قلق في مدينتي!
تحقيق: وجدي رزق
بعد اصدار الإدارية العليا حكما ببطلان عقد أرض مدينتي, سادت حالة من القلق الشديد في صفوف حاجزي وحدات وفيلات مشروع مدينتي خوفا علي مدخراتهم وأموالهم التي دفعوها كمقدمات وأقساط من الضياع.
وكذلك بسبب خوفهم من تبديد أحلامهم في حصولهم علي وحدات سكنية بمواصفات وخدمات راقية وينتاب الجميع الشكوك في تنفيذ الجهة الإدارية للحكم بعد أن أصبحت هي المالك الأصلي للمشروع عقب صدور الحكم النهائي, وثارت التساؤلات: هل ستلتزم الجهة الإدارية بذات المواصفات المتفق عليها بين المشترين وشركة طلعت مصطفي ودليلهم أن الجهة الإدارية لم يسبق لها تنفيذ مشروعات بهذا المستوي وهذه المواصفات, وأن ماقامت بتنفيذه هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة ـ من وجهة نظر حاجزي الوحدات ـ مشروعات ينقصها الكثير من جودة الإنشاء والخدمات, كما أنها غير قادرة علي وضع نظام جيد للأمن والخدمات وهو مايترتب عليه تدني مستوي الخدمة, وهذا يمثل إهدارا لأموال الحاجزين لهذه الوحدات والذين كانوا يعتبرون هذه الوحدات استثمارا جيدا لمدخراتهم مستقبلا كما حدث في مشروع مدينة الرحاب وغيرها من مناطق الإسكان الراقي. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن بقوة: ماهو مصير3 ملايين عقد مماثل لعقد أرض مدينتي تخص مشروع الاسكان الاجتماعي؟ منها علي سبيل المثال مشروع ابن بيتك والشقق والفيلات وقطع الأراضي الصغيرة والكبيرة التي تم تخصيصها بالأمر المباشر؟ فما هو الحل لهذه العقود في ضوء المبدأ القانوني الجديد الذي رشحته الادارية العليا باصدارها هذا الحكم خاصة أنه أصبح مرجعيا ومبدأ قانونيا لأي دعوي ترفع ضد أي مشروع من هذه المشروعات؟ وما هو مستقبل الحجوزات التي تمت؟ ولم تسدد الأقساط المتبقية؟ وإذا أراد أحد الأفراد أن يفسخ عقده فكيف يتصرف؟ وما هي ردود الأفعال لحاجزي وحدات مشروع مدينتي؟ ـ الكثير من حاجزي الوحدات انتابهم الكثير من الخوف والقلق, كما حدث للسيدة مفيدة حسن ـ حاجزة لإحدي الفيلات ـ والتي أشارت الي انها منذ عامين وهي تحاول جمع ما لديها من أموال ومدخرات هي وأفراد أسرتها لسداد الأقساط بعد كفاح طويل في الحياة أن تستريح في مكان يليق بها مثلما حدث في مدينة الرحاب. وتمتلك مفيدة حسن قناعة بأن المالك الأصلي التي آلت اليه أرض مشروع مدينتي لن يستطيع تسليم الوحدات في مواعيدها, ولن ينفذ الوحدات بالمواصفات المتفق عليها بدليل أن الأحياء والمدن الجديدة التي أشرفت عليها الجهات الإدارية بالدولة لا تقدم خدمات بنفس المستوي والمواصفات, كما أنه لا يوجد متابعة جيدة من المسئولين, وبناء عليه تتوقع مزيدا من الاهمال وتدني المستوي في الخدمة المقدمة. وتطالب مفيدة حسن باسترداد ما قامت بدفعه كمقدمات حجز وأقساط, لأنها لن تستطيع استكمال المشوار لتأكدها من عدم تنفيذ المشروع بذات المواصفات التي تم الاتفاق عليها. أما أحمد السيد علام ـ أحد حاجزي الوحدات بمشروع مدينتي ـ فيري أن الحكومة هي التي أعطت الثقة لمجموعة طلعت مصطفي, وبعد صدور هذا الحكم سوف تهتز السوق العقارية وستشهد الأيام المقبلة تراجعا في نسبة المبيعات في مشروع مدينتي وغيرها لأن الكثير من الناس سيحاولون الخروج من المشروع لعدم ثقتهم في تنفيذه بذات المواصفات المنصوص عليها بالعقد. ويضيف أحمد السيد علام, قمت بشراء وحدات سكنية بمساحة69 مترا مربعا قيمتها650 ألف جنيه تسدد علي15 سنة وتعتبر هذه الوحدات مشروع حياتي, وأنا الآن أسكن في شقة ايجار جديد في انتظار شقتي في مشروع مدينتي بالمواصفات التي أحلم بها. فهل ستنفذ الوحدة بذات المواصفات أم أننا سندخل دوامة البيروقراطية الحكومية وصغار الموظفين الذين لا يقدرون المسئولية ولا يعرفون كيف يتعاملون مع الناس, فكيف سنحصل علي حقنا؟
