هل تقبل أن تتعهد قبل الزواج بمساعدة زوجتك في شؤون المنزل، ألا تسافر إلا بإذنها وألا تتزوج عليها ؟!
هل تقبلين أن توقعي علي عقد موثق تتعهدين فيه ألا يعرف الآخرون أسرار حياتك الزوجية وتتفقين فيه علي تفاصيل علاقتك بزوجك حتي أسماء الأبناء ؟
في كثير من حالات الزواج يغلب علي تفكير الأهل وأحيانا الفتاة نفسها، ضمان الحقوق المادية وقد يثار العديد من المشكلات بسبب الخلاف حول قيمة قائمة المنقولات، مؤخر الصداق، المهر أو الشبكة. لكن قليلين من يفكرون في الأمان المعنوي، في
طبيعة العلاقة بين الزوجين وسبل تجنب الخلافات والاتفاق علي تفاصيل شؤون الزوجية. هل يفكر أي خطيبين في وضع دستور ينظم حياتهما الزوجية أو عقد يحدد حقوق وواجبات كل منهما ؟
هذا ما فكر فيه إسماعيل - رسام كاريكاتير- وزوجته - مخرجة رسوم متحركة، تجربة خاصة لحياة زوجية ينظمها عقد تم توثيقه في الشهر العقاري غير عقد الزواج.. ولنحك القصة من بدايتها.
هما شخصيتان من نوع خاص، بدأت العلاقة بينهما منذ18 سنة حين تقابلا صدفة في جمعية رسامي الكاريكاتير ، هو رسام وهي خريجة حديثة- في كلية الفنون الجميلة. نشأت بينهما علاقة صداقة نسجت خيوطها تدريجيا لتتطور لعلاقة حب وذلك بعد أن أدرك كل منهما اشتراكهما في الأفكار والآراء والاهتمامات .
ولأن كلا منهما فنان يحمل أحاسيس الفنانين المرهفة ومنطقهم الخاص، فإن كليهما يرفض كل ما هو تقليدي، وطبعا الزواج بشكل تقليدي لمجرد الزواج.
فرفض كل منهما الاستجابة لضغوط الأهل والأصدقاء لخوض تجربة الزواج التقليدي الخاضع لمجموعة من الموروت الاجتماعية . وفي النهاية حين تأكد الاثنان من حقيقة مشاعرهما اتفقا علي الزواج ولكن علي طريقتهما!!
يعترف إسماعيل وسمية أن كلا منهما كان لديه خوف كبير من فكرة الزواج نظرا لفشل العديد من العلاقات حولهم التي تكون نهايتها إما الانفصال أو الاستسلام لعلاقة روتينية هدفها الحفاظ علي هيكل إجتماعي ومستقبل الأبناء وتوازنهم النفسي وهو ما رفض الحبيبان أن يكون أساس علاقة المستقبل .
فقررا بعد 7 سنوات من التعارف أن يتزوجا بإمكاناتهما المحدوده ودون مساعدة من أحد وأن يكون أساس زواجهما الشراكة والتعاون في كل أمور الحياة.
فالحب كما تعلمته سمية مع إسماعيل هو المواقف الإنسانية هو حرص كل طرف علي المشاعر والاحتياجات الإنسانية للطرف الآخر فإسماعيل ضد نظرية الاسطوانات التي يتقنها الرجل الشرقي ثم عند التطبيق العملي، يتعامل مع زوجته بمنطق مزدوج.
فالمرأة بالنسبة لإسماعيل هي إنسان حر، حساس له عقل ومشاعر يجب الحفاظ عليها .
والرجل مسؤوليته - كما يقول- بطبيعتها وفية ومخلصة وعلي الرجل حمايتها وصيانتها حتي من نفسه.
لذا قرر إسماعيل وسمية وضع دستور لعلاقتهما الزوجية يحمي الحقوق النفسية والمعنوية للطرفين ويضع أساسا للعلاقة بينهما، ليس علي اعتبار أنهما زوجين فقط وإنما تربطهما علاقة صداقة وأواصر إنسانية قبل كل شئ دستور هدفه استقرار عائلي لهما ولأبنائهما الذي حدد عقدهما حتي أسمائهم.
ومن أهم بنوده التزام كل طرف بمراعاة مشاعر الآخر ومن يفعل غير ذلك يكون ملزما بالاعتذار بمجرد إدراكةلخطأه، كذلك عدم السماح لأي طرف أن يقص تفاصيل الخلافات الزوجية للآخرين أو يطلب تدخل أحد بدون إذن من الآخر.
