السلام عليكم يا رحابيين
إمبارح اتنشر حوار مع سميح ساويرس في أحد الجرايد الشهيرة في سويسرا (تاجس أنتسايجر).
الحوار طويل قوي، بس في رأيي إنه ممتع.
أنا ترجمت منه الجزء التالي، عشان نعرف إزاي أغنى واحد في مصر بيفكر.
....
الصحفي: كيف يمكن لمصر أن تصبح أكثر ديموقراطية؟
ساويرس: لا أظن أبداً أن هذا شيء جيد. لو أصبحت هناك ديموقراطية حقيقية في مصر، سنجد فوراً إعلاماً دكتاتورياً، فالإعلام المصري من السهل جداً شراؤه. للأسف مصر غير مؤهلة بعد للديموقراطية.
الصحفي: هل معنى ذلك أنك تفضل أن يحكم مصر ديكتاتور مستنير، على أن تصبح دولة ديموقراطية على غرار سويسرا؟
ساويرس: بالطبع، الوضع في بلد مثل سويسرا مختلف بكل تأكيد، المشكلة لديكم تكون في الديموقراطية الزائدة عن الحد. أما في البلاد التي تنتشر فيها الأمّية، وتعاني من الانخفاض الشديد لمستوي الدخل، وتوجد بها تقاليد ديموقراطية خاطئة، يصبح من السهل جداً التأثير على الناس مما يجعلهم غير قادرين على اختيار الأفضل لهم. عندما يكون من السهل خداع عدد كبير من الناس أو شراؤهم كما هو الحال في مصر، يصبح من الخطأ إجراء انتخابات حرة لأنها ستؤدي لعدم الاستقرار. لذلك أفضل في هذه الحالة أن يكون لدينا حكم دكتاتوري مستنير على أن نحظى بحكم ديموقراطي.
الصحفي: هل توجد أمثلة تؤيد نظريتك تلك؟
ساويرس: نعم، مثلاً دولة الإمارات العربية المتحدة، الحكام هناك متفتحون وديناميكيون وأكفاء ولا يهدفون إلا لصالح وطنهم. كذلك الأردن، الملك عبد الله استطاع في 6 سنوات فقط أن يفعل ما لم يفعله والده الراحل في 30 سنة. الأردن دولة ليس فيها أي بترول ولا مياه ولا أموال، ومع ذلك تقدمت بشكل مذهل في الفترة الأخيرة. هؤلاء الملوك والأمراء غالباً ما تلقوا تعليمهم في أوروبا أو أمريكا، وهدفهم الأساسي هو تطوير بلادهم وليس ملء جيوبهم على حساب الشعب. أنا أرى أن هؤلاء الملوك مستنيرون، ولو تم إجراء انتخابات حرة، أجزم بأنهم سيحصلون على 75 – 99 % من أصوات شعوبهم.
الصحفي: لكن هناك دول عربية أخرى مثل ليبيا وسوريا والعراق وحتى مصر، حيث لا يوجد أي أثر للمستبدين المستنيرين.
ساويرس: في تلك البلاد، وصل هؤلاء للحكم – بدون وجه حق - عن طريق الانقلابات. وهم غير معنيين مطلقاً برفاهية شعوبهم أو بتقدم بلادهم، ما يعنيهم فقط هو اهتماماتهم الشخصية. أنا أشبّه الملك بصاحب بيت، وأشبّه الرئيس الانقلابي بمحتل البيت. صاحب البيت يعتني ببيته ويصلحه ويستثمر فيه، بينما المحتل لا يمكن أن يفعل شيئاً من ذلك، لأنه ببساطة يعلم أنه لا حق له في ذلك البيت، ولا في أن يعيش فيه، ويعلم يقيناً أنه سيتركه لا محالة يوماً ما.
الصفحي: ألا ترى أن الناس سيكونون أسعد، عندما يعيشون في ظل حكم ديموقراطي، يمكنهم من التعبير عن آرائهم السياسية؟
ساويرس: هذا له علاقة بحرية الرأي والتعبير وليس بالديموقراطية، في مصر يمكن لأي إنسان أن يقول أنه لا يحب مبارك، بدون أن يحدث له شيء.
الصحفي: لكن السعادة متعلقة بالحرية.
