بسم الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أيها القارئ الكريم،،،
نتحدث عن مصر والجزائر، والصراع الدائر حاليا، وكأنها الحرب الضروس.
روى جابر بن عبدالله - رضي الله عنه:
كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة . فكسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار .
فقال الأنصاري : يا للأنصار ! وقال المهاجري : يا للمهاجرين !
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم . " ما بال دعوى الجاهلية ؟ "
قالوا : يا رسول الله ! كسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار .
فقال " دعوها . فإنها منتنة ".
جزء من حديث صحيح
الراوي: جابر بن عبدالله المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2584
الإخوة والأخوات،،،
حب الوطن فطرة، ولا يمكن أن يلومنا أحد، لأننا نحب أوطاننا، فهذا أمر بيد الله.
من يلومك لأنك تحب أباك وأمك وإخوتك وأهلك وجيرانك وأصدقاءك والذكريات التي مرت بك؟
ولكن أن نضع الوطن فوق الإسلام....!!!
فهذا هو عين القبلية المنتنة، التي نهى عنها رسول الله عليه الصلاة والسلام.
فيما يخص الإهانة التي صدرت من بعض الجزائريين.....و رد الاعتبار؟
دعونا أولا ننظر، لماذا وصلنا إلى مثل هذه الحالة التي يرثى لها، ثم بعد هذا دعونا نتكلم عن رد الاعتبار.
- لم يهان المصري إلا عندما رفرف علم إسرائيل فوق أرضنا المنتصرة في الحرب!!!
- لم يهان المصري إلا عندما أصبحنا نبحث عن ذاتنا داخل حدودنا.
رغم أننا أعرق وأقوى وأكبر شعب في المنطقة، وعلى مر التاريخ، كنا من يحميها من كل خطر.
والكبير لا يبحث عن ذاته داخل ملابسه، بل يبحث عن ذاته في قوته ونجاحه وتطوره، ونجاحه في التأثير فيمن حوله، ومساعدة غيره على النجاح.
فما بالكم، بعد أن أصبح يربطنا بمن حولنا في المنطقة دين عظيم.
- لم يهان المصرى إلا عندما أصبح المعلم - الذي كاد أن يكون رسولا- ذئبا، ينهش أعراض بناتنا.
- لم يهان المصري إلا عندما أصبح المواطن المصري يُداس بالأحذية داخل وطنه.
ووصل الأمر إلى حد أن يقوم ضابط مصري، بهتك عرض مواطن مصري بواسطة عصا.
ويقوم سيادة الضابط بتصوير المشهد، ونشره، ثم تصبح الفضيحة عالمية تشاهدها الدنيا كلها. وفي النهاية، الضابط يُفصل من الخدمة، ويسجن لمدة قصيرة.
لماذا لم نسمع حينها اعتراضا، ممن يطالبون الآن بذبح الجزائريين؟
- لم يهان المصري إلا عندما أصبح المصري يقتل أخاه، بعد طول الانتظار في طابور طويل، من أجل رغيف الخبز.
- لم يهان المصري إلا عندما رضينا بملابس الكساء الشعبي وفراخ الجمعية، وأصبحنا نركض خلف مواكب الرؤساء. رغم أننا شربنا من أيديهم المر، وجعلونا في مصاف الدول المتخلفة، التي تعاني من كل ما هو سيء. وأصبحنا لا نعرف عن حب الوطن غير الأغاني التافهة.
- لم يهان المصري إلا عندما أصبح المصريون ينامون في الطرقات وفي الأنفاق في دبي وليبيا والعراق، للبحث عن لقمة العيش.
- لم يهان المصري إلا عندما أصبح المصريون، يلقون بأنفسهم في أحضان البحار العاتية، ويتحولون إلى غذاء للأسماك الجائعة، في سبيل الوصول إلى إيطاليا أو اليونان. للعمل كعامل نظافة، أو عامل في مطعم يبيع الخمور ولحم الخنزير، أو عامل في محطة وقود يغسل السيارات وسط البرد القارس.
