لم يكن عم سيد مثقفا أو صاحب رأى.. كان مجرد بائع سندويتشات كفتة وكبدة تسحبنى قدمى اليه فى أيام الأزمات المادية بحثا عن سندويتش كبير الحجم رخيص الثمن
عم سيد تركيبة خاصة من البشر, بالرغم من أن مستواه التعليمى لا يزيد عن المستوى التعليمى لطالب فى المرحلة الابتدائية,
إلا أنه كان سريع البديهة واسع الحيلة, لا يستعصى عليه أمر إطلاقا, وكان متابعا لمعظم القضايا التى تثير الرأى العام,
من خلال برنامج القاهرة اليوم الذى يسمعه عم سيد يوميا بحكم قربه من القهوة الصغيرة بجوار دكانه.. والتى تستعمل وصلة دش ليتابع روادها قناة الاوربت وبالأخص القاهرة اليوم
ومن حيله الشهيرة التى يعرفها مريديه, كان عم سيد على العكس من كل باعة الطعام فى العالم يشتم بضاعته دائما,
ويتهما بالتلف, ويضرب كفا على كف عن كيفية بقاءنا على قيد الحياة بينما نستمر فى أكل ما يقدمه لنا, وهو فى هذه الادعاءات
يحافظ فى كل مره على الحد الفاصل بين الهزل والجد فى حديثه, فكنا نفهم انه يداعبنا, وكنا نحن الاخرين نداعبه,
كأن اقول له فى أحد المرات:
انت مباحث التموين ساكته عليك ازاى كل ده يا عم سيد؟.. او أن أساله:
اتقبض عليك كام مرة عشان بتبيع اكل بايظ ياعم سيد؟
وفى كل مرة كان ياتينى رده اكثر إفحاما واثارة لضحك كل الموجودين, وكنا نستلذ بافيهاته المضحكة عن سوء اكله اكثر من استمتاعنا بتناول الطعام ذاته
الا ان الموقف الاخير الذى حدث بيننا, جعلنى اغير اعتباري لعم سيد كائنا متفائلا قادرا على اثارة الضحك فى نفوس كل من حوله
كنت كعادتي آكل احد شطائر الكفتة التى اختلط فيها الدهن بالبصل بالتوابل, مما دفعنى لأن أداعب عم سيد سائلا اياه:
يعنى ياعم سيد سندوتش بالحجم ده وبجنيه ونص؟.. متهيألى لو كنت بتعملنا لحم كلاب كان هيبقى اغلى من كده؟
توقف لاعبي النرد على المنضدة المجاورة لنا عن اللعب حتى يسمعوا رد عم سيد والذى سيأتي كعادته محملا بقنبلة قويه من الضحك والسخرية.. الا ان رد عم سيد جاء غريباً عندما خرج من بين شفتيه لترسم الوجوم على وجوه جميع المستمعين
:
لا يا بيه.. لحم الكلاب غِلي اليومين دول.. اللي بتاكله ده أرخص لحمة فى مصر.. لحمة إخواننا اللي غرقوا فى عبارة السلام