د.عبد الله  بركات.. صوت يغرد في سماء الرحاب

- ختم القرآن وهو ابن 6 سنوات وصلى بالناس إمامًا وهو في السابعة
- تمنى أن يكون لاعب كرة.. ووالده أصر أن يكون طبيبًا

حوار- محمود رضا
د.عبد الله بركات صاحب صوت جميل خاشع.. استمع إليه سكان الرحاب وهو يقرأ القرآن الكريم في صلاة التراويح في شهر رمضان الماضي بمسجد طلعت مصطفى. طبيب شارك في أكثر من 30  مؤتمر طبي، وفي تنظيم بعضها. حاصل على ترخيص من مجمع البحوث الإسلامية بتسجيل القرآن الكريم بصوته، وسجل بالفعل شرائط كاسيت وإسطوانات، كما سجل70 حلقة للقناتين الثانية والثالثة بالتلفزيون المصري، وشارك في أكثر من30 أمسية لإذاعة القرآن الكريم. استضافته قنوات فضائية عدة مثل قنوات الناس والحافظ والرحمة والفجر وهدى. "رحابي. نت" التقته عبر سطور الحوار التالي:

عرفنا بنفسك؟

عبد الله عبد الفتاح عبد السميع بركات، ولدت بالعاصمة الأردنية عمان في الحادي والثلاثين من مايو عام 1988م، ونشأت بها حتى بلغت العاشرة، ثم انتقلت مع أسرتي لنستقر بمدينة قويسنا بالمنوفية, كنت إمامًا بعدد من المساجد الكبيرة في شهر رمضان بعدد من المحافظات، وحاليًا إمام مسجد المدينة الجامعية لطلاب جامعة الأزهر لأربع سنوات متتالية بعد اجتياز الاختبارات تحت رعاية رئيس الجامعة وعدد من عمداء الكليات الشرعية, وقد تم اختياري لإمامة المصلين لإذاعة صلاة التراويح مباشرة من مسجد المساعي بمحافظة المنوفية لإذاعة وسط الدلتا, كما صنفت ضمن موسوعة القراء كأصغر إمام يؤم المصلين, وحصلت على جائزة أشهر شخصيه في رمضان لعام 2008- 2009 في الإستفتاء الذي أجرته مجلة الرسالة.

متى بدأت حفظ القرآن؟
لقد منَّ الله عليّ بحفظ القرآن الكريم إذ بدأت الحفظ في الرابعة من عمري، وأتممته في السادسة، وكل ذلك كان فى الأردن.

ومن الذى ساعدك على حفظه؟

تعلمت أحكام التجويد علي يد والدي الذي كان له الفضل الكبير بعد الله تعالى في حفظه، وساعدني كثيرًا في تعلم الأحكام والأداء الصوتي الصحيح للقرآن الكريم.

وماذا يعمل والدك؟

والدي يعمل مدرسًا للغة العربية، ولديه مكتب لتحفيظ القرآن الكريم والتجويد.

هل اشتركت فى مسابقات للقرآن الكريم بعد الانتهاء من حفظه؟
بالفعل اشتركت لأول مرة في عام 1995 وكانت فى الأردن، وبفضل الله حصلت فيها على المركز الأول على مستوى المملكة الأردنية الهاشمية، وتم تكريمي ماديا ومعنويًا .

هل للقرآن الكريم وحفظه أثر على التفكير الذهني والدراسي؟
 بالفعل لقد شعرت بذلك منذ الصغر، حيث التحقت بمدرسة الأرقم بن أبي الأرقم بالأردن، والتي كان لها الأثر الأكبرفي تكوين ثقافتي، حيث ظللت بها حتى السنة الخامسة من المرحلة الإبتدائية، وكنت دائمًا أحصل علي الدرجات النهائية، كما كنت دائمًا رائدًا للفصل وحصلت على المركز الأول في جميع السنين الدراسية بدرجة 100% في جميع المواد, وعندما انتقلت لمصر أصر أبي أن يلحقني بالأزهر الشريف حتى أحافظ على القرآن الكريم، وأتعلم المواد الشرعية.. والحمد لله اجتزت الامتحان والتحقت بالصف السادس الإبتدائي بمعهد قويسنا الإبتدائي بالمنوفية وحصلت في ذلك العام علي المركز الأول على المحافظة في الشهادة الابتدائية, وقد حرص والدي على أن ألتحق بمعهد القراءات بشبرا بخوم، فكنت أدرس في المرحلة الإعدادية بجانب دراستي بمعهد القراءات, وكان ذلك عبئًا كبيرًا على صبى مثلي؛ حيث كنت أدرس دراسة مزدوجة: مواد الأزهر بالإضافة إلى مواد معهد القراءات، ولكن بتوفيق الله تعالى حصلت على الشهادة في القراءات بجانب الشهادة الإعدادية ولكن لم أحصل على مركز متقدم بها.

