أئمة الرحاب يتحدثون عن تجربتهم مع ثورة 25 يناير
الشيخ أسامة نصار: أشرت في خطبتي إلى الثورة على استحياء فقد كنا نتعرض لضغوط أمنية.. وذهبت للتحرير للمشاركة ومعالجة الأمور معالجة شرعية
الشيخ بلال عبد المحسن: لم أكن مستعدًا لإلقاء الخطبة يوم جمعة الغضب، وصعدت المنبر فجأة لغياب عدد من الشيوخ دون تجهيز كلمة معينة عن الثورة, وعندما انتقدني المصلون لم أستطع الرد بكلمة واحدة وشعرت بالذنب، فقررت أن أشارك في التظاهرات تكفيرًا عن ذلك
الشيخ محمود الفران: في خطبة جمعة الغضب تحدثت عن الثورة من خلال رسالتين وجهتهما للمصلين
كتب- محمود رضا
قد يلتمس البعض عذرًا لمن وقف على الحياد بعض الوقت عند انطلاق الثورة يوم الثلاثاء 25 يناير 2011، لكن مع دخول الثورة مرحلة خطرة يوم الجمعة 28 يناير لم يكن مقبولا خاصة من الدعاة أن يقفوا على الحياد أو ضد الثورة أو ضد حق المصريين في التغيير..وفي الوقت الذي كان فيه موقف أغلب الدعاة والخطباء في الرحاب مؤيدًا وداعمًا للثورة، ووصل الأمر حد المشاركة فيها والمبيت بميدان التحرير كان موقف البعض –وهم قلة- من الدعاة ضد الثورة.. شبكة "رحابي .نت" ترصد مواقف أئمة وشيوخ الرحاب عبر هذه السطور:
الشيخ أسامة نصار، أحد من شاركوا ودعموا الثورة، استهل كلامه بقوله تعالى "قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا" (يونس 58) قائلا لابد أن ينسب الفضل لله أولا وأخيرًا.
ما رأيك بداية فى الثورة يوم اندلاعها في 25 يناير؟
لم يتوقع أحد حدوث هذه الثورة وأن تصل إلى ما وصلت إليه حاليًا، وما جرى فيها جعلنا نرى اليقين في قوله تعالى "قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء " (آل عمران 26)، فما كنا نفهم هذا المعنى بعين اليقين إلا في ظل هذه الأحداث.
وما رأيك بعد أن انتصرت؟
أرى أن الحق دائمًا وأبدًا لابد أن ينتصر، فمن أسماء الله سبحانه وتعالى الحسنى: الحق والعدل، وقد قال الله تعالى "ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار" (إبراهيم 42)، فعندما عرفت بقرار التنحي استشعرت بالعدالة الإلهية والثقه بالله تعالى، وغمرتي سعادة كبيرة ومن شدة السعادة وقف الشيوخ في حالة بكاء من الفرح بزوال الظلم عنا فهي حالة من السعادة لم ندركها من قبل.
هل تحدثت في خطبك بمساجد الرحاب عن الثورة فترة اندلاعها؟
نعم أشرت إلى موضوع الثورة في خطبة جمعة الغضب، وقد كانت إشارات على استحياء وذلك لتعرضنا لضغوط أمنية، ولكني حاولت الإشارة إلى حالة الهياج الثوري بداخل الشباب، والحق يقال أن جهاز المدينة ليس له أي دخل في تحديد خطب الجمعة فلم يقيدنا الجهاز يومًا بشيئ مطلقًا، بل يجمعنا الشيخ سعيد جميل مدير إدارة مساجد الرحاب ويتواصل معنا ويطلعنا دائمًا على الجديد من أقوال العلماء والخطب المراد توجيهها لسكان الرحاب كل جمعة, كما اجتمعت قبل الصعود للمنبر بالشيخ كرم حلمي إمام مسجد "أحمد عفيفي" للاتفاق على موضوع الخطبة يوم 28 يناير واتفقنا أن تدور الخطبة حول حرية الرأي، والتعبير عما يجول في الصدور، مع الحفاظ علي أمن واستقرار البلد دون تخريب أو عنف, وقد استشهدت أيضًا بقول الشيخ الغزالي يرحمه الله "إن أي مجتمع نظيف لايخاف من عودة الإسلام إليه ولا من وجود الحرية بين يديه لأنه سيجد سعادته فيه" .
