هل أعددت نفسك للغد؟
عرض كتاب (Preparing Your Business for Tomorrow’s Technology Revolution )
• عندما ننظر إلى أهم المشاكل الموجودة في العالم نجد أننا نعيش في لحظة تعتبر فيها الحلول أكثر من المشكلات
• اجتهد العلماء وتوصلوا إلى خمسة مصادر يمكن الاعتماد عليها مستقبليًا، لكل منها فوائده وطرقه الخاصه التي، بفهم كيفية العمل بها وتنميتها، يمكن تحديد المستقبل، كما أن كلاً منها يقدم فرصًا جديدة وأساليب جديدة للحياة
أحلام الأمس حقائق اليوم، فمنذ عدة سنوات كان الهاتف الذي ينقل صوتًا وصورة ضربًا من الخيال، وكان التلفزيون الذي ينقل إلينا أخبار العالم من حولنا حلمًا كبيرًا، وكان الحاسوب (الكمبيوتر) الذي فتح لنا عالمًا واسعًا للمعرفة والتدريب والتعلم أمرًا مستحيلا، ترى ماذا حدث لنا؟ وماذا يحدث الآن؟ وماذا سيحدث غدًا؟
تطوير لا اكتشاف
لا استطيع الادعاء بأن ما يحدث الآن هو اكتشاف جديد، ولكن تطويرَ كل شيء سبق اكتشافه أمرٌ يسير بسرعة مذهلة، والأمل في التوصل إلى تطوير مهم قد يقود إلى تغيير حياتنا. فقد نطور نمطًا غذائيًا يساعدنا على العيش لفترات أطول، أو اكتشاف حاسوب أصغر، أو طائرة أصغر، أو حتى أعضاء بشرية بديلة، لكن السؤال هو: كيف نحدد وجهتنا نحو المستقبل؟.
فنحن نعيش في زمن تمر فيه التقنيات الأصيلة التي تشكل مجتمعاتنا بثورة كاملة، والدليل على ذلك أننا عندما ننظر إلى أهم المشاكل الموجودة في العالم نجد أننا نعيش في لحظة تعتبر فيها الحلول أكثر من المشكلات. أضف إلى ذلك أن اختيار أي نوع من الحلول سيكون له تأثيرات في تشكيل المستقبل، ليس فقط لسنوات، ولكن لعقود.
لقد اجتهد العلماء وتوصلوا إلى خمسة مصادر يمكن الاعتماد عليها مستقبليًا، ولكل من هذه المصادر فوائده وطرقه الخاصه التي، بفهم كيفية العمل بها وتنميتها، يمكن تحديد المستقبل، كما أن كلاً منها يقدم فرصًا جديدة وأساليب جديدة للحياة في القرن القادم على الأقل.
وبرغم ذلك فإن قليلاً من البشر هم الذين يهتمون بتحديد خيارات المستقبل التي سوف تحدد بالتالي مستقبل العالم. ومما يثير السخرية أن كثيرًا من هؤلاء الأفراد لا يدركون ما يفعلونه، حتى أن تلك الخيارات يتم قياس تأثيراتها فقط على المدى القصير، أما تأثيرات المدى الطويل فيتم تجاهلها ولا توضع في الحسبان، علمًا بأن التأثيرات قصيرة المدى تخلق مشكلات صعبة، خاصة فيما يتعلق بالكفاءة والاتساق خلال السنوات المقبلة.
إلى أي نظام تقني تنتمي؟
أشارت الخبرة إلى أن التوصل إلى اجابات قاطعة أمر ليس صحيحًا، غير أن الخبرة تشير أيضًا إلى أن كل إنسان يميل بطبيعته إلى أمور أكثر مما يميل لغيرها. وفيما يلي سوف نتعرف على كل مجال، وما يقدمه من أفكار جديدة تصلح لتوليد الطاقة في المستقبل.
