في باصات الرحاب.. نقاشات ساخنة عن الثورة
كتبت- أمل أحمد
منذ بدء ثورة 25 يناير، وبسبب قلة الركاب على ما يبدو أصبحت باصات الرحاب تتحرك كل نصف ساعة. وفي يوم جمعة انتصار الثورة، 11 فبراير، كان الباص المتجه إلى سراي القبة في موقف الباصات بالرحاب، ولا يزال أمامه أكثر من 25 دقيقة ليتحرك.
وصل بعض الأفراد تباعًا واستقلوا مقاعدهم في هدوء في مقدمة الباص. ركب شخص في الأربعينات وجلس بالخلف، لكنه غير رأيه وتحرك لمقدمة الباص عن عمد وبدأ بانتقاد الثورة:
أنا مش عارف عايزين ايه دول؟ حيخربوا البلد.. عايزين يسلموها للبرادعي عشان يدمرها زي ما دمر العراق؟ ولا الواد وائل غنيم الجاسوس...
لم يتم كلامه حتى بدأ من حوله يردون عليه.. رجل في الستين.. وامرأة وفتاة في العشرين وشاب في مثل سنها، بينما انسحب شابان آخران إلى مؤخرة الباص.
- يعني انت عاجبك حال البلد
- مين قال لك ان البرادعي حيحكم.. وبعدين إذا اختاره الشعب خلاص يبقى من حقه يحكم.
- عيب تقول على وائل انه جاسوس.. جاسوس لمين وازاي؟ ولو كان جاسوس.. ليه استقبله وزير الداخلية وقعد معاه؟ وليه وصله أمين الحزب الوطني بعربيته؟.
حين استشعر الهجوم عليه تلبسته الحالة الوطنية: أنا خايف على البلد. السفن الأمريكية محاوطانا وممكن تتدخل.. والارهاب ممكن يرجع تاني.
قالت الفتاة: كلنا مصريين وبنخاف على بلدنا ونفديها بروحنا. مصر فيها خير أجناد الأرض ليوم القيامة زي ما قال النبي عليه الصلاة والسلام.. ودول شباب زي الورد متعلم وفاهم. هم بيعملوا كده عشان هم كمان خايفين على البلد.
وقال الرجل: أنت بتتكلم تقول ايه .. أمريكا دخلت العراق واتورطت ومش عارفة تخرج.. احنا لحمنا مر ولو جم ناحيتنا حنوريهم.
وقال شاب: مبارك هو أبو الارهاب. انت ما سمعتش ان حبيب العادلي هو اللي دبر تفجير كنيسة اسكندرية؟ أهي الداخلية مختفية من يوم 28 فبراير عمرك سمعت عن عملية إرهابية؟
قال: آه.. تفجير الغاز في العريش .. ودا وراه حماس.
رد آخر: أنت بتقول ايه؟ حماس قالت ألف مرة ان معركتها مع إسرائيل مش مع أي نظام عربي.. حتى لو كان نظام مبارك اللي بيجوعهم.
ورد ثالث: يا اخي دا لو حماس اللي عملت كده يبقى من اللي شافته من مبارك وسليمان اللي بيبيعوهم لليهود.
وعلق رابع: لا.. أرجوك بلاش افتراضات .. حماس ما عملتش يبقى نقفل الملف دا. وبعدين مصر نفسها ما اتهمتش حماس تيجي انت تقول كده.. يعني انت عندك معلومات اكتر من الحكومة؟
وتدخل آحرون في المناقشة: يعني عاجبك الفساد اللي عايشين فيه لما خلانا في الحضيض.. دا ثروة مبارك وولاده 70 مليار دولار.. كان جابهم منين؟.
وقال آخر ساخرًا: احنا رايحين التحرير.. تحب تيجي معانا؟
وقال غيره: واحنا رايحين قصر القبة.. أهو قريب .. تيحي معانا؟
وقال ثالث: لو مش عاجبك ممكن تسكت وبلاش تشارك لكن بلاش تحبط الناس.
انتعش قليلا وقال: يعني انتو بتصادروا حقي في الكلام؟ هو أنا مش مصري زيكم؟
رد رجل: الوقت دا مش وقت تراجع.. لو الشباب دول سابوا المظاهرات وروحوا النهارده النظام حياكلهم وحيحط جزمته على رقبة اتخن واحد فينا.
بسرعة نظر بعض الركاب ليروا اتخن واحد في الباص!
وصعدت عائلة تضم أمًا وفتاتين إلى الباص. قالت فتاة منهم: مؤيدين ومعارضين.
رد رجل: لا.. مؤيد واحد والكل معارض.
قالت: هو لسه فيه حد بيؤيد مبارك؟
صعد السائق إلى الباص مستغربًا تفاعل معظم الحاضرين في المناقشة. بعد تحرك الباص أصبحت المناقشات جانبية؛ ثنائية وثلاثية، لكنها لم تتوقف.. وعند اقتراب الباص من منطقة الكوربة بمصر الجديدة وصلت إلى أسماع الركاب هتافات عالية من ناحية القصر الرئاسي، ورنت الهواتف المحمولة لتحمل بشرى تنحي مبارك عن الحكم.