بسم الله الرحمن الرحيم و الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على خاتم المرسلين محمد (ص).سبحانك ربى خلقت كل شىء بعلمك الواسع المحيط. و سبحانك اصطفيت من عبادك المخلصين رسلاً و أنبياء كرام يبلغون عن حكمتك و علمك ليكونوا هداية و رحمة للعالمين. سبحانك أعطيت من ملكك بكرم و جود إعطاء من استغنى. و سبحانك ربى وهبت من تشاء من عبادك العلم و الحكمة أمانة لتتم نور فضلك على خلقك. اللهم إن العلم كله علمك و الحكمة كلها فى حكمك فالحمد كل الحمد لك و الفضل كل الفضل بين يديك، اللهم لا تـؤآخذنا بما فعل السفهاء منا، فكيف ندعى علماً لنا و نحن مجرد خلق لك نحيا فى ملكوتك؟ فوالذى نفسى بيده مايستطيع أحد أن يحيط بشىء من علمه إلا بإذنه، وكل ما نعلم بقدر ما سمح. نستغفرك ربنا ونـتوب إليك فإن لم تتب علينا لنكونن من الخاسرين.
عزيزى القارئ هناك أمور غيبية مجهولة كثيرة و تساؤلات عديدة يحتار فيها العقل. ترددت كثيراً قبل كتابة هذا الكتاب و لكنى توكلت على الله. و ادعو الله إن كان فيه نفعاً فلييسره لنا و إن كان منه ضراً فيصرفنا عنه. أسئلة كثيرة دارت فى أذهاننا و لا زالت. أحيانا منعنا من التفكير فيها لأنها أمور غيبية لا طائل من ورائها، و لكنى أراها ضرورية لنعمق معرفتنا بل و حبنا لخالقنا من جهة و لتبصرنا بحقيقة أنفسنا و بمكائد ابليس لنا. فإن كان هذا هو عدونا فوجب علينا معرفته جيداً. وهذا هو جوهر عقيدتنا.
تساؤلات عديدة بلا اجابات و اضحة، سأتعرض لها بإذن الله كل فى وقته. أسرد فقط بعض منها على سبيل المثال و ليس الحصر:
· من هو الله عز و جل؟ كيف هو موجود و لم يوجد؟
· من نحن؟ ما الفرق بين النفس و الروح؟
· لما جىء بنا إلى الدنيا؟ ما المشيئة وما القضاء و القدر و كيف نحيى فى المشيئة الإلهية المقدرة ثم نحاسب؟
· كيف نكون خلفاء الله فى الأرض حقا؟ ما هو دورنا نحن المصريين فى هذه الخلافة؟ هل المصريين أبناء موحدين أم و ثنيين، و ما هو تاريخنا الحقيقى كما أخبرنا به الله؟
· كيف ابتدأت الحضارة الإنسانية كفرية كما أخبرنا بها علماء التاريخ رغم أن مبتداها مع خلق آدم عليه السلام و هو من المكلمين؟
· من هو الجبت و من هو الطاغوت الذى حذرنا منه القرآن؟
· ما هى العبادات التى فرضها الإله؟ و لماذا؟ و كيف يكون عبئ العبادة رحمة للعالمين؟
· ما هى فتن آخر الزمان؟ هل هى حقيقة أم خيال؟
· هل حقا لم يذكر الدجال فى القرآن؟ و لماذا حذر كل نبى أمته فتنة الدجال؟
· من هم يأجوج و مأجوج؟ هل أشار القرآن إلى مكانهم؟
· هل العلم نعمة أم نقمة؟
· ماذا أخبرنا ربنا عن المعركة الأخيرة التى يقودها هو بنفسه؟
كانت تلك أسئلة خطرت بعضها أو كلها بخاطر كل منا دون رد واضح، كل الإجابات كانت تقليدية نرددها بلا فهم أو وعى كامل بها. و أعد أن تكون الإجابات غير تقليدية بل أن منها ما لم يذكر من قبل. وأعد أن تكون أدلتها فى ضوء ما ذكرته الأديان و ما توصل له العلم التجريبى الحديث، الذى يجب أن نأخذه مأخذ الجد و نعيد صياغة مفاهمنا الدينية على أساسه، كما أنه يجب أن نشارك فى بناء مجتمع علمى يصحح معارفنا العلمية و يساعد فى تصحيح مساراتها حتى لا تنجرف فى طرق شيطانية فتكن نقمة علينا. عزيزى القارئ إذا كنت مهتماً بما جاء فى هذه الأسئلة. فهذه مقدمة مفصلة سوف تتناول هذه المواضيع بشكل مجمل و التى ستتناول بعض الإجابات بالتلميح حتى يتم مناقشة كل موضوع على حدى بتفصيل فى وقته و التى سيتم الإستشهاد و الإسترشاد فيها بالأدلة القرآنية بإذن الله.