- لم يهان المصري إلا عندما أصبح العامل المصري يذهب ليلتحق بأي مهنة في أي دولة، ويرفض أن يعمل نفس المهنة في مصر.
وأخبرني بالله عليك، كيف تستقبل خبر موت عدد من العمال المصريين في الأردن...عندما سقطوا في حوض الأوساخ الناتجة عن ذبح وتنظيف الدواجن؟؟؟
هل وصل بنا الحال إلى أننا لا نجد وظيفة مثل هذه في بلدنا؟
ألا يوجد في مصر بطولها وعرضها وظيفة، تغني هذا الإنسان عن الغربة، والعمل كعامل تنظيف دواجن؟
- لم يهان المصري إلا عندما ترك الصفوة العلمية وأصحاب الكفاءات بلدنا، ورضوا بالغربة والبعد عن الأهل والوطن. للبعد عن الهوان والوساطة والمحسوبية، مثل تعيين أبناء أساتذة الجامعة دون وجه حق.
- لم يهان المصري إلا عندما علمنا بوجود من هو مثل الدكتور أحمد زويل، بعد أن كرمه الغرب وأعطوه جائزة نوبل.
- لم يهان المصري إلا عندما أصبحت آخر أمنية لطفل مصري وهو يحتضر، أن يرى مصر في كأس العالم!!!.
- لم يهان المصري إلا عندما أصبح لاعبوا كرة القدم والمغنيون والراقصات، هم من يتحدثون بأسم الشعب المصري.
لماذا نحزن عندما يقول قائل، بأن الاقتصاد المصري مبني على الراقصات وبنات الليل؟
أتفق معك، أن القائل فاسد لم يزورنا إلا للفساد.
لكن نحن من ترك على أرضنا هذه الملاهي الليلة والخمور والراقصات وبنات الليل؟
والأكثر من هذا كله، وجود "القواد"، الذي يسهل المهمة على الزبائن.
لماذا لا نعترض على هذا الوضع المشين؟ ونطالب برد اعتبار؟
- لم يهان المصري إلا عندما أصبح "الأراجوزات" يتصدرون كل وسائل الإعلام.
وأصبحنا في عصر يتحدث فيه التافهون في شئون العامة.
هل تعلم أيها القاريء الكريم، أن الواحد من هؤلاء الإعلاميين الكبار، لا يقل راتبه السنوي عن المليون جنيه؟ ولا أعلم هل يشمل راتبه البدلات أم لا؟. في رأيك، لماذا؟ ماذا يفعل؟
هل تعلم أن منتخبنا لو كان تأهل للمونديال، كان سيحصل كل لاعب على ما يقرب من ثلاثة ملايين؟
لماذا؟ وأموال من هذه؟
وأنت تقتل نفسك لتحصل على الفتات. وهناك من يموتون بأمراض لا توجد إلا عندنا في مصر – كالبلهارسيا-، والشاب الذي لا يجد الزواج، والفتاة التي ذبلت إلى جوار أهلها؟ وغيرهم الكثير...
لماذا لا تطالب ويطالب كل هؤلاء برد الاعتبار؟ لماذا لا نتحرك بمثل هذا الحماس لحل هذه القضايا؟
رد اعتبار!!!
* لماذا لم نطلب رد الاعتبار من الدولة الصهيونية التى يسمونها إسرائيل؟
عندما سخرتنا كدولة - عظمى كما يفترض بنا - وأصبحنا المتحدث الرسمي بأسمها في المنطقة، والخادم الأكبر لمصالحها - وهي العدو - في المنطقة.
وأصبحنا نجوع ونحاصر مع الصهاينة، إخواننا في الدين واللغة والمصير وكل شيء، أم هل نسينا غزة؟
غزة....أتذكر هذا الاسم؟
لماذا لم نطالب الدولة الصهيونية برد الاعتبار، عندما قتلوا جنود مصريين على الحدود؟
وعندما خطفوا بعض الشباب المصري من سيناء، ليتم تبديلهم بجاسوس؟
لماذا لم نقف أمام سفارة الدولة الصهيونية، كما حدث أمام السفارة الجزائرية؟
بل لا يمكنك أن ترمش أمام سفارة هذه الدولة اللقيطة المسماة بإسرائيل.
