أقسام العقارات والمبوبة والدليل مازالوا تحت التطوير وسيتم الإنتهاء منهم قريباً بإذن الله

 
            أخبار ومقالات     العضوية    
| استعراض كافة المواضيع
 نصائح وإرشادات عقارية
نوع العقار:
في:
رقم الاعلان:
 
إعلانات
قسم إيمانيات

إيمانيات - استعد..انطلق...استمر.. - 2011-07-09


استعد..انطلق...استمر..

عقد د.خالد أبو شادي ندوة يوم الخميس 7/7/2011 بعنوان " 3× 1" . تحدث فيها عن شهر شعبان الذي هو شهر الاستعداد لرمضان، وهو شهر يغفل عنه كثير من الناس بين رجب ورمضان كما قال صلى الله عليه وسلم. تناولت الندوة عدة محاور كان منها:

-    فضائل شهر شعبان

-    واجبنا في هذا الشهر

-    الاستفادة القصوى من شهر رمضان


الفضل الأول: شهر ترفع فيه الاعمال

ذكر د. خالد أبو شادي أن الله سبحانه وتعالى فضل أيامًا على أيام كيوم الجمعة الذي هو من أفضل الأيام عند الله وهو عيد في الأرض وعيد في السماء، وفضَّل أشهرًا على أشهر فأفضل الشهور شهر رمضان وشعبان أيضًا من الأشهر المباركة فكان رسول الله –صلى الله عليه وسلم-  يصوم شعبان إلا قليلا. وقال عنه رسول الله –صلى الله عليه وسلم- : "هو شهر بين رجب ورمضان يغفل عنه كثير من الناس ترفع فيه الأعمال إلى الله وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم". والأعمال ترفع سنويًا في شهر شعبان، وترفع أسبوعيًا يومي الاثنين والخميس، وترفع يوميًا في صلاتي الفجر والعصر، فهناك رفع يومي وأسبوعي وسنوي.

لماذا ترفع الأعمال؟
ترفع الأعمال – مع أن الله تعالى مطلع على كل شيء- زيادة في الإثبات ليحاسب الله الناس على هذه الاعمال. وقد أشهد الله تعالى علينا الجوارح وأشهد علينا الأرض رغم أن علم الله يكفي. في الحديث أن عبدًا يأتي فيعذب يوم القيامة فيقول يارب ألم تجرني من الظلم فيقول بلى فيقول لا أجيز علي إلا شاهدا من نفسي فيقول كفى بنفسك اليوم عليك شهيدا وبالكرام عليك شهودا فيختم على فيه، ويقال لأركانه انطقي فتنطق بعمله ثم يخلى بينه وبين الكلام فيقول بعدًا لكن وسحقًا فعنكن كنت أناضل.

لهذا فعلى الإنسان أن يجتهد في العبادة في شعبان، لأنه حتى وإن قصر طوال العام وختم السنة بطاعة وعبادة سيكون هذا الختام شفيعًا له عند الله سبحانه وتعالى، كما قال صلى الله عليه وسلم: من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة". ففي شهر شعبان يكون "كشف الحساب الختامي" لذا يجب أن نحرص على أن نكون ممن صام هذا الشهر الكريم فإنه عندما ترفع الأعمال والعبد صائم تكون أعماله أرجى في القبول عند الله.


الفضل الثاني: شهر غفلة

إذن فشعبان من خصائصه أنه شهر رفع الأعمال، ومن خصائصه أيضًا أنه شهر غفلة؛ يغفل عن فضله وثوابه كثير من الناس. فالناس تجتهد في العبادة في رمضان من صيام وقيام وصدقة وختم قرآن لكن قليلون جدا من يختمون القرآن في شعبان. ولقد حث النبي –صلى الله عليه وسلم- على العبادة في الغفلة، ولهذا فضَّل الله الثلث الأخير من الليل لأنه صعب ولأنها ساعة غفلة ينام فيها الجميع ولذلك قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم- : " أفضل الصلاة جوف الليل الآخر. وقيل عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أنه كان إذا سمع الصارخ وثب (والصارخ هو الديك) لأن ذلك يدل على أنها رأت ملكًا فكان رسول الله يثب إذا سماع صياح الديك ليدعو ربه في ساعة يرجى ان تكون من ساعات الإجابة.


ساعات الغفلة
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة يحبهم الله ويضحك اليهم ويستبشر بهم :الذى إذا انكشفت فئة قاتل وراءهم بنفسه فإما ان يقتل وإما أن ينصره الله ويكفيه، فيقول انظروا الى عبدى هذا كيف صبر لي بنفسه؟، والذى له امرأة حسناء، وفراش لين حسن فيقوم من الليل فيقول :يذر شهوته ويذكرنى ولو شاء رقد، والذى إذا كان فى سفر وكان معه ركب فسهروا ثم هجعوا فقام من السحر فى ضراء وسراء فصلى وصف قدميه لله جل وعلا"

فموقف واحد في حياتك قد يكون علامة فارقة ويكون سببًا في أن تدخل الجنة بغير حساب، فهذه الأعمال الثلاثة كانت في ساعة غفلة ولهذا كان ثوابها عند الله عظيمًا. وهكذا كل عمل في الغفلة فإذا كنت أنت وحدك من تحافظ على عفة لسانك فأنت تعبد الله في ساعة غفلة من الناس، وإذا رددت الإساءة بالإحسان – وهو خلق يغفل عنه كثير من الناس- مع أن رد الإساءة بالإحسان به فتح النبي –صلى الله عليه وسلم- القلوب، ومن رد الإساءة بالإحسان فكأنما فيه عرق من عروق النبوة. فقد جاء زيد بن سعد  –وكان يهوديًا- إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأمسكه من  شملته حتى أثرت حاشية الثوب في عنق النبي وقال: يابني عبد المطلب إنكم قوم مطل (أي تماطلون في أداء الحقوق) وكاد  سيدنا عمر بن الخطاب أن يقتل هذا الرجل فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: يا عمر كان الأولى أن تأمره بحسن الطلب وتأمرني بحسن الأداء فأسلم زيد بن سعد وقال: والله ما بقيت خصلة لم أتثبت منها فيك إلا هذه الخصلة " أنه لا يزيده جهل الجاهل عليه إلا حلمًا".


الفضل الثالث: السبق به إلى الله
أورد د.أبو شادي في حديثه أن البدء في شعبان بالعبادة يجعل الإنسان أسبق في دخول الجنة من غيره،  فالذي يسبق اليوم بالأعمال الصالحة يسبق غدًا في دخول الجنة. جاء في الحديث أن أهل الجنة مائة وعشرون صفًا، وما بين مصراعي الجنة مسيرة أربعين سنة وليأتين عليه يوم وهو كظيظ من الزحام، فالصف (40) سنة، وهناك صف أول وثان وعاشر إلى مائة وعشرين فهناك تفاوت في ترتيب دخول الجنة وتفاوت في درجات المؤمنين في الجنة.