عزيزى القارئ هل فكرت يوماً ما فى مثل هذه التساؤلات:
من هو الله، و كيف هو موجود دون أن يوجد؟ و من نحن؟خلقت ذكر و هى أنثى، ولدت فى عام ما و هو فى عام آخر فى مكان ما و هو فى مكان آخر لأب و أم ضالين أو مهتدين و غيرى على عكس ذلك، الكل يأتى و يحيا و يذهب، كل مقدر و مكتوب سلفاً، فلم الثواب و فيما كان العقاب؟ هل أجابك أحد فى هذا من قبل و اقتنعت؟ كل الإجابات تقليدية نرددها دون فهم أو وعى بها. سمعنا قصة خلق آدم و عصيان الشيطان لأمر الله، و ما كان له ذلك. لماذا وجد الشيطان مع الملائكة و هو ليس منهم فى هذا التوقيت، أكان هذا الحدث مدبراً ليعصى الشيطان ربه؟ و من بعده نخلق نحن الآخرين فى أزمان و أماكن ما اخترناها بأنفسنا ثم بعد ذلك نحاسب. أنخلق هكذا و نعذب فى النار هكذا و من يدخل منا الجنة برحمة الله لا بعمله. إن القصة تبدوا غير منطقية بل إنها تبدوا كالمؤامرة! و سبحانه تعالى عن ذلك علواً كبيراً فهو الغنى عن عباده. و لكن الإعتقاد الأسلم أن فهمنا للقصة يبدوا ناقصاً و أن هناك حلقات مفقودة لابد من إيضاحها كى تكتمل الصورة. ترى ما هى تلك الحلقات؟ أخبرنا الله أننا قد وقفنا كلنا أمامه فى موقف مهيب و شهدنا له بالوحدانية فحق العقاب على من أخلف وعدهمع الله. القصة هكذا تبدوا أكثر منطقية و لكن لماذا لا نتذكر هذا المشهد رغم مهابته. هل تذكر أنت أنك وقفت أمام الله تشهد له بالوحدانية؟ هل كنا نحن الآخرين موجودون قبل أن نوجد؟ و لكن متى، أم أن سؤال متى لا يصح أصلاً؟ كل يحيى حياته يظن أنه علم فيها الكثير حتى يأتى الموت فإذا به يرى حقيقة أخرى كان غافلاً عنها، حقيقة لم يكن يدركها و تنكشف عنه الأستار فيرى عالم من الملائكة و يرى حقيقة نفسه و من ربه. هل هذه اللحظة هى التى يتذكر فيها المشهد المهيب؟ دائما ما يخاطبنا الله فى حياتنا الدنيا يا بنى آدم أو يا أيها الناس، أما عن لحظة الموت فالمخاطب يكون النفس! فما هى النفس التى نحملها و هل هى شئ منفصل عن الجسد الذى هو من تراب، و إن كانت نفسك التى بين أضلاعك هى طبعك فمن أين جاءت و كيف اختيرت، و إن كانت هى الذات الغير مادية، أتكون هى الروح؟ أم أن النفس و الروح كليهما غير مادى و لكنهما مختلفين؟ أنكون نحن كل هؤلاء؟ أما عن الموت أيكون بخروج الروح من الجسد أم النفس؟ سبحانك ربنا، لا علم لنا إلا ما علمتنا. وسأبدأ بسلسلة من المقالات كمقدمة تحضيرية لها شقين أحدهما دينى معتمد على الكتاب و السنة و الآخر معتمد على المنطق الرياضى و العلوم النظرية و التجريبية. ثم نبدأ الجزء الأول بعد المقدمة عن عقل الإله. الجزء الثانى عن النفس و عالم السكون الأزلى التى جاءت منه و عن عالم السكون الأبدى التى ترد إليه. الجزء الثالث عن الإنسان و الإعجاز فى هيكله و شفرة تكوينه. الجزء الرابع عن عدونا اللدود إبليس و عن دولته و وسائله. الجزء الخامس عن الصراع بين الخير و الشر على مر العصور. أما الجزء السادس و الأخير سيكون بإذن الله و عونه عن المعركة الأخيرة و نهاية الزمان. و أعد أن ما أذكره سيكون عليه دلائل من القرآن و السنة و الكتاب المقدس مع بيان المنطق العقلى و الأسس العلمية التى بنيت عليها تصورى.
يتبع بإذن الله