعامل مع الأفكار والمعلومات المتعلقة باختصاصاتهم؛ يعرفون كيف ينظمونها ويقدمونها للآخرين. هؤلاء يجب استثمار طاقاتهم في بناء المبادرة ونشر أفكارهم عبر قطاعات المنظمة. إن إحدى الطرق الحيوية للانتشار أن تدعو أفرادًا من جميع قطاعات المنظمة للمشاركة بأفكار واقتراحات فيما يتعلق بالمبادرة وطريقة سيرها.
3) الاستراتيجية والمقصد:
المبادرة الكبرى التي تطرح تغيرًا استراتيجيًا في بنية المنظمة ووجهتها تتطلب تضافر الجهود في إدراك المبادرة وتحقيقها. إنها تشكل تحديًا كبيرًا لكثير من العاملين في المنظمة، حيث تبرز أسئلة كبيرة، من بينها "ماذا نريد أن نصنع؟"، "ما مقصدنا وغايتنا؟"،" ومن المعنيون بما نقدم من خدمة وإنتاج؟"، "كيف نغير من طريق عملنا بما يتلاءم مع التوجه الجديد؟"، "كيف ستكون طبيعة علاقتنا مع الآخرين في داخل المنظمة وخارجها؟"
في المنظمات التقليدية يكون شأن الاستراتيجية والتخطيط الاستراتيجي قاصرًا على القادة الإداريين دون مشاركة من قيادي الخطوط الأمامية والوسطى، ودون السماح لأحد أن يتجرأ بطرح وجهة نظر في هذا.. أما في المنظمات "المتعلمة" فهناك تمييز بين مفهومي " صنع الاستراتيجية" و"وضع الاستراتيجية"، ففي حال وضع الاستراتيجية يقوم القادة الإداريون بالتفكير نيابة عن كل أعضاء المنظمة، أما صنع الاستراتيجية فهو عملية حيوية متحركة يشارك فيها الجميع بالأفكار والمقترحات ويكون دور القادة الإداريين التوجيه وبناء الاستراتيجية بشكل مشترك.
وتكمن الصعوبة عندما يواجه فريق العمل الريادي قادةً إداريين لا يرون أن من حق أعضاء المنظمة جميعًا التفكير في الشؤون الاستراتيجية للمنظمة.
استراتيجيات التعامل مع تحدي (الاستراتيجية والمقصد):
• استخدم أسلوب التفكير بالسيناريو لاستكشاف النقاط العمياء في المبادرة.. هذه النقاط هي الانعكاسات السلبية التي لا تُرى ولكنها تنمو في الخفاء، ثم تظهر آثارها بعد حين.. التفكير بالسيناريو يعني أن يجتمع أعضاء الفريق للتفكير في جميع النتائج المحتملة لقرار معين.
• استحضر إلى دائرة الوعي الفرضيات التي تبنى عليها استراتيجيتك ثم أخضعها للاختبار. التخطيط الاستراتيجي التقليدي هو عملية تخمين بالدرجة الأولى مبنية على فرضيات حول استقراء المستقبل من خلال الواقع، يصيب بعضها ويخطيء الآخر. ونجاح المنظمة مبني على مدى صحة هذه الفرضيات، لذا فإنه من المهم تحديد هذه الفرضيات بقدر الإمكان، واختبارها باستخدام أسلوب التفكير بالسيناريو المذكور أعلاه.