القاهرة - في الوقت الذي تواترت فيه أنباء من داخل سجن مزرعة طرة تفيد بتعرض إمبراطور المقاولات هشام طلعت مصطفى للانهيار داخل على إثر الحكم القضائي الذي نزع منه ملكية مشروع "مدينتي".
ودبت حالة من الذعر الواسع بين رجال الأعمال المنتمين للحزب الحاكم خشية أن تتعرض ممتلكاتهم الواسع لمصير الملياردير هشام طلعت مصطفى التي تعرضت مؤسساته المالية الضخمه لهزات عنيفة في البورصة حيث فقد سهم المدينة التي يحجز فيها أعداد كبيرة من أثرياء المصريين وحدات وفيلات باهظة الثمن أمس لضربة قاضية على إثر الحكم القضائي الصادر الثلاثاء والذي قضى ببطلان عقد مدينتي التي تتكون من ثمانية آلاف فدان وتعتبر درة ممتلكات إمبراطور العقارات المسجون حالياً على ذمة قضية مقتل المطربة اللبنانية سوزان تميم.
وقال نواب في البرلمان في تصريحات صحفية إن الحكم الأخير ينبغي أن يكون بداية الحرب على مستعمرات رجال الأعمال التي بنوها من المال الحرام بمعية النظام وأشار حمدي حسن النائب عن الإخوان عن مخاوفه من أن يتم الاتفاف على الحكم وهو ما شاركه فيه النواب حمدين صباحي ومحمد عبد العليم وومحمد البلتاجي.
وقد أسفر اعلان عدد من النشطاء الذين لاحقوا ملف مديني أمام القضاء طيلة الفترة الماضية إصرارهم على ملاحقة رجال الأعمال الذين حصلوا على مساحات شاسعة من الأراضي عبر علاقتهم بكبار المسؤولين على مدار السنوات الماضية وجنوا ارباحا طائلة أسفرت عن صعودهم لقمة هرم الثروة في مصر.
وفي سياق متصل قرر رئيس الوزراء أحمد نظيف أمس تشكيل لجنة للحفاظ على حقوق المواطنين والمستثمرين في مشروع مدينتي التابع لمجموعة طلعت مصطفى.
وقال مجدي راضي المتحدث باسم مجلس الوزراء 'قرر الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء تشكيل لجنة لحصر الاعمال التي تمت في مشروع مدينتي والاعمال المتبقية .. والنظر في الشكل القانوني الذي يمكن بموجبه التعامل مع الحكم الصادر بشأن المشروع .. بما لا يوقف العمل في هذا المشروع وبما يحافظ على حقوق المواطنين والمستثمرين'.
وقد تدفق عدد من حاجزي مشروع 'مدينتى' الأربعاء، أمام مقر شركة 'طلعت مصطفى' لمعرفة أوضاعهم كحاجزين وملاك لوحدات سكنية ومحلات تجارية بعد صدور حكم الإدارية العليا بتأييد بطلان عقد 'مدينتي'، بالإضافة لحسم الأوضاع الملتبسة لديهم فيما يخص طرق سداد الأقساط الفترة المقبلة وما إذا كانت ستستكمل مع الشركة أم سيتم سدادها بهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة.
وزحف هؤلاء الحاجزون نحو مقرات شركة مصطفى في محاولة للاطمئنان على مستقبل ممتلكاتهم بينما فضل آخرون مبنى البورصة بوسط القاهرة لمتابعة الانهيار المتتالي لأسهم مدينتي والذي فقد من قيمته حتى صباح أمس 11 في المائة وكان العديد من ملاك تلك الوحدات يأملون في السابق أن يجنوا ثروات طائلة من خلال بيع ممتلكاتهم بعد استلامها غير ان الحكم القضائي الأخير عصف بآمال الكثيرين.
أما رجال الأعمال الذين يرتبطون بعلاقة عضوية مع الحزب الحاكم وحققوا ثروات طائلة خاصة أولئك الذين يحتفظون بكميات هائلة من الأراضي فيخشون من أن يتعرضوا لأحكام قاسية خلال الفترة المقبلة أو أن تطالهم يد النظام مدفوعة بسخط شعبي واسع وآخذ في الانتشار من أن تجرى ملاحقة ثرواتهم وإعادتها للدولة التي تواجه حالة من الإفلاس بسبب تضخم الدين العام وتراجع فرص الاستثمار وانتشار الفساد.
وكان مقيم الدعوى ضد مشروع مدينتي المهندس حمدي الفخراني قد أكد في دعواه أن عقد بيع هذه الأرض ترتب عليه خسارة كبيرة للدولة تقدر بنحو 147 مليار جنيه عوائد إنشاء المدينة، مشيرا إلى أن وزارة الإسكان قدمت تسهيلات غير مسبوقة لشركة طلعت مصطفى، المملوكة لرجل الأعمال هشام طلعت مصطفى، من مد المرافق إلى إعفاء الخامات والأدوات المستخدمة في أعمال المقاولة والبناء من الجمارك، وهو ما لا يحدث عند إنشاء المشروعات الحكومية المخصصة للنفع العام، على حد ما جاء بالدعوى.
ويوجد بين جيش رجال الأعمال المنتمين للنظام عشرات الذين انتقلوا من خانة المليونيرات إلى طبقة المليارديرات في غمضة عين بعد حصولهم على مساحات شاسعة من الأراضي ووفقاً لبلاغات مقدمة من نواب في البرلمان ورموز في المعارضة للنائب العام فقد أصبحت ثروات المصريين متاحة لكبار الموالين للحزب الحاكم ووفقاً لبلاغ قدمه من قبل43 من قبل نائبًا من الإخوان، والمعارضة والمستقلين، للنائب العام كشف'عددًا من أسماء الشركات، والشخصيات الذين حصلوا على تلك الأراضي، ومنهم:
صهر جمال محمود الجمال، والذي حصل على آلاف الأفدنة في المدن الجديدة، وبخاصة في الساحل الشمالي بجوار منتجع مارينا، ومجدي راسخ، والذي حصل على آلاف الأفدنة على طريق مصر- الإسكندرية الصحراوي، شركة 'إعمار' التي حصلت على 4 ملايين متر مربع بالهضبة الوسطى بالمقطم، مجموعة طلعت مصطفى '14 ألف فدان'، والمهندس أسامة طه، عديل الأخير، وشريكه أشرف فرج، واللذان يملكان منتجعات كاملة حصلا عليها، وعماد الحاذق وحصل على ألف فدان بالتجمع الخامس، والشقيقان وجدي وعماد كرارة وحصلا على أراضٍ شاسعة في العبور والقاهرة الجديدة ومكسيم في مارينا.
ومنهم ايضا: يسري سعد زغلول صاحب شركة 'المهندسين المصريين' وحصل على 875 فدانًا، وعزت رسلان زوج بنت الدكتور مصطفى السعيد وزير الاقتصاد الأسبق، ورئيس اللجنة الاقتصادية بمجلس الشعب، وحسين سالم الذي حصل على مدن كاملة بشرم الشيخ، والبحر الأحمر، والغردقة، ومرسى علم، ومنصور عامر الذي حصل على بورتو مارينا، وبورتو السخنة، وغيرهما من المساحات الشاسعة، وأحمد جمال صاحب شركة كنوز للأنتيكات وحصل على 547 فدانًا على طريق مصر الفيوم، وسمير زكي عبد القوي وحصل على 22 ألف فدان ضمن أراضي الحزام الأخضر حول مدينة أكتوبر، والشركة المصرية- الكويتية وحصلت على 26 ألف فدان في الصف، والعياط.
بالإضافة إلى أباطرة الطريق الصحراوي مدحت بركات، والدكتور سعد مالك شركة الريف الأوروبي، وعلي ورور رئيس شركة 'ريجوا'، وآل منصور 'أقارب المهندس محمد منصور الوزير السابق الذين حصلوا على آلاف الأفدنة على الطريق الدولي الجديد، وهيئة الرقابة الإدارية، والتي حصلت على 2000 فدان ضمن أراضي الحزام الأخضر، ووزَّعتها بواقع عشرة أفدنة على عدد 200 ضابط في الجهاز الرقابي.
يشار إلى أن المحكمة الإدارية العليا، برئاسة المستشار منير جويفل، نائب رئيس مجلس الدولة، أصدرت الثلاثاء، حكمًا نهائيًا ببطلان عقد مشروع "مدينتي"، وقضت المحكمة ببطلان عقد بيع وزير الإسكان السابق محمد إبراهيم سليمان مساحة 20 كيلومترا من أراضى الدولة بالأمر المباشر لرجل الأعمال هشام طلعت مصطفى وتخصيصها لإنشاء مشروع "مدينتي".
وكانت هيئة المجتمعات العمرانية ومجموعة طلعت مصطفي قد تقدمتا بطعنين أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا لإلغاء الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري ببطلان عقد مدينتي الموقع بين الهيئة ومجموعة طلعت مصطفي بمساحة 8 آلاف فدان للمجموعة تمثل الأرض المقام عليها مشروع «مدينتي» الإسكاني، ولوقف تنفيذ الحكم لحين الفصل النهائي بها إلا أن دائرة الفحص بالمحكمة الإدارية العليا لم تستجب لطلب وقف التنفيذ وأحالت الطعنين لدائرة الموضوع مباشرة دون أن تبدي رأيا في الطعنين وهو ما يعطي مؤشرًا لعدم وجود أسباب منطقية لوقف تنفيذ حكم القضاء الإداري.
كانت هيئة مفوضي الدولة قد انتهت إلي تأييد حكم القضاء الإداري ببطلان عقد مدينتي ورفض طعني الحكومة وهشام طلعت مصطفي وقالت هيئة المفوضين في تقريرها الذي جاء في 52 صفحة إنه ثبت لديها أن هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة لم تتبع القواعد والأسس والإجراءات المنصوص عليها في قانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بقانون برقم 89 لسنة 1998 في إبرامها عقد البيع الابتدائي مع الشركة التي يمتلكها هشام طلعت مصطفي وأكد التقرير أن هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة تجاهلت القواعد الآمرة مما يجعل تصرفها مشوبا بالبطلان.
المصدر: صحيفة "القدس العربي"