هل ذهبت للتحرير للمشاركة في الثورة؟
بالفعل ذهبت للتحرير يوم الاثنين 31 يناير بصحبة الشيخ بلال (عبد المحسن) وظللت أتردد على التحرير في غير ساعات العمل.
ما الدور الذي كنت تحاول القيام به في التحرير؟
مشاركة الشباب ثورتهم وأعمالهم الميدانية سواء نظام أو نظافة أو أمن، وحماية المعتصمين من مثيري الشغب، وقد شاركت أيضًا في حمل المصابين يوم الأربعاء الدامي للمستشفي الميداني وحاولت إرشاد الناس إلى ما فيه صلاح البلاد والعباد، وشدّدت على البعد عن الفتنة والشغب، وإفادتهم بالواجبات الشرعية في مثل هذه الأمور، والهدف في النهاية مصلحة البلد واستقرارها, وكان نداء أغلب الشيوخ في هذه الفترة حول تجميع الناس على هدف واحد والاتحاد والتلاحم والبعد عن الفرقة، وكان هذا يظهر بوضوح في دعائنا في القنوت عقب كل صلاة, وكنت أتحدث أيضًا عن كيفية الخروج من الأزمة بأقل الخسائر الممكنة وتصحيح علاقتنا بالله.
ما دور الائمة في تلك المرحلة الحرجة؟
كان دورنا مهمًا جدًا في تلك الفترة، وذلك لمعالجة الأمور معالجة صحيحة، لأن الإعلام كان في هذه الفترة يقف بجانب النظام ويهول من الحدث, فكثيرا ما كنت أتعرض للسؤال: ماذا نفعل؟ وكان عليٌ معايشة الحدث في الميدان ونقله بطريقة صحيحة، ونتيجة لذلك وجدنا حب الناس والتفافهم حولنا نظرًا لتعايشنا معهم.
وكيف ترى مشاركة أئمة وشيوخ الأزهر في الثورة؟
شارك في التظاهرات عدد كبير من علماء الأزهر وأئمته وخطبائه، ولكن أكثرهم كان يرتدي زيًا مدنيًا ليتسني لهم الحركة بسهولة في الميدان.
ما رؤيتك المستقبلية لمصر بعد الثورة؟
أشعر بأن الأيام القادمة ستكون أفضل بكثير إن شاء الله، وسنتمتع بالكثير من الحريات التي حرمنا منها طيلة العقود السابقة، وسنرى الإيجابية في كل قطاعات الدولة وأتوقع أن تتبدد ألوان الفساد إلى أن تختفي تمامًا في المستقبل وقد رأيت أن الشباب المصري يستحق كل تقدير حيث وجدت عددًا غفيرا بالميدان من الشباب والفتيات ولم تسجل حالة تحرش واحدة.
ما رأيك في دور شباب الرحاب؟
يجب أن أتوجه بالشكر لكل شباب ورجال الرحاب ممن شارك في تظاهرات التحرير أو من بات يحمي أسوار المدينة حفاظًا عليها من هجمات البلطجية فكلاهما له نفس الأجر إن شاء الله.
كلمة أخيرة توجهها للمصريين في الفترة الحالية؟
أولا: يجب أن تتضافر الجهود من أجل التغيير الحقيقي وأن نقوم بثورة على أنفسنا وعلى الأوضاع المتردية وعلى سلوكياتنا الخاطئة فقد قال تعالى "إن الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم"
ثانيا: يجب أن نمحو كلمة " أنا مالي" من قاموس المصريين، فمن رأى منكم منكرًا فليغيره.
ثالثا: نداء لكل مصري في موقعه أن يزاول لعمله بجد، ولا مانع من العمل ساعات إضافية إن أمكن بغية تخطي الأزمة الإقتصادية حتى نساهم جميعًا في دفع عجلة الانتاج.
بعد ذلك التقينا الشيخ بلال عبد المحسن أحد أئمة الرحاب، والذي كان له نصيب من المبيت في التحرير وسألناه:
ما رأيك في الثورة عندما اندلعت يوم 25 يناير؟
كنت أظن أنها مجرد زوبعة في فنجان وستنتهي كأي مظاهرة في مصر، دون أن تحقق أي فائدة غير الكلام وألم الحناجر، لكن الله وفق شبابنا لتحقيق هذا الإنجاز العظيم.
