أولاً وقبل أن أبدأ هذه المشاركة، يهمني التأكيد على أني لا أشكك في أي أحد سواء أفراد أو جماعات أو شخصيات إعتبارية. ولكنها لا تتعدى كونها عرض أحوال قانونية فعلية وحقيقية. طبعاً من باب توضيح مثل تلك الأحوال لمن لا يعرفها أو من ليس على دراية بها أو بمشابهات لها.
1- نفترض أن مستثمراً حصل على تخصيص لقطعة أرض من هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، وفقاً للشروط والأحكام الخاصة بهذا الشأن، بغرض تنفيذ مشروع إنشاء مجموعة عقارات سكنية وتجارية وشوارع كمرافق وخدمات، وحدد نسبة من مساحة الأرض لجعلها حدائق ومتنزهات للعقارات السكنية. هذه النسبة من المساحات الخضراء استخدمت للدعاية بغرض تسهيل عملية بيع وتسويق المشروع. وعلى ذلك قدم للهيئة المخططات الهندسية للمشروع، فحصل على الموافقات والتراخيص اللازمة للتنفيذ.
2- وفقاً لشروط تخصيص الأرض في قانون المجتمعات العمرانية الجديدة، يُعتبر المشروع كله مشروعاً إستثمارياً وإنشائياً لمجتمع عمراني خاص، ويخضع للقوانين المطبقة على الملكية الخاصة، بما في ذلك الشوارع والحدائق، وأي مرافق أخرى مخططة في المشروع.
3- قبل تنفيذ المشروع، قام المستثمر بالإعلان عن بيع وحدات العقارات السكنية وكذلك التجارية وفقاً للمواصفات المعتمدة بمخططات المشروع التي صدر على أساسها تراخيص التنفيذ.
4- أثناء تنفيذ المشروع، ومن عائدات أرباح المبيعات، قام المستثمر بسداد كامل قيمة الأرض المخصصة للمشروع، لتصبح بذلك الأرض وما عليها وفقاً للمخطط الإنشائي، ملكاً خالصاً له أمام الجهات الرسمية، ويبقى ملتزماً بإتمام تنفيذ المشروع وفقاً للمخطط الأصلي المرخص به.
5- تقدم عملاء لشراء الوحدات السكنية والتجارية بنظام التقسيط على فترات زمنية متفق عليها. فتم تحرير عقود بيع إبتدائية لكل وحدة مباعة، وفقاً لمجموعة شروط منها أن يتم تسجيل الوحدات المباعة بعد سداد كامل الأقساط عن الوحدات المباعة.
6- انتهى إنشاء أغلب وحدات المشروع وانتقل بعض الملاك لوحداتهم للسكنى فيها، وبالنسبة للوحدات التجارية بدأت بممارسة نشاطاتها.
7- بعد بيع أغلب وحدات المشروع (سكنية وتجارية)، يصبح صاحب المشروع ملتزماً بعدم تغيير تصميمات المشروع، بل إن هذا الإلتزام يبدأ مع بيع أول وحدة عقارية، ذلك لأن التخطيط الأصلي للمشروع يُعتبر جزءاً لا يتجزأ من الإتفاق على شروط البيع، ولو لم يكتب ضمن شروط عقد البيع، ولا يوجد أي سبب فني أو قاهر يستوجب معه تغيير المخطط الأساسي المرخص له، ولو حتى بالرجوع إلى هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، أو إعادة تخطيطها مرة أخرى، أو إستخدامها لأغراض تخص المستثمر، لأنه قام ببيعها، وبذلك إنتقلت حقوق التصرف فيها إلى المشترين. وعلى المستثمر الإلتزام بالمخططات التي صدرت بها الموافقات وتراخيص الإنشاءات، والتي استخدمت في الدعاية لبيع وحدات ومرافق المشروع.
8- حاز المشروع على سمعة طيبة، فزاد الإقبال عليه، فارتفعت أسعار وحداته أضعافاً مضاعفة، حتى أن صاحب المشروع أراد إستغلال هذه السمعة، وفروق زيادة الأسعار العقارية، فقام ببناء أجزاء من الحدائق وتحويلها إلى وحدات عقارية ومحال تجارية باعها بأسعار السوق الحالية، واستأثر بعائد المبيعات لنفسه، مخالفاً بذلك المخطط الأصلي وشروط التراخيص، ومتجاهلاً موافقات الملاك الذين اشتروا بناءاً على المخطط الأصلي المعلن عنه، ومخالفاً ملكية مرافق المشروع التي أصبحت على المشاع لمجموع ملاك المشروع. ثم بدأ المستثمر يفرض على الملاك، زيادات في مصاريف الصيانة، ورفض عرض تفاصيلها عليهم، أو حتى تفسير زيادة مصروفات الصيانة.
