أقسام العقارات والمبوبة والدليل مازالوا تحت التطوير وسيتم الإنتهاء منهم قريباً بإذن الله

 
            أخبار ومقالات     العضوية    
| استعراض كافة المواضيع
 نصائح وإرشادات عقارية
نوع العقار:
في:
رقم الاعلان:
 
منتديات رحابي


Go Back   منتديات رحابي > رحابي .. كلام كبير > إيمانيات


12/08/2011
4:49:28 PM
 

تاريخ التسجيل : 06/09/2008
عدد المشاركات :29
Arrowالإنسان أعجوبة 1

الجزء الثالث

الإنسان

 

إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ (71) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (72) فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (73) إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ

ص 71-73


 

خلق الله الإنسان و استخلفه فى أرضه. و السؤال لماذا استخلاف الإنسان دون سائر الخلق؟ فهل هذا معناه أننا أحسن من جميع الخلق بما فيها من ملائكة و جن و كون عريض و خلق كثير مما نعلم و مما لانعلم؟ و الإجابة تأتى أولا من معنى الإستخلاف له وجهان لا يتحقق إلا باكتمالهما الأول استخلاف عبودية و هى التوحيد لله و الإيمان بالملائكة و بالرسل و البعث و الجنة و النار. و الآخر استخلاف سيادية و هذا لم يتم إلا باستخدام العقل و تسخير المادة لخدمة الإنسان. إذن فالإستخلاف له وجه روحى و له وجه مادى و لحسن حظنا أن المصدر واحد و هو الله عز وجل و لهذا لا يوجد تعارض بين الوجهين. فلو كان له شريك فى الملك لوجدنا إختلافاً كبيراً، سبحانه لا إله إلا هو.

و لو نظرنا إلى الإنسان كروح و نفس و فقط و عشنا حياة الرهبان و نكون قد أهنا أجسدنا وهذا لن يحقق مراد الله منا. و إن نظرنا للإنسان كجسد فقط عشنا ملبين لملذات أجسدانا فقد حقرنا من شأن أنفسنا و ما قدرناها و ما راقبناها فخسرناها فى الآخرة و هذا أيضاً لن يحقق مراد الله منا. و لهذا كانت رسالة محمد صلى الله عليه و سلم الرسالة الخاتمة التى حققت الإتزان بين شقى الإستخلاف. تكلمنا فى الجزء السابق عن النفس و مبتداها و قدومها من عالم السكون الأزلى إلى الدنيا و حياتها و منتهاها إلى عالم سكون أبدى و مصيرها. أما فى هذا الجزء سنعرض لأحد أهم الصفات المميزة لبنى آدم و يمكن أن نسميها آداة الإستخلاف ألا و هى جسم الإنسان فى بنائه كهيكل و فى مكوناته و تراكيبه الدخلية. فهذا الجسد أعطى النفس البشرية القدرة على الحركة و الصنع و الإنتاج و هذا أحد شقى الإستخلاف. كما أن تصميم هذا الجسد بنسبه الهندسية و تركيبه الكيميائى و الكهربى و المغناطيسى و الحيوى يمثل أعجوبة أخرى و هى آداة مصممة بدقة و عناية فائقة تسهل له الإتصال الدائم بخالقه و هذا هو الشق الآخر من الإستخلاف. و غرضنا من هذا الطرح العلمى أن نعلم يقينا أن كل العبادات التى فرضها عز و جل و كل المحرمات التى نهاها عنها إن هى إلا رحمة منه بنا ليجعلنا فى حالة طهارة و نقاء روحى و جسدى دائمين فنعيش حياة متوازنة فى دنيانا و حتى نكون مؤهلين و موهيئين لجنته فى أخرانا. 

و فى هذه المقدمة سنتعرف على بعض الموضوعات و سنثير بعض التساؤلات التى سنتناول إجابتها بالتفصيل على مدى العدة أسابيع القادمة بإذن الله عز و جل.

·        كيف ابتدأت الحضارة الإنسانية كفرية كما أخبرنا بها علماء التاريخ رغم أن مبتداها مع خلق آدم عليه السلام و هو من المكلمين؟

·        هل الكون من حولنا مادة صماء ليس لها إدراك أم أن لكل مكون إدراك و وعى؟

·        ما الفرق بين الوحى و الوعى؟

·        ما هى مراكز الطاقة فى جسم الإنسان؟ و كيف يكون الإنسان محطة إرسال و إستقبال كونية؟!!

·        الديانات و العبادات و الكتالوج الإلهى

﴿ سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ۝ أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ فصلت 53-54

وعد الله عز وجل بكشف بعض آياته للناس على المستوى الكونى و على المستوى الشخصى حتى يكون الناس على يقين مما جاء بين أيديهم على لسان رسوله الكريم محمد (ص) خاتم الأنبياء و المرسلين. و لا شك أن الجهاز العصبى و بخاصة المخ البشرى هو من أعقد ما يحتويه جسم الإنسان من أجهزة. و هو وسيلة إتصاله بالكون المحيط به و لهذا سنبدأ بالحديث عنه.

يتبع بإذن الله 
  اضافة رد




12/08/2011
4:52:20 PM
 

تاريخ التسجيل : 06/09/2008
عدد المشاركات : 29
Arrowالإنسان أعجوبة 2

الفصل الأول: المخ البشرى

الدارسون للمخ البشرى من الناحية التشريحية يتعرفون على التركيب الأولى للمخ و أنواع الخلايا العصبية المخية و تخصص كل منها، و هذا يتم على المستوى التشريحى. و هناك فريق آخر من الدارسين يقسمون الإدراك على قسمين الوعى و اللاوعى. و يبدو لدينا أن كل فريق يتكلم عن عالمين مختلفين، كما هو الحال فى بقية العلوم فهنال قوانين الطبيعة و هناك ظواهر ما وراء الطبيعة. و لكنى أعتقد أن فريق آخر يجب أن يكون هو حلقة الوصل بين الطرفين حتى تتم المعرفة على أكمل وجه لها. و سوف أبدء الحديث عن المخ البشرى البالغ التعقيد بتجربة غريبة، لكى أوضح منطقة التلاقى بين الفريقين. ففى  إحدى الجلسات العلاجية التى تجرى بإستخدام طرق التنويم المغناطيسى قام الطبيب المعالج بتجربة لإكتشاف مدى قوة التأثير من خلال التنويم المغناطيسى، فقال للمريض أنه سوف يلمس ذراعه الآن بمعدن قد تم تسخينه، و بعد لمس ذراع المريض بدأ الحرق و الإلتهابات تظهر على جلد المريض كالمعتاد. و لكن الغير معتاد هو أن الطبيب المعالج كان قد لمس ذراع المريض بإصبعه و ليس بمعدن ساخن!!! و يأتى السؤال فكيف كان الحرق إذن؟ و كانت الإجابة أن هناك مركز فى المخ هو المسئول عن "فبركة" هذا الحدث. و نستخلص من هذه التجربة أن المخ البشرى مسجل عليه برنامج للحرق تماماً كبرامج الكمبيوتر و عندما تم إستدعاء هذا البرنامج ظهرت كل مظاهر الحرق على الجلد تماماً مثل الحرق الحقيقى.