1- التقنية الفائقة
تستحوذ التقنية الفائقة على اهتمام الاعلام أكثر من المجالات الأخرى مجتمعة، لأنها تمتلك تاريخًا طويلا وآفاقًا جديدة. وقد تم تنمية قطاع البيئة التقنية منذ ما يزيد على مائة عام. وتسعى التقنية الفائقة إلى البحث، أو تلبية نقاط أساسية للإنسان هى:
الوفرة
الراحة
إن أبسط الأمثلة على التقنية الفائقة التي تحيط بنا خلال حياتنا اليومية هو جهاز التحكم عن بعد (الريموت كنترول). لماذا تحمّل نفسك مشقة القيام والذهاب إلى التلفاز بينما يمكن فعل ذلك بالضغط على زر واحد وأنت في مكانك؟! كذلك قنوات التلفزيون التي تتجاوز المئات، فهذه أمثلة واضحة على التقنية الفائقة.
2- تقنية الحدود
وهى ثاني المجالات التقنية التي بدأ انتشارها عام 1962، بعد بحث في مدى الأضرار التي تسببها التقنيات العالية التي لا تلقى بالاً بالتأثيرات السلبية الناتجة عنها. ومن هنا كان لابد من البحث عن مجال آخر بديل عن التقنية العالية يحاول تلافي سلبياتها.
وهنا ظهرت تقنية الحدود التي تحاول التركيز على تبعات التقنية العالية كالتلوث المفرط، واستنزاف الأوزون، وتدمير الثروة السمكية والاحتباس الحراري.
وتقوم تقنية الحدود على فرضية بسيطة وهى أن العالم له حدود، وعندما نحاول الخروج عنها أو عبورها فإن المردود – عاجلاً أم آجلاً– سيكون سيئًا علينا. ويركز المهتمون بتقنية الحدود على محاولة خلق وسائل وتقنيات تسمح بالحصول على حياة جيدة دون تخطي حدود كوكبنا. وبالرغم من الرفض الذي استُقبلت به الفكرة في بداياتها فإنها بدأت تحظى الآن بقبول عدد لابأس به من سكان الأرض.
وتقوم تلك التقنية على أساس البحث عن ممارساتٍ واجراءات لحماية كوكبنا ممن يحاولون تدميره. وقد قام المهتمون بهذا المجال بتطوير برامج للحاسوب تقوم بتوقع النتائج بعيدة المدى للتقنيات العالية، التي ليست الحل الأمثل للمستقبل ولكنها الحل الأسوأ.
ويرى أنصار هذا النمط أن كل الموارد سهلة الاستخدام قد انتهت، فالثمار الدانية تم قطفها، والباقية تقلصت وأستنزفت، لذلك علينا أن نكون حذرين في التعامل مع الموارد المتبقية، وعلينا أيضًا تعلم كيفية العيش دون استنزافها.
3- التقنية المحلية
وفي أوائل السبعينات، ظهر نوع ثالث من التقنيات هو التقنية المحلية، وبالطبع فمفتاح كل عمل هو مدى ملائمته لمن يعمله ومدى الرضا المتحقق منه، وطالما أن الأوضاع المحلية هى التي تحدد مدى الملاءمة، فقد أطلق على هذا النوع من التقنية (التقنية المحلية) التي تحاول استخدام قدراتها لحل المشكلات، لكنها في الوقت ذاته تحاول أن تكون صديقة للبيئة وللمستخدم .
ويرى أنصار هذا النمط أن هناك كميات "كافية" من الموارد لكل إنسان، وكلمة "كافية" هنا كلمة مهمة، ليس القصد منها أن يعيش كل إنسان داخل قصر، وإنما الفصج منها مدى إمكانية حصولنا جميعًا على حياة كريمة، وبالتالي فالبشر هم حماة الطبيعة، والتقنية المحلية هى التقنية التي نسعى من خلالها لحماية البيئة، واستغلالها بأسلوب لا يؤدي إلى تدمير البيئة على المدى الطويل.
4- تقنية الطبيعـــة
تعتمد تكنولوجيا الطبيعة على وسائل، أغلبها ليس من صنع الإنسان ولكنها تأتي من الطبيعة، وهى تختلف اليوم عن الماضي تمامًا، وذلك بفضل قيام الإنسان بتنمية وسائل تسمح بالتغيير المباشر في الحامض النووي للكائنات الحية. فباستخدام الهندسة الوراثية يتم تركيب عناصر جينية لم تكن لتجتمع بشكل طبيعي. وتعتمد هذه التقنية بالأساس على قدرة الإنسان على استخدام العناصر البيولوجية (الحية) الموجودة والمتفاعلة في الطبيعة بأساليب جديدة تسعى لإفادة البشرية بدون إخلال بالمنظومة الطبيعية.