التقت تحقيقات الأهرام المستشار محمد ابراهيم خليل نائب رئيس محكمة النقض رئيس الدائرة الاقتصادية بوزارة العدل الأسبق المشترين الذين أقدموا علي شراء وحدات من مشروع مدينتي هم أناس حسنو النية, وتسري التصرفات الصادرة لصالحهم في مواجهة المالك الحقيقي للأرض, ويرتب العقد جميع الاثار القانونية المترتبة عليه لصالحهم إلا أنه يتعين عليهم التعامل مع المالك الحقيقي فيما يستجد من أمور بعد بطلان عقد المشتري بمعني أن الديون التي في ذمتهم( الأقساط المتبقية) لايجوز لهم دفعها لهذه الشركة لأنه وفاء باطل لا يبرئ الذمة بعد أن علموا ببطلان التصرف الصادر الي من باع لهم وزوال صفته وحلول المالك الأصلي محله في تنفيذ العقد بما في ذلك التزام المالك الأصلي باستكمال المباني والتشطيبات وتسليم المشتري ما بيع له طبقا للمواصفات الواردة بالعقد سواء كان المشتري مازال مدينا لجزء من الثمن أو بكامل الثمن قبل صدور حكم البطلان لأن المالك الأصلي يعتبر في القانون مهملا ويتحمل مسئولية إهماله قبل الغير حسن النية. ويؤكد المستشار محمد إبراهيم خليل طبقا للمبدأ الذي قررته المحكمة الإدارية العليا في حكم مدينتي مع الالتجاء الي القضاء بإعمال هذا البطلان في حالة نشوء نزاع بين الدولة والجهات التي خصصت لها هذه الأراضي بقرارات أو بعقود هي والعدم سواء.
لا ضرر للمشترين
ويري المستشار محمد إبراهيم خليل أن مقولة الحكم يضر بالمشترين والمستثمرين لا يعد سببا, فلا يقبل أن يكون سببا لتبرير التصرف أو لاضفاء الشرعية عليه لأن هذا في تصورنا بمثابة ضغط إعلامي لاثارة المشكلات النفسية والاقتصادية التي ستؤثر بسبب الحكم بغية أن تصدر المحكمة هذا الدفاع وتستند إليه في تبرير أخطاء الجهة الإدارية وإعفائها من المسئولية لاستمرار الاستيلاء علي المال العام والتربح منه بهذه الطريقة غير المشروعة.
مدينتي مقاول مباني
ويستكمل المستشار محمد إبراهيم خليل معالجته للاثار السلبية المترتبة علي حكم الإدارية العليا قائلا: إن مؤدي هذا الحكم أن تستعيد الشركة كل ماحصلت عليه من المشترين, وإن تخصم منها قيمة الأعمال التي أتمتها مستحقة البقاء باعتبارها تأخذ حكم الباني حسن النية, وإن كان حسن النية هذا مشكوك فيه للطواطؤ بين البائع والمشتري بالعقد الباطل. ويجوز للهيئة المالكة أن تتعامل مع شركة مدينتي كمقاول مبان أو خدمات للقيام بأعمال محددة في عقد المقاولة الجديدة, والذي يتعين أن يبرم طبقا لصحيح أحكام القانون سواء عن طريق المناقصة أو غيرها من الطرق المشروعة. والمشترون لوحدات مدينتي عقودهم صحيحة ونافذة في حق المالك الحقيقي لهذه الأرض, ومادفعوه قبل الحكم ببطلان العقد يعتبر كأنه دفع للهيئة, وهذا الحكم حجيته مقصورة علي عقد أرض مدينتي وباقي العقود المماثلة يتم ترتيبها باعمال صحيح القانون وطرحها مرة أخري للمزايدات أو المناقصات حسب الأحوال لإنشاء علاقة قانونية صحيحة.
|