هل تحدثت في خطبك عن الثورة في الأيام الأولى لها؟
للأسف بوم جمعة الغضب لم أتعرض للأحداث لا من قريب ولا من بعيد، ولذلك تعرضت لانتقادات الكثير من اخواننا المصلين بمسجد المرحلة الخامسة، وكان ذلك لأنني لم أعرف أنني سأخطب في هذه الجمعة إلى وقت الأذان بعد غياب كل من الشيخ خالد عبد الله والشيخ عماد عبد القادر والشيخ عماد عبد العزيز، لذلك صعدت المنبر مباشرة بمجرد تغيبهم دون تجهيز كلمة معينة للثورة, وعندما وجدت انتقادات المصلين لم أستطع الرد بكلمة واحدة وشعرت وقتها بالذنب في حق الناس، ولكني كنت معذورًا لأن الخطبة جاءت مفاجأة لي, ولكن بعد أن شاهدت انتصار إرادة الشباب الباهر والذي حققوه على قوات القمع ووصولهم في نفس اليوم لميدان التحرير والاعتصام به قررت أن أشارك في التظاهرات تكفيرًا عن عدم تعرضي لأحداث مصر في جمعة الغضب.
هل ذهبت للتحرير للمشاركة في الثورة؟
بالفعل ذهبت يوم الأحد 30 يناير الساعة الثامنة صباحًا وكانت قوات الجيش في هذه الأثناء تحاول منع المتظاهرين من دخول الميدان، لكن بعد فترة من الوقت تكلمنا مع مسئولي القوات بالميدان للسماح لنا بالدخول، وبفضل الله دخلنا والتحمنا بباقي المتظاهرين, كما ذهبت يومي الاثنين والثلاثاء للميدان وارتديت الزي الأزهري وشاركت مع المتظاهرين في المطالبة بالاصلاحات الشرعية، ونزلت أيضا يوم الأربعاء المسمى بالأسود حيث المعركة المشهورة المسماه بالجمال والبغال والحمير واستطعنا إحكام السيطرة على الميدان مرة أخرى من بلطجية الأمن.
ما أكثر الاشياء التي اعجبتك في الميدان؟
كنت سعيدًا بالأخلاق التي تخلق بها شباب الثورة من آداب سامية رائعة، ومن الأشياء التي جذبتني الصلوات الجماعية بحشود كبيرة على أرض ميدان التحرير.
هل ترى أن الثورة حققت شيئا؟
نعم الثورة حققت إنجازًا خطيرا وغير مسبوق وما كنا نحلم بواحد في المائة منه، وأرى أنه بعد الثورة وزوال النظام السابق ستطلق الحريات وستتحقق العدالة والوعي الأكبر بالحياة السياسية، أما عن المستقبل الاقتصادي فأرى أن مصر في خلال السنوات القليلة القادمة ستكون في ركب الدول المتقدمة إن لم تكن على رأسهم إن شاء الله.
كلمة توجهها للمصريين في الفترة الحالية؟
أطالب المصريين باستمرار روح الاتحاد والتلاحم من أجل بناء بلدنا مرة أخرى، ودعائم البناء ثلاثة وهي أولا: الايمان بالله واليوم الآخر وهذا له أثره على الفرد ومن ثم المجتمع.
ثانيا: العلم ويقصد بها العلوم التي تأخرنا فيها عن ركب الحضارات العالمية.
ثالثا: العمل الصالح الذي لايقتصر على بعض العبادات والمعاملات فقط وإنما يتسع لشتى أنواع العمل في كافة ميادين الحياة المختلفة.
كما التقينا الشيخ محمود الفران وسألناه:
ما رأيك الثورة وقت اندلاعها؟
كنت أرى أنها مجرد مجموعة من الشباب يقومون بمظاهرة عادية وسيرد الأمن عليهم بآليات القمع المختلفة، وسيعود باقي الشباب إلى بيوتهم بعد أن يعتقل مثلهم، وكنت أظن أن المظاهرات ستنتهي بعد ساعات بسيطة من اندلاعها لكن حدث عكس ما كنا نتوقع بفضل الله.
ما شعورك بعد سماع قرار التنحي؟
كانت فرحة شديدة حتى أنني من شدة الفرحة بكيت لأنني كنت آمل أن أرى هذه البلاد تتغير نحو الإصلاح وفجأة وجدت ما كنت آمل فيه يقترب بمجرد تنحي الرئيس، وعندما سمعت كلمة عمر سليمان قمت بالتكبير بعد أن سجدت لله فرحًا وشكرًا لتحقيقه حلم ملايين المصريين، ثم ذهبت للتحرير لأشارك الثوار فرحتهم لأن الثورة تعد انتصارًا على كل ألوان الفساد والرشوة والمحسوبية والأوضاع المتردية التي وصلت إليها بلادنا حتى ضاق الناس بها فقد كانت أوضاع الأئمة على سبيل المثال متردية للغاية، وكان ينكل بنا نحن الأئمة عندما كنا نريد معالجة قضية من القضايا.. كنا نتكلم بحذر وحساب بسبب الضغوط الأمنية التي نتعرض لها.