* لماذا لم نطلب رد الاعتبار من أمريكا؟
التي أصبحت حكومتنا تلعق نعل حذائها من أجل بعض المعونات.
الدولة التي تفرض علينا من القرآن، ما تريده هي. وتفرض علينا ما ندرسه، وما لا ندرسه في مدارسنا.
* لماذا لم نطلب رد الاعتبار من إيران؟
التي تسب وتكفر كل يوم، أمهاتنا (أمهات المؤمنين)، وصحابه رسول الله - عليه الصلاة والسلام-، رضوان الله عليهم أجمعين.
وذبحوا وقتلوا من أهل العراق، ما يكفى لهدم دولة كانت درعا للإسلام والعروبة، عن طريق قوات بدر ومن تضامن معهم من شيعة العراق.
الدولة التي ساعدت أمريكا في الدخول إلى أفغانستان، واستباحة دماء المسلمين، باعتراف المسئولين في الحكومة الإيرانية.
وأصبحوا كالغول في منطقة يغرق أهلها في النعيم، ولا يقدرون على الدفاع عن أنفسهم ضد ناموسة.
* لماذا لم نطلب رد الاعتبار من دول الخليج بأكملها؟
الذين فضلوا الهندوس والسيخ والبوذيين على المسلمين والعرب.
وأصبحت دولهم مهددة بأن تقع تحت حكم دولة كالهند، أو على الأقل التدخل لحماية مواطنيها، بعد أن أصبح الهنود أكثر من مواطني دول الخليج.
ومن لم يسمع بمظاهرات الهنود في دبي لرفع الأجور؟ وهذه أول قطرة من الغيث.
وفضلوا كذلك الأجنبي صاحب العيون الملونة، الذي يحصل على أضعاف ما تحصل عليه أيها المسلم العربي المصري. لمجرد أنه أجنبي، وأنت من أنت.
هل وصل الحال بنا إلى هذا الحد؟؟؟
أصبح من يلقى علينا الكلام جهلاء ضعفاء العقول.
ويا ليتهم فقط يتكلمون وينتهي الأمر، بل يتكلمون ويجدون من يسمع لهم.
هل يعقل أن يقول مذيع وصحفي كبير "اخرجوا، واقتلوا كل جزائري في مصر!!!"
هل يصدر هذا القول عن عاقل، فضلا عمن يفترض به أن يكون مثقفا محنكا في دروب الفكر والسياسة؟؟؟!!!
ويقول المطرب الحبوب "كفانا طبطبة، والقول بأننا الأكبر، وهذا ال "..." "
ويرد عليه المذيع الأراجوز قائلا: "عندك حق".
يا أمة محمد بن عبد الله –عليه الصلاة والسلام-.
أكررها...هذه قبلية منتنة!!!
وإن كان هذا هو حال بعض الجزائريين - وإن كانوا قلة قليلة، لا تمثل الشعب بأكمله -، فلنا أن نحزن على حال الجزائر.
لنا أن نطالب بالقصاص من المخطئ. ولكن قبل هذا، يجب أن نعتذر لأنفسنا أولا، لأننا نحن و هم "واحد".
لا يجب أن ننادي بمقاطعتهم وسفك دمائهم.
يجب أن نحزن لأن هذا أصبح حال المسلمين، فقد تشرذمنا إلى هذا الحد، الذي لا يصدقه عاقل.
ودعونا نقف عند هذه النقطة كثيرا، فهي مربط الفرس.
ونسأل أنفسنا، هل هذه الأحداث نبعت من الشعب الجزائري؟
- وهل هذا التافة الذي يحمل طبلة، ويرسم على وجهه علما، ويضحي بتأدية الصلاة في وقتها. أو يصليها في الاستاد – ساحة الجهاد العظيمة - سريعا بين شوطي المباراة.
ومازلت أنتظر، من سيسأل عن فتوى تجيز له صلاة المجاهد أو الخائف.
هل هذا التافه يمثل شعبا بأكمله؟
هل يعقل أن هذا الذي يسعد ويقفز ويهلل من أجل الفوز بمباراة، وينسى الأوضاع المهينة التي يحياها هو نفسه وكل من حوله.
