الرحابيون: مصر أحلى بعد 25 يناير
مشاعر من التفاؤل والقلق.. وآمال وتطلعات نحو المستقبل
كتبت- نسمة جاد
"مصر بقت حاجة تانية بعد 25 يناير" .. هكذا أجمع كل من التقيناهم من سكان الرحاب، مؤكدين أن الوضع القلق والمتوتر حاليًا؛ سواء على الصعيد الأمني أو السياسي أو الاقتصادي، أمر متوقع بعد زلزال الثورة؛ فهي إرهاصات عهد جديد توقع معه الكثيرون النهضة والتنمية واللحاق بركب التقدم والحضارة.
الشعب هو من يملك مصر
تقول عبير عبد المحسن، ربة منزل تسكن الرحاب منذ أربع سنوات: مصر صارت أجمل وأحلى بثوب جديد، بدأ يزول عنها الفساد، فالثروات التى قام المسئولون بنهبها لو تم استرجاعها واستغلالها بشكل إيجابي سنصبح من أغنى الدول، وستزول الفجوات الكبيرة بين الطبقات الاجتماعية، وتتحقق العدالة، وتختفي طبقة الأفراد الذين يعيشون تحت خط الفقر ويمثلون قنبلة موقوتة.
وتضيف عبير: رغم أننا أصبحنا تحت حكم القوات المسلحة لكن الوضع أحسن مما كنا عليه. فماذا فعل السياسيون المحنكون ذوو الخبرة؟ كان يتم سرقة البلد تحت مرأى ومسمع منهم ونحن لا ندري! فكل هذه المليارات التي امتلكها المسئولون من رجال الأعمال من خير مصر تدل على أن البلد خيرها كثير، والحجج التي كان يبرر بها المسئولون قلة الدخل القومي بسبب زيادة عدد السكان وبناء البنية التحتية للبلد حجج باطلة, فموارد الدولة كبيرة تكفي احتياجاتنا، فأين كان المسئولون في مواجهة الأمراض مثل الفشل الكلوي، والسرطانات، وفيروس "سي"، والجبال التى تقع على رؤس سكانها في الدويقة؟ لقد اتضح أنهم كانوا مشغولين بجمع الثروات على حساب الشعب واخفائها في بنوك سويسرا وأمريكا.
وترجو "عبير" من القوى السياسية المختلفة الموجودة بالمجتمع ألا تستغل الثورة على حساب الشباب الذي مات من أجل الحرية أو من اعتصم بميدان التحرير سواء داخل خيمة من أكياس البلاستيك يأكل الطعمية ويشرب المياه غير النقية؛ فهؤلاء من يستحقون أخذ مناصب في السلطة وتكتفي الكوادر الأساسية بالمساعدة والمشورة، فالشباب هم من يمتلك الفكر الجديد في إيجاد مستقبل أفضل لمصر، وغير المنطقي أن يكون عمر المسئول فوق الـ 60 عامًا.
وعن أهم نتائج الثورة تقول عبير: الثورة خلقت شعورًا بالانتماء، وإحساس الشعب أنه المالك الحقيقي لمصر دون مؤامرة "الفزاعة" التى صورها النظام السابق ورسخها في قلوب الناس تجاه الأقباط والإخوان المسلمين من أجل أن يوهم الشعب بأن الأمن والإستقرار يكون فى ظل النظام فقط، لكن لم تظهر هذه الافتراءات في 25 يناير، فالكل احترم معتقدات الآخر سواء الدينية أو السياسية, وقد فكرت جديًا في العيش خارج مصر قبل 25 يناير لكني لن أخطو هذه الخطوة بعد الثورة، فمصر بلدي مش بلد أحمد عز والمغربي وجرانة.
خوف ممزوج بالتفاؤل
وتقول إيناس محمد، ربة منزل: يختلط الخوف مع التفاؤل؛ فالقلق ينتابني خلال هذة الفترة الانتقالية التي نعيشها إلا أنني متفائلة مثل كثير من المصريين بانتهاء عصر الظلام، فكمية الفساد التي رأيناها من المسئولين وحجم المبالغ التي تم الاستيلاء عليها لم تكن تخطر بأذهاننا واتضح للشعب أن مصر دولة غنية بعد شعورنا أننا أصبحنا حتى أقل من الدول النامية.
وأضافت: كل من كان بميدان التحرير أعتبره من الشهداء الأحياء الذين هم على استعداد للتضحية بأنفسهم وأرواحهم من أجل الحصول على حقوق الشعب المنهوب، وكلنا أمل أن نقطف ثمرة الجهود التي قام بها الشباب من أجل مزيد من الحرية والديمقراطية.
وترى إيناس أن الشعب الآن ينتظر ثمرة التنمية حتى يستطيع كل مواطن العيش حياة كريمة دون اللجوء إلى الرشاوى والوساطة، والابتعاد عن التعامل مع الفساد. ومن كان مضطرًا للتعامل مع الفساد الآن بعدما رأى علو صوت الحق لن يلجأ لمثل هذة الأفعال بالإضافة إلى ثمرة الأمان التى شعرنا بها تجاه بعضنا في ظل غياب الشرطة.