9- بعض الملاك الذين قاموا بسداد كامل أقساط وحداتهم، تقدموا للمستثمر بطلبات تسجيل تلك الوحدات، ولكنه رفض التسجيل، دون توضيح أسباب مقنعة.
10- لأسباب ما (مثل القروض والعلاقات مع البنوك أو الجشع أو تغيّر النفوس)، قام المستثمر بإعادة بيع نفس وحدات المشروع التي سبق بيعها للمشترين الأول، فباعها إلى مشترين آخرين، ولكنه هذه المرة قام بالتسجيل في الشهر العقاري للمشترين الجدد.
11- هذا الوضع القانوني الجديد، يجعل المشترين الجدد (الذين تم التسجيل لهم)، أمام الجهات الرسمية هم الملاك الفعليين رسمياً في السجلات العقارية الرسمية للوحدات العقارية للمشروع، وتكون عقودهم (أي الملاك الجدد) صحيحة تماماً من الناحية القانونية أمام الجهات الرسمية، ويترتب لهم على ذلك حقوق الملكية والتصرف فيها، بما في ذلك الحق في إعادة بيع تلك الوحدات المسجلة، لأطراف أخرى وتسجيل ذلك البيع بشكل صحيح تماماً لا لبس فيه.
12- تبعاً لهذا الوضع الجديد، المشترين الأول الذين يحوزون عقود شراء إبتدائية غير مسجلة، يصبحون أمام الجهات الرسمية غير معترف بهم كملاك للوحدات العقارية التي يسكنون فيها بالفعل، ولكنهم أصبحوا يحملون صفة الحائزين أوالمنتفعين أوالشاغلين لتلك الوحدات. وليس لهم حق التصرف في تلك الوحدات لأطراف أخرى لأنها، وفقاً للوضع الجديد من الناحية القانونية، ليست ملكاً لهم. وما لهم الحق فيه، هو أن يقيموا دعاوى نصب واحتيال على المستثمر، على أساس أنه باع ما اعتقدوا أنه ملكاً خالصاً لهم، ولكنه لم يكن كذلك في نظر القانون نظراً لعدم التسجيل، وتطبق عليهم قاعدة "القانون لا يحمي المغفلين"، لأن العبرة في هذا الشأن هي بالتسجيل الرسمي، والقانون واضح وصريح في هذا الشأن. وأفضل ما قد يُحكم به لهؤلاء، هو حقهم في استرداد كامل المبالغ التي سبق أن سددوها مقابل إيصالات أصلية، للمستثمر، بصرف النظر عن القيمة السوقية التي صارت إليها الوحدات العقارية (ويسقط من حق المطالبة كل مبلغ و/أو قسط ضاع أو فقد إيصاله الأصلي). ولكن يمكنهم إقامة دعاوى أخرى على المستثمر للتعويض عما أصابهم من أضرار نتيجة لإحتجاز أموالهم في المشروع، وارتفاع أسعار العقارات خلال فترة إحتجاز تلك الأموال.
13- وفقاً للقانون أيضاً، يحق للملاك المسجلين رسمياً برفع دعاوى طرد للحائزين أو الشاغلين لأملاكهم المسجلة. وعلى الطرفين اللجوء للقضاء لإثبات الحقوق.
14- إذا حدث واستطاع المستثمر الفرار من البلاد، يتم إحالة القضايا إلى النائب العام، ومن ثمَّ الدخول في متاهات: المستثمر ساب وراه قد إيه؟ واللي يلحق أو يعرف ياخد حاجة.. ياخدها..و.. و.. و.. وفي الآخر.. سلم لي ع المترو!!!
أكرر مرة ثانية وأأكد أن هذا المثال المذكور هو لتوضيح مفهوم قانوني، ولا يعني بأي حال أو يشير إلى شخص محدد أو أشخاص محددين أو كيان بعينه، أو لإثارة مخاوف أو بلبلة، وليس منه أي غرض سوى بيان أهمية التسجيل الرسمي للعقارات، وكونه حماية كاملة للملكية وصون للحقوق. ولذلك أرجو ممن يطلع على هذا المفهوم من السادة القانونيين المختصين، التدخل وتصحيح أي خطأ أو مفهوم غير صحيح به، وإضافة ما يراه في هذا الصدد للنفع والفهم الصحيح للجميع.
مع تحياتي،
إبراهيم سرِّي