لماذا لا تستطيع القيام لصلاة الفجر؟
كتبت- أمل أحمد
استضاف مسجد أحمد عفيفي بمدينة الرحاب يوم السبت الماضي الرابع من ديسمبر 2010 الشيخ سامح علوش للحديث في الدرس الأسبوعي بالمسجد، وقد كان محور الحديث عن غذاء الروح.
فقد تحدث الشيخ عن معاناة الناس من الكسل والخمول في العبادة والطاعات والبعد عن الصلاة وخاصة صلاة الفجر وثقلها على النفس والبدن، وأرجع سبب ذلك إلى جوع الروح وكونها ضعيفة، فهي تضعف مثل البدن وتجوع مثله، وكما يطلب الجسد الغذاء، فالروح تحتاج للغذاء.. فكيف نغذيها؟
والإجابة من آيات القرآن الكريم: " ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها" (الشمس 7-10) أي طهرها من الذنوب والمعاصي.
أما الإجابة من السنة، فعندما كان الصحابة يحاربون الروم والفرس وكسرى وقيصر، وتراهم قلة قليلة بالمقارنة بالجيوش والأعداد الهائلة للأعداء، ومع ذلك يقول هؤلاء الأعداء فيهم: ( إنا ترانا نحارب أناسًا لو استطاعوا اقتلاع هذه الجبال لاقتلعوها)، وقد فعلوا هذا بغذاء الروح.
ويضرب الشيخ المثل بالرجل المفتول العضلات، القوي، الضخم البنية، ومع ذلك لا يستطيع القيام لصلاة الفجر ويشعر بضعف الجسد وانهيار القوة! وسبب ذلك كثرة المعاصي وقلة الطاعات، مقارنة برجل ضعيف الجسم يقوم للصلاة بكل نشاط وهمة بسبب غذاء الروح بالطاعة والعبادة.
ونري خالد بن الوليد يتولى قيادة جيش المسلمين في غزوة مؤتة، وكان عددهم ثلاثة آلاف مقابل مائتي ألف من الروم، وبالرغم من ذلك قال عنهم الأعداء نحن لا نحارب بشرًا إنما نحارب ملائكة أوجنًا.
فقد خلق الله الإنسان من جزءين: (جزء أرضي) يأخذ غذاءه من الأرض، لأنه خلق منها، وغذاؤه من الطين. وجزء (علوي) يتغذى من أعلى ويمتع الروح بالغذاء، وهو ذكر الله "الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب" (الرعد 28)
لذلك تجد إنسانًا غنيًا لكنه تعيس، لأن غناه من ماديات الدنيا لم يقدم له غذاء الروح، والمعصية تجلب له الكآبة فتجوع روحه ويريد التخلص من كآبته فيتصل بصديق السوء ويضيع الوقت بالخمر والمخدرات، ولكن علاجه الناجع في تغذية الروح بالطاعة والعبادة وحج بيت الله والوقوف بعرفات الله وغيرها، وقد تجد إنسانًا فقيرًا مريضًا لكنه سعيد، وسبب سعادته روحه التي تكون في طاعة الله ومعيته وذكره الدائم.
فالطاعة تجعلك نشيطًا فرحًا مسرورًا، وقد حدثني البعض أنه منذ رجع من الحج يحس أنه خفيف كالريشة، ولم لا؟ فالذنوب تثقل الإنسان إلى الأرض. وفي قراءتك للقرآن صباحًا تغذية للعقل والروح، وهو غذاء ينبغي أن تقدمه قبل غذاء البدن، ثم قوي غذاء الروح بقراءة الكتب مثل كتاب بن القيم الجوزية عن غذاء الروح "حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح).
يقول تعالى: " من عمل صالحًا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون" (النحل 97).
ويقول تعالى: "ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكًا ونحشره يوم القيامة أعمى قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرًا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى" (طه 124- 126)
لذلك نجد الدول الأجنبية مليئة بحالات الانتحار واليأس من الدنيا لضعف الروح والبعد عن الله، وقد قام البعض بإجراء تجربة عملية علي شخصين، ومقارنة نسب الهرمونات المسئولة عن السعادة أو الحزن والكآبة عندهما، وأعطوا كليهما نقودًا لينفقاها؛ فالذي أنفقها علي نفسه ظنًا منه أنه سيسعد بالدنيا والطعام والخمر والمعاصي، هذا الشخص أفرز نسبة أكثر من هرمونات الحزن والكآبة، أما الذي أنفقها علي دور اليتامى والفقراء والمحتاجين ولم ينفق شيئًا منها علي نفسه فقد أفرز هرمونات السعادة .
كما نرى أن العلاج بسماع القرأن يفيد غير المسلمين حتى مع عدم علمهم بمعنى الكلام الذي يسمعونه، أو أنه تنزيل من الرحمن الرحيم، وصدق القائل"ألا بذكر الله تطمئن القلوب"(الرعد 28).