وعن استمرار الشباب في القيام بمظاهرات كل يوم جمعة كنوع من الضغط على الحكومة والجيش من أجل تنفيذ باقى المطالب تقول إيناس: لا داعي لمزيد من التظاهرات، ويجب اعطاء فرصة للقائمين على إدارة شئون مصر لتلبية كافة المطالب، فلن ينصلح التعليم ومواجهة ارتفاع الأسعار والبطالة والإسكان في يوم وليلة.
وتؤكد إيناس أنه لابد من توافر قانون لمحاكمة الوزراء ومحاسبتهم منعًا لتكرار ما تحملنا من الوزارات السابقة.
مطلوب الضغط لتحقيق الإصلاح
وعن رؤيته لمصر بعد 25 يناير يقول هلال حسن، يقطن بالمرحلة الخامسة مجموعة 100: لست متشائمًا ولا متفائلا لكن تنتابنى حالة من القلق على البلد بعد الثورة خوفًا من انتهائها على "فشوش" فى ظل عناصر نظام الحزب الحاكم، فمطالب الثورة اسقاط نظام مبارك بالكامل، لكن العطاء بالقطارة، والحكومة (المستقيلة) تتعامل مع القضية على أنها اقتصادية أكثر منها سياسية، ومع القبض على الوزير السابق حبيب العادلي يتحول التعامل معها إلى الشق الأمني، أما الملف السياسى فالقائمون على التغيير هم رموز النظام السابق فكيف سيغيرون؟ ففي ظل رؤساء الجامعات والمحافظين والمحليات وكوادر الحزب الوطني المتواجدين دون تغيير سيأتى العهد الجديد ليرث حكم مبارك، وبالتالي ستنحصر الثورة في إزالة صورة حسني مبارك فقط كشخص ويستمر نفس النظام.
ويضبف هلال: هناك الكثيرون من مصلحتهم البقاء على كراسيهم لأنهم إن تركوها سيحاسبون حسابًا عسيرًا، ونحن نحتاج إلى تغيير في القيادات، وأعي أن ذلك لن يحدث في يوم وليلة، لكن الأصلاح لن يأتي من تلقاء نفسه أو نتصوره كترس يدور وحده للتغير نحو الاصلاح، وبالتالي سيحتاج إلى ضغط تحدث معه خسائر اقصادية واجتماعية وبدنية.
وتابع بقوله: "أصعب شىء بعد الثورة هي الخطوات التي تتخذ بعدها في المرحلة الانتقالية، فالشيطان يكمن في التفاصيل كما يقال، ونحن في مرحلة التفاصيل، التي كان النظام السابق يحولها إلى لجان ومناقشات دون جدوى. الصراع القائم الآن يدور بشكل حضارى، وأتمنى أن يستمر بهذا الشكل دون الغائه، فلم نعتد في بلدنا على وجود طرفين؛ طرف له مطالب ويريد تحقيق مكاسب، وآخر لا يريد تقديم تنازلات. ولا يجب أن نفترض بالطرف الآخر أنه طيب وساذج وسينفذ باستمرار؛ فالديمقراطية شىء يجب ممارسته بشكل حضاري من خلال آليات لا تضر بلدي، ولكن بنضال دون تخريب ودمار، وبشكل قانوني دون انتقام أو اغتيال، فهي ثورة بيضاء؛ ضحاياها جميعًا كانوا حاملين لافتات عليها مطالب مشروعة، والنظام تعامل معهم بالبنادق والرصاص، وبالتالي فعنصر الضغط سيظل موجودًا على القائمين حتى يتم التغيير، وأرجو من الطرف الآخر احترام الحرية وعدم المساس بالثوار، فعندما تسيل الدماء تتجمع الناس بشكل أكبر، وأصحاب هذه الثورة من الشباب الواعي والمثقف، التف حوله المجتمع فيجب ممارسة السياسة بجانب عملنا.
تغيير كبير في الأداء
وتتوقع إسراء رأفت، محاسبة تسكن بالرحاب منذ خمس سنوات، مستقبل مصر بعد 25 يناير مشرقًا قائلة: لكننا نحتاج إلى الكف عن المظاهرات الفئوية حتى نستطيع التركيز على العمل الجاد لبناء بلدنا بشكل جديد، فقد تحقق أهم وأكبر مطلب كنا نراه مستحيلا وهو تنحى مبارك مصدر السلطة والنفوذ لكل المسئولين، ويجب التمسك بتحقيق كل المطالب لكن بشكل لا يعطل البلد أكثر مما نحن فيه من تعطيل، فعجلة التنمية متوقفة، وقد وعد المجلس الأعلى للقوات المسلحة بانتقال سلمي للسلطة وتعديل بعض المواد بالدستور والزام الرئيس القادم بوضع دستور جديد للبلاد يضمن مزيدًا من الحرية والديمقراطية للشعب، فكل مطالب الثورة تسعى القوات المسلحة لتحقيقها، لكنها تحتاج مزيدًا من الوقت في ظل كل الملفات المفتوحة من فساد.. وميدان التحرير ليس ببعيد؛ ففى حالة التهاون والتخاذل سنعود للميدان، فالشعب المصري لن يترك الحياة السياسية مرة أخرى.
