1 -
|
أحاولُ منذ الطُفولةِ رسْمَ بلادٍ
|
تُسمّى - مجازا - بلادَ العَرَبْ
|
تُسامحُني إن كسرتُ زُجاجَ القمرْ ...
|
وتشكرُني إن كتبتُ قصيدةَ حبٍ
|
وتسمحُ لي أن أمارسَ فعْلَ الهوى
|
ككلّ العصافير فوق الشجرْ ...
|
أحاول رسم بلادٍ
|
تُعلّمني أن أكونَ على مستوى العشْقِ دوما
|
فأفرشَ تحتكِ ، صيفا ، عباءةَ حبي
|
وأعصرَ ثوبكِ عند هُطول المطرْ ...
|
- 2 -
|
أحاولُ رسْمَ بلادٍ ...
|
لها برلمانٌ من الياسَمينْ .
|
وشعبٌ رقيق من الياسَمينْ .
|
تنامُ حمائمُها فوق رأسي .
|
وتبكي مآذنُها في عيوني .
|
أحاول رسم بلادٍ تكون صديقةَ شِعْري .
|
ولا تتدخلُ بيني وبين ظُنوني .
|
ولا يتجولُ فيها العساكرُ فوق جبيني .
|
أحاولُ رسْمَ بلادٍ ...
|
تُكافئني إن كتبتُ قصيدةَ شِعْرٍ
|
وتصفَحُ عني ، إذا فاض نهرُ جنوني
|
- 3 -
|
أحاول رسم مدينةِ حبٍ ...
|
تكون مُحرّرةً من جميع العُقَدْ ...
|
فلايذبحون الأنوثةَ فيها...ولايقمَعون الجَسَدْ ...
|
- 4 -
|
رَحَلتُ جَنوبا...رحلت شمالا ...
|
ولافائدهْ ...
|
فقهوةُ كلِ المقاهي ، لها نكهةٌ واحدهْ ...
|
وكلُ النساءِ لهنّ - إذا ما تعرّينَ -
|
رائحةٌ واحدهْ ...
|
وكل رجالِ القبيلةِ لايمْضَغون الطعامْ
|
ويلتهمون النساءَ بثانيةٍ واحدهْ .
|
- 5 -
|
أحاول منذ البداياتِ ...
|
أن لاأكونَ شبيها بأي أحدْ ...
|
رفضتُ الكلامَ المُعلّبَ دوما .
|
رفضتُ عبادةَ أيِ وثَنْ ...
|
- 6 -
|
أحاول إحراقَ كلِ النصوصِ التي أرتديها .
|
فبعضُ القصائدِ قبْرٌ،
|
وبعضُ اللغاتِ كَفَنْ .
|
وواعدتُ آخِرَ أنْثى ...
|
ولكنني جئتُ بعد مرورِ الزمنْ ...
|
- 7 -
|
أحاول أن أتبرّأَ من مُفْرداتي
|
ومن لعْنةِ المبتدا والخبرْ ...
|
وأنفُضَ عني غُباري .
|
وأغسِلَ وجهي بماء المطرْ ...
|
أحاول من سلطة الرمْلِ أن أستقيلْ ...
|
وداعا قريشٌ ...
|
وداعا كليبٌ ...
|
وداعا مُضَرْ ...
|
- 8 -
|
أحاول رسْمَ بلادٍ
|
تُسمّى - مجازا - بلادَ العربْ
|
سريري بها ثابتٌ
|
ورأسي بها ثابتٌ
|
لكي أعرفَ الفرقَ بين البلادِ وبين السُفُنْ ...
|
ولكنهم...أخذوا عُلبةَ الرسْمِ منّي .
|
ولم يسمحوا لي بتصويرِ وجهِ الوطنْ ...
|
- 9 -
|
أحاول منذ الطفولةِ
|
فتْحَ فضاءٍ من الياسَمينْ
|
وأسّستُ أولَ فندقِ حبٍ...بتاريخ كل العربْ ...
|
ليستقبلَ العاشقينْ ...
|
وألغيتُ كل الحروب القديمةِ ...
|
بين الرجال...وبين النساءْ ...
|
وبين الحمامِ...ومَن يذبحون الحمامْ ...
|
وبين الرخام ومن يجرحون بياضَ الرخامْ ...
|
ولكنهم...أغلقوا فندقي ...
|
وقالوا بأن الهوى لايليقُ بماضي العربْ ...
|
وطُهْرِ العربْ ...
|
وإرثِ العربْ ...
|
فيا لَلعجبْ !!
|
- 10 -
|
أحاول أن أتصورَ ما هو شكلُ الوطنْ؟
|
أحاول أن أستعيدَ مكانِيَ في بطْنِ أمي
|
وأسبحَ ضد مياه الزمنْ ...
|
وأسرقَ تينا ، ولوزا ، و خوخا،
|
وأركضَ مثل العصافير خلف السفنْ .
|
أحاول أن أتخيّلَ جنّة عَدْنٍ
|
وكيف سأقضي الإجازةَ بين نُهور العقيقْ ...
|
وبين نُهور اللبنْ ...
|
وحين أفقتُ...اكتشفتُ هَشاشةَ حُلمي
|
فلا قمرٌ في سماءِ أريحا ...
|
ولا سمكٌ في مياهِ الفُراطْ ...
|
ولا قهوةٌ في عَدَنْ ...
|
- 11 -
|
أحاول بالشعْرِ...أن أُمسِكَ المستحيلْ ...
|
وأزرعَ نخلا ...
|
ولكنهم في بلادي ، يقُصّون شَعْر النخيلْ ...
|
أحاول أن أجعلَ الخيلَ أعلى صهيلا
|
ولكنّ أهلَ المدينةِيحتقرون الصهيلْ !!
|
- 12 -
|
أحاول - سيدتي - أن أحبّكِ ...
|
خارجَ كلِ الطقوسْ ...
|
وخارج كل النصوصْ ...
|
وخارج كل الشرائعِ والأنْظِمَهْ
|
أحاول - سيدتي - أن أحبّكِ ...
|
في أي منفى ذهبت إليه ...
|
لأشعرَ - حين أضمّكِ يوما لصدري -
|
بأنّي أضمّ تراب الوَطَنْ ...
|
- 13 -
|
أحاول - مذْ كنتُ طفلا، قراءة أي كتابٍ
|
تحدّث عن أنبياء العربْ .
|
وعن حكماءِ العربْ... وعن شعراءِ العربْ ...
|
فلم أر إلا قصائدَ تلحَسُ رجلَ الخليفةِ
|
من أجل جَفْنةِ رزٍ... وخمسين درهمْ ...
|
فيا للعَجَبْ !!
|
ولم أر إلا قبائل ليست تُفرّق ما بين لحم النساء ...
|
وبين الرُطَبْ ...
|
فيا للعَجَبْ !!
|
ولم أر إلا جرائد تخلع أثوابها الداخليّهْ ...
|
لأيِ رئيسٍ من الغيب يأتي ...
|
وأيِ عقيدٍ على جُثّة الشعب يمشي ...
|
وأيِ مُرابٍ يُكدّس في راحتيه الذهبْ ...
|
فيا للعَجَبْ !!
|
- 14 -
|
أنا منذ خمسينَ عاما،
|
أراقبُ حال العربْ .
|
وهم يرعدونَ، ولايمُطرونْ ...
|
وهم يدخلون الحروب، ولايخرجونْ ...
|
وهم يعلِكونَ جلود البلاغةِ عَلْكا
|
ولا يهضمونْ ...
|
|
|
اضافة رد |