توقعات بتراجع النمو العقاري في مصر بعد ارتفاع أسعار مواد البناء
الإسكان المتوسط الأكثر تأثرا.. والفاخر يراهن على القدرة الشرائية
توقع خبراء وعاملون بقطاع العقارات المصري، تراجع نمو هذا القطاع، خاصة الإسكان المتوسط ومنخفض التكاليف، بعد الزيادة الملحوظة في أسعار مواد البناء التي يتخوف أن تؤدي إلى تباطؤ النمو في السوق العقاري.
ولفت الخبراء والعاملون في القطاع العقاري إلى أن ارتفاع أسعار مواد البناء بصورة ملحوظة خلال اول ايام العام الجاري 2008، سيؤثر سلبا على حسابات التكاليف والأسعار النهائية بما سيقلل من الطلب.
وارتفع سعر طن الحديد إلى نحو 4100 جنيه مصري (745.7 دولار)، بزيادة قدرها 6 في المائة، عن نهاية شهر ديسمبر (كانون الأول) 2007، وارتفع سعر طن الأسمنت إلى 450 جنيها (81.8 دولار)، بزيادة قدرها نحو 4 في المائة، بعد أن كان سعر الطن الاسترشادي الذي تراضت عليه أطراف السوق بداية العام الماضي 2007، هو 330 جنيها للطن (60 دولارا)، وطوب البناء ارتفع سعر الألف من 180 جنيها إلى 280 جنيها (50.9 دولار)، وذلك جراء ارتفاع أسعار المازوت بنسبة 100 في المائة ليصل إلى 1000 جنيه للطن بدلا من 500 جنيه.
وبينما استبعد الخبراء تأثير ارتفاع أسعار مواد البناء في الوحدات السكنية الفاخرة باعتبار أن معيار الجودة هو المحرك الأساسي لأسعار هذه النوعية من الوحدات، إلا أنهم أكدوا أن الارتفاع في أسعار مواد البناء سيلقي بظلاله على سوق العقارات المتوسطة ومنخفضة التكاليف.
وتوقع شريف حافظ، رئيس شركة ماسبيرو للتنمية العمرانية، ارتفاع أسعار الوحدات السكنية بنسب غير قليلة، خاصة المتوسطة، مشيرا إلى احتمال تراجع نمو البناء العقاري في الوحدات الموجهة إلى الشريحة المتوسطة ومحدودي الدخل التي تقوم الحكومة ببنائها، حيث تقوم ببناء نحو 500 ألف وحدة سكنية عبر البرنامج الانتخابي للرئيس مبارك المقرر التي بدأت بعام 2005 ومقرر انتهائها بحلول عام 2011.
وتتبنى الحكومة عدة مشروعات منها المشروع القومي للإسكان، وبيت العيلة، وابني بيتك، ومشروع إسكان المستقبل.
وقال حافظ إن الحكومة ستبحث عن موارد مالية لتمويل مشروعاتها الإسكانية الموجهة للشرائح المتوسطة وذلك لمواكبة القفزات الحالية في أسعار مواد البناء.
وبينما أشار أحد الخبراء إلى إمكانية مساهمة الزيادة في أسعار مواد البناء إلى تأخر الحكومة في برامجها الخاصة بمشاريع الإسكان ورفع أسعار وحداتها، أكد اللواء جلال سيد الأهل، مدير المشروع القومي للإسكان التابع لوزارة الإسكان والمجتمعات العمرانية، التزام الوزارة بتسليم الوحدات المتعاقد عليها من دون أي زيادة في الأسعار، غير أنه ألمح إلى أن زيادة أسعار مواد البناء ستراعى في التعاقدات الجديدة مع المقاولين والأفراد. غير أن وليد جمال الدين، رئيس غرفة مواد البناء باتحاد الصناعات المصرية، طالب بإلزام جهات الإسناد الحكومية بدفع فروق الأسعار للعقود الجاري تنفيذها حاليا، مشيرا إلى زيادة تكاليف منتجات شركات مواد البناء بعد رفع أسعار المازوت الذي يعتمد عليه الكثير من مصانع الطوب بنسبة 100 في المائة لتصل إلى 1000 جنيه للطن بدلا من 500 جنيه، بالإضافة إلى مادة البتومين المستخدمة في الرصف وإنتاج المواد العازلة التي زادت من 555 جنيها (100.9 دولار) للطن في شهر يوليو (تموز) الماضي، إلى 1112 جنيها للطن حاليا (202.1 دولار).