هل تحدثت في خطبتك عن الثورة في الأيام الأولى لها؟
نعم أشرت إليها في خطبة جمعة الغضب من خلال رسالتين وجهتهما للمصلين حيث كانت الأولى "إن الله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" والرسالة الأخرى كانت للحاكم الذي يجب أن يتسم بالوفاء بما عاهد عليه شعبه، عندما أقسم يمينًا على أن يكون رئيسًا لهذه البلاد ويحافظ على مقدرات وأقوات هذا الشعب وأمنه واستقراره ولكنه لم يف بوعده الذي وعدنا به بدليل انتشار الفساد والحالة السيئة التي وصل لها المصريون في كل مناحي الحياة، لذا كان عليه الخروج وترك السلطة لغيره.
هل وجدت انتقادًا من المصلين بسبب إشاراتك للثورة؟
الانتقاد موجود دائمًا سواء كنت مع المؤيدين أو المعارضين، ويجب أن يعلم الجميع أن رضا الناس غاية لاتدرك، ولكن وجدنا احترامًا من أغلب المصلين حين تكلمنا عن حرية الرأى دون تخريب مع الحفاظ على أمن واستقرار البلد.
ما رؤيتك المستقبلية لمصر بعد الثورة؟
أرى أنها ستحدث تغييرًا شاملا في جميع مناحي الحياة للأفضل وذلك بتحقيق العدالة والديمقراطيه بمعناها الشامل والكامل إن شاء الله.
الشيخ حسن حلمي: شباب الثورة سيصنعون فتنة!
في المقابل كان هناك موقف سلبي من الثورة تبناه الشيخ حسن حلمي، ورواه لنا " وليد فتحي" الذي اشتبك مع الشيخ حسن، فقال إنه في يوم الثلاثاء الموافق 1 فبرابر كان ضمن الشباب المعتصمين بميدان التحرير وقد ذهب لعمله صباح الأربعاء ثم عاد إلى شقته بالرحاب وفوجئ بأن أصدقاءه الرحابيين في ميدان التحرير يتصلون به وهم يستغيثون "إلحقنا إحنا بنموت ياريت تيجي وتجيب معاك أي حد يساعدنا "! ويضيف: كان الاتصال قبل العصر بدقائق، فاتصلت بأحد أصدقائي المقربين بالرحاب وهو طالب بكلية الهندسة وطلبت منه سرعة الحضور لصلاة العصر، والتوجه لميدان التحرير.. ولكن صديقي تأخر بعد صلاة العصر فاتصلت به وظللت في انتظاره وقلبي يكاد ينخلع من مكانه لما سمعته في التليفون من صراخ أصدقائي واستغاثتهم بي، وشعوري بالواجب تجاههم.
ويضيف وليد "عندئذ كان الشيخ حسن حلمي أمام المسجد يقف عقب صلاة العصر، وكان يتكلم مع أبوين يشتكيان له من ابنهما الشاب العاق لهما ويستفتيانه في أمره، وكنت قريبًا منهم فسمعت كلام الشيخ حسن الذي افتتح موضوع المظاهرات وما ستجلبه على مصر مستقبلا، وأخذ يقدح ويشتم في الشباب الذين قاموا بالثورة وينتقدهم ويتهمهم بأنهم سيصنعون فتنة، وأنهم مجموعة من الشباب الأحمق، وأن هذه المظاهرات لاترضي الله! قال كلامًا كثيرًا عن شباب الثورة وصانعيها.
