أكبر خشية سعودية من احتجاجات مصر.. تقوية إيران
السعوديون يشعرون بأن الولايات المتحدة أخطأت عندما بدا أنها تخلت عن مبارك
الرياض تراقب بانزعاج تخلي واشنطن عن مبارك بعد 30 عاما من التحالف، ويساورها القلق من تولي نظام متساهل مع إيران في مصر.
قال دبلوماسيون ومحللون إن السعودية يساورها القلق من أن تفقد حلفاءها في مواجهة إيران خصمها الإقليمي أكثر من قلقها من احتمال امتداد الاضطرابات التي تشهدها تونس ومصر إلى المملكة.
ويقولون إن السعودية -أكبر مصدر للبترول في العالم- تستطيع أن تنفق الكثير من الأموال لتخفيف أي توتر اجتماعي ناتج عن البطالة التي تصل نسبتها في المملكة الى عشرة في المائة وللحيلولة دون وقوع أي اضطرابات.
لكن بعضهم يعتقد أن الحكام السعوديين سيصيبهم الانزعاج إذا تخلت الولايات المتحدة عن الرئيس حسني مبارك الذي ظل حليفا لواشنطن منذ تولي السلطة قبل 30 عاما، شأنه في ذلك شأن الملوك السعوديين المتعاقبين، حيث قال سايمون هندرسون المراقب للشؤون السعودية في واشنطن: "السعوديون.. يشعرون بأن الولايات المتحدة أخطأت عندما بدا أنها تخلت عن مبارك على نحو أسهل مما ينبغي".
ولا يزال مبارك في منصبه في الوقت الحالي. ولم يحقق المحتجون الذين أصابوا مصر بالشلل مطلبهم الرئيسي حتى الآن، وهو رحيل مبارك عن السلطة فورا، وذلك رغم نجاحهم في الحصول على تنازلات لم يكن يمكن تصورها قبل أسبوعين، منها تعهد مبارك بعدم ترشيح نفسه مجددا للرئاسة في انتخابات من المقرر إجراؤها في سبتمبر وإقالته للوزارة.
لكن السعوديين ربما يشعرون أن لم يعد حصنا منيعا في مواجهة إيران الشيعية، حيث إن السعودية تعتبر نفسها معقلا للمذهب السني، ولذا يساورها أيضا قلق عميق من تزايد النفوذ الشيعي في المنطقة بعد أن أدى الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق عام 2003 إلى تشكيل حكومة يقودها الشيعة في بغداد.
ويرى السعوديون أن التوازن ربما يزيد اختلالا إذا أدى خروج مبارك الوشيك من السلطة إلى فترة طويلة من عدم اليقين في مصر التي تتمتع بمنزلة كبيرة في العالم العربي وخصم إيران القوي.
وقال المحلل السياسي السعودي طراد العامري "سيحدث فراغ. كانت مصر عنصرا بالغ الأهمية في استقرار الشرق الأوسط. ستضطر السعودية الى تحمل العبء إذا حدث فراغ أو عدم استقرار في الجانب السياسي"، وأضاف متسائلا: "ما هو اتجاه النظام الجديد والحكومة الجديدة (في مصر) وبأي سرعة ستستطيع أن تمارس عملها".
ويقول محللون إن مصر التي تهزها احتجاجات مناهضة لمبارك منذ 14 يوما ستركز على أزمتها الداخلية على أي الأحوال، ولن يتسع لها المجال لتعزيز جهود السعودية في مواجهة النفوذ الإيراني.
وقال دبلوماسيون إن الرياض تخشى أيضا أن يؤدي أي فراغ دبلوماسي ناتج عن انشغال مصر إلى إفساح المجال لدول مثل تركيا وقطر اللتين تسعيان إلى دور إقليمي أكبر وتربطهما علاقات طيبة بإيران.
وقال دبلوماسي يعمل في الخليج "ربما يتضاءل النفوذ السعودي، بينما تضطلع دول أخرى مثل قطر وتركيا اللتين لا تريدان أن تفرض عزلة على إيران بدور أكبر".
ويقول المحللون إن السعودية ستواجه صعوبة كبيرة في العثور على حلفاء عرب يحلون محل مصر في محور سني محافظ يتخذ جانب الحذر من إيران. وترتبط سوريا والعراق بالفعل بعلاقات قوية مع طهران.
وربما يجعل ذلك الرياض أكثر حرصا على تحقيق الاستقرار في المملكة الأردنية السنية التي تشهد أيضا احتجاجات في الشوارع. وقال المحلل الأمريكي باراك بارفي "ربما تضخ السعودية المزيد من الأموال في الأردن".
وتأتي الاضطرابات في مصر في وقت عصيب للعائلة المالكة السعودية. وكان العاهل السعودي الملك عبد الله البالغ من العمر نحو 87 عاما قد سافر الى الخارج للعلاج في ديسمبر. وولي العهد الأمير سلطان الذي يصغره في السن قليلا مريض أيضا. والأخ الثالث وزير الداخلية الأمير نايف مرشح محتمل للعرش.
ولا مفر من انتقال العرش في آخر المطاف إلى جيل جديد من الأمراء السعوديين. ورغم أن الملك شكل مجلسا ملكيا لتنظيم الخلافة، فليست كيفية عمله واضحة.
ويقول دبلوماسيون إن كل ذلك يجعل من الصعب على القيادة السعودية الطاعنة في السن التعامل مع أي تغيير في مصر.
وكان الملك عبد الله قبل أسبوع أحد الزعماء العرب القلائل الذين أعلنوا مساندتهم لمبارك. كما سمح بلجوء الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي إلى المملكة.
وكشفت مساندة العاهل السعودي التلقائية للرئيس المصري عن مدى اعتماد السياسة الخارجية السعودية على العلاقات الشخصية التي اجتازت العديد من الاختبارات. ويعرف كل من الأمير سلطان والأمير نايف ووزير الخارجية الأمير سعود الفيصل مبارك منذ وقت طويل.
وأعادت دعوة الولايات المتحدة لمبارك، إلى "التغيير الآن"، إلى ذاكرة المؤيدين لنظام عربي راكد الدعوات الأمريكية للإصلاح في إيران التي سبقت الإطاحة بالشاه عام 1979.
وقال هلال خشان أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية في بيروت "من الواضح أن الولايات المتحدة تتخلى عن مبارك. لقد انتهت صلاحية نظامه".
وأضاف أن ذلك بعث موجات من الصدمة إلى السعودية حليف واشنطن الاستراتيجي منذ عام 1945.
وتابع "إذا مارست الولايات المتحدة ضغطا من أجل التغيير في مصر ستشعر أسرة آل سعود الملكية بضغط في اتجاهها قريبا جدا".
--------------------------------------------
العاهل السعودى يحذر أوباما من الضغط على مبارك