ويوجد في مصر نحو 750 مصنعا للطوب تعتمد بشكل كبير على المازوت، خاصة الواقعة بمحافظات صعيد مصر جنوب البلاد، وتستهلك مصر سنويا نحو 8.5 مليون طن من المازوت، منها 3 ملايين طن تذهب لقطاع الكهرباء وحده، والباقي يذهب إلى المصانع البعيدة عن خطوط الغاز (خاصة مصانع الأسمنت والطوب). كما توضح الإحصاءات الرسمية أن الإنتاج الكلي للحديد في مصر يقدر بنحو 5.4 مليون طن سنويا، فيما يصل معدل الاستهلاك إلى 2.4 مليون طن، كما يبلغ إنتاج الأسمنت حوالي 35 مليون طن والاستهلاك 23 مليون طن (والباقي للتصدير).
وأشار جمال الدين إلى أن أسعار الطاقة تحرك الأسواق كلها بشكل مباشر وغير مباشر، منتقدا اتخاذ الحكومة خطوات أحادية فجائية بزيادة الأسعار من دون أخذ رأي مجتمع الأعمال.
ورغم التأثير المتوقع في الطلب على الوحدات السكنية المتوسطة جراء ارتفاع أسعار مواد البناء، إلا أن شريف حافظ، رئيس شركة ماسبيرو للتنمية العمرانية، استبعد تأثر سوق العقارات الفاخرة، مشيرا إلى أن الاستثمار في العقارات الفاخرة يعتمد على القدرة الشرائية بغض النظر للارتفاعات في أسعار مواد البناء.
وأشار حافظ إلى أنه أحيانا ما تكون أسعار الطاقة ذريعة لأن يحدث ارتفاع في الأسعار بشكل عام أكثر من التأثير الحقيقي لهذه الزيادة في أسعار الطاقة، مضيفا أن هناك أسبابا أخرى للزيادة مثل الموارد البشرية وندرتها. ومن جهته، قال مدحت اسطفانوس، المدير التجاري لشركة لافارج الفرنسية المنتجة للاسمنت، إن المواد الأساسية للبناء التي تقيم الهيكل الانشائي تتكون من الحديد والاسمنت والخرسانة الجاهزة تشكل نسبة 22 في المائة من إجمالي التكلفة، موضحا أن الحديد يشكل من 12 الى 20 في المائة من التكلفة، والاسمنت من 7 الى 10 في المائة، وذلك على حسب فخامة المبنى، إذ كلما زادت الفخامة، قلت نسبة الاسمنت في إجمالي التكلفة.
وأشار اسطفانوس إلى أن تكلفة المبنى تتوزع بواقع الثلث للتكلفة الإنشائية للوحدة، الثلث الثاني لتكلفة الأرض، والثلث الأخير لربحية المنتج. نافيا أن تكون زيادة أسعار العقارات راجعة إلى ارتفاع مواد البناء وحدها، إنما إلى القدرة الشرائية.
وأضاف أنه لوحظ خلال السنوات الأربع الماضية ارتفاع معدلات الاستثمار والنمو في قطاعات النمو العقاري يتناسب طرديا مع ارتفاع مواد البناء والأراضي بما يعني ان زيادة الطلب امتصت آثار الزيادات في التكلفة ولم تؤد إلى ركود على الأقل حتى الآن.