حوار مع كلب ضال

أتعرض يوميًا لحالة قوية من الخوف والرعب؛ حيث أقابل دائمًا عند ذهابي للعمل طابور عرض من الكلاب الضالة التي تتبختر وتجوب شوارع الرحاب بكل عزة وفخر.

 واليوم اشتدت هذه الحالة نتيجةً لمقابلتي أحدهم وجهًا لوجه.. عندها أخذت قرارًا سريعا وعجيبا؛ قررت أن أتعامل مع هذا الكائن بكل احترام ـ فهو مفروض على صباحي.

اقتربت منه وأبلغته رغبتي في أن أجري معه حوارًا، وهنا نظر إليّ بتفاخر، وجلس جلسة الخيلاء قائلا : " أوافق بشرط أن أنهي الحوار وقتما أشاء، مع التقاط صورة لي". وافقت ضاحكة وبدأت الحوار سائلة :

ـ " منذ متى وحضرة الزائر يزور مدينة الرحاب؟ "

ـ " لا أتذكر بالضبط، ولكن اعتقد أنه منذ بداية بناء المدينة؛ حيث كنا هنا نحن ورفاقنا الثعالب، الذين هابوا معاشرة أبناء أدم، وبقينا نحن لما توسمناه فى هذا المكان من خير كثير".

ـ " ألم تواجهكم صعاب؟ "

ـ " واجهتنا فى البداية بعض الصعاب مثل قلة الموارد الغذائية ومحاولة القضاء علينا ومكافحتنا."

ـ " وكيف الوضع الآن؟ أمازالت المكافحة مستمرة؟ "

ـ " مكافحة! ـ تمايل بتعجب ـ بالطبع لم يعد هناك ما يسمى بالمكافحة، لقد أقمنا علاقات مع القائمين على مدينة الرحاب وتحولت المكافحة إلى تعاون ومصافحة".

ـ اندهشت إلى درجة أن ضيفى المحترم لاحظ تعجبي، فاستطرد قائلا: " لماذا الدهشة أيتها الرحابية؟؛ ألم تختفِ من الرحاب حتى دوريات مكافحة " الناموس؟" كما لم يعد هناك رجال أمن بالدرجة الكافية؟ كما لم يعد هناك اهتمام بنظافة المدينة وخاصة منطقة السوق؛ والأهم من ذلك أنه إلى الآن ليس هناك سور خارج المدينة يطوقها ويحميها بالدرجة الكافية من أي خطر خارجي".

 
ـ صمتُ.. ولم أجد ردًا، فكل ما قاله صحيح، ولم أجد مخرجًا لي سوى التطرق لنقطة حوار أخرى، سألته واثقة :

- " لقد أشرت إلى صعوبة توفر الموارد الغذائية فهل ما زلتم تعانون من هذه المشكلة؟"

ـ " الحمد لله.. وبفضل الله أولا ثم بفضل عدم الاهتمام بنظافة المدينة ثانيًا، فقد اختفت هذه العقبة تماما".

قبل أن أحاول الدهشة تكرم ضيفي ودعاني للسير خلفه في رحلة إلى السوق، وهناك شاهدت كمًا هائلا من النفايات، وعددًا وافرًا من الذباب والحشرات.. عندها أدرك ضيفي حسرتى، فقال ليزيد من "فرستي":

ـ " ما رأيك في كل هذه العزومات؟! أليست جديرة بالاحترام؟"

ـ لم أجد ما أقوله لضيفي، فقررت إنهاء الحوار، والعودة إلى الدار، ولكن ضيفي الذي كان في طريقه  للإفطار، أوقفني ولم يمنحني الخيار:

ـ " أين الصورة ؟"

ـ وهنا تذكرت الاتفاق فأخرجت هاتفي المحمول وهممت بالالتقاط، ولكن ضيفي قال حازما: " انتظري، أريد أن تلتقطي لي الصورة هنا" وأشار برأسه وذهب. ذهبت خلفه وإذا به يقف بجوار مقر حارس الأمن، وجلس  كملك متوج ثم نظر إليّ ليخبرني أنه مستعد؛ فالتقطت الصورة لضيفي الذى بنفسه معتد .

  ـ آن أوان الرحيل، رحل ضيفي ليتمتع بوجبة إفطاره، ورحلت أنا باكية على حال رحابي، عاقدة العزم على سؤال كل من أعرفهم من قاطني مدينة الرحاب: هل يعانون من كثرة الكلاب الضالة مثل معاناتي؟ وقد كانت الإجابات كالآتي :

ـ السيد  م . ز .ـ مدير أحد البنوك، المرحلة الثانية: " إنها موجودة بكثرة وفى أي وقت فهي تفاجئني دائما عند ذهابي إلى صلاة الفجر".

ـ السيدة م ـ مدرسة لغة عربية ـ المرحلة الرابعة : " عند ذهابي إلى عملي يوميا أجد ما لا يقل عن خمسة أو ستة كلاب ضالة تسير فى مجموعة "

ـ الطالب ى . ح. ـ المرحلة الثانية : " عند ذهابى الى المدرسة أو عند لعب الكرة أسفل المنزل يمر من فترة لأخرى أحدهم فيخيف الأطفال ولكن بالنسبة لي قد ألفت رؤيتهم".

ـ الطفلة "كنزي" ـ خمس سنوات : " أنا أخاف منهم أوي ومش بأعرف ألعب، وكمان مش بأعرف ألعب من الكلاب الكتيرة اللى عند كل عمو ساكن فى الدور اللى فيه الجنينة.....؟!" .
نداء إلى جهاز المدينة: " أرحموا سكان وأطفال مدينة الرحاب من مشكلة الكلاب الضالة "

أما "الكلاب الكتيرة اللى عند كل عمو ساكن فى الدور اللى فيه جنينة "، فأرجو المتابعة حيث سأحاول المرة القادمة أن أجرى حوارا مع احد هذه الكلاب المدللة .

*****

موضوعات مُماثلة:

بالصور .. الكلاب الضالة في ضيافة الرحاب - 2010-08-05

كلاب الرحاب المحظوظة .. وقصص غريبة لتعلق أصحابها بها - 2010-09-2

حملة ضد الكلاب الضالة (30/07/2008)

نداء الى مالكى الكلاب و الحيوانات الأليفة (13/05/2010)

فى الرحاب الكلاب مرميه زى الكلاب!!! (27/05/2010)

دفاعا عن الكلاب (07/07/2010)