فنريد أن نكون من أوائل الناس ممن  يصومون ويقرؤون القرآن ويحسنون إلى الجار ويدعون إلى الله عز وجل ويردون الإساءة بالإحسان. نريد أن نكون في أوائل من يأتمنهم الناس على أموالهم ويصدقون مع الناس. نريد أن نكون في المقدمة في كل شيء، وهذه المقدمة معناها أننا نسبق إلى أبواب الجنة يوم القيامة.


أحب أن يرفع عملي وأنا صائم
كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يصوم شعبان إلا قليلا، وذلك حتى يتهيأ الإنسان لشهر رمضان فيأتي رمضان وقد تدربت في شهر شعبان وأعددت نفسك وقلبك وصامت جوارحك وأمسكت لسانك عن ما يفسد الصيام، فيبدأ رمضان وتبدأ رحلة تغيير نفوسنا {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}. فهذا نوع من شكر النعمة؛ نعمة أن مد الله في أعمارنا حتى بلغنا شعبان فغيرنا قد غيبتهم القبور ووارهم الثرى فلم تتح لهم الفرصة التي أتيحت لنا اليوم أن نصوم ونصلي ونذكر الله ونسبق إليه بالطاعات.

وأنهى د.أبو شادي حديثه بأربع وصايا ليصبح رمضان قوة تغييرية وهي:


(1)    التخطيط: ما الذي نريده في رمضان؟ ما الذي نريد أن نخرج به من رمضان؟

ربما نريد أن نحافظ على خصلة لم نكن نحافظ عليها قبل رمضان، وربما نريد أن نتخلى عن خصلة سيئة. وقد يجعل الإنسان من أهدافه أن يحفظ جزءًا من القرآن، أو أن يتعلم أحكام التجويد، أو أن يرقى في درجات الجنة. المهم هو ان نخطط فمن فشل في التخطيط فقد خطط للفشل.


(2)    الإرادة والمشيئة: يقول تعالى {لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر} أن يكون لديك عزم وإرادة على أن تدرك هدفًا محددًا، ورمضان أتى ليقتع الناس أنهم يمتلكون الكثير من القدرات. فمن يريد أن يتخلص من عادة كالتدخين مثلا فإنه سيقلع عن التدخين في رمضان من الساعة الثالثة وحتى الساعة السابعة وهذا معناه أنه يستطيع أن يمتنع عن التدخين ورمضان حجة عليه أنه يستطيع إذا أراد وعزم.


(3)    المجاهدة: التخلص من عادة سيئة أو اكتساب طاعة جديدة يحتاج إلى مجاهدة. يقول تعالى {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا}، فلا هداية دون مجاهدة، والمجاهدة هي بذل أقصى الجهد. فإذا تعبت فاعلم أنك ستهتدي. ولن يصل أحد إلى الهداية إلا إذا تعب.


(4)    تقصير الأمل: أن تستشعر أنك قد لا تدرك رمضان القادم، بل قد لا تدرك نهاية رمضان. فالإنسان إذا علم أنه قد يموت في أقرب لحظة فسيساعده ذلك على العزم والنشاط والبذل.

 

عدد الزيارات 173

 

التعليقات
 


MARWA
30/11/2011
و لذكر الله أكبر (من كان يحب أن يعلم منزلته عند الله فلينظر كيف منزلة الله عنده، فان الله ينزل العبد منه حيث أنزله من نفسه) صدق رسول الله صلى الله عليه و سلم مقدمة لقد أمرنا الله سبحانه و تعالى بذكره ذكرا كثيرا أناء الليل و أطراف النهار فى كل الأحوال ووعدنا بذلك أجرا عظيما. والذكر الكثير علامة على حب العبد لربه مصداقا لقوله صلى الله عليه و سلم (من أحب شيئا اكثر من ذكره) . و اذا ذكر العبد ربه و أكثر من ذكره ، أحبه الله سبحانه و تعالى و ذكره و كان عز و جل جليسه و طمئن قلبه و أنزل عليه السكينه و الرحمه و حفه بالملائكة و أدخله فى معيته ، فأى شرف أعظم من هذا . ومن نعم الله علينا أن يعلمنا الله تعالى فى كتابه الكريم و سنة نبية الكريم كيف يناجى العبد ربه فى كل لحظة عند الاستيقاظ من النوم و قبل أن يأوى الى فراشة و اذا تعار باليل و عند الخروج من البيت وعند النعمة و فى البلية و عند سماع الأذان و عند الوضوء و دبر الصلوات و فى السوق و عند الركوب و قبل و بعد الأكل و عند الأفطار من الصيام و فى العشر الأوائل من ذى الحجة و فى أيام التشريق و فى ليلة القدر و هكذا ليجد المسلم نفسه موصولا بالله تعالى فى كل لحظة و نفس. ذكر لله عز و جل يكون بأسمائه و صفاته بآية من القرآن الكريم، بالتكبير و التهليل و الحمد و الاستغفار و الصلاة على سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم و هى جميعها اشكال شتى للذكر . و كلما تمكن العبد من الأكثار من الذكر فى اليوم الواحد كان ذلك خير له حتى يستطيع تحصيل أكبر قدر من الذكر خلال حياته القصيرة و ان طالت فتصبح جميع اوقاته عامرة بذكر الله فيجنى بذلك نعيم الدنيا و الآخرة مثله فى ذلك مثل ر جل يركب سيارته فى شارع طويل و قد انتثرت الكنوز من ذهب و فضة و لؤلؤ و ماس على أرض الشارع و هو يحاول أن يحمل أكبر قدر منها فى سيارته على قدر استطاعته . ومن الناس من الزم نفسه بذكر الله فى كل لحظة و نفس فاستولى الذكر على القلب و أنس بالله و أصبح ذكر الله هو شاغله الشاغل فلا يغفل عنه أبدا. أنشد أحدهم يقول : عجبت لمن يقول ذكرت ربى و هل أنسى فأذكر ما نسيت فى البداية نستعرض بعض آيات القرآن الكريم و الأحاديث القدسية و النبوية الشريفة التى ترغبنا فى ذكر الله عز و جل و تحثنا عليه: آيات القرآن الكريم عن الذكر يقول الله تعالى : (فاذكرونى اذكركم و اشكروا لى و لا تكفرون) البقرة 152 (يأيها الذين أمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا و سبحوه بكرة و أصيلا). الأحزاب 41-42 (و اذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون) الجمعة 10 (و الذاكرين الله كثيرا و الذاكرات أعد الله لهم مغفرة و أجرا عظيما) الاحزاب 35 (و اذكر ربك فى نفسك تضرعا و خفية و دون الجهر من القول بالغدو و الأصال و لا تكن من الغافلين) الاعراف 205 (الذين يذكرون الله قياما و قعودا و على جنوبهم و يتفكرون فى خلق السموات و الأرض)آل عمران191 (الذين امنوا و تطمئن قلوبهم بذكر الله الا بذكر الله تطمئن القلوب) الرعد 28 (انما المؤمنون اذا ذكر الله وجلت قلوبهم ) الأنفال 2 (رجال لا تلهيهم تجارة و لا بيع عن ذكر الله) النور 37 (فاذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما و قعودا و على جنوبكم)النساء 103 (يأيها الذين أمنوا اذ لقيتم فئة فاثبتوا و اذكروا الله لعلكم تفلحون) الأنفال 5 (قل الله ثم ذرهم فى خوضهم يلعبون) الانعام 91 آيات التحذير من ترك الذكر (فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله اولئك فى ضلل مبين) الزمر 22 (و لا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا و اتبع هواه و كان أمره فرطا) الكهف 28 (و من يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين) الزخرف 36 (يأيها الذين أمنوا لا تلهكم أموالكم و لا أولادكم عن ذكر الله و من يفعل ذلك فأولئك الخاسرون) المنافقون 9 حبب الله المؤمنين فى الذكر فى أحاديث قدسية و نبوية كثيرة منها : " أنا عند ظن عبدى بى ، و أنا معه اذا ذكرنى , فان ذكرنى فى نفسه ذكرته فى نفسى , و ان ذكرنى فى ملأ ذكرته فى ملأ خير منه، و ان تقرب الى شبرا تقربت اليه ذراعا ، و ان تقرب الى ذراعا تقربت اليه باعا، و ان أتانى يمشى اتيته هرولة ." و " أنا جليس من ذكرنى و حيثما ألتمسنى عبدى و جدنى" عن عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله " قال سبحانه و تعالى : " من شغله ذكرى عن مسالتى أعطيته أفضل ما أعطى السائلين." والحديث القدسى: "لا اله الا الله حصنى من قالها دخل حصنى و من دخل حصنى أمن من عذابى." يقول النبى صلى الله عليه و سلم "من أحب شيئا أكثر من ذكره" وقال صلى الله عليه و سلم : " لا يقعد قوم يذكرون الله الا حفتهم الملائكة و غشيتهم الرحمة و نزلت عليهم السكينة و ذكرهم الله فيمن عنده." وقال(صلى الله عليه و سلم) أيضا : " ما من قوم اجتمعوا يذكرون الله عز و جل لا يريدون بذلك الا وجهه ، الا ناداهم مناد من السماء أن قوموا مغفرا لكم، قد بدلت سيئاتكم حسنات." و روى أن رسول الله قال: " ان لله سرايا من الملائكة تحل و تقف على مجالس الذكر ، فاغدوا و روحوا فى ذكر الله ، و ذكروا أنفسكم : من كان يحب أن يعلم منزلته عند الله فلينظر كيف منزلة الله عند ، فان الله ينزل العبد منه حيث أنزله من نفسه." و عن الامام على كرم الله وجهه أنه قال : يا رسول الله : أى الطرق أقرب الى الله و أسهلها على عباد الله ، و أفضلها عند الله تعالى ؟ فقال "يا على ، عليك بمداومة ذكر الله" فقال الامام على : كل الناس يذكرون الله . فقال صلى الله عليه و سلم : " يا على ، لا تقوم الساعة حتى لا يبقى على وجه الأرض من يقول "الله". فقال الامام على : كيف أذكر يا رسول الله ؟ فقال صلى الله عليه و سلم : " اغمض عينيك و اسمع منى ثلاث مرات ، ثم قل مثلها و أنا أسمع." و قال عليه الصلاة و السلام :" لا اله الا الله " ثلاث مرات ، مغمضا عينيه . ثم قال الاملم على مثل ذلك. وروى عنه صلى الله عليه و سلم أنه قال : " أفضل الذكر لا اله الا الله". و أحب الكلام الى الله سبحانه و تعالى: "سبحان الله و الحمد لله و لا اله الا الله و الله أكبر" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "الا أخبركم بخير أعمالكم و أذكاها عند مليككم و أرفعها فى درجاتكم ،و خير لكم من أنفاق الذهب و الفضة و من أن تلقوا عدوكم فتضربوا اعناقهم و يضربوا اعناقكم ؟ قالوا : بلى. قال : ذكر الله تعالى." وفى صحيح مسلم عن أبى هريرة قال: كان رسول الله يسير فى طريق مكة فمر على جبل يقال له جمدان فقال : سيروا , هذا جمدان , سبق المفردون " قيل : و ما المفردون يا رسول الله ؟ قال : " الذاكرون الله كثيرا و الذاكرات." قيل المفردون بمعنى من تفردوا بذكر الله و فى مسند الأمام احمد قال رسول الله : "و ما عمل آدمى عملا قط أنجى له من عذاب الله من ذكر الله عز و جل." و عن معاذ بن جبل قال رسول الله :" ليس يتحسر أهل الجنة , الا على ساعة مرت بهم لم ييذكروا الله فيها و عن معاذ بن جبل قال : سألت رسول الله : أى الأعمال أحب الى الله عز و جل ؟ قال "أن تموت و لسانك رطب من ذكر الله عز و جل " و قال أبو الدرداء رضى الله عنه : لكل شىء جلاء , و ان جلاء القلوب ذكر الله عز و جل. قال النبى صلى الله عليه و سلم :" مثل البيت الذى يذكر الله فيه , و البيت الذى لا يذكر فيه الله كمثل الحى و الميت ." أخرجة مسلم فى الصحيح. و فى الترمذى عن أنس أن رسول الله قال :" اذا مررتم برياض الجنة فارتعوا " قالوا : يا رسول الله : و ما رياض الجنة؟ قال : حلق الذكر." و عن عبد الله بن بسر أن رجلا قال : يا رسول الله ان شرائع الأسلام قد كثرت على فأخبرنى بشىء أتشبث به . قال : "لا يزال لسانك رطبا بذكر الله" عن أبى هريرة : أن فقراء المهاجرين أتوا رسول الله فقالوا يا رسول الله, ذهب أهل الدثور بالدرجات العلى و النعيم المقيم يصلون كما نصلى و يصومون كما نصوم و لهم فضل أموالهم يحجون بها و يعتمرون و يجاهدون فقال: " ألا أعلمكم شيئا تدركون به من سبقكم و تسبقون به من بعدكم, و لا أحد يكون أفضل منكم الا من صنع مثل ما صنعتم؟" قالوا : بلى يا رسول الله. قال: " تسبحون و تحمدون و تكبرون خلف كل صلاة" أخرجه البخارى فى الآذان. عن عبد الله بن عمرو عن النبى: خصلتان – أو خلتان_ لا يحافظ عليهما عبد مسلم الا دخل الجنة هما يسير و من يعمل بهما قليل يسبح فى دبر كل صلاة عشرا و يحمد عشرا و يكبر عشرا فذلك خمسون و مائة باللسان و الف و خمسمائة فى الميزان و يكبر أربعا و ثلاثين اذا اخذ مضجعة و يحمد ثلاثا و ثلاثين و يسبح ثلاثا و ثلاثين فذلك مائة باللسان و الف فى الميزان. فلقد رأيت رسول الله يعقدها قالوا : يا رسول الله كيف هما يسير و من يعمل بهما قليل قال ياتى احدكم يعنى الشيطان فى منامة فينومه قبل ان يقوله و ياتيه فى صلاته فيذكره حاجة قبل ان يقولها. صحيح رواه ابو داوود. عن ابى موسى الأشعرى قال قال لى رسول الله ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة؟ فقلت بلى يا رسول الله قال لا حول و لا قوة الا بالله.رواه البخارى عن سعد بن ابى و قاص قال كنا عند رسول الله فقال : ايعجز احدكم أن يكسب فى كل يوم الف حسنة فساله سائل من جلسائة : كيف يكسب الف حسنة ؟ قال يسبح مائة تسبيحة فيكتب له الف حسنة او يحط عنه الف خطيئة. رواه مسلم. عن ابى هريرة قال قال رسول الله كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان فى الميزان حبيبتان الى الرحمن سبحان الله و بحمده سبحان الله العظيم . رواه البخارى. عن أبى امامة قال سمعت رسول الله يقول من آوى الى فراشة طاهرا يذ كر الله حتى يدركه النعاس لم يتقلب من ليل يسال الله من خيرى الدنيا و الآخرة الا أعطاه اياه"أخرجه الترمذى. فضل الذكر فى مواطن الغفلة: قال مالك بلغنى أن رسول الله كان يقول :" ذاكر الله فى الغافلين كالمقاتل خلف الفارين, و ذاكر الله فى الغافلين كغصن أخضر فى شجر يابس" و فى رواية " مثل الشجرة الخضراء فى وسط الشجر, و ذاكر الله فى الغافلين مثل مصباح فى بيت مظلم, و ذاكر الله فى الغافلين يريه الله مقعده فى الجنة و هو حى, و ذاكر الله فى الغافلين يغفر له بعدد كل فصيح و أعجم و الفصيح بنو آدم و الأعجم البهائم." اخرجة الطبرانى فى المعجم الكبير. و لذا نجد الذكر فى الأسواق له فضل كبير فالسوق موطن من مواطن الغفلات ينشغل الناس فيه بالبيع و التجارة و تحصيل المعاش . عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه أن رسول الله قال:"من دخل السوق فقال : لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك و له الحمد يحيى و يميت و هو حى لا يموت بيده الخير و هو على كل شىء قدير كتب الله له ألف ألف حسنة و محا عنه ألف ألف سيئة ورفع له ألف ألف درجة " صحيح. قيل فى ذكر الله قال موسى عليه السلام : يا رب أى خلقك أكرم عليك ؟ قال الذى لا يزال لسانه رطبا بذكرى قال يا رب فأى خلقك اعلم ؟ الذى يلتمس الى علمه علم غيره قال يا رب أى خلقك أعدل؟ قال الذى يقضى على نفسه كما يقضى على الناس قال يا رب أى خلقك أعظم ذنبا ؟ قال الذى يتهمنى . قال : يا رب و هل يتهمك أحد ؟ قال الذى يستخيرنى و لا يرضى بقضائى. ( ذكره البهيقى عن محمد بن كعب القرظى رحمه الله تعالى) لما وفد موسى عليه السلام الى طور سيناء قال : يا رب، اى عبدك أحب اليك ؟ قال الذى يذكرنى و لا ينسانى.( ذكره ابن عباس ) قال موسى عليه السلام : يا رب، اقريب أنت فاناديك؟ فقال تعالى : يا موسى أنا جليس من ذكرنى. و قال عبيد بن عمير: تسبيحة بحمد الله فى صحيفة مؤمن خير له من جبال الدنيا تجرى معه ذهبا . و قال الحسن : اذا كان يوم القيامة نادى مناد : سيعلم الجمع من أولى بالكرم أين الذين كانت تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا و طمعا و مما رزقناهم ينفقون؟ قال فيقومون فيتخطون رقاب الناس . قال ثم ينادى مناد : سيعلم أهل الجمع من أولى بالكرم . أين الذين كانت لا تلهيهم تجارة و لا بيع عن ذكر الله قال فيقومون فيتخطون رقاب الناس . ثم يناد مناد : وسيعلم أهل الجمع من أولى بالكرم, أين الحامدون لله على كل حال؟ قال فيقومون و هم كثير . ثم يكون التنعيم و الحساب فيمن بقى. و أتى رجل أبا رجل أبا مسلم الخولانى فقال له : أوصنى يا أبا مسلم قال اذكر الله تعالى تحت كل شجرة و مدرة . فقال : زذنى .فقال : أذكر الله تعالى حتى يحسبك الناس مجنونا , قال : و كان أبو مسلم يكثر ذكر الله تعالى , فرآه رجل و هو يذكر الله تعالى فقال أمجنون صاحبكم هذا ؟ فسمعه أبو مسلم فقال : ليس هذا بالمجنون يا أخى , و لكن هذا ذو الجنن. أخرجه البهيقى فى الشعب. قال احد الذاكرين : لو علم الملوك و أبناء الملوك ما نحن فيه من نعيم لجادلونا عليه بالسيوف. و قال آخر : مساكين أهل الدنيا خرجوا منها و ما ذاقوا أطيب ما فيها ؟ قال محبة الله تعالى و معرفته و ذكره . قال ذو النون المصرى : من ذكر الله تعالى على الحقيقة نسى فى جنب ذكره كل شىء و حفظ الله عليه كل شىء و كان له عوضا عن كل شىء. و يقول العارف بالله السيد محمد عيد الشافعى فى رسالته الرائعة "يا بنى" : يا بنى أكثر من ذكر ربك فى نفسك ، تصفو مرآة قلبك و يكون اهلا لظهور كمالات الحق فيه. دوام الذكر طريق الوصول الى الله تعالى ما هو الذكر ؟ الذكر هو التخلص من الغفلة و النسيان بدوام حضور القلب مع الحق. و يكون ذلك بذكر الله أو صفة من صفاته أو حكم من أحكامه أو فعل من افعاله أو الاستدلال على شىء من ذلك أو دعاء أو ذكر رسله أو انبيائه أو من انتسب اليه أو تقرب اليه بوجه من الوجوه أو سبب من الأسباب أو فعل من الأ فعال. المتكلم ذاكر و المتفكر فى عظمة الله تعالى و جلاله و جبروته وآياته فى ارضه و سمواته ذاكر و المتمثل ما أمر الله به و مانهى عنه ذاكر، هكذا يعلمنا العارف بالله ابن عطاء الله السكندرى فى كتابه القيم مفتاح الفلاح و مصباح الأرواح بذكر الكريم الفتاح. والذكر منه المقيد بالزمان و المكان مثل الذكر فى الصلاة و عقبها و فى الحج و قبل النوم و بعد اليقظة وقبل و بعد الأكل و عند الركوب وطرفى النهار و غير ذلك، و منه المطلق و هو ما لا يتقيد بزمان و لا مكان و لا وقت و لا حال فمنه ما هو ثناء على الله كما فى : سبحان الله و الحمد لله و لا اله الا الله و الله أكبر و لا حول و لا قوة الا بالله العلى العظيم و منه ما هو ذكر فيه دعاء ربنا لا تؤاخذنا ان نسينا أو أخطأنا (البقرة 286) و منه ما هو مناجاة أو صلاة على سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم. الذكر طريق الوصول قال الأستاذ أبو القاسم القشيرى رضى الله عنه: الذكر ركن قوى فى طريق الله سبحانه , بل هو العمدة فى هذا الطريق ، و لا يصل أحد الى الله الا بدوام الذكر. و يقول العارف بالله ابن عطاء الله السكندرى فى رسالته الرائعة (تاج العروس الحاوى لتهذيب النفوس) : لا شىء أعلى مقاما و لا أسهل من الذكر فيمكنك القيام به فى حال القيام و القعود و المرض و الاضطجاع فهذا أسهل العبادات و هى التى قال فيها رسول الله "و ليكن لسانك رطبا بذكر الله " و أى دعاء أو ذكر سهل عليك فواظب عليه فان مدده من الله عز و جل فما ذكرته الا ببره و ما أعرضت عنه الا بسطوته و قهره فاعمل و اجتهد فالغفله فى العمل خير من الغفلة عنه . و يروى انه ما من صيد يصاد و لا شجرة تقطع الا بغفلتها عن ذكر الله تعالى لأن السارق لا يسرق بيتا و أهله أيقاظ بل على غفلة أو نوم. يقول الامام الغزالى أن الذاكر أولا قد يكون متكلفا يصرف قلبه و لسانه عن الوسواس الى ذكر الله تعالى و يظل يجاهد النفس فى كثرة الذكر و مع المداومة ينغرس فى القلب حب المذكور حتى يصير مضطرا الى كثرة ذكره آخرا و من أكثر من ذكر شىء و ان كان تكلفا- أحبه . فكذلك أول الذكر المتكلف الى ان يثمر الأنس بالمذكور و الحب له ثم بعد ذلك يصير متنعما بالذكر . يقول هى النفس ما عودتها تتعود أى ما كلفتها أولا يصير لها طبعا آخرا. ويضيف اذا حصل الأنس بذكر الله تعالى انقطع عن غير ذكر الله و ما سوى الله عز و جل و هو الذى يفارقه عند القبر من مال وولد وولاية و لا يبقى الا ذكر الله فاذا كان قد أنس به تنعم بانقطاع العوائق الصارفة عن ذكر الله و لا يبقى بعد الموت عائق و يترقى من الذكر الى لقاء الله تعالى و من أحب لقاء الله أحب لقاءه و من كره لقاء الله كره الله لقاءه . بماذا يصير الانسان من الذاكرين الله كثيرا ؟ اختلف العلماء بماذا يصير الانسان من الذاكرين الله كثيرا فعن الامام أبى حسن الواحدى رضى الله عنه عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: اذا ذكر الله فى أدبار الصلوات ، أو غدوا و عشيا و فى المضاجع، و كلما استيقظ من نومه، و كلما غدا أو راح عن منزله, قال : و قال مجاهد: لا يكون من الذاكرين الله كثيرا حتى يذكر الله تعالى قائما و قاعدا و مضطجعا، هكذا يحدثنا العارف الواصل أبى محمدعفيف الدين اليافعى المتوفى عام 768 ه فى كتابه القيم الارشاد و التطريز فى فضل ذكر الله تعالى و تلاوة كتابه العزيز: ان الله تعالى لم يفرض على عباده فريضة الا جعل لها حدا معلوما ثم عذر أهلها فى حال العذر غير الذكر فان الله تعالى لم يجعل له حدا ينتهى اليه و لم يعذر أحدا فى تركه الا مغلوبا على عقله ، فقال تعالى: " فاذكروا الله قياما و قعودا و على جنوبكم " و يكون الذكر باليل و بالنهار فى البر والبحر فى السفر و الحضر و الغنى و الفقر و السقم و الصحة و السر و العلانية و على كل حال، فعن عائشة رضى الله عنها قالت :" كان النبى صلى الله عليه و سلم يذكر الله على كل أحيانه" راواه مسلم. و أعلم ان دوام الذكر فى الطريق و البيت و السوق و الحضر و السفر و البقاع تكثير لشهود ا لعبد يوم القيامة. فان البقعة و الدار و الجبل و الأرض تشهد للذاكر يوم القيامة. قال تعالى: " اذا زلزلت الأرض زلزالها و أخرجت الأرض أثقالها , و قال الانسان ما لها . يومئذ تحدث أخبارها بأن ربك أوحى لها ." (الزلزلة 1-5) و عن أبى هريرة قال : قرأ رسول الله هذه الآية " يومئذ تحدث أخبارها بأن ربك أوحى لها ." قال أتدرون ما اخبارها ؟ قالوا الله و رسوله أعلم قال فان أخبارها أن تشهد على كل عبد أو أمة بما عمل على ظهرها تقول عمل كذا و كذا قال الترمذى هذا حديث حسن صحيح, و الذاكر لله عز و جل فى سائر البقاع مكثر شهوده و لعلهم أو أكثرهم أن يقبلوه يوم القيامة يوم قيام الأشهاد وأداء الشهادات فيفرح و يغتبط بشهادتهم. و قد كان أحد الصالحين يصلى على رسول الله (صلى الله عليه و سلم) أربعة عشر ألفا فى اليوم و الليلة و آخركان يذكر الله مائة ألف مرة فى اليوم الواحد. لا تترك الذكر لعدم حضورك مع الله فيه تقول الحكمة العطائية لابن عطاء الله السكندرى: لا تترك الذكر لعدم حضورك مع الله فيه , لأن غفلتك عن و جود ذكره أشد من غفلتك فى وجود ذكره، فعسى أن يرفعك من ذكر مع وجود غفلة الى ذكر مع وجود يقظة, ومن ذكر مع وجود يقظة الى ذكر مع وجود حضور ، و من ذكر مع وجود حضور الى ذكر مع وجود غيبة عما سوى المذكور، وما ذلك على الله بعزيز. و فى كتاب غيث المواهب العلية فى شرح الحكم العطائية يحدثنا أبى عبد الله محمد النفرى الرندى (732-792ه) شارحا : الذكر أقرب الطريق الى الله تعالى ، و هو علم على وجود ولايته كما قيل : "الذكر منشور الولاية" 1 فمن وفق للذكر فقد أعطى المنشور ، و من سلب الذكر فقد عزل، قال الشاعر: والذكر اعظم باب أنت داخله لله فاجعل له الأنفاس حراسا و قال الامام أبو القاسم القشيرى ، رضى الله عنه :"الذكر عنوان الولاية, و منار الوصلة, و تحقيق الارادة، و علامة صحبة البداية، و دلالة صفاء النهاية" فليس وراء الذكر شىء، وجميع الخصال المحمودة راجعة الى الذكر، و منشؤها عن الذكر , و فضائل الذكر أكثر من ان تحصى ، ولو لم يرد فيه الا قول الله تعالى فى كتابه العزيز(فاذكرونى أذكركم) البقرة 152 و قوله عز وجل فيما يرويه رسول الله صلى الله عليه و سلم(أنا عند ظن عبدى بى، و أنا معه حين يذكرنى , ان ذكرنى فى نفسه ، ذكرته فى نفسى و ان ذكرنى فى ملأ ذكرته فى ملأ خير منه، و ان تقرب الى شبرا تقربت اليه ذراعا ، و ان تقرب الى ذراعا تقربت منه باعا، وان آتانى يمشى أتيته هرولة) و من خصائصة أنه غير مؤقت بوقت ، فما من وقت الا و العبد مطلوب به, اما وجوبا و اما ندبا بخلاف غيره من الطاعات ,قال ابن عباس رضى الله عنهما: "ان الله تعالى لم يفرض على عباده فريضة الا جعل لها حدا معلوما ثم عذر أهلها فى حال العذر غير الذكر فان الله تعالى لم يجعل له حدا ينتهى اليه و لم يعذر أحدا فى تركه الا مغلوبا على عقلة. و أمرهم بذكره فى الأحوال كلها فقال عز من قائل : " فاذكروا الله قياما و قعودا و على جنوبكم " النساء 103 و قال تعالى : "يا أيها الذين أمنوا أذكروا الله ذكرا كثيرا " الأحزاب 41 أى باليل و النهار و فى البر و البحر و السفر و الحضر و الغنى و الفقر و فى الصحة و السقم و السر و العلانية و على كل حال. و قال مجاهد رضى الله تعالى عنه :" الذكر الكثير أن لا تنساه أبدا " و روى عن رسول الله صلى الله عليه و سلم : " أكثروا ذكر الله حتى يقولوا مجنون" . فينبغى للعبد أن يستكثر منه فى كل حالاته، و يستغرق فيه جميع أوقاته، و لايغفل عنه ، و ليس له أن يتركه لوجود غفلته فيه ، فان تركه له و غفلته عنه أشد من غفلته فيه فعليه أن يذكر الله تعالى بلسانه و ان كان غافلا فيه فلعل ذكره مع وجود الغفلة يرفعه الى الذكر مع وجود يقظة, وهذا نعت العقلاء و لعل ذكره مع وجود يقظة يرفعه الى الذكر مع وجود حضور ، و هذه صفة العلماء ، و لعل ذكره مع وجود حضور يرفعه الى الذكر مع وجود الغيبه عما سوى المذكور و هى مرتبة العارفين المحققين من الأولياء، قال الله تعالى :"و اذكر ربك اذا نسيت" الكهف 42 أى اذا نسيت ما دون الله ، عند ذلك تكون ذاكرا لله ، و فى هذا المقام ينقطع ذكر اللسان و يكون العبد محوا (و فى نسخة ممحوا) فى وجود العيان ، و فى هذا المعنى أنشدوا : ما أن ذكرتك، الا و هم يقلقنى سرى، و قلبى , و روحى عند ذكراك حتى كأن رقيبا منك يهتف بى اياك و يحك و التذكار اياك أما ترى الحق قد لاحت شواهده وواصل الكل من معناه معناك (و فى نسخة ووصل) قال الواسطى مشيرا الى هذا المقام : الذاكرون فى ذكره أكثر غفلة من الناسين لذكره ، لأن ذكره سواه. و قال ابو العباس بن البنا - فى كتاب ذكره على مقدمة كتاب أبى العز تقى الدين بن المظفر الشافعى : الاسرار العقلية فى الكلمات النبوية " و من أحسن الذكر ما هاج عن خاطر وارد من المذكور ، جل ذكره " و هذا هو الذكر الخفى عند المتصوفة. و أما قولهم : حتى يتمكن الذاكر الى حالة يستغرق بها عن الذكر فليس ذلك تمكن حلول و لا اتحاد بل حكمة ، و قدرة من عزيز حكيم ، و بيان ذلك أن يكون القلب عند الذكر فى الذكر فارغا من الكل ، فلا يبقى فيه غير الله جل ذكره، فيصير القلب بيت الحق ، ، و يمتلى منه، فيخرج الذكر من غير قصد و لاتدبر، و حينئذ يكون الحق المبين لسانه الذى ينطق به, فان بطش هذا الذاكر كان يده التى يبطش بها ، وان سمع كان سمعه الذى يسمع به ، قد استولى المذكور العلى على الفؤاد فامتلكه، و على الجوارح فصرفها فيما يرضيه، و على الصفات من هذا العبد فقلبها كيف شاء فى مرضاته، فلذلك يخرج الذكر من غير تكلف، و تنبعث الأعمال بالطاعات نشاطا و لذة من غير كلال (ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء و الله ذو الفضل العظيم) الجمعة 4 .