 

الفصل الثانى: إدراك الفص الأيمن و إدراك الفص الأيسر

عند الحديث بتقسيم المخ البشرى إلى فص أيمن و آخر أيسر  فهما ليسا منفصلين كما يظن البعض و لكنهما متصلين بحزمة من الألياف العصبية. و لكن الطبيعة النوعية لكل فص مختلفة فالإدراك بالفص الأيمن أدراك نوعى للأشياء فهو يضع الخطوط العريضة و المبادئ العامة فيصنف الأشياء فى نماذج و يوجد العلاقات بين النماذج الكونية المختلفة دون الدخول فى تفاصيل. و لذلك فإن إدراك الفص الأيمن لا يظهر فيه "الأنا" بشكل كبير فهو متصل بالخارج، فنجد الفص الأيمن نشط أثناء ممارسة العبادة أو الرياضات الروحية كاليوجا أو سماع أنواع معينة من الموسيقى و لهذا فكل من يمر بهذه التجارب يشعر بنوع من الذوبان فى المحيط الخارجى و أن روحه ترفرف فى السماء و كل هذه التعبيرات هى تعبير عن نشاط زائد فى الفص الأيمن فى المخ على حساب الفص الأيسر، و إذا نشط الفص الأيمن أكثر من اللازم فتجد الإنسان بدأ فى الهلوسة و هذا ما يحدث عند تناولنا للمسكرات  "مشروبات روحية" أو عند مرضى الصرع. أما الفص الأيسر فنجده على النقيض فهو ذاتى أكثر فتظهر فيه الأنا و الشعور بالذات و التفرد عن الآخرين بشكل كبير فنجد إنسانا محللاً مدققاً فى الأشياء متقد الذهن  و إدراك الفص الأيسر مناسب للعمليات الحسابية و التحليلية. و لذلك نجد الإختلاف الكبير بين الفلسفات الشرقية القديمة و المدنية الغربية الحديثة. فالفلسفات الشرقية القديمة كانت ترتكز كليا على معلمى و ممارسى الرياضات الروحية و الذين لهم قدرة على رؤى أثناء اليقظة و كأنهم إخترقوا حاجزى الزمان و المكان و منهم من كتب عن خلق الكون ما هو متفق بشكل محير مع أحدث النظريات الفيزيائية، و نجد منهم من يستطيع أن يأتى بأشياء مذهلة ضد كل قوانين البيولوجيا كتعطيل أو تبطىء التنفس ليس لدقائق فقط بل لساعات و أحيانا لأيام. و على الناحية الأخرى فالعلوم الغربية و التى وصلت إلى درجة كبيرة من التقنية العلمية و الفنية هى نتاج عقول علمية مدققة و محللة للأشياء و لها القدرة على صياغة الظواهر الطبيعية فى معادلات رياضية  و على حلها.

و على ما تقدم من تفصيل لكلا الإدراكين على إختلافهما فقد قام عالم الطب النفسى السويسرى كارل يوستاف يونج بتمييز مراحل تطور الفكر الإنسانى إلى أربعة مراحل متمايزة مر بها الإنسان منذ خلقه و حتى الآن بناء على إدراكه و وعيه. (1) الإنسان البدائى، (2) الإنسان القديم، (3) الإنسان الحديث، (4) الإنسان المعاصر.

·        الإنسان البدائى

 نجد أن طرق تفكير الإنسان البدائى لم تكن بدائية بمعنى تافهة و لكنها كانت مختلفة. و لا ننسى أن آدم أول الجنس الإنسانى لم يكن أبداً تفكيره تافهاً فهو نبى و مكلم، و لكن معرفة الإنسان كانت معتمدة على تصورات الفص الأيمن للطبيعة. و التى تميل إلى التواصل مع الكون و المخلوقات على كافة أنواعها و البقاء فى حالة تناغم و إتزان و الشعور بالأنا على أنها جزء من الكون يؤثر و يتأثر.و لكن السؤال ما هى كيفية الإتصال؟ من الثابت لدينا الآن أن كل الموجات ينطبق عليها قانون الرنين و الذى ينص على أن النوعيات المتماثلة من الموجات الذبذبية تكرر نفسها بصورة لانهائية. و بدراسة قدرة المخ البشرى وجد أن الفص الأيمن من المخ قادر على إستقبال و إرسال موجات ذبذبية معينة و هى ما يسمى بموجات ألفا المخية (7-10 Hz ) وهى التى تزيد بشكل ملحوظ أثناء الصلوات و الرياضات الروحية و التى  هى أيضا نفس الذبذبات التى تسمى بموجات الأرض الطبيعية أو "موجات شومان". و يبدو أيضاً أن قدرة سيدنا آدم على التواصل مع جميع المخلوقات بما فيها من ملائكة و جن كانت عن طريق الدخول فى حالة رنين مع هذه المخلوقات لتبادل الإتصال و لأن لكل مخلوق طاقاته الذبذبية الخاصة به فإنه يحتاج لتدريب أو مجهود للدخول فى حالة رنين ذبذبى مع مخلوقات ليست من جنسه. و قد يكون أيضاً هذا هو السبب وراء شعور سيدنا آدم بالوحدة و الإحتياج للسكينة بخلق حواء و التى هى منه حتى يتم الإتصال بشكل طبيعى بدون أى جهد.

و إذا ما طبقنا ظاهرة الرنين هنا نجد أن الإنسان البدائى كانت طقوس عبادته مرتبطة بالدخول فى حالة رنين مع الموجات الطبيعية الصادرة من الأرض، الشمس، الكواكب و النجوم التى لها موجات ذبذبية معينة لها طاقات تنظيمية لوظائف الجسم البشرى و اللازمة لتمده بالطاقة الروحية تماما كما يحدث فى الصلاة. و قد يبدو لنا المشهد الآن أكثر وضوحاً كيف كان الإنسان الأول يتوجه لنجم معين أو كوكب أثناء الصلاة لا ليعبده و إنما كقبلة- تماما كما نتوجه فى صلواتنا للكعبة المشرفة كقبلة- له لازمة لتمده بالطاقة الروحية و الدخول فى حالة رنين ذبذبى مع هذا النجم أو الكوكب و لهذا فكان لكل مكان على الأرض كواكب أو نجوم تعتبر مقدسة كل على حسب موقعه الجغرافى. و من المؤكد أن هذه الأماكن المقدسة كان يتعرف عليها الإنسان الأول عن طريق أنبياء فما من أمة إلا وجعل الله فيها رسولاً. و لنا الآن أن نتصور كيف تدخل العدو اللدود لآدم و بنيه من بعده فانحرفت العبادة من عبادة الله الواحد لعبادة الكواكب و النجوم ذاتها، أو جعلها وجهة للعبادة كأرباب مع الله و جعل الله رب لهذه الأرباب.

·        الإنسان القديم

و بمرور الوقت و تغير النظم الإجتماعية و علاقة الفرد بالمجتمع بدأ تصور الإنسان فى التغير هو الآخر و أصبح الفص الأيسر آخذ فى التطور. و كان التحول الأول الأكبر فى التاريخ البشرى من الإنسان البدائى إلى الإنسان القديم حين أصبح التصور و الإدراك المعرفى معتمداً على كلا الفصين بشكل متساوى و كان لهذا التحول الأثر العظيم على خريطة التصور المعرفى الإنسانى فقامت حضارات العالم القديم. و لذلك فإن الأسس و التصورات المعرفية فى الحضارات القديمة متشابهة إلى حد كبير. و التى طور فيها التصورات الموروثة عن قوى الطبيعة بشكل عملى فنشأت مبادىء العلوم المختلفة على تراكمات و تصورات قديمة إنعكست على شكل المبانى و المعابد و الكتابات و الرسومات و الرموز.و أصبحت كل العلوم هدفها هو إيجاد حالة التناغم و الإنسجام مع قوانين الطبيعة و الكون.

·        الإنسان الحديث

و مع تطور النظم الإجتماعية كان التحول الثانى فى التاريخ البشرى حيث أصبحت تصورات الفص الأيسر هى المسيطرة و هى ما أدت للذاتية أكثر و أصبحت منطَقة الأشياء مختلفة تماما مما أدى إلى إنقطاع الصلة بين حضارة الإنسان الحديث و الإنسان القديم و تم فقد الكثير من الفلسفات و العلوم القديمة. و أصبحت قوى الطبيعة عبارة عن قوانين و معادلات رياضية جامدة. حتى أن الإنسان الحديث أصبح يرى كل مكتسبات الحضارات القديمة على أنها مجرد خرافات و أن كل معتقداتهم هى مجرد إرضاء لأرواح شريرة. و أصبح هناك تمييز بين مكونات الكون من كائنات حية لها إدراك و شعور أو لا و الأخرى هى  مادة جامدة غير حية. و أصبح الإنسان متمركزا أكثر و أكثر حول ذاته و منعزلاً عن الكون من حوله و أصبحت معرفته بما حوله أكثر أنانية لأغراض إستهلاكية محضة. مما جعل العلوم تحيد كثيراً عن مسارها السليم لتعبر عن ثقافة مادية إستهلاكية و هذا ما نعيشه الآن.

