أقسام العقارات والمبوبة والدليل مازالوا تحت التطوير وسيتم الإنتهاء منهم قريباً بإذن الله

 
            أخبار ومقالات     العضوية    
| استعراض كافة المواضيع
 نصائح وإرشادات عقارية
نوع العقار:
في:
رقم الاعلان:
 
منتديات رحابي


Go Back   منتديات رحابي > رحابي .. كلام كبير > سياسة واقتصاد


01/04/2008
 

تاريخ التسجيل : 17/03/2008
عدد المشاركات :18
Postبيان من أجل الإنقاذ، بقلم فهمي هويدي، جريدة الأهرام 1 إبريل 2008

 

بيــــــان مــن أجــــل الإنقــــــاذ
بقلم‏:‏ فهمـي هـويـــدي

 
 
نريد ان نعلن في مصر طواريء من نوع آخر‏,‏ تستدعي أكبر حشد ممكن من الطاقات والعقول لتجيب علي وجه السرعة عن السؤال‏:‏ ما الذي يتعين علينا ان نفعله لإنقاذ سفينتنا؟

(1)‏ ادري انني لست مؤهلا للاجابة عن السؤال‏,‏ فضلا عن ان الاجابة المنشودة تتجاوز حدود قدرة فرد بذاته‏,‏ لكني منذ لاحت ازمة الخبز في الأفق‏,‏ أدركت اننا بلغنا نقطة حرجة يؤثم عندها كل من وقف متفرجا وصامتا إزاءها‏,‏ وأن الحلول الاستثنائية التي قررت الحكومة اللجوء إليها‏,‏ ربما خففت من الأزمة لبعض الوقت‏,‏ لكنها تعاملت مع العرض وليس المرض‏.‏

ما فعلته خلال الاسابيع الثلاثة الأخيرة انني ألقيت السؤال ما العمل؟ علي سبعة من أهل الاختصاص والخبرة‏,‏ ووفرت لي اجاباتهم حصيلة من المعلومات حاولت ان انسج منها بيانا يسلط الضوء علي جوانب المشكلة‏.‏

سمعت تحذيرا من أمرين‏,‏ اولهما الاحتجاج بارتفاع الأسعار العالمية‏,‏ وهي الحقيقة التي يتعذر انكارها‏,‏ لكنها توظف بشكل خاطيء في تبرير غلاء الاسعار‏,‏ لان الدول الجادة والواعية لاتعتمد فقط علي الاستيراد‏,‏ بحيث تتأثر اسواقها هبوطا وارتفاعا بما يحدث وراء حدودها‏,‏ الأمر الذي يفقدها السيطرة علي اسواقها‏,‏ انما الحاصل ان تلك الدول تنتج بدورها سلعا وتصدرها إلي الخارج‏,‏ الأمر الذي يمكنها من بيع تلك السلع بالأسعار العالمية المرتفعة‏,‏ وهو مايحدث توازنا في اسواقها يجنبها التأثر بالاهتزازات التي تحدث في الخارج‏,‏ وهو مايعني ان المشكلة ليست فقط في ارتفاع الأسعار في الخارج‏,‏ ولكنها ايضا في اننا لانصدر إلي الخارج سلعا تمتص اثر الزيادات العالمية‏.‏

الأمر الثاني الذي جري التحذير منه هو التذرع في تفسير ازمة نقص الخبز أو المواد الاستهلاكية الأخري باستمرار الزيادة في عدد السكان‏,‏ ومن ثم تحميل المجتمع المسئولية عن الوضع الراهن‏,‏ ذلك انه من حيث المبدأ فان وفرة السكان تعد ثروة‏,‏ اذا احسن استخدامها بالتأهيل والتدريب وزيادة المهارات‏..‏ فانها تجلب خيرا كثيرا‏,‏ اما اذا تم اهمالها واسيء استخدامها فانها تتحول إلي عبء ثقيل علي المجتمع‏,‏ وهو ما يعني ان المشكلة ليست في زيادة السكان‏,‏ لكنها تكمن في الطرف الذي اساء استخدام هذه الثروة البشرية‏,‏ فلم يوجه اي عناية لاستثمارها علي النحو الحاصل في الصين والهند علي سبيل المثال‏,‏ وسكان كل منهما يزيدون علي مليار نسمة‏.‏

من ناحية أخري فليس في الزيادة السكانية اية مفاجأة‏,‏ لان معدلاتها معروفة سلفا‏,‏ ولاتستطيع اي حكومة ان تدعي ان ما جري لم يكن في حسبانها‏,‏ ولان كفاءة السياسة تقاس بمقدار نجاحها في التعامل مع الأحداث المتوقعة وليس الماثلة فقط‏,‏ فان الاحتجاج في تفسير الازمات بزيادة السكان ينبغي ألا يتهم فيه المجتمع‏,‏ لانه يعني فشل السياسات المتبعة في التحسب لاحتمالات نمو في المجتمع وتلبية احتياجات الناس فيه‏.‏

(2)‏ اصل الداء اننا نعيش في مجتمع لاينتج ما يلبي احتياجاته الاساسية‏,‏ ويعتمد في توفير تلك الاحتياجات علي ما يستورده من الخارج‏,‏ في حين يعتمد في موارده المالية إما علي بيع الاراضي‏17‏ مليار دولار في العام الماضي أو علي التدفقات المالية التي تتوافر من مصادر مختلفة مثل تحويلات المصريين المقيمين بالخارج‏3,6‏ مليار دولار ومن إيرادات قناة السويس‏2,4‏ مليار دولار وصافي صادرات البترول‏6‏ مليارات دولار ويرادات السياحة التي بلغت نحو‏8‏ مليارات دولار‏,‏ وهي المعلومات التي نشرها الأهرام في‏8/5‏ في سياق مقال للخبير الاقتصادي الأستاذ احمد النجار‏,‏ فان هذه التدفقات التي لايقابلها انتاج محلي في السلع والخدمات المطلوبة للمستهلكين لابد أن تحدث فجوة كبيرة بين الطلب الكبير علي السلع وبين العرض المحلي المتواضع‏,‏ مما يؤدي إلي ارتفاع الأسعار‏.‏

هناك عوامل أخري لها دورها في اطلاق شبح التضخم‏,‏ وما يستصحبه من الارتفاع في الأسعار‏,‏ من بينها العجز الكبير في الموازنة‏,‏ والزيادة الهائلة في الديون المحلية‏,‏ التي ذكر أ‏.‏ النجار انها تجاوزت كل حدود الأمان‏,‏ من هذه العوامل ايضا انتشار الاحتكار في الانتاج الذي اتسم بدرجة ملحوظة من الجشع ونزوع مستمر إلي رفع الأسعار بصورة مبالغ فيها‏,‏ وهذه العوامل وغيرها علي أهميتها تأتي تالية في الترتيب علي العامل الأخطر المتمثل في تهافت دور الانتاج‏,‏ الذي يشكل العمود الفقري للتنمية‏.‏

خلاصة الكلام في هذه النقطة ان البلد ما لم يعتمد علي ما تنتجه سواعد ابنائه وعرقهم‏,‏ فانه سيظل معدوم العافية‏,‏ وفاقدا للمناعة الاقتصادية‏,‏ ومعرضا بالتالي للازمات التي تهدد حاضره ومستقبله‏.‏

(3)‏ التجارة ايضا فيها مشكلة أسهمت في إشعال حريق الاسعار‏,‏ اذ يري الخبراء ان ثمة خللا جسيما في هذه الدائرة ادي إلي نشوء طبقة من التجار الجشعين الذين اصبحوا يلجأون باستمرار إلي زيادة الاسعار لأعلي مستوي ممكن‏,‏ لتحقيق اقصي معدلات الربح‏,‏ في حين ان الوظيفة الحقيقية للتجارة لا تتحقق إلا بالسعي لتوزيع أكبر كم من البضائع‏,‏ بسعر هامشي معقول‏,‏ لان توفير البضائع بأسعار مناسبة يؤدي إلي توسيع قاعدة المستهلكين‏,‏ وذلك سيؤدي إلي زيادة الوحدات الانتاجية مما تترتب عليه زيادة الأجور والعاملين‏..‏ الخ‏.‏

المشكلة كما يراها هؤلاء اننا في مصر خرجنا من تطبيق مشوه للنظام الاشتراكي‏,‏ إلي تطبيق مشوه اخر للنظام الرأسمالي‏,‏ اي اننا تحولنا من حالة تحدد فيها الحكومة اسعار كل شيء‏,‏ إلي حالة اخري اطلقت فيها يد التجار باسم التحول إلي السوق الحرة‏,‏ وهو ما فتح شهية التجار حديثي العهد بذلك التحول للإقدام علي ممارسات اضرت كثيرا باستقرار الاسواق‏,‏ فكانت سببا مباشرا لتصاعد مؤشرات الغلاء‏,‏ من هذه الممارسات تكتلات التجار الذين اصبحوا يعمدون إلي حجب بعض السلع عند التداول لزيادة اسعارها‏,‏ وهو ما استصحب تلاعبا مستمرا في الأسعار‏,‏ الأمر الذي حول كبار التجار في السوق إلي متصيدين لفرص تحقيق معدلات الربح العالية‏,‏ وليس مشاركين في التنمية الاقتصادية للمجتمع‏.‏

المشكلة الأخري في هذا الصدد ان الدولة المصرية وقعت عدة اتفاقيات حدت من قدرتها علي التدخل في الأسعار‏,‏ ولسد هذه الثغرة وإزاء ضغط المجتمع الذي اصبح يئن تحت وطأة الغلاء‏,‏ فان الحكومة تلجأ احيانا إلي زيادة الأجور لإرضاء فئات المجتمع وامتصاص غضب الناس‏,‏ ولكن ذلك يصبح نوعا من صب الزيت علي النار‏,‏ لان كل زيادة في الأجور يقابلها علي الفور زيادة في الأسعار من جانب التجار المتربصين‏,‏ واذا كان الدافع إلي مثل هذه الزيادات هو اشاعة الاستقرار والأمن‏,‏ فان ذلك الهدف يتحقق بصورة افضل في ظل زيادة الانتاج ونمو الاقتصاد‏.‏

