ذكريات
(…..)
كم هو جميل أن تعود مرة أخرى إلى مكان أمضيت فيه فترة من حياتك، تتردد على نفس البقاع التي اعتدت على زيارتها، تبحث عن الأشياء الجديدة ومواطن الاختلاف التي استحدثت خلال غيابك، و تفتح دفتر ذكرياتك بحلوها ومرها، فهذا مطعم كنت تلتجئ إليه عندما يصل الجوع إلى مرحلة تعجز فيها عن التفكير!، وهذا متجرك المفضل الذي يحوي جميع السلع والمستلزمات ممهورة بختم (حلال)، و هنا بيت مجموعة من الأصدقاء كان بمثابة مركز تجمع لجميع الشباب ونقطة انطلاقة شهيرة إلى أماكن شتى!… و بين هنا وهناك تحلق بذكرياتك قبل أن تكتشف في النهاية أنه هناك أشياء جديدة لم تتعرف إليها بعد!
(…..)
اجتمعنا هنا قبل عدة سنوات، كنا صبية صغار قد تكون المرة الأولى التي يبتعد فيها البعض منا عن أهله ووطنه، واليوم ها نحن نجتمع من جديد في نفس المكان ولنفس السبب الجوهري وهو الدراسة، ولكن مع بعض الاختلافات البسيطة، فهناك من زاد وزنه عدة كيلوغرامات و ثاني عوامل التصحر وجدت لها مكانا بارزا في رأسه حتى باتت ظاهرة للعيان! و ثالث بات رب أسرة يضم في رصيده زوجة وأطفال، ولكن أجمل ما في الموضوع أن لعبة (البلاي ستيشن) مازالت تحتل مكانها أمام التلفزيون معلنة أن الروح الجميلة حاضرة و أن الشباب شباب الروح!
(…..)
هدوء يلف المكان ما أن تسكن الشمس في مغربها، و أناس حولك تحترم هذا الهدوء، وتقاليد وعادات صارمة مازالت شامخة على مدى السنين، في السابق كنت أتضايق من هذا الصمت القاتل وأشتكيه لكل من يسألني عن انطباعي هنا، و الآن صرت أبحث عنه وأسعى إليه في ظل وتيرة التسارع التي نعيشها يوميا و طغيان المتغيرات الدخيلة التي أتت على الأخضر واليابس!
|