·        الإنسان المعاصر

بعض منا الآن أصبح غير مقتنع بما و صلت إلية الحياة على الطريقة الغربية المادية الإستهلاكية. و بدأ ينظر بداخله ليكتشف ما بداخله من طاقات كامنة و ليعيد صياغة علاقته بالكون من جديد. بمعنى آخر منا من يحاول إعادة تفعيل و تنشيط الطاقات الكامنة بالفص الأيمن من المخ. فهل ستعود الحضارة الإنسانية لحالة توازن معرفى من جديد يعتمد على فصى المخ البشرى بشكل متوازن؟ و هل يستمر التحول حتى يعود الإنسان معتمداً فقط على الفص الأيمن فى علاقته بالكون من حوله؟ و بذلك  يفقد الصلة مرة أخرى و لكن هذه المرة مع موروثات الإنسان الحديث و ترجع الحياة بدائية مرة أخرى. ولكن الإنسان البدائى بدأ بموروث معرفى تلقاه آدم عليه السلام من رب العالمين و لكن هذه المرة سيبدأ الإنسان بموروث معرفى تلقاه من أجداده و الذى يسيطر عليه الآن مبادئ مادية بحته. و بذلك يكون إنسان العصر القادم قد فقد الصلة مع ما وصل إليه أجداده من علوم و تكنولوجيا و كذلك ما وصله الإرث الدينى السليم الذى يستطيع الإعتماد عليه!!! و هذا ما نحن نورثه الآن لأجيال قادمة.

يتبع بإذن الله 
اضافة رد

12/08/2011
4:57:42 PM
 

تاريخ التسجيل : 06/09/2008
عدد المشاركات : 29
Arrowالإنسان أعجوبة 3

الفصل الثالث: جينات الألوهية و التدين

من الجينات.. إلى.. المخ فى هذا الفصل سنرى كيف أن جيناتنا تقوم بدور مهم فى توجيه المخ لتقبل المفاهيم الروحية و الدينية. و ذلك كله يتم من خلال الناقلات الكيميائية (التى تتحكم فيها الجينات) و علاقتها بتوجيه كيفية تكوين الدوائر العصبية المخية، و تنشيط المراكز المخية المسئولة عن المشاعر. كما نعرض العلاقة التبادلية بين المخ و الإيمان فكما ثبت أن وجود مراكز مخية مسئولة عن المشاعر الدينية و الروحية فإن الممارسات الدينية و الروحية تحدث تغييرات إيجابية فى نشاط المخ، و المحصلة هى حياة أفضل أقل توتر و أكثر صفاء و نقاء.

جين الألوهية

إن الشعور بالإله و الرغبة فى التوجه إليه بالعبادات و الإيمان بأمور غيبية كالحياة بعد الموت و الجنة و النار و وجود كائنات إلهية لا يمكننا رؤيتها هى من الأشياء التى نجدها و كأنها مدموغة فى العقل البشرى مهما كانت بدائيته. نقول أن لكل أمة رسول و من الجائز أن تكون القبائل البدائية قد و رثت هذه الديانات عن رسل لها، و هو رأى يحترم. أما أن نقول أن معرفة الإله و الإيمان به هو أمر مدموغ فى المادة الوراثية فى الجنس البشرى فهذه معلومة تستحق الدراسة، و هذا ما أكدته الأبحاث عند دراسة الجينات المسئولة عن السلوك. أكد دين هامر رئيس وحدة أبحاث الجينات بالمعهد القومى للسرطان بالولايات المتحدة أن الإنسان يرث مجموعة من الجينات التى تجعل لديه إستعداد لتقبل المفاهيم الدينية و الأمور المتعلقة بالألوهية و من أهم هذه الجينات جين VMAT2 و هو المسئول عن تكوين ناقل كيميائى بالمخ و هو المسئول عن تحديد مستوى عدد من الناقلات الكيميائية التى تنظم عمل المخ (السيروتونين-الدوبامين-النورأدرينالين) كما أن له دور فى توجيه مراكز المخ المسئولة عن المشاعر الروحية و المفاهيم الغيبية.

 

 

نظرية الأخلاق الوراثية

هذه النظرية هى نتاج ما توصل إليه كلود كلوننجر و قد إعتمد فى أبحاثه على علم الجينات و بيولوجيا الأعصاب و ليس على الدراسات النفسية و الإحصائية فقط. و تقول هذه النظرية أن للإنسان أربعة مزاجات و ثلاث مجموعات من الأخلاق الوراثية توجه ما سيكون عليه سلوك الشخص و أخلاقه و تدينه. و عن المزاجات الأربعة فهى كالتالى:

1-    الميل لتحاشى الضرر

2-    البحث عن الجديد

3-    الإعتماد على المكافأة (مادية أو معنوية)

4-    المثابرة

و تقع مركز هذه المزاجات فى مخ الإنسان فى الجهاز الحوفى و القشرة المخية البدائية، و هى المناطق المسئولة عن السلوك الغريزى و العادات و المشاعر.

أما عن الثلاث مجموعات الأخلاقية فهى فى جيناتنا يورثها الأبناء عن الآباء، وهى كالتالى:

1-    مصداقية الذات هى صفات الشخص و تشمل وضوح الأهداف و كونه أهلا للثقة

2-    التعاون وهى صفات تحكم تعامله مع الآخرين وتشمل الإستعداد لمساعدة الغير و تحملهم و العزوف عن الإنتقام.

3-    تجاوز الذات (السمو النفسى) و هى صفات خاصة بالمفاهيم الروحية و تشمل البعد عن المادية و الميل إلى الروحية و الإبداع و إنكار الذات.

و فى مراحل تكون الجنين و مرحلة الطفولة تقوم جينات أخرى بتكوين الدوائر العصبية المسئولة عن هذه الصفات فى المراكز الخاصة بالتعلم و المفاهيم المسبقة فى القشرة المخية الحديثة و التى يتميز بها الإنسان عن باقى الثدييات.

و تتبنى هذه النظرية فكرة عن الإنسان أكثر شمولاً من فكرة فرويد فقد نظرت للإنسان كوجود متكامل (جسم-عقل-نفس-روح) و أنه ينبغى دراسة هذه المكونات عند دراسة الشخصية. كما ترى هذه النظرية أن الإنسان يصير أفضل عقليا و روحيا بالتدريبات العقلية و الروحية. كالتأمل و الصلاة و مجاهدة النفس، تماماً كما يبنى جسمه بالتمرينات الرياضية.

التدين و المخ

إن القشرة المخية في الإنسان كبيرة جداً نسبياً وتملأ الجزء الأكبر من فراغ الجمجمة، أما في الحيوان فهي صغيرة جداً حتى في أعلى درجات الحيوانات (الشمبانزي وإنسان ياندرتال) الذي يلي الإنسان في درجة الرقي. ولذلك يمتاز الإنسان عن الحيوان في قدرته على التحكم في الكثير من حركاته اللاإرادية وكذلك في السيطرة على دوافعه الجسدية.

كيف يسيطر الإنسان على بعض الأفعال اللاإرادية وعلى الغرائز؟ سنضرب لك أمثلة ثلاثة:

·        التبول فعل منعكس يتم عند امتلاء المثانة بالبول ويتحكم فيها مركز بالنخاع الشوكي، وهذا يتم في الحيوان وفي الطفل الوليد كلما امتلأت المثانة بالبول وحيثما أتفق وفي أي مكان بالليل أو النهار، فالطفل الوليد يشبه الحيوان في عدم قدرته على التحكم، ولكن عندما يكبر تنمو فيه الأعصاب الموصلة التي تصل المراكز العليا في القشرة بمركز التبول السفلي، عندئذ يستطيع الطفل التحكم فتتم عملية التبول بطريقة إرادية فيبدأ بعد السنة الأولى في التحكم فيها نهاراً وبعد السنة الثانية التحكم فيها أيضاً بالليل.

·        الغضب انفعال يحدث مظهراً معيناً في الإنسان والحيوان، فالقطة عندما تغضب مثلاً تشد أقدامها وترفع ذيلها وتتسع حدقتا عينيها، ويحدث للإنسان شيء شبيه بهذا عندما يغضب، والمسئول عن هذا المظهر لإنفعال الغضب هو إحدى الغدد الصماء (وموجودة فوق الكلية) التي تفرز هرموناً خاصاً (الإدرنالين) وهو الذي يحدث هذه التغيرات الجسمية. ويسيطر على هذه الغدة وغيرها من الغدد الصماء غدة أسفل المخ اسمها الغدة النخامية، وهذه الأخيرة تتصل بالمخ بواسطة أعصاب وتقع تحت تأثير المراكز العصبية والقشرة، وعن طريقها يستطيع الإنسان أن يتحكم إلي حد بعيد في باقي الغدد الصماء. وتعتبر الغدة النخامية بالنسبة لباقي الغدد بمثابة "المايسترو" الذي يقود الفرقة الموسيقية ويوجهها وينظمها فالإنسان يستطيع أن يتحكم في انفعال الغضب عن طريق مراكزه العليا في المخ. ولا يستطيع الإنسان أن يقول إني لا أقدر أن أتحكم في غضبي لأن الله ميزه عن الحيوانات بإمكانية التحكم في غرائزه.

·        الشهوة الجنسية: هي انفعال الغريزة الجنسية وهي تحدث نتيجة إفرازات الهرمونات الجنسية من الخصيتين في الذكر أو المبيضين في الأنثى. ويتحكم في هذا الغدة النخامية التي تؤثر على كل الغدد بواسطة إفرازات خاصة نوعية تفرزها لتنبيه كل غدة عند اللزوم وبالقدر المطلوب فإذا سمح إنسان لنفسه أن ينبه مراكزه العصبية بالمؤثرات الجنسية الخارجية التي تؤثر على الحواس، تنبهت الغدة النخامية وأفرزت إفرازاتها الخاصة بالجنس لتنبه الخصيتين أو المبيضين فتفرز في الدم الهرمونات الجنسية التي تحدث تورداً للدم في الأعضاء التناسلية مما ينتج عنه انفعال الشهوة.

وعن هذا الطريق يستطيع الإنسان أن يتحكم إلي حد بعيد في انفعال الشهوة.

ويمكننا تشبيه قدرة المراكز العليا في قشرة المخ على التحكم في المراكز السفلى بغرفة العمليات في القيادة العليا للقوات المسلحة التي تتحكم في توجيه الكتائب والألوية، كما يشبه العقل في تحكمه في الغرائز بفارس يركب حصاناً جامحاً ولكن الفارس يستطيع من خلال اللجام أن يكبح جماحه ويسير بجواده نحو هدفه في سلام إلا طرحه الجواد أرضاً. وإذا كان رجال علم النفس قالوا لنا إن الغرائز أو الدوافع البيولوجية لها ثلاث مقومات في الإنسان هي الإدراك والانفعال والنزوع بمعنى إن المخ يدرك فيحدث الانفعال ثم ينفذ الإنسان ما تتطلبه الغريزة أو قد يكبت الرغبة ولا ينفذها.. إذا كان هذا في الإنسان فيصبح مفتاح التحكم في الغريزة الجنسية عند الإنسان هو العقل. فإذا كانت حواسه طاهرة كان فكره طاهراً وإن كان فكرة طاهراً فإن الانفعال لا يحدث إلا في المجرى الطبيعي الذي وضع من أجله وهكذا تكون الغريزة سائرة في وضعها السليم.

فالصفة الأولى في الدافع الجنسي عند الإنسان إنه ليس مجرد فعل منعكس وإنما طاقة يمكن ضبطها وتوجيهها يتحكم فيها العقل وتسيطر عليه الإرادة... ويخطئ هنا الإباحيون الذين يقولون إن الجنس طاقة لا يمكن التحكم فيها وإن ضبطها والتسامي بها يضر الإنسان، على العكس سنرى إن الإباحية تؤذي الإنسان في حياته ليست الجنسية فقط بل في كيانه ككل متكامل.

عقلان و ذاكرتان

بالملاحظة اليومية للسلوك الإنسانى يمكننا القول أن ردود الأفعال للحدث الواحد قد تتعدد بإختلاف الأشخاص. و يرجع هذا أن لدينا نظامين مختلفين تماما للمعرفة و الإدراك يتفاعلان فيما بينهما لتشكيل حياتنا العقلية و الشعورية. الأول هو العقل المنطقى و الثانى هو العقل الإنفعالى. أما عن العقل المنطقى فهو المسئول عن فهم الأمور الواضحة فى وعينا و هو أيضا مسئول عن التفكير بعمق و تأمل. و مركز العقل المنطقى هو القشرة المخية الحديثة و لهذا العقل جهاز ذاكرة خاص به هى منطقة فرس البحر أحد أجزاء الجهاز الحوفى و الذى يقع فى مركز المخ و هو المسئول عن تسجيل الأمور المدركة حسيا و عقليا لتقوم بعد ذلك بتمرير المعلومة إلى القشرة المخية حيث يتم فهمها و تسجيلها بشكل أكثر تفصيلا و دقة.أما العقل العاطفى و هو نظام قوى مندفع يتعامل مع المشاعر و الأمور الغامضة فى فكرنا و هى أمور لا ندركها على المستوى الواعى على الإطلاق و مركز العقل الإنفعالى هو لوزة المخ أحد أجزاء الجهاز الحوفى و تقوم لوزة المخ بتسجيل الدلالات العاطفية المصاحبة للأحداث . و نستخلص من هذا أن تصرفنا و رد فعلنا تجاه الأحداث هو محصلة تفاعل عقلين و بنكى معلومات منفصلين تماما. الأول عقل منطقى له مركز خاص بالوقائع المادية و هو منطقة فرس البحر ثم القشرة المخية، و الثانى هو عقل إنفعالى له مركز خاص بالإنفعالات المصاحبة للوقائع و هو اللوزة المخية.

·        التفكير و الإنفعال و محصلة أى إنسان هو نتيجة التفاعل بين العقل المنطقى و العقل الإنفعالى و هناك توازن دقيق بين هذين العقلين. و مركز مشاعر التدين هو اللوزة المخية (العقل الإنفعالى)، كما تقع هذه المشاعر تحت تحكم القشرة المخية (العقل المنطقى)، و أى خلل فى التفاهم و التناغم بينهما يؤدى إلى ردود أفعال غير متوازنة.

·        العقل الإنفعالى أما فى حالات عدم التوافق بين العقل المنطقى و الإنفعالى كما فى حالات تغلب المشاعر فإن العقل الإنفعالى يتسيد الموقف و يكتسح العقل المنطقى و يرجع ذلك إلى أن الإشارات التى تحملها الدوائر العصبية من اللوزة إلى القشرة المخية أكثر غزارة من الإشارات العكسية. و لهذا فإن الدوائر العصبية بين اللوزة و القشرة المخية إما أن تكون ساحة معارك بين التفكير و الشعور أو ساحة إتفاق. و هنا يدخل دور القلب الذى لديه هو الآخر قدرات هائلة أولها أنه يمتلك جهاز عصبى خاص به الذى ينظم ضربات القلب و يحسن من وظائف القشرة المخية. و ثانيها أن القلب يعمل كغدة صماء تفرز ستة هرمونات منها ما يكون له دور كبير فى إعداد الجسم للتعامل مع التوتر. و ثالثهم أنه يعمل كمغناصيس قوى و كمولد كهربائى يرسل برسائل كهروماغناصيسية ليس إلى سائر أعضاء الجسم فقط بل للمنطقة المحيطة على بعد 2-3 أمتار مما له دور كبير فى توجيه المخ و التهدأة من النشاط الكهربى للمخ بنسبة 50%.

·        الذكاء الروحى و بناء على ما تم دراسته من نشاط و تحليل لوظائف مراكز المخ المتعددة حتى الآن كانت هناك ضرورة لإدخال نوع جديد من الذكاء الإنسانى ألا و هو الذكاء الروحى. و يمكن فهم المقصود بمقارنته مع بعض أنواع الذكاء الأخرى فمثلاً الذكاء المنطقى يختص بأفكارى، و الذكاء العاطفى يختص بمشاعرى، أما الذكاء الروحى فيختص بالمفاهيم غير المادية و بمن أنا؟ و قبل أن نذكر المعايير التى يجب أن يخضع لها الذكاء الروحى فى القياس نذكر سريعا أن علماء النفس قسموا الذكاء إلى ثمانية أنواع و ليس فقط القدرة على التحصيل الدراسى. و لكل نوع من الذكاء تبين أن له نظام مستقل خاص به  و مركز مستقل فى المخ تم تحديده تماما. و هذا ما يعرف بنظرية الذكاء المتعدد لهارود جاردنر. و الأنواع تم تقسيمها كالآتى:

1-    الذكاء اللغوى

2-    الذكاء المنطقى الرياضى

3-    الذكاء المكانى

4-    الذكاء الموسيقى

5-    الذكاءالجسمى-الحركى

6-    الذكاء الإجتماعى

7-    ذكاء فهم الذات

8-    الذكاء التصنيفى

ثم ألحق جاردنر نوع آخر من الذكاء هو الذكاء الروحى و لما وجد معارضة شديدة من المجتمع العلمى إذ يعدون الروح شئ غيبى لا يمت للعلم بصلة! فسماه الذكاء الوجودى و قد تم تعديد مكوناته فى النقاط الآتية:

1-    الوعى بالذات و حقيقتها و موقعى من الوجود

2-    إدراك أن العالم المادى جزء من حقيقة أكبر

3-    القدرة على طرح الأسئلة المعرفية النهائية و القدرة على فهم الإجابة عليها

4-    القدرة على التسامى على المفاهيم المادية

5-    الحياة تبعا للمبادئ و العقائد و المثل

6-    أخذ المفاهيم الروحية فى الإعتبار فى تعاملاتنا اليومية

7-    إمتلاك قناعة شخصية تجاه الأمور و إن اختلفت مع الأغلبية

8-    التواضع و إدراك أننا جزء يؤثر و يتأثر بالكون

9-    قبول الآخر و إن اختلف عنا

10-            الإستجابة لنداء الفطرة لمساعدة الآخرين

11-            الإستقامة الأخلاقية

12-            الشعور بأن سعادتى تنبع من داخلى و ليس الإنجاز العملى أو المادى

13-            نفاذ البصيرة و قوة الحدس

أما عن مردود الذكاء الروحى على سلوكنا و حياتنا اليومية فيمكن تحديدة فى النقاط التالية

1-    التعامل الحكيم مع المحن و الشدائد

2-    إتخاذ مواقف إيجابية تجاه المشاكل

3-    الشكر على كل شئ حتى المحن

4-    عدم التعامل بأنانية

5-    رؤية الجمال الداخلى فى كل شئ

6-    التماس الأعذار و قبول الإعتذار

7-    الشعور بالحنو و الشفقة عند التعامل مع الآخرين

8-    المحافظة على البيئة

9-    استخدام الأشياء بحكمة و رفق و عدم تبديدها

10-            ترك أى مكان أفضل و أنظف مما كان عليه.

و ليس بالضرورة أن يرتبط الذكاء الروحى بالإيمان بديانة معينة. فربما يتمتع شخص بقدر كبير من الذكاء الروحى و لا ينتمى لديانة معينة و قديكون متدين متعصب و ليس له من الذكاء الروحى إلا القليل.

مراكز التدين فى المخ

و فى نهاية الكلام عن المخ البشرى نعرض ما قاله مؤسس علوم المخ و الأعصاب المستكشف و الرحالة فى مخ الإنسان راماشاندران رئيس مركز أبحاث المخ و الأعصاب بجامعة كاليفورنيا، و الذى ذكر إن الإيمان بأمور ما وراء الطبيعة منتشر فى جميع الحضارات القديمة و الحديثة بشكل يحتم علينا أن نبحث عن أصوله البيولوجية فى المخ فلا شئ يميز الإنسان عن باقى الكائنات مثل هذا لأمر.

·        مركز التدين فى العقل الإنفعالى أثبتت الأبحاث عن الجهاز الحوفى فى وسط المخ و المسئول عن الوظائف الشعورية و الإنفعالية أن تنشيط هذه المنطقة باستخدام المجال المغناطيسى يحدث استجابات جسدية و شعورية و انفعالية منها الشعور بنشوة روحية جارفة و صفها البعض أشعر بوجود الإله أشعر أنى على إتصال بالإله أشعر بالتوحد مع الوجود... ويرى راماشاندران أن عموم الناس يمرون بلحظات ارتقاء روحى يكونون فيها قريبين من حقيقة الوجود عندما يشاهدون منظر طبيعى خلاب أو يستمعون إلى الموسيقى الهادئة و لكن على فترات. أما الصوفية و الرهبان فهم يدركون هذه المشاعر بشكل أكثر إلحاحا و عمقا. و من الجدير بالذكر أنه يمكن تنشيط الجهاز الحوفى  بالمجال المغناطيسى ليس عن طريق المخ فقط بل إن القلب يعمل كمغناطيس قوى له مجال يصل 5000 ضعف المجال الصادر من المخ و الذى يمكن أن يقاس على بعد 2-3 أمتار من الإنسان. و لذلك عند ممارسة شئ ينشط القلب و يوجد فيه التناغم فإنه ينشط الجهاز الحوفى فى المخ و يساعد فى الإرتقاء الروحى. و لوجود مركز الشم بجوار الجهاز الحوفى فسر أيضا استخدام البخور فى دور العبادة حيث أنها تنشط مراكز الشم الذى ينشط مركز المشاعر الروحية بالجهاز الحوفى. و من مظاهر هذا الإرتقاء ما وصفه عالم الفيزياء الشهير أينشتين أنه يشعر بأحاسيس روحية تجتاحه كلما تعمق فى بحث أمر من أمور العلم و الكون. و لا شك فى أن الأفكار التى طرحها أينشتين غيرت مفاهيم العلم. و هذا يذكرنى بالإختلاف الكبير بين الفلسفات الشرقية القديمة و المدنية الغربية الحديثة. فالفلسفات الشرقية القديمة كانت ترتكز كليا على معلمى و ممارسى الرياضات الروحية و الذين لهم قدرة على رؤى أثناء اليقظة و كأنهم إخترقوا حاجزى الزمان و المكان و منهم من كتب عن خلق الكون ما هو متفق بشكل محير مع أحدث النظريات الفيزيائية، و نجد منهم من يستطيع أن يأتى بأشياء مذهلة ضد كل قوانين البيولوجيا كتعطيل أو تبطىء التنفس ليس لدقائق فقط بل لساعات و أحيانا لأيام.

·        مركز التدين فى العقل المنطقى تمت هذه الأبحاث التى أجراها مركز أبحاث المخ و الدراسات الروحية بجامعة بنسلفانيا بالولايات المتحدة على أعداد من المؤمنين بديانات مختلفة لمعرفة مدى تأثير المشاعر الروحية على وظيفة و نشاط المخ.و توصلت هذه الأبحاث إلى أن الممارسات الدينية تحدث تغيير حقيقى فى نشاط المنطقة المسئولة عن الإستيعاب و الإدراك و الواقعة فى الفص الجدارى الأيسر من المخ أمكن ملاحظته و تسجيله مما قاد فى النهاية بالقول بأن المخ البشرى قد تم تشكيله بحيث يستجيب للمشاعر الدينية كما أصبح الإستنتاج الذى لا مفر منه هو أن الشعور بالإله قد تم غرسه فى المخ البشرى كما تم غرسه فى جيناتنا و أن هذه المشاعر تجاه الإله ليست مجرد أوهام أو تخيلات. و يمكن تلخيص مردود نشاط المخ بممارسة العبادات على حياتنا اليومية فى أربع نقاط رئيسية:

1-    إن الإيمان بإله رحيم كفيل بأن يقلل القلق و الإكتئاب و التوتر و أن يزيد شعورنا بالحب و الأمان.

2-    إن الصلاة و التفكر و التأمل بإخلاص و عمق كفيل بإحداث تغيرات صحية فى وظيفة و نشاط المخ يصحبها سمو فى قيم الإنسان و فى نظرته للحياة.

3-    لا يقف تأثير الصلاة و الممارسات الروحية على خفض معدل و حدة ما يصيب الإنسان من توترات، بل إن القيام بهذه الممارسات و الطقوس لمدة عشرين دقيقة يوميا كفيلة بأن تبطئ من اقتراب الشيخوخة.

4-    إن ما يتبناه المتطرفون الدينيون من أفكار يورثهم القلق و التحفز للآخرين كما يحدث تدمير للخلايا العصبية بالمخ.