(ان الله مع الذين اتقوا و الذين هم محسنون) النحل 128 و قد وصف الله قلب أم موسى عليه السلام بمعنى ذلك فى قوله الحق(و أصبح فؤاد أم موسى فارغا) القصص 10 أى فارغا من كل شىء الا ذكر موسى ، فكادت أن تبدى به غير قصد منها لذكره و لا تدبير ، بل كان تركها للتصريح بذكره صبرا بما ربط الله على قلبها لتكون من المؤمنين بما أوحى اليها من قبل فى شأن موسى و بأنه من المرسلين ، و بذلك يندفع الاشكال الذى ذكره أبو العز ، ووصفه بالعظم ، و هو اجتماع الضدين فى بادىء الرأى ، وهما : الذكر و الغفلة عن الذكر. و هذه المعالم و المراقى لايعرف حقائقها الا السالكون و جدانا و العلماء ايمانا و تصديقا ، فاياك و التكذيب بآيات الله فتكون من الصم البكم فى الظلمات. ولما كان المذكور لا يجوز عليه و صف الفقد و العدم و لايمنعه حجاب ، و لا يحويه مكان ، و لا يشتمل عليه زمان و لا يجوز عليه الغيبه بوجه ، و لا يتصف بحوادث المحدثين ، و لا يجرى عليه صفات المخلوقين ، فهو حاضر عينا و معنى ، و شاهد سرا و نجوى ، اذ هو القريب من كل شىء ، وأقرب الى الذاكر له من نفسه من حيث الايجاد له و العلم به و المشيئة فيه و القدرة و التدبير له و القيام عليه خلق الخليقة فلا تلحقه اوصافها ، و أوجد الأعداد فلا تحصره معانيها و هو العلى الكبير" انتهى كلام الشيخ أبى العباس رحمه الله تعالى فى معنى المقام الثالث من مقامات الذكر، و هو فى غاية الحسن و التحقيق مشيرا الى توحيد الخواص من أهل الطريق. فلا ينبغى أن يستبعد العبد الوصول الى هذا المقام الكريم ، فليس ذلك بعزيز على الفتاح العليم ، فعلى العبد القيام بحق الاسباب و من الله تعالى رفع الحجاب. من آداب الذكر و فوائدة و يحدثنا العارف بالله ابن عطاء الله السكندرى عن آداب الذكر قائلا منها : من الآداب طهارة الباطن بأكل الحلال فان الذكر و ان كان يذهب الأجزاء الناشئة من الحرام الا انه اذا كان الباطن خاليا من الحرام أو الشيهة تكون فائدة الذكر فى تنوير القلب أكثر وأبلغ و اذا كان الباطن حرام غسله منه و نظفه فكانت فائدته حينئذ فى التنوير أضعف ألا ترى أن الماء اذا غسلت فيه المتنجس أزال النجاسة, و لم تكن فيه مبالغة فى التنظيف و لذلك يستحب غسله ثانية و ثالثة، و اذا كان المحل المغسول خاليا عن النجاسة ازداد بهجة و نضارة من أول غسلة. و عن فوائد الذكر على الاجمال يقول: اذا نزل الذكر القلب، فان كان فيه ظلمه نوره ، و ان كان فيه نور زاده و كثره نورا. الذكر يطرد الشيطان و يمنعه و يكسره. الذكر يرضى الرحمن و يسخط الشيطان و يزيل الهم و الغم عن القلب و يجلب الفرح و السرور ويذهب الشرور. الذكر يقوى القلب و البدن و يصلح السر و العلن. الذكر يبهج القلب و الوجه و ينوره و يجلب الرزق و ييسره و يكسو الذاكر مهابه و يلهم به فى كل أمر صوابه و دوامه للمحبة. الذكر يورث الراقبة الموصلة للاحسان الذى فيه يعبد المرء الله كأنه يراه. الذكر يورث الانابة و القرب من الرب و يفتح باب المعرفة للقلب و يورث العبد اجلالا و هيبة لربه و يورث ذكر الله للعبد و هو أعز شرف كما ان نسيان الله للعباد ينسيهم انفسهم و ذلك غاية الفساد. الذكر نور للعبد فى دنياه و قبره و نشره و حشره و هو منشور الولاية. الذكر ينبه القلب الغافل بترك اللهو و الباطل و يستدرك ما فات و يستعد لما هو آت. الذكر شجرة ثمرتها المعارف و رأس مال كل عارف والله مع الذاكرين بالقرب و المحبة و التوفيق و الحماية. الذكر يعدل عتق الرقاب و الجهاد و مشقاته الصعاب والقتل فى سبيل الله و العطب و انفاق الورق و الذهب . الذكر من الشكر و من لم يزل لسانه رطبا بذكره و اتقى الله فى نهيه و أمره أوجب له دخول جنة الأحباب و الاقتراب من رب الأرباب و يدخل الجنة و هو يضحك و يبتسم و يتقلب فيها و يتنعم . الذكر يذهب من القلب القساوة و يورثه اللين و الطراوة و هو جلاء للقلب من الصدأ. الذكر كاسراج الهادى فى الظلمة يحبط الذنوب ان الحسنات يذهبن السيئات يزول الاستيحاش بين العبد و ربه. ما يذكره العبد من نحو تسبيح و تكبير و تهليل و تمجيد يذكرن بصاحبهن حول العرش المجيد. العبادات كلها فى يوم الحشر تزول عن العبد الا ذكر الله و التوحيد و الحمد . و من تعرف الى الله فى الرخاء بذكره تقرب الله اليه فى الشدة ببره. ان المطيع الذاكر لله تعالى اذا اصابته شدة أو سأل الله حاجته قالت الملائكة يا رب صوت معروف من عبد معروف، و الغافل المعرض عن الله اذا دعاه أو سأله قالت الملائكة يا رب صوت نكر من عبد نكر. لا عمل انجى من ذكر الله و هو سبب نزول السكينة و حفوف الملائكة به و نزولها لديه و غشيان الرحمة. الذكر لسان شاغل عن الغيبة و الكذب و الباطل . الذاكر لا يشقى به جليسه و يسعد به أنيسه. و من كان ذكر الله له عن المسألة شاغل أعطى أفضل ما أعطى سائل . الذكر هو غراس الجنة (سبحان الله-الحمد لله-لا اله الا الله –الله أكبر) الذكر سبب العتق من النيران و الأمان من النسيان فى الدنيا و دار الهوان "فاذكرونى أذكركم".