15 سلوكًا تدمر نفسية طفلك
• كثرة الأوامر دون إقناع تحول الطفل إلى آلة، وتلغى شخصيته المستقلة وتجعله سهل الانصياع للآخرين
• الصراخ في الطفل يجعله يتعامل مع الغير بنفس الأسلوب ويلغي التواصل الإيجابي بينه وبين الأسرة
كتبت- نسمة جاد
نظمت جمعية "تمكين" مؤخرًا ندوة للأستاذ عبد الرحمن محمد الاستشاري التربوي، ناقش خلالها كيفية تربية الأبناء، وسرد السلوكيات الـ"15" التي تدمر نفسية الطفل، محللا بشكل عميق نفسية الطفل.
بدأ عبد الرحمن حديثه بالتركيز على ثلاثة مؤثرات تنعكس على سلوك الطفل وتكوين شخصيته وهي:
أولا: فترة الحمل: وهي تؤثر بنسبة 10%، وتبدأ منذ اللحظة الأولى، مع مشاعر الأم عند معرفة خبر حملها, وانطباع زوجها عندما تخبره بحملها. هذه الأشياء مثل البصمة ترتكز في العقل الباطن للطفل، وتؤثر على حياته، فإذا كانت إيجابية تصبح شخصية الطفل ونظرته للحياة واندماجه مع المجتمع مختلفة تمامًا عن الطفل الذي تم تلقي خبر مجيئه للحياة بشكل سلبي, إذ عادة ما يشعر الأخير بأنه شخص منبوذ حتى لو لم يقال له ذلك؛ فعقله الباطن يعي ذلك، ويتصرف بناءً عليه. وعادة ما يكون عدوانيًا أو انطوائيًا.
ولا يقتصر الأمر على هذه اللحظة إنما يشمل تصرفات الأم والأب خلال فترة الحمل, هل يتحدثان مع طفلهما أم لا؟ فهذه ظروف تؤثر على شخصية الطفل ونفسيته.
ثانيا: الوراثة: وهي تؤثر بنسبة 10% أيضًا؛ فإذا كان للأب أو الأم ميول عصبية، فبالتالي نتوقع أن لأحد أطفالهم نفس الصفة.
ثالثا: التربية والبيئة: وتؤثران بنسبة 80%، وتشملان كيفية تربية الطفل، وطريقة التعامل معه، والبيئة المحيطة به؛ كالجيران, فأنا الذي أختار أن أقطن بالرحاب أو غيرها، كما أحدد معيار الثواب والعقاب.
وأشار محمد إلى اللغة كأداة تربية نستخدمها مع أطفالنا وتسمى البرمجة اللغوية العصبية NLP، فعلى سبيل المثال كانت أم أينشتين تقول له كل يوم عندما يأوي إلى نومه: "أينشتين اعلم أنك ابني الذي أحبه وفخورة به واعلم أنك عندما تكبر ستفعل ما لم يفعله شخص من قبلك.. سيخلد التاريخ اسمك، أما أسماء منتقديك فلن يذكرهم أحد" وذلك رغم إجماع معلميه على أنه طفل غبي لا يصلح للتعليم، ولكن كانت له أمٌ غير عادية تدعمه.
وتنقسم هذه اللغة إلى لغة ملفوظة كالكلمات، وأخرى غير ملفوظة كنبرة الصوت وحركة الجسد.
وعن الاستراتيجيات السلبية التي تدمر شخصية الطفل يقول
الاستشارى:
أولا: الصراخ المستمر: سواء من الأم أو الأب طوال اليوم، وهو أمر لا يكاد يخلو منه بيت أو تنجو منه أسرة لديها أطفال في مراحل تعليمية وعمرية مختلفة؛ فالصراخ ليس أسلوب تربية لكنه على العكس مجرد تنفيس لشحنة غضب تجاه الأطفال، وهنا يبدأ الأطفال في الاعتياد على الصراخ ويتعايشون معه ويبدءون في التعامل مع الغير بأسلوب الصراخ, وبالتالي يلغي هذا الأسلوب التواصل الإيجابي بين الأسرة والطفل، ولا يتعرف الطفل على السلوك الصحيح، فيصنع مرساة سلبية تظل مع الطفل طوال حياته، ويؤثر ذلك على مستوى الثقة بالنفس لديه، كما أن أثره النفسي على الطفل أسوأ من الضرب سبعة أضعاف.
ثانيًا: التأنيب: يؤثر اللوم على الطفل بشكل عام تأثيرًا عميقًا؛ فهو وسيلة سلبية تؤذي الطفل وتشوه شخصيته، وكل ما يفعله التأنيب والاتهام بالتقصير وسوء النية أن يجعله يعاني من الشعور بالذنب, وبالتالي يقتل الحب ويزيل الألفة بين المربي وطفله، ويربي الطفل على الازدواجية السلوكية، ويجعله ميالاً إلى الانطواء والانعزال سواء عبر مشاهدة أفلام الكرتون أو غيرها.
ثالثًا: الأوامر: فكثرة الأوامر دون إقناع تحول الطفل إلى آلة، وتلغى شخصيته المستقلة وتجعله سهل الانصياع للآخرين.
رابعًا: المبالغة في الوعظ: فالنفس البشرية ترفض المبالغة في الوعظ، وتسأمها ولذلك كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يتخوّل أصحابه رضي الله عنهم بالموعظة مخافة السآمة. والطفل يرفض أن يتلقى باستمرار وعظاً مبالغًا فيه ومباشرًا، يجعله يكره الموعظة ويسخر من الواعظ وبالتالي تفقد الموعظة قيمتها.