هل يعقل أن هذا يمثل شعبا؟
وإن قال البعض أن الجزائريين في السودان، كانوا بلطجية ولصوصا، فهل يعني هذا أن هذا هو شعب الجزائر؟
- هل لو زار جزائري أحد العشوائيات في مصر، وتعرض للسرقة أو الضرب، هل يمكن أن نقول أن هذه هي مصر؟
- هل لو دخل أحد أقسام الشرطة المصرية، ورأى العصا توضع في دُبر المرء، هل يقول أن هذا هو شعب مصر؟
- هل لو خرج في حفل زفاف، ووجد سيادة الضابط – الرجل جدا - يضرب العروس – أمرأة -، ويهين العريس، ويتوعده بأن تمسح أمه – أم العريس – حذاء سيادته.
هل سيادة الضابط يمثل شعب مصر؟
- هل عندما يمر بشباب مصري، يجلسون على أحد الأرصفة في مكان مظلم، يتعاطي البانجو. أو رأى أطفال الشوارع، وهم يشمون "الكُلَة"، وينامون تحت الكباري عرايا ككلاب الطرقات.
هل سيذهب إلى بلده ويقول هذه هي مصر؟
لا أيها الأخوة والأخوات...لا يمكن القول بأن هذه هي مصر.
كل بلد فيها الجيد والسييء، فيها الصالح والطالح.
ولا يمكن بأي حال من الأحوال، أن نظن أن بعض التافهين، يمثلون شعبا بأكمله.
ودعونا نفكر قليلا...
هل لو كان المرء يعرف دينه ومثقفا ويعمل مهنة شريفة، هل يعقل أنه سيشارك في مثل هذا الجهل والتعصب؟
نحن مسلمون يا سادة، وما يحدث قبلية منتنة، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
وأخيرا وليس آخرا:
ما تفعله الحكومات أصبح أوضح من أن نجهله.
من يصل إلى كأس العالم، يشغل شعبه بالتهليل والتصفيق.
ومن لا يصل، يشغل شعبه بالكرامة والثأر.
لماذا نعيب على الحكومة الجزائرية، إرسال طائرات حربية لنقل المشجعين؟
ولماذا لا نعيب على الحزب الوطني، إرسال رحلات إلى السودان؟ أموال من هذه؟
ألا نرى أن الطرفين يبحثان عن نقاط، يخدعون بها عقول البسطاء من الشعبين؟
ولن نتطرق إلى الأعداء الذين يتربصون بنا، وإن كنت أسمعهم يقهقهون الآن على هذه الشعوب المسلمة، التي تأكل بعضها من أجل كرة قدم.
ولنسأل أنفسنا هذا السؤال:
هل لو تم دعوتنا إلى التوقف عن متابعة كرة القدم، ورفع اللاعبين فوق الأعناق.
والتوقف عن استماع الأغاني ومشاهدة الأفلام والمسلسلات، والتوقف عن اعتبار هذا التافه أو تلك العارية نجوم المجتمع.
والتوقف عن مشاهدة هذه الفضائيات التافهة، والاتصال بهؤلاء "الأراجوزات"، حتى حولناهم إلى نجوم، يبحث عنهم أصحاب رءوس الأموال، ليحققوا لهم أعلى نسبة مشاهدة، وبالتالي أكبر نسبة ربح.
هل سنتوقف عن كل هذا؟ هل سنحترم أنفسنا ليحترمنا غيرنا؟
عندما نصل إلى هذه الدرجة من احترام الذات، سنصبح جديرين برد الاعتبار.
وفي النهاية،،،
لن يمر إلا القليل، ونعود إلى كأس الأمم الأفريقية – بعد شهرين - .
وننسى هوجة الجزائر ورد الاعتبار. وسيعود كل منا إلى حيث يطحن ويسف التراب، وهو مبتسم.
دائما وأبدا....حسبنا الله ونعم الوكيل.
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.
بقلم: عدنان القماش.
20 نوفمبر 2009
هدانا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه
وصل اللهم على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم