الخبير القانوني علاء جمعة: معظم شقق "الرحاب" تخضع للضريبة العقارية
حوار: أحمد غانم وسالي مشالي هل قدمت الإقرار الضريبي؟ سؤال يتردد على كل الألسنة؛ إذ كلما قابلت صديقا لك أو قريبَا يوجه لك السؤال نفسه، فالضريبة العقارية باتت الشغل الشاغل الآن لكل بيت، وحديث كل التجمعات؛ فمن قائل إنها "العوايد" لكن بشكل "شيك" وجديد، ومن يقول إنها نظام جباية تفرضه الحكومة على المواطن، وهناك من يقول بعدم دستورية القانون..حاولنا عبر هذا الحوار مع علاء سيد جمعة خبير القانون العقاري والقاطن بمدينة الرحاب الإجابة عن بعض ما يثار ويدور فى الأذهان حول القانون وملابساته..فإلى تفاصيل الحوار:
أستاذ علاء هل قدمت إقرارا ضريبيا عن ممتلكاتك؟ هههههه، بصراحة حصلت على الإقرار لكن لم أملأه حتى الآن.
خايف؟ ليست مسألة خوف، لكن أنتظر حتى تتضح بعض معالم الصورة.
معنى كلامك أن هناك أمورَا غامضة فى القانون؟ بالطبع، القانون غير مفهموم ومليئ بالغموض واللوغاريتمات الكثيرة.
مثلا؟ خد عندك: وزير المالية، ورئيس مصلحة الضرائب العقارية، فى كل حواراتهما لوسائل الإعلام يؤكدان أن الشقة التى سعرها أقل من 500 ألف جنيه معفاة من الضريبة، وأنا أتحداك أن تخرج لى نص مادة من القانون (196 لسنة 2008) أو لائحته التنفيذية يفيد هذا المعنى. أيضا تصريحات المسئولين تقول إن جميع العقارات المنشأة قبل عام 1996 معفاة من الضريبة، وهذا أيضا غير منصوص عليه فى القانون.
لماذا يمكن الطعن على القانون بعدم الدستورية؟ لأكثر من سبب؛ فمثلا الدستور يقول إن الضرائب تفرض على ما يدر دخلا أو ربحَا، والعقار السكنى الشخصى لا يدر ربحَا مما يعتبر تعديا على الملكية التى يحميها الدستور فى المادة (34) منه، أيضا هناك سابقة عدم الدستورية لضريبة الأرض الفضاء فى 19 / 6 / 1993 فى الطعن رقم5 لسنة 10ق، وكان ذلك راجعا لكون الأرض الفضاء غير المستغلة لا تدر ريعا، فكيف يتم فرض ضريبة عقارية عليها، كما أن الأصل فى الضريبة أنها تفرض على الدخل وليس على أصل رأس المال، ففرض ضريبة عقارية - على عقار لا يدر ريعَا على صاحبه- بصفة دورية يؤدى بالتبعية إلى انتقاص الملكية وقيمة العقار، وكان الأحرى على المشرع أن يتضمن فى إعفاءاته حالتى شغل المالك للعقار بنفسه هو وذويه. هناك أيضَا تساءل آخر من قبيل أن من يدفع ضريبة دخل هل ستؤخذ منه ضريبة عقارية أيضَا؟ وإن كانت الإجابة بنعم فهنا يصبح الأمر غير دستوري لأنه لا يجوز أن يدفع المواطن نوعين من الضريبة (لأنه اشترى العقار من دخله)
هل تتوقع الحكم بعدم دستورية القانون؟ نعم أتوقع ذلك.
وما المخرج من مأزق عدم الدستورية بالنسبة للحكومة؟ إعفاء الوحدات السكنية من الضريبة خاصة أن هناك طبقة متضررة من القانون تعيش فى فيلا أو شقة موروثة فى أماكن مميزة بوسط البلد، أو الزمالك وجاردن سيتي مثلا، لكنها تعيش على المرتب وكانت تدفع عوايد 200 أو 300 جنيها كل سنة، فعندما تطالبها الآن بدفع ألاف الجنيهات كل عام ضريبة عقارية، ستضطر لبيع الفيلا، وبالفعل عندما طرح هذا السؤال على الوزير كان رده " تروح تاخد حاجة على قدها.. الزمن اتغير" ومن ضمن طرائف القانون أيضا أن أحد المواطنين قال لرئيس المصلحة أثناء برنامج تليفزيوني لدي شقة بـ 100 ألف جنيه لو أنتم قدرتموها ب 500 ألف جنيه هل يمكن أن أتركها لكم وتعطوني الـ 500 ألف جنيه فضحك المسئول ولم يرد!