خامسًا: السخرية: سواء المباشرة أو غير المباشرة من السلوك المرفوض، فهي تسحب الثقة من الطفل وتجعله يشعر بالتحقير، وتجعله بلا وعي، يقتنع بأنه لن يستطيع التخلص من السلوك السلبي، إضافة إلى أن السخرية تحطم المعنويات، وتضعف كيان الطفل وتؤثر على هويته الذاتية، وعادةً ما تدخله في عالم منطوٍ على ذاته بعيدًا عن التفاعل مع محيطه بشكل إيجابي ومستقل.
سادسًا وسابعًا: التحذير والتهديد: كثرة التهديد بكل أنواعه: (المباشر وغير المباشر) لا تساعد في حل المشكلة وإن بدا لنا أن الطفل يترك هذا السلوك ويتخلى عنه؛ فإن هذا يتم بشكل مؤقت، وبدافع الخوف من التهديد لا من خلال قناعات ومعتقدات ودوافع داخلية، ويشجعه على القيام بتصرفات خاطئة كتأليف قصص كاذبة.
أما التحذير من الأشياء غير المقبولة فيؤدي إلى فتح ملفات التحذيرات في ذهن الطفل وتفكيره. فالحديث مثلاً مع الابن بأسلوب التحذير "لا تدخن! إياك والتدخين" تنشئ ملفًا عن التدخين في ذهنه، يمكنه أن يفتحه في أي لحظة ضعف أو سوء تفاهم بينه وبين والده, لتجعل من لجوئه للتدخين ردة فعل أو تحديًا أو ميلاً للمعاكسة، ولذلك ينبغي التركيز على ما نريده من أطفالنا، بدلا من التركيز على ما لا نريده.
ثامنًا: التجريم: حيث يقتنع الطفل بأنه مجرم دائمًا من قبل والديه فهذا يربي عنده شعورًا عاليًا بالعدوانية.
تاسعًا: العقاب: بشتى أساليبه، إشفاءًا للغليل، أو إفرازًا للتوتر, فالطفل الخاضع للعقاب قد يستجيب للوالدين، ولكن بشكل مؤقت، أو يتعلم الازدواجية السلوكية؛ فيتصرف أمامك بسلوك، وفي غيابك ينهج سلوكًا مخالفًا كما أنه يفتقد الإحساس بالأمان.
عاشرًا: الاتهام: وهو تحول العلاقة بين المربي والطفل إلى وكيل نيابة ومتهم، فيعتاد الطفل تأليف القصص لتبرئة نفسه من الاتهام، والاتهام يكون مبثوثاً في أسئلتك فهناك فرق شاسع بين أن تسأل ابنك: "من كسر الطبق، أو تقول له أنت كسرت الطبق؟, فالسؤال الأول يقربكما ويجعل ابنك يتواصل معك، ويفتح قلبه وحديثه معك، والثاني يجعله ينغلق وقد يدفعه للتهرب والكذب.
حادي عشر: سوء الظن: تفسير السلوك دائمًا بشكل سلبيّ يعد من سوء الظن بالطفل ويؤكد عدم الثقة فيه وفي أخلاقه وقيمه، وهذا يؤدى إلى انعدام الثقة بين الابن ووالده، وبالتالى يربي الطفل على تخوين الآخرين وإذا اندثرت الثقة أغلقت أبواب التواصل بينهما، لأن أي علاقة متينة لا يمكنها أن تقوم إلا على ثقة متبادلة.
ثاني عشر: المن: فكثرة المن على الطفل، وتذكيره بأعمالك وتعبك، يجعله في موقف ضعف وتأنيب، وعادة ما ينتهي بمحاولاته التخلص من ذلك المن المستمر، كما يؤدي إلى تربية الطفل على شكل المقايضة والمن بالمجهود, والمن يتم بأشكال متعددة مثل القول: "بعد كل ما عملته من أجلك تفعل هذا؟" أو: "أنا أشتغل وأتعب من أجلك".
ثالث عشر: المقارنة: ولها ثلاثة أشكال كالمقارنة بالأب والأم، والمقارنة بأقرانه مثل أصحابه وأقاربه, أو المقارنة بأخوته، فكل هذه الأشياء تقنع الطفل بضعف قدراته وتقلل من مستوى ثقته بنفسه وتزرع روح الضغينة بينه وبين المقارن بهم.
رابع عشر: شتم الطفل: ووصفه بنعوت سلبية لتثبيت هذه الأوصاف عليه، ويقتنع الطفل بها، إضافة إلى تعليم الطفل سوء الخلق، فيصبح ضحية لآفات لسانه.
خامس عشر: الانتقاد المستمر لسلوك الطفل: وإيجاد ثغرات ننتقدها دائمًا يجعل الابن زاهدًا في العمل والإنجاز، مفضلاً الاستكانة والعزلة.
وأكد محمد عبد الرحمن على إمكانية تغيير وإصلاح سلوك الإنسان، فأمام كل سنة تعرض فيها الطفل لإحدى السلبيات التي ذكرناها يحتاج الطفل إلى شهر للتخلص منها؛ بمعنى لو أن الطفل عنده خمس سنوات يتعرض للصراخ فإنه يحتاج إلى خمسة أشهر لتعديل سلوكه ليصبح شخصًا سويًا
ويلخص عبد الرحمن الوصفة التي يجب أن نتبعها قبل رد الفعل السريع تجاه سلوك أطفالنا في أربع كلمات: توقف، تنفس، فكر، افعل.