ويرى أنصار هذا النمط أن الاحتياجات البشرية يمكن توفيرها كلها باستخدام منظومة الطبيعة؛ فمسائل الغذاء والعلاج والطاقة والسكن يمكن حلها من خلال الموارد الحية الموجودة على كوكب الأرض، ذلك أن (الطبيعة عبر مليارات السنين)* استطاعت تقديم حلول للمشاكل التي نواجهها اليوم، وماعلينا سوى تكييف هذه الحلول لاحتياجاتنا الخاصة، ولهذا فعلاقاتنا بالطبيعة يجب أن تكون علاقة التعاون بين الأنداد، فنحن لا نتعامل مع الطبيعة بصفتنا حماة لها، إنما نتعاون معها لتحقيق النفع لها ولنا.
5- تقنية البشر
وهذا النوع يختلف عن الأنماط السابقة، إذ إن الأنماط السابقة تتكون من مواد خارج جسم الإنسان، أما التقنية البشرية فتتفاعل داخل الإنسان سواءً عقليًا أم جسديًا، وبالتالي فهى ليست في العالم الخارجي وإنما في العالم الداخلي، مما يجعل هذا المجال أكثر المجالات أهمية.
ويرى أنصار هذا النمط أن الاحتياجات الحقيقية للإنسان ليست احتياجات مادية بل احتياجات ترتبط بالأوضاع الداخلية للإنسان؛ كالخوف والأحلام والأماني والأهداف، كما أن تطور الطبيعة يعتمد على مدى رؤية الانسان لها.
كم عدد التقنيات التي نحتاجها؟
قد يتساءل البعض: لماذا لا نأخذ أفضل ما في المجالات الخمسة ونحقق نظامًا سادسًا جديدًا؟ عند الاجابة على هذا السؤال نجد أن الأنظمة الكونية لا تُهَجّن، نظرًا لوجود حدود فيما بينها، كما أن التهجين لا يضمن استمرار النتائج الجيدة في كل الأجيال المهجنة، فكل جيل يحتاج إلى عملية تهجين من أجل الحصول على المنافع، وبالتالي هناك مجهود مستمر ومكلف لابد من تحمله من أجل الحصول على منافع التهجين.
وإذا لم نقم بمناقشة واكتشاف مانريده للقرون القادمة، فإن مبدأ "الحصرية" هو الذي سيتحكم في مستقبلنا، فهل يؤدي هذا المبدأ إلى سيطرة بعض المجالات على الأخرى؟ نعم يمكن أن يحدث، الأمر الذي سيسبب خسارة فادحة، وعليه، فقبل أن يتحكم هذا المبدأ في مستقبلنا، علينا أن نشارك في حماية كوكبنا بالحصول على عدة مجالات أو سبل لتوفير الطاقة على الكوكب، فهذه هى الوسيلة لضمان وتأمين قدراتنا على الاختيار.
إن تقسيم العالم إلى المصادر الخمسة السابقة يساعدنا في العثور على وسيلة أكثر انضباطًا لتحديد التقنية والبحث عنها، والتحدي الحقيقي يكمن في كيفية خلق حوار مستمر عبر كوكب الأرص.
ولايمكن الحصول على المصادر الخمسة في الوقت ذاته، ولكن يمكن القول إن هناك مناطق للالتقاء بينها، كما أنه لا يمكن الحصول على مصدر وحيد منها دون الآخرين.
ونحن البشر الذين نعيش على هذا الكوكب نحتاج إلى التفكير معًا وبشكل منظم، فقد حان الوقت للحوار؛ لا بين النخبة والعلماء، ولكنه حوار مفتوح للجميع ولك أيضًا.
_________________
*يتحدث الكاتب باعتبار أن الطبيعة هي التي تدبر أمر الكون، بينما يعتقد كل المؤمنين بالله أن الله سبحانه هو مدبر الكون الذي خلق كل شيئ بقدر معلوم.