و يمكن أن نستخلص أن القول بأن الشعور بوجود إله و الرغبة بالتوجه إليه بالعبادة ليس و هم أو تخيلات بل هو حقيقة تم دمغها فى جيناتنا التى تتحكم فى الناقلات الكيميائية و المسئولة عن توجيه كيفية تكون المراكز الشعورية بالمخ و التى تستجيب و تنشط بالمجال المغناطيسى. و هنا سيظهر دور القلب المؤمن الذى يقوم بدور مغناطيس له مجال قوى يصل إلى 5000 ضعف المجال المغناطيسى الصادر من المخ فيتم تنشيط كلا من المراكز الشعورية و المنطقية بالممارسات الروحية و الطقوس الدينية و العبادات و لذلك فإن العبادة حاجة و ضرورة للإنسان. و ننتقل الآن لوصف معجزة أخرى كبرى ألا و هى قلب الإنسان
 
يتبع بإذن الله

اضافة رد

12/08/2011
5:01:55 PM
 

تاريخ التسجيل : 06/09/2008
عدد المشاركات : 29
Arrowالإنسان أعجوبة 4

الفصل الثالث: جينات الألوهية و التدين

من الجينات.. إلى.. المخ فى هذا الفصل سنرى كيف أن جيناتنا تقوم بدور مهم فى توجيه المخ لتقبل المفاهيم الروحية و الدينية. و ذلك كله يتم من خلال الناقلات الكيميائية (التى تتحكم فيها الجينات) و علاقتها بتوجيه كيفية تكوين الدوائر العصبية المخية، و تنشيط المراكز المخية المسئولة عن المشاعر. كما نعرض العلاقة التبادلية بين المخ و الإيمان فكما ثبت أن وجود مراكز مخية مسئولة عن المشاعر الدينية و الروحية فإن الممارسات الدينية و الروحية تحدث تغييرات إيجابية فى نشاط المخ، و المحصلة هى حياة أفضل أقل توتر و أكثر صفاء و نقاء.

جين الألوهية

إن الشعور بالإله و الرغبة فى التوجه إليه بالعبادات و الإيمان بأمور غيبية كالحياة بعد الموت و الجنة و النار و وجود كائنات إلهية لا يمكننا رؤيتها هى من الأشياء التى نجدها و كأنها مدموغة فى العقل البشرى مهما كانت بدائيته. نقول أن لكل أمة رسول و من الجائز أن تكون القبائل البدائية قد و رثت هذه الديانات عن رسل لها، و هو رأى يحترم. أما أن نقول أن معرفة الإله و الإيمان به هو أمر مدموغ فى المادة الوراثية فى الجنس البشرى فهذه معلومة تستحق الدراسة، و هذا ما أكدته الأبحاث عند دراسة الجينات المسئولة عن السلوك. أكد دين هامر رئيس وحدة أبحاث الجينات بالمعهد القومى للسرطان بالولايات المتحدة أن الإنسان يرث مجموعة من الجينات التى تجعل لديه إستعداد لتقبل المفاهيم الدينية و الأمور المتعلقة بالألوهية و من أهم هذه الجينات جين VMAT2 و هو المسئول عن تكوين ناقل كيميائى بالمخ و هو المسئول عن تحديد مستوى عدد من الناقلات الكيميائية التى تنظم عمل المخ (السيروتونين-الدوبامين-النورأدرينالين) كما أن له دور فى توجيه مراكز المخ المسئولة عن المشاعر الروحية و المفاهيم الغيبية.

 

 

نظرية الأخلاق الوراثية

هذه النظرية هى نتاج ما توصل إليه كلود كلوننجر و قد إعتمد فى أبحاثه على علم الجينات و بيولوجيا الأعصاب و ليس على الدراسات النفسية و الإحصائية فقط. و تقول هذه النظرية أن للإنسان أربعة مزاجات و ثلاث مجموعات من الأخلاق الوراثية توجه ما سيكون عليه سلوك الشخص و أخلاقه و تدينه. و عن المزاجات الأربعة فهى كالتالى:

1-    الميل لتحاشى الضرر

2-    البحث عن الجديد

3-    الإعتماد على المكافأة (مادية أو معنوية)

4-    المثابرة

و تقع مركز هذه المزاجات فى مخ الإنسان فى الجهاز الحوفى و القشرة المخية البدائية، و هى المناطق المسئولة عن السلوك الغريزى و العادات و المشاعر.

أما عن الثلاث مجموعات الأخلاقية فهى فى جيناتنا يورثها الأبناء عن الآباء، وهى كالتالى:

1-    مصداقية الذات هى صفات الشخص و تشمل وضوح الأهداف و كونه أهلا للثقة

2-    التعاون وهى صفات تحكم تعامله مع الآخرين وتشمل الإستعداد لمساعدة الغير و تحملهم و العزوف عن الإنتقام.

3-    تجاوز الذات (السمو النفسى) و هى صفات خاصة بالمفاهيم الروحية و تشمل البعد عن المادية و الميل إلى الروحية و الإبداع و إنكار الذات.

و فى مراحل تكون الجنين و مرحلة الطفولة تقوم جينات أخرى بتكوين الدوائر العصبية المسئولة عن هذه الصفات فى المراكز الخاصة بالتعلم و المفاهيم المسبقة فى القشرة المخية الحديثة و التى يتميز بها الإنسان عن باقى الثدييات.

و تتبنى هذه النظرية فكرة عن الإنسان أكثر شمولاً من فكرة فرويد فقد نظرت للإنسان كوجود متكامل (جسم-عقل-نفس-روح) و أنه ينبغى دراسة هذه المكونات عند دراسة الشخصية. كما ترى هذه النظرية أن الإنسان يصير أفضل عقليا و روحيا بالتدريبات العقلية و الروحية. كالتأمل و الصلاة و مجاهدة النفس، تماماً كما يبنى جسمه بالتمرينات الرياضية.

التدين و المخ

إن القشرة المخية في الإنسان كبيرة جداً نسبياً وتملأ الجزء الأكبر من فراغ الجمجمة، أما في الحيوان فهي صغيرة جداً حتى في أعلى درجات الحيوانات (الشمبانزي وإنسان ياندرتال) الذي يلي الإنسان في درجة الرقي. ولذلك يمتاز الإنسان عن الحيوان في قدرته على التحكم في الكثير من حركاته اللاإرادية وكذلك في السيطرة على دوافعه الجسدية.

كيف يسيطر الإنسان على بعض الأفعال اللاإرادية وعلى الغرائز؟ سنضرب لك أمثلة ثلاثة:

·        التبول فعل منعكس يتم عند امتلاء المثانة بالبول ويتحكم فيها مركز بالنخاع الشوكي، وهذا يتم في الحيوان وفي الطفل الوليد كلما امتلأت المثانة بالبول وحيثما أتفق وفي أي مكان بالليل أو النهار، فالطفل الوليد يشبه الحيوان في عدم قدرته على التحكم، ولكن عندما يكبر تنمو فيه الأعصاب الموصلة التي تصل المراكز العليا في القشرة بمركز التبول السفلي، عندئذ يستطيع الطفل التحكم فتتم عملية التبول بطريقة إرادية فيبدأ بعد السنة الأولى في التحكم فيها نهاراً وبعد السنة الثانية التحكم فيها أيضاً بالليل.

·        الغضب انفعال يحدث مظهراً معيناً في الإنسان والحيوان، فالقطة عندما تغضب مثلاً تشد أقدامها وترفع ذيلها وتتسع حدقتا عينيها، ويحدث للإنسان شيء شبيه بهذا عندما يغضب، والمسئول عن هذا المظهر لإنفعال الغضب هو إحدى الغدد الصماء (وموجودة فوق الكلية) التي تفرز هرموناً خاصاً (الإدرنالين) وهو الذي يحدث هذه التغيرات الجسمية. ويسيطر على هذه الغدة وغيرها من الغدد الصماء غدة أسفل المخ اسمها الغدة النخامية، وهذه الأخيرة تتصل بالمخ بواسطة أعصاب وتقع تحت تأثير المراكز العصبية والقشرة، وعن طريقها يستطيع الإنسان أن يتحكم إلي حد بعيد في باقي الغدد الصماء. وتعتبر الغدة النخامية بالنسبة لباقي الغدد بمثابة "المايسترو" الذي يقود الفرقة الموسيقية ويوجهها وينظمها فالإنسان يستطيع أن يتحكم في انفعال الغضب عن طريق مراكزه العليا في المخ. ولا يستطيع الإنسان أن يقول إني لا أقدر أن أتحكم في غضبي لأن الله ميزه عن الحيوانات بإمكانية التحكم في غرائزه.