يقول وليد: "استفزني كثيرًا كلام الشيخ حسن حلمي فوجدت نفسي دون وعي أنفجر في وجهه بانفعال شديد قائلا "إن كانت المظاهرات لا ترضي الله فهل ما يحدث لنا في هذه البلاد يرضي الله؟ فرد الشيخ قائلا "إنه طاغية ولكن ما يحدث سيصنع فتنة كبيرة وسيتحملها المسلمون" وعندما جاء رد الشيخ حسن بهذا الشكل وجدت جسمي يرتعد وصرخت في وجهه دون أن أشعر فتجمع حولي حوالي 15 فردًا وقلت له "إن أمثالك هم من ضيعوا المسلمين وربوا في قلوبنا الخوف والرعب" ثم قلت له "تعرف يا شيخ أن هناك شيوخًا أجلاء موجودون بالتحرير يشاركوننا في المظاهرات والاعتصامات؟" فكان رده: "إنهم شيوخ متخلفون" فقلت له "حسبي الله ونعم الوكيل فيك وفي المزورين"
وبسؤال المدونة هبة الدسوقي وهي من قاطني الرحاب عن الثورة ورأيها في الخطاب الديني داخل مساجد الرحاب أثناء الثورة قالت: إنني أتشرف وكل من يعيش على هذه الأرض بكوننا مصريين، وأعنى هذا بكل ما فى الكلمة من معنى، حيث نعيش ونتشارك فى كل شىء ويجب أن نتمتع بحق المواطنة.
وفى المقابل حين يتعرض بلدنا لموقف ما، فيكون لزامًا علينا أن نتحرك بإيجابية، أو على الأقل نتكلم بجدية فلا نتصرف وكأننا فى واد والحدث فى واد آخر، ولا نستخف بعقول من حولنا وكما تعلمنا من ديننا فلنقل خيرًا أو لنصمت، فيكون التوجيه بالحسنى ولا يحطم بعضنا بعضًا.
وأضافت "لقد قامت ثورة الشباب وأحب أن أدعوها بثورة الشعب، لأن الغالبية العظمى من شعبنا من فئة الشباب، وقد اختلفت ردود الأفعال تجاه الثورة فهناك من أيدها بالمشاركة فيها ونزوله للميدان، كما أن هناك من أيدها بالكلمة "مكتوبة أو مسموعة"، وهناك من أيدها بقلبه وتمني أن تنتصر في النهاية كي يحصل الشعب علي مكتسباته, ولكن وجدنا من جانب آخر من هاجمها على كافة الأصعدة وقد افتقدوا فى هجومهم الأسلوب الحضاري في الرفض أو الانتقاد، واتخذ هؤلاء المهاجمون مسارات وآليات خاطئة جعلت باقي فئات الشعب تتعاطف مع الثوار وتتلاحم بهم لإنجاح ثورتهم.
وتقول هبة "كان هذا الاسلوب السيئ في النقد في مصلحة الثورة والثوار، حيث أن الفئة المترددة والمذبذبة بين الأمرين فوجئت بالهجوم العنيف على ثورة هي في الأساس سلمية، بدأت كمظاهرة بسيطة فما كان من هؤلاء إلا أن تحولوا ومالوا لتأييد الثورة, وأنا ظللت أيامًا أتابع الأحداث من خلال قناة "الجزيرة" التي كان لها الفضل بعد الله في نقل الأمر كاملاً، كما كنا نتواصل عن طريق الإنترنت بعد عودته, ولأننا كما نحب أن نقول "رحابيون" توقعنا فى غيبة الإعلام الحكومي المصري أن يكون التوجيه السليم من خلال المؤسسة الدينية وخاصة خطبة الجمعة، لكننا فوجئنا أنهم يعيشون فى بلد أو كوكب آخر, وقد تكون عندهم تعليمات أو أوامر أمنية ونحن نعرف هذا، لكن كان يمكن الإشارة ولو من بعيد من خلال حدث ما أو موقف لرسولنا الكريم، أو حديث عن تأييد الله للمؤمنين مثلا, فتاريخنا الإسلامي زاخر بالعبر والدروس التي يمكن الإشارة إليها، ومن ثم يفهم المصلون أن المقصود ما يحدث للبلد، لكن للأسف أرى أن الخطاب الديني اختفت منه أي اشارات للثورة.
وتتساءل هبة: هل ينتظر الأئمة أن يوجه أبناؤنا من خارج المؤسسة الدينية أم يكون التوجيه من داخلها أفضل؟ وأخص بالذكر هنا الشيخ حسن حلمي حيث صلى خلفه أبنائى في أول جمعة بعد الثورة وكانوا يريدون استيضاح الأمر من الخطبة حيث غابت المؤسسة الإعلامية وراحت في سبات عميق، ولكن لم يجدوا شيئًا، لذا أرجو من المسئولين في جهاز الرحاب أن ينتقوا لنا خطباء وأئمة مساجد يحترمون عقلية المصلين على اختلاف أعمارهم أما من يفشل في التواصل فأرى أنه يكفيه العمل الإداري حتى لا يؤذينا، لبعده عن المجتمع بفكره الخاص الذي لا يرتضي أن يبدله.