الذكر موجب لصلاة الله عليه و الملائكة الكرام فيخرج من الظلمات الى النور و يدخل دار السلام. مجالس الذكر رياض الجنة و الرتع فيها يرض الرحمن و الله تعالى يباهى بالذاكرين ملائكة السماء . الذكر منزلته من العبادات أرفع و أسمى. أفضل العمال اكثرهم لله ذكرا فى سائر الأحوال. الذكر يقوى الجوارح ويسهل العمل الصالح وييسر الأمور الصعاب و يفتح مغلق الأبواب و يخفف المشقة. الذكر أمن للخائف و دور الجنة بالذكر تبنى. الذكر سد بين العبد و بين النار. الملائكة تستغفر للعبد اذا لازم الذكر و الحمد. البقاع و الجبال تباهى بمن يذكر الله عليها من الرجال . الذكر هو سمة المؤمن الشاكر. وجه الذاكر و قلبه يكسى فى الدنيا نضرة و سرورا و فى الآخرة وجهه أشد بياضا من القمر و نورا و تشهد له البقاع كما تشهد لكل عامل عصى و أطاع. الذكر يرفع العامل الى أعلى الدرجات و يوصله الى أعلى المقامات. الذكر يورث الرى من العطش عند الموت . الذكر فى الغافلين كبيت مظلم فيه مصباح. الغفلة و اتباع الهوى فانهما يطمثان نور القلب و يعميان بصره .و يروى أن كل نفس تخرج من الدنيا عطشانة الا الذاكر الله تعالى. الذكر جلاء القلوب القلب مثل المرآة قد يصفو فتشرق عليه أنوار الحق و المعارف الآلهية و قد يسود و يتكدر من الذنوب و المعاصى فتشكل حجابا يمنع النور. وانما يكون جلاء القلب بذكر الله تعالى. و يقول العارف بالله ابن عطاء الله السكندرى فى كتابه مفتاح الفلاح و مصباح الأرواح فى ذكر الكريم الفتاح أن لكل انسان قلبا وا حدا فلا يتسع للاشتغال بشيئيين فى وقت واحد, فاذا اشتغل بأحد الشيئين يبقى محروما من الشىء الآخر بقدر انشغاله بالآخر. ومن الناس من اخرج ما سوى الله من قلبه فاذا صادف القلب خاليا مما سوى الله ثم حضر سلطان الله أشرق نوره اشراقا تاما و كمل استيلاؤه عليه ففاضت روح المرء و جوارحه بالنور و انطلق لسانه بالحكمة. و على العكس من ذلك، يوضح لنا العارف بالله السيد محمد عيد الشافعى أن من الناس من ترك الأثم آثرا على مرآة قلبه و لم يتبع السيئة الحسنة تمحها، فتراكم الران على وجه القلب فيه، فحجب فى سويداء القلب نوره، و تعذر عليه ان ينتشر على جوارحه، فثقلت عليه الطاعة لربه، فمنعه ذلك الران من ادراك نور الحق،و ثقلت على جوارحه الطاعة، فلم يقبل على الله تعالى. قال تعالى (كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون) يقول الشيخ الجليل السيد محمد عيد الشافعى شارحا الحكمة العطائية : كيف يشرق قلب صور الأكوان منطبعة فى مرآته للعارف بالله ابن عطاء الله السكندرى. هذه الحكمة بيان لمرض القلب و دوائه و هو سؤال انكارى بمعنى لا، فالقلب مثل مرآة منصوبة مستعدة لانطباع ما يقابلها من صور، و كان لابد من انطباع صور الأكوان فيه بحكم التعشق و المقابلة و هذه الأكوان كلها ظلمه لا نور فيها و من حيث القلب مقبلا عليها فلابد من حصولها فيه، و من ثم تكسبه الظلمه . وظلمة القلب حجابه المانع له من ظهور نور الحق فيه, ومن هنا كانت الاستحالة لظهور الاشراق, و لا يمكن للقلب من التخلص من صور الأكوان فى مرآته الا اذا اعرض عنها بالاقبال عليه سبحانه؛ اذ ان فى الاعراض عن الاكوان خلو القلب من الصور، و متى خلا القلب من غير الله اشرق فيه نور ربه. والحجاب هو الران و هو انطباع الصور الكونية فى القلب على سبيل الاستيعاب له بحيث لا يبقى فى ذلك مطمع لتجلى الحقائق فيه لعدم نورانيته, و تراكم ظلم الحجب المختلفة عليه، فلهذا يسمى عموم حصول صور الأكوان فى القلب ورسوخها فيه حجابا ورينا . و عين القلب التى تسمى البصيرة متى كانت مستورة بظلمات المعاصى و الرين لا ترى شيئا من انوار الحق فلا يبالى الانسان بما يفعله من آثام و ذنوب، فاذا تاب مما هو فيه انكشف عن عين قلبه حجب الذنوب و رأى ما عند الله، فصار يخاف عقابه و يرجو ثوابه ويداوم على الطاعات و يجتنب السيئات هكذا يحدثنا ابن القيم فى كتابه الوابل الصيب من الكلام الطيب. و يقول من كانت الغفلة اغلب اوقاته كان الصدأ متراكما على قلبه بحسب غفلته و اذا صدأ على القلب لم تنبع فيه صورة المعلومات على ما هى عليه فيرى الباطل فى صورة الحق و الحق فى صورة الباطل لأنه لما تراكم عليه الصدأ أو أسود و ركبه الران فسد تصوره وادراكه فلا يقبل حقا و لا ينكر باطلا و هذا اعظم العقوبات. و يستطرد موضحا ان القلب ليصدأ كما يصدأ النحاس و الفضة و جلاؤه بالذكر فانه يجلوه حتى يدعه كالمرآة البيضاء . وصدأ القلب بأمرين بالغفلة و الذنب و جلاؤه بشيئين الاستغفار و الذكر. و الذكر شفاء القلب و دواؤه كما ان الغفلة مرضة. و يقول مكحول مرسلا: اذا مرضنا تداوينا بذكركم فنترك الذكر أحيانا فننتكس و أنشد أحدهم قائلا: اغتنم ركعتين فى ظلمة الليل اذا كنت فارغا مستريحا واذا ما هممت بالنطق فى البا طل فاجعل مكانه تسبيحا ولزوم السكوت خير من النطق وان كنت بالكلام فصيحا أنواع و أوقات الذكر 1- الذكر فى أيام معدودات أمرنا الله سبحانه و تعالى بالاكثار من الذكر فى جميع الأوقات و الأحوال و لكن هناك أيام لها فضل كبير جدا وقد يتعرض المرء فيها لنفحات ربانية لذا علينا أن نستثمرها فى الذكر من تكبير و تحميد و تهليل وفى العباده و العمل الصالح و هى: الأيام المعدودات وهى العشر الأوائل من ذى الحجة و أيام التشريق وهى يوم النحر و ثلاث أيام من بعده. قال الله تعالى )و اذكروا الله فى أيام معدودات) و هى أيام العشر . و يكون التكبير و التحميد و التهليل طوال هذه الأيام عموما و دبر الصلوات على وجه الخصوص. . وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ما من أيام أعظم عند الله سبحانه ولا أحب إلى الله العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد " ومثلها في الفضل ومشروعية الذكر والتكبير : أيام التشريق ، التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم :" إنها أيام أكل وشرب وذكر لله عزوجل " قال تعالى : (فاذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم أبائكم أو أشد ذكرا) البقرة 200 وانما سميت أيام التشريق لأن الشرق مكان شروق الشمس و قد كان الناس يذبحون الأضاحى و يقطعونها و يضعونها فى
 

 

الرئيسية | افتتاحية الموقع | أهداف الموقع | من نحن | اتصل بنا | انضم الينا | أعلن معنا