هذه العلاقة المختلة بين طبقة التجار الجدد وبين الدولة من ناحية‏,‏ وبين المجتمع من ناحية أخري تحتاج إلي تصحيح يعيد صياغتها علي نحو يوقف التخريب الذي تحدثه تلك الفئات في الاقتصاد‏,‏ خصوصا في سعيهم المستمر إلي إذكاء حريق الغلاء‏,‏ عن طريق مضاعفة ارباحهم التي وصلت إلي‏400‏ و‏500%‏ من سعر التكلفة في سلع مهمة كثيرة‏,‏ وتصحيح هذه العلاقة يبدأ بتعزيز دور السلطة‏,‏ من خلال منع الاحتكار وتشديد الرقابة وضبط هوامش الربح والضرائب التصاعدية‏,‏ وغير ذلك من الوسائل التي يعرفها الاقتصاديون‏,‏ باعتبار ان السوق الحرة لاتستقيم‏,‏ إلا في ظل حكومة قوية ونظام قانوني حازم‏.‏

(4)‏ إزاء هذا الواقع ما المطلوب الآن؟ الاجابات التي سمعتها كانت كالتالي‏:‏

*‏ ان تكون هناك رؤية استراتيجية واضحة لـالتنمية المستقلة‏,‏ وتلك نقطة بدء ضرورية وبديهية‏,‏ وللخبراء كلام كثير في الاجابة عن السؤال كيف يتحقق ذلك الهدف بشقيه‏.‏ ان تكون هناك تنمية‏,‏ وان تكون تلك التنمية مستقلة‏,‏ وفي مصر خبرات ممتازة في هذا المجال تنطلق في هذه الرؤية‏,‏ وتجربة الجمعية المصرية للتنمية الذاتية للمجتمعات المحلية تثير الانتباه وتستحق الدراسة في السياق الذي نحن بصدده‏.‏

ورغم اهمية السؤال كيف الذي له عدة اجابات‏,‏ فإن الأهم في اللحظة الراهنة هو اجابة السؤال ماذا التي ينبغي ان تكون محل اتفاق لانها في صلب الرؤية الاستراتيجية‏.‏

*‏ ان توضع التنمية في موضعها الصحيح كقضية امن قومي‏,‏ يجب ان تجند السلطة طاقاتها وتحشد معها طاقات المجتمع لكسب معركتها‏,‏ وفي بلد مثل مصر محاط بأطماع قوي الهيمنة من ناحية‏,‏ وقوي العدوان والبغي من جانب آخر‏,‏ فان اعتماده علي الخارج في توفير الغذاء ـ رغيف الخبز تحديدا ـ لابد ان ينظر إليه باعتباره مغامرة خطيرة تمس الأمن القومي ينبغي ألا يسمح بالاستمرار فيها تحت اي ظرف‏.‏

*‏ ان يستدعي المجتمع لكي يقوم بدوره ليس فقط في المشاركة في التنمية وانما ايضا في الرقابة علي الاداء‏,‏ ومحاسبة المسئولين عن اي قصور أو تقاعس في مجالات الانتاج والخدمات‏,‏ وهذا الاستدعاء المنشود يطرح علي الفور قضية الإصلاح السياسي الذي يجب ان نعترف بانه رغم كل ما قيل بحقه في الخطاب السياسي والإعلامي‏,‏ إلا اننا لم نجد ترجمة صادقة له علي صعيد الواقع‏,‏ بل ان بعض الخطوات التي اتخذت اعتبرت نكوصا عن خط الاصلاح‏,‏ وتكريسا لعزلة الناس وليس لاستدعائهم‏,‏ تشهد بذلك التعديلات الدستورية التي تمت‏,‏ والانتخابات المحلية التي نحن بصددها الآن‏,‏ التي روعيت فيها هيمنة الحزب الوطني أكثر مما روعي صدق تمثيل المجتمع في المجالس المحلية‏.‏

*‏ ان تضرب النخبة المثل يهتدي به الناس ويسترشدون لان الله يزع بالسلطان ما لايزع بالقرآن‏,‏ بكلام آخر فانه لن يؤخذ الاصلاح علي محمل الجد اذا وجد الناس ان هناك فئات فوق الحساب وفوق القانون‏,‏ واذا جاز لنا ان نحارب الاحتكار ونعتبره عملا تخريبيا في التجارة والصناعة‏,‏ فحري بنا ان نتعامل مع السياسة بنفس المعيار‏,‏ وإلا فاننا سنكيل بمكيالين‏.‏

لا استطيع ان ادعي أن هذه خريطة طريق لإنقاذ وضعنا القلق مما هو أسوأ‏,‏ ولكنها فقط محاولة للتفكير بصوت عال في موضوع أحسب ان النقاش حوله لم يأخذ الاهتمام الذي يستحقه‏.‏
  اضافة رد



عدد الردود 0







الرئيسية | أهداف الموقع | من نحن | اتصل بنا | انضم الينا | أعلن معنا