تحية طيبة   وبعد،

أهنئك على محاولتك   الطيبة لفهم واحد من أهم القوانين في حياتنا وحياة أغلب البشر في هذا العالم المعاصر، ألا وهو "قانون   الضريبة على الدخل"، وتفسيرك الجيد لواحدة من أغبى المفاهيم الضريبية ألا وهو   "التقدير الجزافي".

اسمحي لي بهذه المداخلة   لتصحيح بعض ما تعرضتِ له في هذا الخصوص، ولكن أولا أتفق معك تماماً في   بعض النقاط  :

الأولى: أن "ثغرة   الحبايب" هي واحدة من أهم القواعد التي تؤخذ بجدية بالغة في الحسبان عند سن بعض   القوانين التي تهم وتخص "أنشطة ومصالح الحبايب". وإذا لم يمكن تطبيق هذه القاعدة   عند تمرير القانون في المجلس الموقر، يتم تدارك الموقف بواسطة معالي الوزير المختص   المخول له إصدار اللائحة التنفيذية للقانون المعني أو "الغافل لخاطر الحبايب" (عند   الضرورة)  .

الثانية: أن القوانين   بصفة عامة تُطبق كالسيف على "رقبة المواطن الغلبان" بغرض إضفاء صفة "الظبط والربط  "    لدى مسؤول المصلحة المعنية بتنفيذ القانون، عندما يقف أمام سيادة الرئيس أو معالي   الوزير أو أي مسؤول أعلى منه، حتى يمكن لمسؤول المصلحة "الأقل"، أن يقول بالفم   المليان: "كله تمام يا فندم...والمصلحة ماشية زي الساعة حسب توجيهات   سعادتك  !".

الثالثة: أن الضريبة على   الدخل كما جاءت في القانون رقم 91 لسنة 2005، ولائحته التنفيذية، تفرض في المادة 8   منه، على أساس ثلاث شرائح الأولى مازاد عن صافي دخل 5000 ج/السنة   فتخضع لضريبة بنسبة 10%، والثانية مازاد عن 20,000 ج/السنة فتخضع لضريبة بنسبة 15%، والأخيرة مازاد عن 40,000   ج/السنة فتخضع لضريبة بنسبة 20%. هذا البيان المبسط لمن يهمه جزئية الضريبة على الدخل. وللأمانة، قام د. يوسف بطرس غالي بمجهود رائع لتغيير قوانين الضريبة على الدخل، لينجح في الوصول بها إلى ماوصلت إليه، فهذا القانون فعلاً – في رأيي الشخصي – هو أفضل من كل ما سبقه من قوانين بهذا الشأن.

أما فيما يخص ماتفضلتِ   بذكره أن محل بالشارع غير بمول، وأن مول بشارع غير بكومباوند...وهكذا... فهذا غير   صحيح بالمرة. والأساس هنا لحساب الضريبة، هو ما إذا كان الممول يمسك بدفاتر وسجلات منتظمة ومراجعة ومعتمدة من قبل محاسب   قانوني. أما إذا لم يوجد دفاتر وسجلات، فهذا قد يفسح المجال لمأمور الضرائب الفاحص،   أن "يبحبح" تقديره عند تطبيق ذلك المفهوم الغبي والظالم المسمى   "التقدير الجزافي"، بلا ضوابط ولا أساس عادل.

أما بخصوص "تسوير" عقار   سواء أرض (أو مجموعة أراضي) أو مبنى (أو مجموعة مباني)، فهذا ليس له أي علاقة   بالضرائب، اللهم إلا إذا تم تسجيل تكاليف إنشاء السور في السجلات المحاسبية ضمن   المصروفات الداخلة أو المؤثرة في حساب صافي الوعاء الضريبي. فمهمة "التسوير" هو الحماية المبدئية   أو الشكلية للعقار، وبيان حدود الملكية للغير ليس أكثر. أما خصوصية العقار، فالمحدد لها بشكل   قاطع ووحيد هو التخصيص (إذا خضع ذلك العقار لقواعد التخصيص)، ثم التسجيل العقاري   لاحقاً بعد استكمال شروط التخصيص (إن وجدت).

إذا أردنا أن نربط هذا   بالرحاب، فخلاصة القول أن أرض الرحاب قد تم تخصيصها كاملة لمشروع إنشاء تجمع عمراني   جديد، وذلك بعد الموافقة على المشروع من قبل هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة  . وبالتالي أصبحت كل أرض الرحاب عبارة عن أرض تتمتع بصفة الملكية الخاصة (لمشروع واحد فقط ومحدد في ترخيص واحد صدر عن الهيئة) وفقاً لشروط   التخصيص، وكذلك حكم المادة (158) من اللائحة التنفيذية للقانون 119 لسنة 2008،   باشغال 60% من هذا التجمع السكني.

بالنسبة للمياه والكهرباء: مرفق المياه يحاسب   جهاز الرحاب على إجمالي كمية المياه الواصلة إلى الحدود الخارجية للرحاب، وهذا دليل   واضح لا لبس فيه، أن الدولة لا تنفق نقطة مياه على أي إستخدام داخل الرحاب أو يخصها. لماذا؟ ببساطة لأنه لا توجد حتى "بلاطة" واحدة على أي رصيف في الرحاب تخضع لصفة الملكية   العامة.

وبالنسبة للكهرباء، فهي تخضع بالكامل لنظم هيئة الكهرباء في إمداد المدينة بها، وقد تم تركيب كل عدادات الكهرباء في المدينة بمعرفة المختصين بالهيئة وعلى مسؤوليتها، ومن ثم تقع كل النواحي الفنية والأمنية المترتبة على هذا (تماماً كوضع الغاز الطبيعي)، ويتم تحصيل كل كيلووات مستهلك في إنارة كل المرافق داخل الرحاب بدءاً من الشوارع والحدائق وإنتهاءاً بالمساجد والكنيسة، وتلك التكلفة تدخل ضمن مصروفات الصيانة التي نتحملها نحن جميعاً، ولا تتحمل منها الدولة قرش صاغ واحد.

إذاً الرحاب مدينة خاصة جداً جداً جداً، واللي يقول غير كدة يبقى " لاعب محترف كبير ... من تحت لتحت ".

وكل عام وحضراتكم بألف خير،

إبراهيم سرِّي