بند آخر يلزم أن يشاركما الرجل زوجته كل مسؤوليات المنزل والأولاد بما فيها الأعمال المنزلية .
فالزوجة- كما يقول- إسماعيل- إنسان لديه مسؤوليات وهي تعمل أيضا فيجب مساعدتها في المنزل وفي تربية الأبناء.
والواقع العملي للزوجين منذ عشر سنوات- يبرهن علي تنفيذ هذا البند.
فمن يزورهما في شقتهما المتواضعة في المقطم يجد إسماعيل يساعد سمية في جميع الأعمال المنزلية ولايجد حرجا في تقديم المشروبات المثلجة للزوار بينما تقدم هي الشاي والقهوة.
حتي فيما يتعلق بالأبناء فهما متفقان علي أسلوب واحد في التربية وتقول سمية يفعل ذلك حتي لا يحدث لنا كما نسمع في كثير من البيوت من تشتيت نفسية الأبناء بين أوامر وآراء أب وأم متناقضين.
وعلي الرغم من قناعة الزوجين بالدستور الحياتي الذي وقعاه ووثقاه في الشهر العقاري عند الزواج مع وجود شاهدين عليه، فإن حياتهما لا تخلو من انتقادات من حولهما ممن يعلم بأمر هذا الدستور».
فمنهم من يقول أنهما «لا سعين» ومنهم من لا يصدق ما أقره إسماعيل علي نفسه من عدم سفره أو زواجه أو تأخيره ليلا إلا بإذن من زوجته .
ووفقا لأحد شهود العقد من أصدقائهما، كثيرون لا يتقبلون في مجتمعنا الشرقي أن يستأذن الرجل زوجته في مواعيده وسفرة لكنه لا يخفي إعجابه بشجاعة الزوجين ويؤكد كونهما فنانين يجعلهماذلك شخصيتن تفكران وتتصرفان بشكل خاص ومختلف .
ويحكي إسماعيل واقعة ميلاد أول طفلة لهما وإصراره علي تسميتها إيزيس- اسما فرعونيا كما اتفقا في دستورهما.
في ذلك الوقت اعترض أهل سمية علي اسم المولودة لكنها استطاعت اقناعهم لأن أسماء الأبناء بند من بنود الدستور الذي اتفقت عليه مع زوجها .
أسلوب حياة مختلف يتخلله يوميا نصف ساعة من الوقت للمناقشة وإستماع كل طرف للآخر مساحة ضرورية- كما تقول سمية - لتفريغ الشحنات إزالة التراكمات وفرصة لكي يعبر كل منهما عما يقلقه أو يشغله أو السؤال عن غموض يحتاج لتفسيره.
فهي تعترف أنها قد تغضب من زوجها لانشغاله أو لعصبيته معها ولكن في وقت المناقشة والفضفضة، قد تجد تفسيرا لقلقه وعصبيته فيما يرويه فيزول غضبها منه.
وقد تتسلل الغيرة لحياتهما بطبيعة - الحال- وحينذاك يصارح كل منهما الآخر ويستمع إلي تفسيره ونصائحه.
فالزوجان يريان أنا لا مشكلة في أن تبدأ الحياة الزوجية بدون غسالة أو تليفزيون لا مشكلة في أن يصطحب الأب طفلتهما الصغيرة إلي الحضانة القريبة من عمله حتي يحين موعد عودة الزوجة من العمل لتأخذها ليستكملا بعدها مسيرة يومهما .
وهما اليوم بعد 10 سنوات من الزواج واثنين من الأبناء لا يكتران باعتراضات الآخرين أو نقدهم بل يستكملان مشوار الحياة لصديقين وعاشقين يحتفلان كل عام بعيد زواج جديد أيضا علي طريقتهما الخاصة .
فترتدي الزوجة فستان الفرح وتصنع الحلوي المنزلية وتلتقط الصور التذكارية التي تذكرهما ببداية قصة حبهما وارتباطهما ، وأيضا بدستور حياتهما .
دستور يؤكد المحامون شرعيته واعتراف المحكمة به في حالة الخلاف.
وهو ما لا يتمناه الزوجان اللذان لا ينفيان حدوث الخلافات التي لايمكن أن تخلو منها الحياة مهما كانت نقاط الاتفاق والتوافق . ولكنهما يؤكدان أنهما في هذه الحالة يسترجعان بنود الدستور الذي يحفظانه عن ظهر قلب ليتذكرا دائما أن الحب أفعال لا أقوال مستهلكة وخيالية. فلا يكفي فقط أن نحب ولكن من المهم أن نعرف كيف نحب