ساويرس: بالطبع، لكن تطبيق الديموقراطية لا يؤدي أوتوماتيكياً لجعل الناس أكثر سعادة. مثلاً في المكسيك وكولومبيا، لم تعد الحكومة قادرة على ضمان الأمن للشعب. بالنسبة لكم أنتم السويسريين، أصبح هذا أمراً طبيعياً وبديهياً وعادياً منذ زمن طويل، لكن برأيك، أليس رائعاً أن المصريين لا يشعرون بالخوف؟ أنا شخصياً لا أحتاج إلى "بودي جاردز" في القاهرة، وأبنائي يستطيعون الذهاب وحدهم إلى المدرسة. لماذا؟ لأن مصر في النهاية عبارة عن دولة بوليسية، الديموقراطية لن تكون مستعدة، لتوفير النقود الكافية للحصول على هذا القدر الكبير من الأمن الداخلي.
الصحفي: هذا كلام خطير، أنت بذلك تضفي الشرعية على انتهاك الحكومة لحقوق الإنسان.
ساويرس: أبداً، كل ما قلته هو أن تطبيق الديموقراطية في البلاد النامية لا يؤدي أوتوماتيكياً إلى حل مشاكل تلك البلاد.
الصحفي: نحن السويسريون نُعد دائماً من المتفائلين الذين يؤمنون بأن المزيد من الديموقراطية جيد لكل بلدان العالم، بما فيها الدول العربية.
ساويرس: قد يكون هذا صحيحاً على المستوى النظري. وهذا بالضبط ما قاله الأمريكيون عندما غزوا العراق، لكن النتيجة كانت كارثية. لو اكتفى الأمريكيون باستبدال صدام حسين بحاكم أقل دموية وفساداً لكان الشعب والحكومة العراقية اليوم في وضع أفضل بكثير، ولكان الغزو بمثابة تحذير فعال لبقية الحكام المستبدين والحكومات الفاسدة الأخرى في المنطقة.
....
الصحفي: لماذا لم يتقدم العالم العربي اقتصادياً – مقارنة بأوروبا - منذ قرون؟ طبعاً مع استثناء دول الخليج البترولية؟
ساويرس: الاحتلال التركي ومن بعده الأوروبي، هو الذي ألحق الضرر بكثير من الدول العربية، وعندما غادر الأوروبيون مستعمراتهم حرصوا على تنصيب حكومات سيئة حتى تصل شعوب تلك المستعمرات للقناعة، بأن الحكم الاستعماري كان أفضل لهم من تلك الحكومات الوطنية الجديدة.
الصحفي: ولكن هناك دول آسيوية عديدة، عانت كذلك من الاحتلال الأجنبي لكنها - عكس الدول العربية – استطاعت أن تتقدم اقتصادياً.
ساويرس: لا يمكنك التعميم. مثلاً إندونيسيا و لاوس و فيتنام أو كمبوديا تشابه أوضاعها كثيراً أوضاع الدول العربية.
الصحفي: فيتنام مثلاً، استطاعت برغم الحرب المدمرة التي تعرضت لها، أن تلحق بركب التقدم.
ساويرس: ماذا !! فيتنام ؟؟ فيتنام لا شيء مقارنة ببلد كالمغرب أو تونس أو الأردن.
الصحفي: هناك نظرية تتحدث عن أن الجمود الاقتصادي في العالم العربي له علاقة بالثقافة وبالدين.
ساويرس: الثقافة لديها بالتأكيد تأثير، ولكن الدين لا.
الصحفي: البنوك الإسلامية تعمل وفق قواعد أخرى.
ساويرس: هذا ما يدعيه أصحاب تلك البنوك، ولكن الحقيقة أن كل ذلك خدعة كبيرة. الفوائد البنكية ربا، والربا محرم في القرآن، وبالرغم من ذلك، تقدم تلك البنوك الإسلامية نفس الفوائد، كل ما هنالك هو أنهم يسمونها تسمية أخرى. الكل يتربح من الدين حتى قساوستنا، أنا أتلقى يومياً مكالمات من بعض القساوسة الأقباط الذين يرجونني أن أعيّن فلاناً أو علاناً عندي. هم لا يبغون بذلك وجه الله، تماماً مثل الدعاة الذين يظهرون في الفضائيات ويبيعون دروسهم للناس على هيئة أقراص مدمجة بأسعار عالية، أو المقرئين الذين يتقاضون الآلاف في المآتم.