هل اكتفيت بالدراسة في معهد القراءات لتنمية الموهبة؟
حرص أبي أن أتتلمذ على يد المشايخ الكبار في القراءات، وقد قرأت القرآن الكريم علي يد مشايخ كثيرين مثل الشيخ سيد أبو زيد، والشيخ عبد الباسط هاشم، والشيخ المعصراوي وغيرهم من مشاهير القراء.

متى بدأت إمامة الناس في الصلاة؟
في السابعة من عمري؛ فقد كان والدي يشجعني على أن أصلي بالناس إمامًا منذ سن صغير، منذ أن كنت بالأردن، واستمر ذلك التشجيع فيما بعد حيث أممت المصلين في أكبر مساجد محافظة المنوفية، وكنت وقتها في الصف الأول الإعدادي، وبعدها وجدت حب الناس وتشجيعهم لي، فشعرت بقيمة القرآن الكريم وفضله، وعندما انتقلت إلى المرحلة الثانوية وذاع صيتي في المحافظة بدأت أصلي بأكبر مساجد مركز قويسنا وهو مسجد المساعي .

ماذا فعلت كي تصل إلى قراءة سليمة خاصة وأنك بدأت تؤم الناس في مساجد كبيرة؟
فى الحقيقة أردت أن أسير على النهج السليم حتى لا تشوب قراءتي شائبة، فانتقلت إلى عدد من المشايخ لأنال إجازة في التجويد، في رواية حفص، وفي تلك الأثناء كنت أدرس التخصص في القراءات حيث تخصصت في رواية ورش عن نافع أيضًا، كما التحقت بالقسم العلمي بمعهد قويسنا الثانوي.

ولماذا ألتحقت بالقسم العلمي؟
كان والدي وأمي يأملان أن ألتحق بكلية الطب حيث كان هذا الحلم يراودهما، وبالفعل التحقت بالكلية وحققت ما كانا يحلمان به ولكن فى الحقيقة كان حلمي مختلفًا تمامًا.

وماذا كان حلمك؟
كانت هوايتي مختلفة تمامًا، فقد كنت أحب لعب كرة القدم؛ فقمت بتسجيل نفسي بأحد أندية الدوري وهو فريق غزل المحلة بعد أن انتقلت من فريق النادي الرياضي بمنتخب المنوفية تحت 15 سنة، ولعبت بالفريق الأول للنادي الرياضي، وكنت قائدًا للفريق بالنادي الرياضي، كما كنت قائدًا لمنتخب المنوفية3  سنوات، وحصلت على المركز الأول لألعاب القوى على مستوى المحافظة عام 2005، كما حصلت على المركز الأول لألعاب القوى في اللياقة البدنية على مستوى المدينة الجامعيه لعام2007

لماذا لم تكمل في عالم الرياضة؟
لما علم والدي بما حققته في هذا المجال الكروي، قام بوقف نشاطي في هذه اللعبة وسحب بطاقة اللعب من اتحاد الكرة وكان ذلك في بداية الصف الثالث الثانوي، وأخبرني بأنه يريدني طبيبًا وليس لاعبًا لكرة القدم، وكان يقول لي دائمًا: أريدك "القارئ الطبيب" وشجعنى على ذلك، وقد منّ الله علي بذلك وحصلت في الثانوية الأزهرية على  98% ، والتحقت بكلية طب الأزهر بالقاهرة، وفي نفس العام حصلت على إجازة في رواية حفص عن عاصم، وبعدها بدأت القراءة برواية ورش عن نافع، ودرستها علي يد الشيخ محمود الزيني.

هل أثرت الكلية بالسلب على حفظك للقرآن ونشاطك؟
لا أظن ذلك، بل قمت بتفعيل الخير في نفسي، وانعكس هذا على أصدقائي؛ فبعد أن التحقت بالكلية كونت أسرة اسمها أسرة "المجتمع الطبي المتكامل(IMS)" وكنت مقرر الأسرة تحت ريادة أ.د حلمي شلبي أستاذ الباطنة بمستشفى الحسين، حيث قمنا بعمل مجلات حائط وتكريم للأساتذة والطلبة، ورحلات علمية لشركات الأدوية، وزيارة مستشفي السرطان وقرية الأطفال الأيتام، وأقمنا معارض للملابس، وشاركت في العديد من القوافل الطبية لمساعدة غير القادرين وفي أسابيع الشفاء والمؤتمرات الطبية بالإضافة إلى القيام بتلخيصات عديدة للمواد الطبية لتسهيل دراسة تلك المواد على إخواني الطلبة، وقمنا في السنة الثالثة بالتعاون مع الجمعيات الخيرية بتوفير الأجهزة التعويضية والأطراف الصناعية للطلبة المعاقين، كما ساهمنا بفضل الله تعالى بتوفير رواتب شهرية لأكثر من700  طالب من طلاب الجامعة. وبفضل الله حصلت على تقديرات جيد جدًا وامتياز في السنوات الأربع الأولى.