وترى إسراء أن التغيير بدأ بالفعل من الدستور وسينجم عنه تغيير كبير فى الأداء السياسي والتنموي لصالح مصر.
التركيز على التعليم والاقتصاد
ويتوقع الدكتور طارق فؤاد عبد اللطيف، يقطن بالرحاب منذ 2004، صورة أخرى لمصر بعد ثورة 25 يناير بحيث نستطيع التحدث عن مشاكلنا دون مصادرة على الأراء أيًا كانت، وسيحدث تحسن أكثر في الاقتصاد المصري نظرًا لوقف الفساد المالي والاداري المنتشر في معظم أجهزة الدولة، وسيكون هناك مستقبل أفضل للشباب، فهم من صنعوا المستحيل وبالتالي سيكون لهم دور أكبر وأعمق في الفترة القادمة، وستبدأ التنمية بالتركيز على محورين: أولا التعليم للقضاء على الأمية بمختلف مستوياتها، وثانيا العمل الدؤوب من أجل تنمية الاقتصاد الذي لن يتحقق إلا إذا سمح للشباب بالتقدم بأفكار مبدعة، واتاحة الفرصة لتنفيذها وتطبيقها وتحولها إلى صناعات جيدة تصدر للخارج وتجلب العملة الصعبة.
وعن التظاهرات يوم الجمعة بالتحرير تأكيدًا على مطالب الثورة يرى طارق أن المجلس العسكري جاد في تحقيق كل المطالب وفي نفس الوقت لا أرى أن تجمع الشباب بميدان التحرير كل يوم جمعة به تعطيل للعمل أو الانتاج؛ فهو ليس باعتصام إنما مجرد اجتماع للتأكيد على المطالب، فلا يكفى القضاء على رأس النظام لأن أذياله لا تزال تعمل بالبلد وإذا تم التباطؤ وعدم الجدية في تنفيذ باقي المطالب سنتواجد مرة أخرى بميدان التحرير وكافة المحافظات بهدف التأكيد على المطالب وليس من أجل تعطيل العمل.
مصر عرفت تقول "لا"
ويقول حسين عبد اللطيف جلال، ضابط سابق بالجيش يسكن بالرحاب منذ 6 سنوات: أهم ما في الثورة وأقيمها أن مصر عرفت أن تقول "لا"، وهي دفعة جيدة نحو المستقبل بأيادى الشباب للاستفادة بطاقتهم في بناء مصر بعيدًا عن الاختلافات والانتماءات السياسية والدينية والفروق الاجتماعية، والالتفاف حول المشروعات القومية كمحو الأمية بشقيه القدرة على القراءة والكتابة والتوعية السياسية، فكيف أطلب من شخص معرفة رأيه دون معرفته بالقراءة أو حتى لم يمتلك خلفية سياسية بسيطة، بالاضافة إلى وقف نزيف الدم على الطرقات الناجم من الحوادث إذ نفقد 20 ألف مواطن و80 ألف مصاب كل عام .
وعن رأيه في مصر بعد 25 يناير يضيف عبد اللطيف: كما حدثت انتفاضة شعبية تجاه الفساد يجب حدوث ثورة داخل المؤسسات وخاصة الشرطة فالأمر لا يتوقف على تغيير الوزير إنما يجب تغيير نظام العمل داخل المؤسسات الأمنية بأكملها، فمباحث أمن الدولة يجب أن تنسف وتحل مكانها مؤسسة مختلفة بالإضافة إلى أسلوب العمل داخل الأمن العام بأقسام الشرطة، كما يجب الحد من تدخل الشرطة في كل كبيرة وصغيرة داخل البلد فهي أمام البنوك، وفي الانتخابات والكمائن.. الخ.
اكتشاف الطاقات المكبوتة
وتؤكد هبة أحمد، مدرسة تقطن بالرحاب منذ أكثر من 5 سنوات: مصر صارت أجمل بعد اكتشاف الطاقات الهائلة لشبابها والتي كانت مكبوتة، فبعد 25 يناير لن يستطيع شخص التكاسل والتخاذل تجاه الخطو نحو المستقبل
وعن الخسائر الاقتصادية التي تمر بها مصر جراء ثورة 25 يناير تقول هبة: هذه المشاكل تخص رجال الأعمال، فأين الاقتصاد المصري المتمثل في مصانع القطاع العام الذي تضرر من الثورة؟ سنبدأ من جديد مهما كان حجم الاعاقات ولن يستطيع رموز الفساد القيام مرة أخرى بأعمالهم فى مواجهة شعب استيقظ.