الصحفي: هل الدين حجة يُتَذرع بها؟
ساويرس: نعم عند الحكام وبعض رجال الأعمال من هذا النوع أصبح الدين حجة يتذرع بها. الإسلام اليوم يقف نفس الموقف الذي وقفته المسيحية منذ 500 عام، حينما كان القساوسة يبيعون صكوك الغفران، والكنيسة تكنز النقود بكل الوسائل.
الصحفي: لم يحدث في الإسلام تجديد حتى الآن.
ساويرس: سيحدث يوماً ما، لا تنس أن الإسلام أصغر عمراً من المسيحية بحوالي 500 سنة.
الصحفي: ومن الذي سيقوم بذلك التجديد؟
ساويرس: ربما يحتاج الأمر لأن يتعرض المسلمون لأوقات أصعب من الأوقات الحالية، حتى يحدث هذا التجديد. لا تنس أن المسيحيين في العصور الوسطى كانوا أكثر تطرفاً من المسلمين الآن، نحن نرغب دائماً في نسيان تاريخنا.
الصحفي: أنت مسيحي قبطي نشأ وتربى في بلد مسلم، كيف تعايشت مع ذلك؟
ساويرس: حتى عدة سنوات مضت، لم ألحظ ذلك إطلاقاً. مصر كانت دائماً خالية من أمراض التطرف والتعصب. لقد تم اختطاف المصريين من قبل السعوديين. السعوديون هم أوائل الحكام الذين أساءوا استغلال الدين. في السعودية توجد جذور كل الشرور، شر على الإسلام نفسه، وشر على الأقليات، وشر على كل العالم. من خلال عدم تسامحهم، ودعمهم اللامحدود للتعصب الديني أصبح العالم في الوضع الذي هو عليه اليوم. هؤلاء الناس يتحملون كذلك المسئولية اليوم عن أن كل أوروبي أصبح لديه في عقله الباطن شيء ما ضد المسلمين.
الصحفي: في سويسرا، يتنفس الكثيرون الصعداء عندما يعلمون أنك مسيحي ولست مسلم.
ساويرس: أنا أرى أن هذا شيء محزن، ولا أدري لماذا يحتل الدين كل هذه المكانة المهمة في تفكير الناس.
الصحفي: هل ستسمح لابنتك أن تتزوج من مسلم؟
ساويرس: ليس عندي مشكلة. الواقع أن كل أصدقائي مسلمون. وبالمناسبة، معظم المسلمين غير المتعصبين الذين أعرفهم لديهم نفس الخوف من الإرهاب الإسلامي، فالمسلمون المعتدلون هم أول من يحترق بنار المتعصبين.
الصحفي: هل كان لزاماً عليك باعتبارك منتمياً لأقلية دينية، أن تكون جيداً بدرجة مضاعفة، حتى تتمكن من النجاح في مصر؟
ساويرس: بالطبع، الخوف من الفشل يكون أكبر، لأنني أعرف أنني لن تتاح لي فرصة ثانية.
الصحفي: هل تؤثر هذه الخبرات على تعاملك مع اليهود؟
ساويرس: نحن كمسيحيين أقباط، لدينا قواسم مشتركة كثيرة مع اليهود. غير أن هناك فارق بيينا وبينهم وهو أننا لم نشعر يوماً بأننا ضيوف في مصر، في الواقع مصر هي أرضنا، والمسلمون هم الذين كانوا ضيوفاً. حتى الآن لم يجرؤ أحد على طردنا من مصر.
الصحفي: أنت تلقيت تعليمك في المدرسة الألمانية في القاهرة، كذلك يتعلم أولادك في مدرسة ألمانية، هل يعني ذلك أنك فقدت الثقة في التعليم المصري؟
ساويرس: في المدارس الحكومية المصرية، نعم. لقد قام عبد الناصر بتأميم أبي، لذلك كان واضحاً جداً له أن النظام الناصري لن يقدم لأولاده تعليماً جيداً. لذلك وجه نظره إلى المدارس الخاصة، وكانت المدرسة الألمانية من أفضل تلك المدارس.
...
أكرر إني ما ترجمتش كل الحوار، واكتفيت بالجزء اللي شفت إنه أهم.
كان فيه جزء من الحوار بيدور حوالين رأي ساويرس في سويسرا والسويسريين، باعتبار إنه بيعمل حالياً مشروع سياحي ضخم.
وأكيد طبعاً .. عندي تحفظ على بعض الآراء .. بس ممكن نبقى نناقشها مع بعض في الردود.