هل رشحت نفسك لانتخابات اتحاد الطلبة بالكلية؟
نعم، وكنت أمينًا لاتحاد الكلية، وتم ترشيحي لمنصب أمين مساعد اتحاد الجامعة، كما رشحتني الجامعة لحضور لقاء أوباما في جامعة القاهرة.

ما الفرق بين التعليم في الأردن ومصر؟
التعليم الأردني أفضل ما يوصف به "خير الكلام ما قل ودل"، فعندما كنت بالأردن كانت لدي معلومات كثيرة ومتشعبة في كافة المجالات، أما في مصر فالمناهج مليئة بالمعلومات التي لايحتاج لها الطالب أحيانًا, لكن بالنسبة للعلوم الشرعية وعلوم القرآن فمصر من أفضل الدول على مستوى العالم فى هذا الصدد؛ فبها شيوخ أجلاء وطلاب جادون في طلب العلم.

كيف وصلت للرحاب؟
تعرفت على الأستاذ محمد عبد الرؤوف من خلال إمامتي بمسجد المساعي بالمنوفية، وجمعتنى به صداقة قوية وهو يعمل محاسبًا بشركة طلعت مصطفى، وعرف أنهم يبحثون عن شيوخ للإمامة فى رمضان فرشحني لذلك، وعرض عليّ الأمر بإلحاح فوافقت، وبفضل الله ذهبت للمقابلة, وصليت إمامًا بأغلب مساجدها؛ فصليت بمساجد طلعت مصطفى والهداية والرحمن إلى أن رشحوني لإمامة مسجد طلعت مصطفى طوال شهر رمضان.

ما رأيك فى الرحاب؟
الرحاب من أجمل المدن المصرية التي رأيتها؛ فقد عشت بها شهر رمضان وكان من أجمل الأشهر التي علقت بذهني؛ فجمالها ونظافتها أكبر دليل على رقي سكانها ونظافتهم، وأتمنى أن تكون مصر كلها كالرحاب في جمالها ورقي واحترام سكانها، كما أنها تتمتع بالأمن المنتشر في كافة أرجائها.

ماذا لو عرض عليك العيش والإقامة بها؟

أنا من محبي النظافة عمومًا، والرحاب يتمناها كل إنسان يحب النظافة والجمال؛ فأنا أتمنى أن أعيش في مدينة كالرحاب حيث تجد نظامًا في كل شئ.

رأيك في شباب الرحاب؟
أغلب الشباب الذين قابلتهم في الرحاب تربوا على المبادئ والأخلاق، كما أن لديهم فطرة سليمة، وأرى أنهم شباب مفعم بالحيوية والنشاط ويجب استغلالهم في الخير.

ما السور التي تحب قراءتها في الصلاة؟
سور ق والقيامة والبروج والتحريم وآخر ربع من سورتي إبراهيم والمؤمنون.

لماذا ؟
لأن آياتها مليئة بالمؤثرات، وبها معانٍ تشير ليوم الحساب، ولأن صوتي يحتوي على نغمة شجن فتجدني أبدع في قراءتها وترتيلها.

من الشيوخ الذين تحاول محاكاتهم صوتيًا؟
الشيخان الحصري والمنشاوي.

صف لنا يومك قبل الذهاب للإمامة؟
أنام جيدًا كي أحصل على تركيز عالٍ، وأراجع الورد الخاص بي الذي أنوي قراءته على أحد المقربين لي، ولابد أن يكون لديه حس قرآني كي يوجهني في القراءة حتى نصل سويًا لقراءة وأداء مؤثر وجميل.

ما طموحاتك؟
أريد أن أكون إنسانًا صالحًا في المجتمع، وأتمنى أن أكون طبيبا كبيرا في الرمد لخدمة الناس، فما أجمل الإحساس الذي يشعره الإنسان حين يخفف الألم عن مريض بغض النظر عن الماديات، وأحب أن أكون إنسانًا مثقفًا.

استمع لسورة الإنسان بصوت الشيخ عبد الله بركات