من تحديدا الذي سيقدر القيمة السعرية للوحدة؟ المفترض حسب القانون أن تقوم بذلك لجنة يشكلها الوزير المختص مكونة من مندوب المصلحة العقارية ومندوب من وزارة المالية وآخر من الإسكان واثنين من المكلفين بأداء الضريبة في نفس منطقة الحصر والتقدير ومعها مهندس استشاري يتولي تقييم سعر المتر في كل منطقة ووضع قواعد واضحة لها ومعلنة.
ومن يضمن لى كمواطن حيادية هذة اللجنة فى تقديرها أو أن تقديرها لن يتأثر بأي إغراءات؟ بالطبع كل شيئ وارد، والقانون لا يزال فى مرحلة "النظري" ولم يدخل بعد مرحلة التطبيق التى أتوقع أن تحدث فيها مشكلات متعددة، وستكون هناك تظلمات بالجملة من تقديرات اللجنة لأسعار الوحدات، وقد يضطر المسئولون لعمل تغييرات فى القانون المليئ أصلا بالثغرات؛ فمثلا شقة جاهزة للسكنى لكنها شاغرة فما موقفها فى القانون؟ غير واضح
فى تقديرك هل مدينة مثل الرحاب تدخل فى الشريحة غير المعفاة من الضريبة؟ بالطبع خاصة لو قامت مصلحة الضرائب بمحاسبة الشركة الأم (طلعت مصطفى) على أن تقوم الشركة بعد ذلك بمحاسبة الملاك، وهذا الأمر مرفوض تماما من قبل سكان المدينة لتخوفهم من تكرار أزمة حساب استهلاك المياه حيث تقوم شركة المياه بمحاسبة جهاز المدينة بشكل إجمالى طبقا للأسعار المتعارف عليها ثم يقوم الجهاز بمحاسبة الملاك بأضعاف ما قام بسداده لشركة المياه.
هل يتوقع حدوث نفس الأمر فى طريقة دفع الضريبة العقارية؟ نعم هذا متوقع؛ لأنه يريح الجهة المحصلة، لأنها تتعامل مع المدينة بنظام (الجملة) وأيضا مفيد ماديا للشركة الأم "طلعت مصطفى" ولو حدث ذلك فى طريقة تحصيل الضريبة العقارية سنجد مثلا أن سعر المتر مسعر لدى جهاز المدينة بحوالى 5600 جنيه فى حين أن سعر السوق يقل عن ذلك بأكثر من ألف جنيه وهذا يعنى أن أى شقة مساحتها فوق 90 متر فى الرحاب ستخضع للضريبة العقارية طبقا لأسعار الجهاز.
الحكومة تتعلل فى فرضها للضريبة بأنها ليست بدعا من الدول، فالضريبة مطبقة فى معظم دول العالم؟ قد تكون الحكومة صادقة فى تبريرها لفرض الضريبة لكن أيضا يجب أن نسأل الحكومة هل نحن كمواطنين نعيش نفس الظروف المعيشية ونحصل على نفس الخدمة والدخل والحقوق التى يحصل عليها المواطن فى هذه الدول؟ بالطبع لا، فنحن أقل كثيرا منهم
هل سيؤثر القانون على سوق العقارات وحركة البيع والشراء؟
تأثير القانون بدأ بالفعل بالسلب على سوق العقارات؛ فمن يؤجر شقة يحمّل المستأجر تكاليف الصيانة؛ ومع تطبيق بند جديد يسمى ضريبة العقارات بدأ السؤال يتردد: من الذى سيتحمل الضريبة؛ المالك أم المستأجر؟ كما أن بشائر القانون بدأت فى الظهور بمقاطعة شراء الشقق ذات المساحات الكبيرة هربا من الضريبة مما يقلل سعرها ويرفع من سعر الشقق ذات المساحات الصغيرة، وهناك من بدأ يهرب من الاستثمار العقاري ويفضل وضع أمواله فى البنوك.
|