·        الشهوة الجنسية: هي انفعال الغريزة الجنسية وهي تحدث نتيجة إفرازات الهرمونات الجنسية من الخصيتين في الذكر أو المبيضين في الأنثى. ويتحكم في هذا الغدة النخامية التي تؤثر على كل الغدد بواسطة إفرازات خاصة نوعية تفرزها لتنبيه كل غدة عند اللزوم وبالقدر المطلوب فإذا سمح إنسان لنفسه أن ينبه مراكزه العصبية بالمؤثرات الجنسية الخارجية التي تؤثر على الحواس، تنبهت الغدة النخامية وأفرزت إفرازاتها الخاصة بالجنس لتنبه الخصيتين أو المبيضين فتفرز في الدم الهرمونات الجنسية التي تحدث تورداً للدم في الأعضاء التناسلية مما ينتج عنه انفعال الشهوة.

وعن هذا الطريق يستطيع الإنسان أن يتحكم إلي حد بعيد في انفعال الشهوة.

ويمكننا تشبيه قدرة المراكز العليا في قشرة المخ على التحكم في المراكز السفلى بغرفة العمليات في القيادة العليا للقوات المسلحة التي تتحكم في توجيه الكتائب والألوية، كما يشبه العقل في تحكمه في الغرائز بفارس يركب حصاناً جامحاً ولكن الفارس يستطيع من خلال اللجام أن يكبح جماحه ويسير بجواده نحو هدفه في سلام إلا طرحه الجواد أرضاً. وإذا كان رجال علم النفس قالوا لنا إن الغرائز أو الدوافع البيولوجية لها ثلاث مقومات في الإنسان هي الإدراك والانفعال والنزوع بمعنى إن المخ يدرك فيحدث الانفعال ثم ينفذ الإنسان ما تتطلبه الغريزة أو قد يكبت الرغبة ولا ينفذها.. إذا كان هذا في الإنسان فيصبح مفتاح التحكم في الغريزة الجنسية عند الإنسان هو العقل. فإذا كانت حواسه طاهرة كان فكره طاهراً وإن كان فكرة طاهراً فإن الانفعال لا يحدث إلا في المجرى الطبيعي الذي وضع من أجله وهكذا تكون الغريزة سائرة في وضعها السليم.

فالصفة الأولى في الدافع الجنسي عند الإنسان إنه ليس مجرد فعل منعكس وإنما طاقة يمكن ضبطها وتوجيهها يتحكم فيها العقل وتسيطر عليه الإرادة... ويخطئ هنا الإباحيون الذين يقولون إن الجنس طاقة لا يمكن التحكم فيها وإن ضبطها والتسامي بها يضر الإنسان، على العكس سنرى إن الإباحية تؤذي الإنسان في حياته ليست الجنسية فقط بل في كيانه ككل متكامل.

عقلان و ذاكرتان

بالملاحظة اليومية للسلوك الإنسانى يمكننا القول أن ردود الأفعال للحدث الواحد قد تتعدد بإختلاف الأشخاص. و يرجع هذا أن لدينا نظامين مختلفين تماما للمعرفة و الإدراك يتفاعلان فيما بينهما لتشكيل حياتنا العقلية و الشعورية. الأول هو العقل المنطقى و الثانى هو العقل الإنفعالى. أما عن العقل المنطقى فهو المسئول عن فهم الأمور الواضحة فى وعينا و هو أيضا مسئول عن التفكير بعمق و تأمل. و مركز العقل المنطقى هو القشرة المخية الحديثة و لهذا العقل جهاز ذاكرة خاص به هى منطقة فرس البحر أحد أجزاء الجهاز الحوفى و الذى يقع فى مركز المخ و هو المسئول عن تسجيل الأمور المدركة حسيا و عقليا لتقوم بعد ذلك بتمرير المعلومة إلى القشرة المخية حيث يتم فهمها و تسجيلها بشكل أكثر تفصيلا و دقة.أما العقل العاطفى و هو نظام قوى مندفع يتعامل مع المشاعر و الأمور الغامضة فى فكرنا و هى أمور لا ندركها على المستوى الواعى على الإطلاق و مركز العقل الإنفعالى هو لوزة المخ أحد أجزاء الجهاز الحوفى و تقوم لوزة المخ بتسجيل الدلالات العاطفية المصاحبة للأحداث . و نستخلص من هذا أن تصرفنا و رد فعلنا تجاه الأحداث هو محصلة تفاعل عقلين و بنكى معلومات منفصلين تماما. الأول عقل منطقى له مركز خاص بالوقائع المادية و هو منطقة فرس البحر ثم القشرة المخية، و الثانى هو عقل إنفعالى له مركز خاص بالإنفعالات المصاحبة للوقائع و هو اللوزة المخية.

·        التفكير و الإنفعال و محصلة أى إنسان هو نتيجة التفاعل بين العقل المنطقى و العقل الإنفعالى و هناك توازن دقيق بين هذين العقلين. و مركز مشاعر التدين هو اللوزة المخية (العقل الإنفعالى)، كما تقع هذه المشاعر تحت تحكم القشرة المخية (العقل المنطقى)، و أى خلل فى التفاهم و التناغم بينهما يؤدى إلى ردود أفعال غير متوازنة.

·        العقل الإنفعالى أما فى حالات عدم التوافق بين العقل المنطقى و الإنفعالى كما فى حالات تغلب المشاعر فإن العقل الإنفعالى يتسيد الموقف و يكتسح العقل المنطقى و يرجع ذلك إلى أن الإشارات التى تحملها الدوائر العصبية من اللوزة إلى القشرة المخية أكثر غزارة من الإشارات العكسية. و لهذا فإن الدوائر العصبية بين اللوزة و القشرة المخية إما أن تكون ساحة معارك بين التفكير و الشعور أو ساحة إتفاق. و هنا يدخل دور القلب الذى لديه هو الآخر قدرات هائلة أولها أنه يمتلك جهاز عصبى خاص به الذى ينظم ضربات القلب و يحسن من وظائف القشرة المخية. و ثانيها أن القلب يعمل كغدة صماء تفرز ستة هرمونات منها ما يكون له دور كبير فى إعداد الجسم للتعامل مع التوتر. و ثالثهم أنه يعمل كمغناصيس قوى و كمولد كهربائى يرسل برسائل كهروماغناصيسية ليس إلى سائر أعضاء الجسم فقط بل للمنطقة المحيطة على بعد 2-3 أمتار مما له دور كبير فى توجيه المخ و التهدأة من النشاط الكهربى للمخ بنسبة 50%.

·        الذكاء الروحى و بناء على ما تم دراسته من نشاط و تحليل لوظائف مراكز المخ المتعددة حتى الآن كانت هناك ضرورة لإدخال نوع جديد من الذكاء الإنسانى ألا و هو الذكاء الروحى. و يمكن فهم المقصود بمقارنته مع بعض أنواع الذكاء الأخرى فمثلاً الذكاء المنطقى يختص بأفكارى، و الذكاء العاطفى يختص بمشاعرى، أما الذكاء الروحى فيختص بالمفاهيم غير المادية و بمن أنا؟ و قبل أن نذكر المعايير التى يجب أن يخضع لها الذكاء الروحى فى القياس نذكر سريعا أن علماء النفس قسموا الذكاء إلى ثمانية أنواع و ليس فقط القدرة على التحصيل الدراسى. و لكل نوع من الذكاء تبين أن له نظام مستقل خاص به  و مركز مستقل فى المخ تم تحديده تماما. و هذا ما يعرف بنظرية الذكاء المتعدد لهارود جاردنر. و الأنواع تم تقسيمها كالآتى:

1-    الذكاء اللغوى

2-    الذكاء المنطقى الرياضى

3-    الذكاء المكانى

4-    الذكاء الموسيقى

5-    الذكاءالجسمى-الحركى

6-    الذكاء الإجتماعى

7-    ذكاء فهم الذات

8-    الذكاء التصنيفى

ثم ألحق جاردنر نوع آخر من الذكاء هو الذكاء الروحى و لما وجد معارضة شديدة من المجتمع العلمى إذ يعدون الروح شئ غيبى لا يمت للعلم بصلة! فسماه الذكاء الوجودى و قد تم تعديد مكوناته فى النقاط الآتية:

1-    الوعى بالذات و حقيقتها و موقعى من الوجود

2-    إدراك أن العالم المادى جزء من حقيقة أكبر

3-    القدرة على طرح الأسئلة المعرفية النهائية و القدرة على فهم الإجابة عليها

4-    القدرة على التسامى على المفاهيم المادية

5-    الحياة تبعا للمبادئ و العقائد و المثل

6-    أخذ المفاهيم الروحية فى الإعتبار فى تعاملاتنا اليومية

7-    إمتلاك قناعة شخصية تجاه الأمور و إن اختلفت مع الأغلبية

8-    التواضع و إدراك أننا جزء يؤثر و يتأثر بالكون

9-    قبول الآخر و إن اختلف عنا

10-            الإستجابة لنداء الفطرة لمساعدة الآخرين

11-            الإستقامة الأخلاقية

12-            الشعور بأن سعادتى تنبع من داخلى و ليس الإنجاز العملى أو المادى

13-            نفاذ البصيرة و قوة الحدس

أما عن مردود الذكاء الروحى على سلوكنا و حياتنا اليومية فيمكن تحديدة فى النقاط التالية

1-    التعامل الحكيم مع المحن و الشدائد

2-    إتخاذ مواقف إيجابية تجاه المشاكل

3-    الشكر على كل شئ حتى المحن

4-    عدم التعامل بأنانية

5-    رؤية الجمال الداخلى فى كل شئ

6-    التماس الأعذار و قبول الإعتذار

7-    الشعور بالحنو و الشفقة عند التعامل مع الآخرين

8-    المحافظة على البيئة

9-    استخدام الأشياء بحكمة و رفق و عدم تبديدها

10-            ترك أى مكان أفضل و أنظف مما كان عليه.

و ليس بالضرورة أن يرتبط الذكاء الروحى بالإيمان بديانة معينة. فربما يتمتع شخص بقدر كبير من الذكاء الروحى و لا ينتمى لديانة معينة و قديكون متدين متعصب و ليس له من الذكاء الروحى إلا القليل.

مراكز التدين فى المخ

و فى نهاية الكلام عن المخ البشرى نعرض ما قاله مؤسس علوم المخ و الأعصاب المستكشف و الرحالة فى مخ الإنسان راماشاندران رئيس مركز أبحاث المخ و الأعصاب بجامعة كاليفورنيا، و الذى ذكر إن الإيمان بأمور ما وراء الطبيعة منتشر فى جميع الحضارات القديمة و الحديثة بشكل يحتم علينا أن نبحث عن أصوله البيولوجية فى المخ فلا شئ يميز الإنسان عن باقى الكائنات مثل هذا لأمر.

·        مركز التدين فى العقل الإنفعالى أثبتت الأبحاث عن الجهاز الحوفى فى وسط المخ و المسئول عن الوظائف الشعورية و الإنفعالية أن تنشيط هذه المنطقة باستخدام المجال المغناطيسى يحدث استجابات جسدية و شعورية و انفعالية منها الشعور بنشوة روحية جارفة و صفها البعض أشعر بوجود الإله أشعر أنى على إتصال بالإله أشعر بالتوحد مع الوجود... ويرى راماشاندران أن عموم الناس يمرون بلحظات ارتقاء روحى يكونون فيها قريبين من حقيقة الوجود عندما يشاهدون منظر طبيعى خلاب أو يستمعون إلى الموسيقى الهادئة و لكن على فترات. أما الصوفية و الرهبان فهم يدركون هذه المشاعر بشكل أكثر إلحاحا و عمقا. و من الجدير بالذكر أنه يمكن تنشيط الجهاز الحوفى  بالمجال المغناطيسى ليس عن طريق المخ فقط بل إن القلب يعمل كمغناطيس قوى له مجال يصل 5000 ضعف المجال الصادر من المخ و الذى يمكن أن يقاس على بعد 2-3 أمتار من الإنسان. و لذلك عند ممارسة شئ ينشط القلب و يوجد فيه التناغم فإنه ينشط الجهاز الحوفى فى المخ و يساعد فى الإرتقاء الروحى. و لوجود مركز الشم بجوار الجهاز الحوفى فسر أيضا استخدام البخور فى دور العبادة حيث أنها تنشط مراكز الشم الذى ينشط مركز المشاعر الروحية بالجهاز الحوفى. و من مظاهر هذا الإرتقاء ما وصفه عالم الفيزياء الشهير أينشتين أنه يشعر بأحاسيس روحية تجتاحه كلما تعمق فى بحث أمر من أمور العلم و الكون. و لا شك فى أن الأفكار التى طرحها أينشتين غيرت مفاهيم العلم. و هذا يذكرنى بالإختلاف الكبير بين الفلسفات الشرقية القديمة و المدنية الغربية الحديثة. فالفلسفات الشرقية القديمة كانت ترتكز كليا على معلمى و ممارسى الرياضات الروحية و الذين لهم قدرة على رؤى أثناء اليقظة و كأنهم إخترقوا حاجزى الزمان و المكان و منهم من كتب عن خلق الكون ما هو متفق بشكل محير مع أحدث النظريات الفيزيائية، و نجد منهم من يستطيع أن يأتى بأشياء مذهلة ضد كل قوانين البيولوجيا كتعطيل أو تبطىء التنفس ليس لدقائق فقط بل لساعات و أحيانا لأيام.

·        مركز التدين فى العقل المنطقى تمت هذه الأبحاث التى أجراها مركز أبحاث المخ و الدراسات الروحية بجامعة بنسلفانيا بالولايات المتحدة على أعداد من المؤمنين بديانات مختلفة لمعرفة مدى تأثير المشاعر الروحية على وظيفة و نشاط المخ.و توصلت هذه الأبحاث إلى أن الممارسات الدينية تحدث تغيير حقيقى فى نشاط المنطقة المسئولة عن الإستيعاب و الإدراك و الواقعة فى الفص الجدارى الأيسر من المخ أمكن ملاحظته و تسجيله مما قاد فى النهاية بالقول بأن المخ البشرى قد تم تشكيله بحيث يستجيب للمشاعر الدينية كما أصبح الإستنتاج الذى لا مفر منه هو أن الشعور بالإله قد تم غرسه فى المخ البشرى كما تم غرسه فى جيناتنا و أن هذه المشاعر تجاه الإله ليست مجرد أوهام أو تخيلات. و يمكن تلخيص مردود نشاط المخ بممارسة العبادات على حياتنا اليومية فى أربع نقاط رئيسية:

1-    إن الإيمان بإله رحيم كفيل بأن يقلل القلق و الإكتئاب و التوتر و أن يزيد شعورنا بالحب و الأمان.

2-    إن الصلاة و التفكر و التأمل بإخلاص و عمق كفيل بإحداث تغيرات صحية فى وظيفة و نشاط المخ يصحبها سمو فى قيم الإنسان و فى نظرته للحياة.

3-    لا يقف تأثير الصلاة و الممارسات الروحية على خفض معدل و حدة ما يصيب الإنسان من توترات، بل إن القيام بهذه الممارسات و الطقوس لمدة عشرين دقيقة يوميا كفيلة بأن تبطئ من اقتراب الشيخوخة.

4-    إن ما يتبناه المتطرفون الدينيون من أفكار يورثهم القلق و التحفز للآخرين كما يحدث تدمير للخلايا العصبية بالمخ.

و يمكن أن نستخلص أن القول بأن الشعور بوجود إله و الرغبة بالتوجه إليه بالعبادة ليس و هم أو تخيلات بل هو حقيقة تم دمغها فى جيناتنا التى تتحكم فى الناقلات الكيميائية و المسئولة عن توجيه كيفية تكون المراكز الشعورية بالمخ و التى تستجيب و تنشط بالمجال المغناطيسى. و هنا سيظهر دور القلب المؤمن الذى يقوم بدور مغناطيس له مجال قوى يصل إلى 5000 ضعف المجال المغناطيسى الصادر من المخ فيتم تنشيط كلا من المراكز الشعورية و المنطقية بالممارسات الروحية و الطقوس الدينية و العبادات و لذلك فإن العبادة حاجة و ضرورة للإنسان. و ننتقل الآن لوصف معجزة أخرى كبرى ألا و هى قلب الإنسان.

يتبع بإذن الله 
اضافة رد
عدد الردود 3







الرئيسية | أهداف الموقع | من نحن | اتصل بنا | انضم الينا | أعلن معنا